لم تعد السياسة فقط هي ما تجمع بين تركيا وقطر الحليفتين المقربتين في منطقة الشرق الأوسط، فالفن يجمع بينهما أيضاً.
بداية من الأربعاء 11 نوفمبر/تشرين الأول 2015 ولمدة شهر كامل يجتمع 20 من الفنانين التشكيلين نصفهم من قطر ونصفهم من تركيا في قاعة للعرض بمنطقة متاحف إسطنبول التاريخية بحي "السلطان أحمد" يقدمون معروضات تنقل خصوصية البلدين اللتين تتباينان حجماً وثقافة ولغة وطبيعة ولكنهما تلتقيان على تراث مشترك وهم واحد ينعكس في معرض "10X10" هو همّ الإنسان المعاصر في عصر التكنولوجيا.
الأكل على مائدة طعام واحدة
التجربة مؤثرة، وعنها تقول الفنانة التشكيلية التركية "نوران كارابولوت": "كنا نأكل على مائدة طعام واحدة، ومع إننا بشر مثل بعضنا، وننتمي روحياً إلى عالم واحد.. إلا إنني أنصتُّ إلى كلماتهم جيداً.. فلم أكد أفهم منها شيئاً، إذ إننا هنا في تركيا نتحدث لغة مختلفة، ولكنني صممتُ على معرفة فيما يتحدثون، ولأنهم يتحدثون عن همّ حياتي كلها: اللوحة والفن التشكيليين فقد فهمتُهم بعد قليل، صدقني لقد صنع الفنان ممثلاً في 10 من التشكيليين الأتراك، ومثلهم من القطريين ما لم تصنعه الدول، صنع لغة واحدة مشتركة، نفهم بها بعضنا.. نتمنى أن تتكرر هذه التجربة دائماً!".
مسؤولو القنصلية القطرية شاركوا مسؤولين أتراكاً في افتتاح المعرض الذي يستمر حتى 11 ديسمبر المقبل، وهو المعرض المشترك الثاني بين وزارتي الثقافة القطرية ـ التركية هذا العام.. الأول أقيم في أنقرة عارضاً 45 لوحة لأجيال قطرية متلاحقة، والمعرضان جاءا ضمن فعاليات عام الثقافة التركية القطرية المشتركة، الذي يهدف لزيادة التواصل الثقافي والفني بين البلدين.
معرض إسطنبول
معرض إسطنبول ضم 38 لوحة بواقع لوحتين تقريباً لكل مشارك، وتنوعتْ اللوحات القطرية في درجات الإغراق في التجريدية واستيحاء التراث، كما في أعمال الفنانين أحمد الحُمّر، وأحمد نوح، وجميلة الأنصاري، وجواهر المناعي، وحسن الملا، وعلي الملا والآخرين.
التشكيليون الأتراك كانوا أكثر استيحاء للتراث والبيئة في تركيا وأكثر حنيناً إلى الماضي وأكثر إحساساً بالغربة، ترى ذلك في أعمال أحمد سولا ونوراي كاربولوت، فيما كانت سيلين زينجر جول أكثر إحساساً بالبهجة وهي ترصد الواقع المتصالح مع الماضي.. البيئة التركية حضرت أيضاً في لوحتيّ "هالوك هاتبوغلو" مع تجريد يشير لمقارنة واقع الإنسان بماضيه.
وعموما، جاءت اللوحات معبرة عن هموم إنسان عصر التكنولوجيا، مع تأثر بالبيئة حيناً، والانحياز إلى التشكيل المتداخل بين الإنسان والحيوان، أو الفاكهة ونصوص اللغة من مثل لوحتَي الفنانة "سونا حيورسوي كونيشلو"، والانحياز للتجريب أحياناً.
تجسيداً للتقارب الثقافي
هنادي درويش، الفنانة المشاركة ومدير إدارة الفنون البصرية بوزارة الثقافة القطرية، اعتبرت المعرض تجسيداً للتقارب الثقافي مع تركيا، بعد نجاح معرض أنقرة. وقالت: المعرض الأول كان خاصاً بالفن القطري وحده، ولذلك أحببنا أن نوثق الصلة الثقافية بجمع فنانين من الجانبين في معرض واحد فجاءت فكرة هذا المعرض بوجود 10 من فناني قطر المتميزين مع 10 من فناني تركيا، وقد نجحنا.
ومن تركيا قالت الفنانة سيلين زينجر جول: "سبق أن شاركت بلوحاتي مع فنانين من الهند في معرض دولي مشترك، وهذه هي المرة الأولى التي أشارك فيها تشكيليين عرباً من قطر، وقد تأثرت بلوحاتهم التي تعبر عن الهم الإنساني الواحد المشترك بيننا، بل رأيتُ فيها صدى معاناة مشتركة بين الإنسان في كلا الدولتين، فالهم الإنساني واحد مع اختلاف البلدان.
أما القطري حسن الملا فقال: "إن لتركيا سحراً خاصاً كبيئة تشترك معنا في طابعها الشرقي وما يجمعنا بها من قواسم أكثر من أن تحصى، ولذلك اكتشفت ذلك التقارب بين لوحاتنا".