شكلت الاستحقاقات الانتخابية التي جرت بالمغرب 4 سبتمبر/أيلول 2015، مادة دسمة لرسامي الكاريكاتير المغربي، الذين حولوا بريشاتهم زعماء سياسيين وبرامج الأحزاب السياسية إلى موضوع للسخرية من الواقع السياسي المغربي.
طيلة أيام الانتخابات التي شهدها المغرب، ظل رسامو الكاريكاتير يواكبون هذا الحدث السياسي الهام في البلد، الذي جاء بعد تصويت المغاربة على دستور يوليو/ تموز 2011 عقب أحداث ما سمي بالربيع العربي وما تلاه من خروج للشباب إلى شوارع مدن وقرى المغرب.
ومازالت الانتخابات لم تنتهي فعليا بالمغرب، حيث من المرتقب أن يتم اختيار رؤساء الجهات (المحافظات) الاثنين 14 سبتمبر/ أيلول 2015، بمشاركة الأعضاء الذين فازوا بأصوات المغاربة في دوائرهم الانتخابية خلال استحقاقات الجمعة 4 سبتمبر/ أيلول الماضية.
سخرية وانتقاد للأحزاب والحملات الانتخابية
البرامج الانتخابية للأحزاب الـ34 التي دخلت غمار المنافسة للظفر بمقاعد داخل مجالس البلدية والجهات (المحافظات)، حظيت بحصة الأسد من رسوم الكاريكاتير الساخرة، خاصة أن برامج الأحزاب تتشابه معظمها، ما جعل العديدين يعتبرونها "مجرد نسخ ولصق" لبعضها البعض.
خالد الشرادي، أحد رسامي الكاريكاتير المغاربة، أكد أن غالبية رسومات زملائه ركزت على "التناقضات الواقعة في المشهد السياسي بين كلام السياسيين وبين تصرفاتهم على الأرض أثناء الحملة الانتخابية وبعد نهايتها".
المتحدث نفسه، أشار في حديثه لـ"عربي بوست" إلى أن الرسومات الساخرة لزملائه، تطرقت أيضا "للمظاهر المسيئة لتطور العمل السياسي من خلال ما شاب الحملة من مفارقات وطرائف وأساليب انتخابية متجاوزة".
رسم كاريكاتوري للفنان خالد كدار يلخص الواقع الانتخابي المغربي pic.twitter.com/QqnDQV4wl7
— Cheikh Lioussi (@lioussicheikh) 14 Eylül 2015
ويرى الشرادي أن المغاربة تعاملوا مع هذه المظاهر "بوعي أكبر هذه المرة بسبب وجود الشبكات الاجتماعية التي ساعدته على المتابعة من زاوية أفضل نسبيا عن السابق".
ولم تغفل ريشة رسامي" الكاريكاتير" المغاربة بحسب خالد الشرادي، تحالفات الأحزاب السياسية، "التي تنصلت لمرجعيات الهيئات الحزبية وأضحت مرتبطة بالأشخاص فقط"، حسب تعبيره.
رسم كاريكاتيري للصراع الانتخابي المحموم في المغرب
#المغرب pic.twitter.com/xwQT0Dz9BN
— alaa eldin elsayed (@alaasayedabbas) 14 Eylül 2015
الرسام المغربي خلص في تصريحه إلى أن موسم الانتخابات يعد فرصة مواتية لتناول الشأن الحزبي المغربي باستفاضة وزخم أكبر من الناحية الكمية على الخصوص.
الصحفي المغربي محمد أسوار، أكد ما ذهب إليه الرسام خالد الشرادي، مشيرا إلى أن رسومات فناني "الكاريكاتير" تواكب الحدث، حيث خصصت الجرائد اليومية صفحات مهمة لهذه الرسومات الساخرة التي تناولت بشكل معمق الاستحقاقات الانتخابية من جميع زواياها.
واعتبر أسوار، أن كل الرسومات خلال هذه الفترة، حاولت الاجتهاد في تجسيد فكرة الصراع الانتخابي بين الفرقاء السياسيين بشكل هزلي باستعمال الريشة، مع التركيز على قادة الأحزاب المتنافسة.
التحقيق مع رسام خلال الانتخابات
إذا كان رسامو "الكاريكاتور" قد تميزوا بسخريتهم المعهودة طيلة أيام الانتخابات البلدية والجهوية بالمغرب، فإن "الكاريكاتيرست" محمد لخو، قد جرت عليه هذه الانتخابات تحقيقا من طرف القضاء المغربي، بسبب رسم ساخر أثناء الحملة الانتخابية من أحد المرشحين بمدينة وزان (شمال).
محمد الخو، حاول من خلال رسم له الحديث عن مآل 19 مليار سنتيم مغربي (18 مليون دولار)، التي جرى ضخها في ميزانية المجلس البلدي لمدينة وزان من طرف الدولة، لتأهيل المدينة، غير أنه بحسب الرسام لم يظهر أثر لهذه المبالغ المالية الضخمة على المدينة وساكنتها، محاولا من خلال رسمه تجسيد تساؤلات المواطنين عن مصير أموال مخصصة لتنمية المدينة.
وتقدم رئيس المجلس البلدي حينها بشكاية لدى القضاء المغربي، يطالب فيها بالتحقيق مع "الكاريكاتيرست" محمد الخو، يتهمه فيها بالسب والقذف، لكونه اعتبر أن الرسم يسيء إلى فترة تدبيره للشأن المحلي بالمدينة، كما سيؤثر على الناخبين ويجعلهم يدلون بأصواتهم لصالح أحزاب أخرى.
فن لا يشبع نهم متتبعيه
مصطفى غلمان، الباحث في مجال الإعلام، اعتبر أن جل الأعمال الفنية لرسامي "الكاريكاتيرست" المغاربة، والتي رصد أحداث انتخابات 4سبتمبر/ أيلول 2015 الماضي، تظهر مزيجا بين السخرية الحادة والواقعية.
بنكيران يطرد شباط من فاس
#الانتخابات_البلدية_في_المغرب pic.twitter.com/SrajujEDwE
— mohamed.izoudouten (@mohamediz) 14 Eylül 2015
مصطفى غلمان، أكد لـ"عربي بوست" أن فن الكاريكاتير بالمغرب، لا يشبع نهم متتبعيه ورواده "نظرا لقلة فنانيه أوﻻ، ولضيق مساحة الحرية التي يحتاجها"، خصوصا بعد مصادر جريدة "أخبار اليوم" المغربية عام 2009 بسبب رسم عن ابن عم الملك.
وشدد المتحدث نفسه بأن صحيفتي "المساء" و"الأخبار" المغربيتين، تميزتا "على وجه الخصوص بتخصيص حيز هام من هذا الفن، تماشيا مع الحملة التي مورست فيها مجموعة من مظاهر الفساد والجريمة واستعمال المال الحرام"، على حد قوله.
الباحث المغربي لفت إلى أن "العديد من رسامي ومبدعي فن الكاريكاتير بالمغرب ينعطفون باتجاه الفكر اليساري".