مؤخراً استاء الناشطون العرب على موقع فيسبوك من أن بعض المنشورات التي يكتبونها على الموقع يتم رفضها لتعارُضها مع سياسة الإدارة، وذلك لأسباب متعددة، أبرزها أن محتوى المنشور يتماشى مع لغة الكراهية الخاصة بفيسبوك، ويثير العنف في العالم الحقيقي، فتمنع أي محتوى يمسّ الأعراق والقوميات والأديان والتوجهات الجنسية، وعليه فإن المنشورات التي تتحدث عن جرائم إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني تعتبر إساءة للعرق السامي، لذا يتم رفضها، والتشديد عليها، وقد يتم حظر المستخدم أيضاً.
سياسة فيسبوك تفرض على الناشطين العرب ديمقراطية محدودة في حرية التعبير عن الرأي، ففرضت رقابة شديدة على المحتوى الفلسطيني، وهي ليست المرة الأولى التي تتبعها لخدمة الرواية الإسرائيلية ضد القضية الفلسطينية، فأطلق الناشطون مساء يوم الأربعاء، الثاني من شهر أكتوبر/تشرين الأول، العام الحالي، وسم (هاشتاغ) fbblockpalistine#، الذي تصدّر مواقع التواصل الاجتماعي، وأشار القائمون على الحملة إلى أن التجارب الماضية أثبتت نجاح مثل هذه الاحتجاجات.
واقعياً، إن سياسات النشر في فيسبوك لم تؤثر على تراجع العنف العالمي، لم تمنع حرباً، ولا أوقفت إرهاباً، ولا منعت جريمة، بل على العكس، فما تسمح به من منشورات الحريات المطلقة، والتلاعب في الأديان، وصفحات حقوق الإنسان غير المحايدة، وألعاب القتال التي تعرض من خلال التطبيق جميعها تعرض عنفاً، تحت عنوان التسلية والترفيه.
إدارة فيسبوك تُمثّل في التعامل مع محتوى ما يُتداول عليها بخصوص القضايا العربية والإسلامية نظرة الغرب للعرب والمسلمين، التي باتت أكثر سوءاً بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول عام 2001م، كما تفعل هوليوود من خلال الأفلام السينمائية، متعمِّدة إظهار العرب والمسلمين كإرهابيين، كذلك تصريحات السياسيين والناشطين الغربيين، ويتبناها العديد من العرب أنفسهم.
رداً على ذلك، تحايَل النشطاءُ العرب بكتابة الحروف مقطعة للكلمات التي يرفض المنشور لوجودها، من وجهة نظري الأفضل من تغيير المنشور كتابته على موقع تواصل اجتماعي آخر، نستطيع الاستغناء عن فيسبوك تدريجياً، مادمنا ندعم موقع فيسبوك بالتواجد فيه والتحايل على سياسته سيبقى فارضاً علينا قوانينه.
ماذا لو استبدلنا فيسبوك بمواقع تواصل اجتماعي من مبتكرين عرب؟
يوجد عدة تطبيقات ابتكرها مبدعون عرب، مثلاً عام 2012م أطلق الأردني أيمن ارشيد، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة مومنتس أنوفيشن موقع "آريبا آريبا"، أما عام 2018م فقد ابتكر الخريج الأردني محمد السرحان تطبيق "uniking" لينافس تطبيقات التواصل الاجتماعي أيضاً، كما في العام ذاته أطلق الفلسطيني أحمد بطو موقع "youz".
إلا أنني كمستخدم عادي لم أسمع بهذه التطبيقات، إلا عندما بحثت عن تطبيقات عربية مشابهة لفيسبوك، وجود التطبيق والمبتكر وحده لا يكفي، نحن على ثقة تامة بقدرات شبابنا العربي، نحتاج إلى ثقة في الدعم المعطى لهم، سواء كان من الناشطين أنفسهم، أو من مؤسسات حكومية أو شركات استثمارية.
يوجد أيضاً الموقع المصري تشاينو، اسمه جداري سابقاً، الذي غير اسمه عندما وصل إلى العالمية، وهو شبكة اجتماعية تقوم بدمج مواصفات فيسبوك وجوجل بلس، وتهتم بخصوصية العميل، وتعرض الأخبار محايدة، والمستخدم نفسه هو من يتحكم فيها.
على صعيد آخر يوجد عدة مواقع تنافس فيسبوك على مستوى عالمي، فقد حان الوقت للتحرر منه، والبحث عن بدائل أفضل، مثل موقع mewe، تأسس عام 2014م معناه أنا نحن، حيث إنه لا يخترق معلومات المستخدمين، ويوفر خصوصية أكبر.
كما توجد شبكة إيلو ello، التي تسعى لمنافسة فيسبوك عبر التخلي عن الإعلانات وسياسة الخصوصية والبيانات، فهي بديل جيد عن فيسبوك.
مايندز، عُرفت هذه الشبكة بسبب أنها تأسست من قبل مجموعة anonymous الشهيرة، والمكونة من مجموعة من الهاكرز الأخلاقيين. ربما تكون هذه الشبكة هي أكثر البدائل العملية لفيسبوك، فهي لا تتجسس عليك، لا تطلب منك أي معلومات، مناسبة للأفراد، وكذلك للمنظمات والشركات، ويمكنك بدء قناة عليها بعملية بسيطة.
موقع ماستودون تأسس عام 2016. هذا الموقع يجمع بين خصائص موقعي فيسبوك وتويتر، وهو يوفر شكلاً مختلفاً بعض الشيء مقارنة ببقية مواقع التواصل الاجتماعي؛ إذ يدخل المستخدم في مجموعة أو أكثر وفقاً لاهتماماته أو انتماءاته، فهناك مجموعات وفق اللغة أو الاهتمامات الشخصية أو الأخبار… إلخ. ماستودون يتفاخر بأنه يوفر أكبر قدر من الحماية لمعلومات مستخدميه والمحتويات التي يقومون بنشرها.
موقع لينكد إن أطلق عام 2002م، وأنا أجده مريحاً وعملياً أكثر من فيسبوك، وبدأت الانتقال إليه تدريجياً.
يوجد العديد من شبكات التواصل الاجتماعي العالمية للباحثين عن بديل للفيسبوك، لكن يبقى العيب الدائم لكل شبكات التواصل الاجتماعي هو عدم وجود مجتمع عربي عليها بشكل عام، وقد يعزا ذلك لوجود سلبيات قد لا تكون موجودة في فيسبوك، وعدم إعطاء المستخدمين العرب سياسة الخصوصية واختراق البيانات أهمية كبرى، وقد يكون الترويج والدعاية لهذه الشبكات في المجتمعات العربية لا يزال محدوداً.
إذا قررتم الانتقال إلى موقع آخر ما عليكم إلا إعلام أصدقائكم ومتابعيكم، وسيبدأون الانتقال معكم تدريجياً، عندما يجد فيسبوك منافساً قوياً له سيعدل الكثير من سياسات تعامله مع مستخدميه.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.