هل تشعر بالحزن أو الاكتئاب؟ تخيل معي أن تقوم بتوصيل شريحة ذكية فائقة الصغر إلى دماغك، ومن خلال تطبيق محمل على هاتفك الذكي ترسل إشارات معينة إلى الدماغ فيعتدل مزاجك على الفور وتنسى الحزن والإحباط الذي كان مسيطراً عليك منذ لحظات، قد تبدو تلك الشريحة التي تعدل المزاج ضرباً من ضروب الخيال العلمي، لكن العلماء في الواقع بدأوا بتطويرها واختبارها على الفئران بالفعل، ويتوقعون أن تكون مساهماً قوياً في علاج العديد من الأمراض، إليكم قصتها:
شريحة ذكية تتحكم بمزاجك
تلك الشريحة عبارة عن غرسة دماغية صغيرة للغاية تحتوي على مصابيح LED، بحيث لا يتجاوز حجم المصباح الواحد حجم حبة الملح، وقد تم تثبيت تلك المصابيح مجسات رفيعة للغاية (بسمك شعرة الإنسان)، إذ تستطيع تلك المجسات التلاعب لاسلكياً بالخلايا العصبية المستهدفة في الدماغ باستخدام الضوء.
مع العلم أن الشريحة نفسها مصنوعة من بوليمرات فائقة النعومة تتوافق مع الأنسجة الحيوية المكونة للدماغ.
بعبارة أبسط، تلك الشريحة عبارة عن نظام إلكتروني ضوئي قابل للزرع في الدماغ، و يمكن التحكم فيه عن بُعد باستخدام الهاتف الذكي.
تم تصميم هذه الشريحة من قبل مجموعة من العلماء والباحثين في المعهد الكوري المتقدم للعلوم والتكنولوجيا (KAIST) في كوريا الجنوبية. وقاد البروفيسور جاي وونغ جيونغ الدراسة التي أنتجت تلك الشريحة، وقد تم نشر الدراسة في مجلة Nature Communications في 22 يناير/كانون الثاني 2021.
ويقول الباحثون إن لهذه الشريحة القدرة على التأثير على الدماغ والتحكم بالمزاج، وقد تستخدم كذلك لعلاج العديد من الأمراض.
فوائد هذه الشريحة
تُستخدم الأضواء الموجودة في الشريحة لإرسال رسائل إلى الخلايا العصبية في الدماغ، وبذلك يمكن استخدامها في أي مكان وزمان لمعالجة الدوائر العصبية، ما يجعلها أداة متعددة الاستخدامات للغاية، إذ من الممكن أن تشمل فوائدها ما يلي وفقاً لما ورد في موقع Science Daily:
من الممكن أن تستخدم لعلاج أمراض الدماغ والأعضاء الأخرى.
قد تساعد في الكشف عن الاضطرابات النفسية والأمراض العصبية التنكسية وعلاجها مثل الإدمان والاكتئاب ومرض باركنسون.
قد تخفف من القيود المفروضة على عمليات زرع الدماغ الحالية.
باعتبارها تقنية لاسلكية، ستكون بديلاً عملياً عن تقنيات الزرع التجريبية المطبقة على الحيوانات، كونها تتيح حركة حرة للحيونات أثناء إجراء الدراسة، كما أنها تقلل الإجهاد والالتهابات التي قد تسببها تقنيات الزرع الأخرى.
من الممكن تطبيق نفس هذه التقنية على أنواع مختلفة من عمليات الزرع بما في ذلك أجهزة تنظيم ضربات القلب والمعدة.
هذه التقنية قد تشكل ثورة في عالم أبحاث الدماغ.
شحن لاسلكي وتحكم عن طريق الهاتف الذكي
ما يجعل هذه الشريحة أكثر إثارة للإعجاب هو إمكانية إيصالها بتطبيق عبر الهاتف الذكي، كما يمكن شحنها لاسلكياً من خارج الجسم، وفقاً لما ورد في موقع UW Medicine.
لتمكين الشحن والتحكم يمكن للمجال المغناطيسي المتناوب أن يخترق الأنسجة بشكل غير ضار، ويولد الكهرباء داخل الشريحة لشحن البطارية عبر شريحة بلوتوث.
بمعنى آخر، لن تكون هناك حاجة إلى عمليات جراحية دورية على المدى الطويل لاستبدال بطارية الغرسة.
قال المؤلف الرئيسي المشارك مين جيونغ كو، الباحث في كلية الطب بجامعة يونسي: "إعادة شحن البطارية اللاسلكية تجعل الإجراءات التجريبية أقل تعقيداً بكثير".
تجارب ناجحة على الفئران
اختبر علماء الأعصاب بنجاح هذه الغرسات على الفئران، فبعد حقن الفئران بالكوكايين، استطاع العلماء السيطرة على سلوك الفئران وقمع الأعراض الناتجة عن المنشط باستخدام تطبيق الهاتف الذكي المتحكم في الشريحة المغروسة بأدمغة الفئران.
وبالتأكيد كانت التجارب أكثر سلاسة بسبب إمكانية التحكم في الشريحة عن بعد، وكذلك بسبب إمكانية شحن البطارية لاسلكياً من خارج الجسم، ما يتيح دراسة سلوك الفئران وهي تتحرك بحرية تامة.
قال جيونغ هون: "حقيقة يمكننا التحكم في سلوك معين للحيوانات، من خلال توفير تحفيز ضوئي للدماغ فقط، من خلال التلاعب البسيط بتطبيق الهاتف الذكي، ومشاهدة الحيوانات التي تتحرك بحرية في مكان قريب أمر مثير للاهتمام للغاية، ويحفز الكثير من الخيال".