سادت حالة من الذهول عندما أرسل الأمريكي صموئيل مورس أول رسالة تلغرافية بنجاح من واشنطن العاصمة إلى مدينة بالتيمور بولاية ماريلاند في عام 1844. منذ ذلك الحين، أحدث جهاز التلغراف ثورة في عالم الاتصالات بعيدة المدى.
كيف تمّ اكتشاف جهاز التلغراف؟ وما الثورة التي أحدثها هذا الاختراع في العالم بذلك الوقت؟
من هو مخترع التلغراف وكيف اخترعه؟
تم تطوير التلغراف في ثلاثينيات وأربعينيات القرن التاسع عشر بواسطة صموئيل مورس ومخترعين آخرين.
أحدث التلغراف ثورة في الاتصالات بعيدة المدى، فقد عمل هذا الجهاز عن طريق إرسال إشارات كهربائية عبر سلك يوضع بين المحطات.
إضافة إلى المساعدة في اختراع التلغراف، طور صموئيل مورس رمزاً يحمل اسمه وهو "شيفرة مورس"، يخصص مجموعة من النقاط والشرطات لكل حرف من الأبجدية الإنجليزية ويسمح بنقل بسيط للرسائل المعقدة عبر خطوط التلغراف.
في عام 1844، أرسل مورس أول رسالة تلغراف له من واشنطن العاصمة إلى بالتيمور بولاية ماريلاند؛ وبحلول عام 1866، تم وضع خط تلغراف عبر المحيط الأطلسي من الولايات المتحدة إلى أوروبا.
ولكنّ التلغراف قد توقف عن الاستخدام الواسع مع بداية القرن الحادي والعشرين، واستبدل بالهاتف والفاكس والإنترنت.
أما قصّة اختراع التلغراف فقد بدأت وفقاً لما ذكره موقع History التاريخي، في أوائل القرن التاسع عشر، عندما فتح تطوران في مجال الكهرباء الباب أمام إنتاج التلغراف الكهربائي.
التطور الأول في عام 1800، عندما اخترع الفيزيائي الإيطالي أليساندرو فولتا البطارية التي تخزن بشكل موثوق تياراً كهربائياً وتسمح باستخدام التيار في بيئة خاضعة للرقابة.
التطور الثاني في عام 1820، عندما أظهر الفيزيائي الدنماركي هانز كريستيان أورستد العلاقة بين الكهرباء والمغناطيسية عن طريق تحويل إبرة مغناطيسية بتيار كهربائي.
وفي ثلاثينيات القرن التاسع عشر، طور فريق الباحثين بقيادة السير ويليام كوك والسير تشارلز ويتستون البريطانيين، نظام تلغراف بخمس إبر مغناطيسية يمكن توجيهها حول لوحة من الحروف والأرقام باستخدام تيار كهربائي.
وسرعان ما تم استخدام نظامهم لإشارات السكك الحديدية في بريطانيا.
خلال هذه الفترة الزمنية، عمل صموئيل مورس، المولود في ولاية ماساتشوستس وتلقى تعليمه بجامعة ييل (والذي بدأ حياته المهنية رساماً)، على تطوير تلغراف كهربائي خاص به.
كان مورس مفتوناً بالفكرة بعد سماعه محادثة حول الكهرومغناطيسية أثناء الإبحار من أوروبا إلى أمريكا في أوائل ثلاثينيات القرن التاسع عشر، وتعلم لاحقاً المزيد حول هذا الموضوع من الفيزيائي الأمريكي جوزيف هنري.
أنتج مورس في النهاية بعد الاستعانة بصديقيه أستاذ الكيمياء، ليونارد دي غيل والأخصائي التقني الأمريكي ألفريد فيل، تلغرافاً أحادي الدائرة يعمل عن طريق دفع مفتاح المشغل لأسفل لإكمال الدائرة الكهربائية للبطارية.
أرسل هذا الإجراء الإشارة الكهربائية عبر سلك إلى جهاز استقبال في الطرف الآخر.
كل ما كان يحتاجه النظام هو مفتاح وبطارية وسلك وخط من الأعمدة بين محطات السلك وجهاز الاستقبال.
أما لنقل الرسائل عبر أسلاك التلغراف، فأنشأ مورس وفيل ما أصبح يُعرف لاحقاً باسم شيفرة مورس.
ويقوم رمز هذه الشيفرة بربط كل حرف أبجدي في شيفرة مورس بترتيب خاص من النقاط (.) والخطوط القصيرة (-) المرتبطة بإشارات كهربائية تنتقل عبر الأسلاك من جهاز إلى آخر، ثم يتولّى مشغل التلغراف المُستقبِل ترجمتها.
في عام 1843، تلقى مورس وفيل تمويلاً من الكونغرس الأمريكي لإنشاء واختبار نظام التلغراف بين واشنطن العاصمة وبالتيمور بولاية ماريلاند.
وفي 24 مايو/أيار 1844، فاجأ مورس أعضاء الكونغرس بإرسال أول برقية رسمية من واشنطن العاصمة إلى بالتيمور بولاية ماريلاند، مكتوب فيها "ما هذا الذي صنعه الله؟".
ليتم على الفور بناء خط تلغراف من واشنطن العاصمة إلى مدينة بالتيمور في ولاية ماريلاند، بسلك يمتد على مسافة 40 ميلاً جرى تعليقه على طول الأشجار والأعمدة.
كيف غيَّر اختراع التلغراف العالم؟
وفقاً لما ذكره موقع All That's Interesting الأمريكي، فقد ربط هذا الخط، الذي أُنجز عام 1844، غرفة المحكمة العليا في مبنى الكابيتول بمحطة سكة حديدية في مدينة بالتيمور.
وعندما بدأ مورس ينقر على جهاز التلغراف لإرسال أول رسالة تلغراف رسمية من واشنطن العاصمة، استقبلها خلال بضع ثوانٍ مساعده، ألفريد فايل، على جهاز التلغراف المُستقبِل في مدينة بالتيمور في ولاية ميرلاند في 24 مايو/أيار.
انتشر اختراع التلغراف انتشاراً سريعاً، ووافق الرئيس الأمريكي، فرانكلين بيرس، على خطط بناء أول مكتب تلغراف بقاعة مجلس النواب في عام 1853.
انتشر هذا الشكل الحديث من الاتصالات بعيدة المدى في جميع أنحاء أوروبا خلال قرن من الزمان. في عام 1866، وُضع أول كابل تلغراف عبر المحيط الأطلسي، ليصل عدد خطوط التلغراف الممتدة عبر ضفتيه إلى 40 خطاً بحلول عام 1940.
لقد غيّر التلغراف الكهربائي طريقة خوض الحروب وكسبها وكيف أدار الصحفيون والصحف أعمالهم.
فبدلاً من أخذ أسابيع ليتم تسليمها بواسطة عربات الخيول والعربات البريدية، كان بالإمكان تبادل الأخبار بين محطات التلغراف على الفور تقريباً. كان للتلغراف أيضاً تأثير اقتصادي عميق.
بحلول عام 1861، أنجزت شركة "ويسترن يونيون" أول خط تلغراف عابر للقارات، حيث سمح للأموال بأن تكون "سلكية" عبر مسافات بعيدة.
غيَّرت البرقية التلغرافية كل شيء في الحياة، وبات ملايين الناس يعرفون أخبار الحروب والكوارث والوفيات وقصص الانتصارات والهزائم بسبب تلك البرقيات التلغرافية.
أما صموئيل مورس مخترع جهاز التلغراف، فقد توفي في مدينة نيويورك عن عمر يناهز الثمانين عاماً في 2 أبريل/نيسان 1872.
قد يهمك أيضاً: وزنه 400 غ، وسعره 800 دولار، وذاكرته 8 ميغابايت فقط!.. "9000 كوميونيكيتور" أول هاتف ذكي في العالم