رغم أن للروايات الأدبية عالم خاص تصحبنا إليه مخيلة الكاتب، إلا أن الواقع كان دائماً موجوداً ومتجلياً بأحداث وأبطال عاشوا القصة قبل أن تتحول إلى سطور أدبية خالدة.
وشكلت الحرب بقسوتها وآلامها مصدر إلهام فنشأ منها أدب الحروب، الذي اعتُبر انتصارًا وانحيازًا للإنسانية، ويعرض بين سطوره أدق تفاصيل أبطاله الذين تأثروا بظروف نزاعات كانوا ضحاياها.
إذا كنت من هواة المطالعة، نقدم لك فيما يلي مجموعة من أشهر الروايات الحربية:
1- الحرب والسلام – ليو تولستوي:
هي رواية من إبداع الأديب الروسي ليو تولستوي، عنوانها الأصلي (Война и мир باللغة الروسية)، نشرت لأول مرة بين سنتي 1865 و1869 على شكل سلسلة في مجلة المراسل الروسي، قبل أن يتم نشرها كرواية كاملة تحمل اسم "الحرب والسلم".
تدور أحداثها في بدايات القرن الـ 19، إبان الاجتياح الفرنسي لروسيا بقيادة نابليون بونابرت، والتغيرات التي لحقت بالطبقة الأرستقراطية.
وتسرد الرواية حكاية 5 عائلات: آل بزوخوف، آل بولكونسكي، آل روستوف، آل كوراجين، آل دروبيتسكوي، وتقص حيواتهم الشخصية مع التاريخ بين 1805 و1813، وبشكل رئيسي غزو نابليون لروسيا سنة 1812، ثم دخوله موسكو وانسحابه بعد الخيبة والفشل في مواجهة الشتاء الروسي القارس، ورفض القيصر الروسي آلكسندر الأول الاستسلام.
ترجمت الرواية لعدة لغات عالمية، وتولت دار الهلال المصرية ترجمتها لأول مرة إلى العربية.
2- وداعًا للسلاح – إرنست همنغواي:
هي رواية كتبها الأديب الأميركي إرنست همنغواي خلال الحملة الإيطالية في الحرب العالمية الأولى، عنوانها الأصلي (A Farewell to Arms)، ونشرت لأول مرة سنة 1929. تنقسم لخمسة أجزاء، وتروي قصة مغترب أميركي يدعى فريديريك هنري، يحمل رتبة ملازم في المستشفى الميداني الإيطالي، تنشأ قصة حب بينه وبين الممرضة الشابة كاترين باركلي، مع عرض عام لأجواء الحرب على الجبهات المشتعلة وأوضاع الجنود المزرية ودفع المدنيين لثمن الحرب الباهظ.
اعتمد همنغواي في كتابته للرواية على خبرته السابقة إثر مشاركته كجندي في الجبهة الإيطالية. ويؤكد الكثير من الباحثين أن بطلة الرواية ليست سوى تجسيد للممرضة أغينس فون كوروواسكي، التي اعتنت بهمنغواي في مستشفى مدينة ميلان عندما أصيب. كان ينوي الزواج منها لكنها رفضت، ويعتبر باحثون أنها سبب انتحاره لعدم قدرته على نسيانها.
تم تحويل الرواية إلى مسرحية سنة 1930، وبعدها قٌدمت كفيلم عام 1932 ثم 1957 لتتحول بعد ذلك إلى مسلسل تلفزيوني من 3 أجزاء عام 1966.
ترجمها إلى اللغة العربية المؤلف والمترجم اللبناني منير البعلبكي.
3- الثلج الحار – يوري بونداريف:
مرة أخرى مع الروس والأديب يوري بونداريف، الذي نشر روايته الثلج الحار سنة 1969 متناولًا أحداث معركة ستالينغراد الخالدة في الحرب العالمية الثانية بشكل غير مألوف عن وقائعها، واستناداً لخبرته شخصياً كضابط مدفعية.
تتناول الأحداث قصة الشاب كوزنيتزوف وعلاقته بالضابط العنيد درازدوفسكي والممرضة والجندي غولوفانوف والأب وآخرين. ويصور الكاتب الجنود كبشر يعيشون أجواء الخوف والارتباك والترقب، بعيدًا عن مبالغات الشجاعة المفرطة وعدم خشية الموت التي تصورها الآلة الإعلامية السوفيتية.
ترجم الرواية إلى اللغة العربية الكاتب العراقي غائب طعمة فرمان، وتولت نشرها دار المدى.
4- عداء الطائرة الورقية – خالد حسيني:
هي من أكثر الروايات مبيعًا بعد تصدرها لقائمة "نيويورك تايمز" لأكثر من عامين. بيع منها 7 ملايين نسخة في الولايات المتحدة الأميركية وحدها. كتبها الأديب الأميركي من أصل أفغاني خالد حسيني، وعنوانها الأصلي (The Kite Runner) ونشرت سنة 2003.
تحكي الرواية قصة أمير، الفتى الأفغاني في العاصمة كابل وصديقه المقرب حسن، خادم والده الهزاري مع خلفية الأحداث المتلاحقة والمضطربة التي شهدتها أفغانستان، بدايةً بسقوط النظام الملكي في أفغانستان، مرورًا بالتدخل العسكري السوفيتي، فنزوح اللاجئين إلى باكستان والولايات المتحدة، ومن ثم صعود نظام طالبان وتوليه حكم البلاد.
رغم الانتقادات والجدل الذي أثارته بعض فصول الرواية، إلا أنها رواية حرب وصداقة وخيانة ووفاء. تحولت إلى فيلم سينمائي عرض 2007، وصدرت ترجمتها العربية سنة 2012 عن دار بلومزبري القطرية.
5- طابق 99 – جنى فواز الحسن:
هي رواية كتبتها الأديبة اللبنانية الشابة جنى فواز الحسن، وتناقش أزمة الهوية في بلاد المهجر ومشاكل ثقل الماضي المرتبط بعداوات الحرب. تحكي عن قصة حب معقدة في نيويورك سنة 2000 بين شاب فلسطيني مسلم يدعى مجد، وحسناء لبنانية مسيحية اسمها هيلدا.
ينتمي كلاهما إلى جيل ما بعد الحرب، فمجد الذي نجا بأعجوبة من مجزرة صبرا وشاتيلا سنة 1982، فقد والدته وقتها لتصبح لديه عقدة نفسية سببتها ندبة غائرة في وجهه وعرج في ساقه. والمفارقة أن حبيبته التي تعرف عليها في أمريكا مسيحية من عائلة منتمية إلى حزب الكتائب المسيحي اللبناني المسؤول المباشر عن المجزرة.
نشرت الرواية سنة 2014 عن منشورات ضفاف ومنشورات الاختلاف، ووصلت للقائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية البوكر لعام 2015.
6- مخاوفي السبعة – سلافيدين أفيدتش:
الحرب البوسنية المرعبة التي جرت أطوارها بين سنتي 1992 و1995، يستعيدها الكاتب البوسني سلافيدين أفيدتش في هذه الرواية المحترفة التي عرضت الواقع الدموي للحرب بعيدًا عن أي تصوير ممل ورتيب للأحداث.
راوي الحكاية يخرج إلى الحياة بعد عزلته التي دامت 9 شهور متتالية، ليقرر مواجهة العالم ومساعدة ميرنا ابنة صديقه الصحفي أليكسا رانكوفيتش، الذي اختفى في الحرب، وسط أجواء تعبق بالأساطير البلقانية المرتبطة بالجن والأشباح، واستعادة لأجواء وسلوكيات الحرب.
صدرت الرواية سنة 2009، ولاقت رواجًا ونجاحًا كبيرًا في البوسنة، قبل أن ينتقل نجاحها بعد ذلك إلى الأوساط الأوروبية التي استقبلتها بإيجابية كبيرة دفعت صحيفة "غارديان" البريطانية إلى إدراجها ضمن قائمة أفضل كتب 2014.
ترجمها إلى العربية الكاتب محمد أسامة، ونشرتها دار العربي للنشر والتوزيع.