يخطط فيسبوك لطرح عملة عالمية جديدة، وهو بالفعل مشروع طموح للغاية، وقد يصفه البعض بجنون العظمة.
يقول ديفيد ماركوس، من فيسبوك، إنهم على وشك منح مليارات الأشخاص حرية أكبر تجاه المال و "تصحيح الأخطاء العديدة للنظام الحالي".
والرسالة التي يريد ديفيد توصيلها أن هذا ليس مشروعاً جانبياً صغيراً سيعمل عليه فريق صغير بمقر شركة فيسبوك في ميلنو بارك قبل الانتقال إلى مشروع آخر؛ بل مبادرة تتناول مستقبل فيسبوك ومستقبل المال.
ويتحالف خلالها كبار اللاعبين في عالم المدفوعات مثل Paypal وVisa، وشركات سيليكون فالي مثل Uber وLyft والشركات ذات رؤوس الأموال الاستثمارية الكبرى.
الأمر أشبه بأحد أفلام سلسلة Avengers، حيث يجتمع الأبطال الخارقون في عالم التقنية والمال لمحاولة جعل العالم مكاناً أفضل.
ولكن لا تزال هناك العديد من الأسئلة عن FaceCoin – أو Libra كما ترغب الشركة بتسميتها.
الفكرة الرئيسية هي: لماذا؟ لماذا نحتاج لعملة عالمية جديدة؟ وهل نرغب حقاً أن تكون من فيسبوك؟
هيئة الإذاعة البريطانية BBC نشرت تقريراً مفصلاً عن شكل وأهداف آلية استخدام العملة ننقله في هذا التقرير.
لمن تتوجه عملة فيسبوك ليبرا؟
يقدم بيان مهمة Libra عرضاً رائعاً لـ1.7 مليار شخص ليست لديهم حسابات بنكية، ويعانون من التكلفة الباهظة لتحويل الأموال إلى ذويهم.
ولكن هناك العديد من المؤسسات بالفعل تتعامل مع تلك المشكلة، مثل مشروع Mpesa في كينيا أو الشركات الناشئة التقنية مثل WorldRemit.
الأمر غير الواضح حتى الآن هو كيف ستتجاوز عملة Libra كل العمليات المعقدة للتحقق من هوية هؤلاء الأشخاص، من أجل الامتثال للوائح مكافحة الأموال من دون تكبّد الكثير من التكاليف.
يقول ديفيد ماركوس: "مسألة الامتثال لتلك اللوائح هي الجزء الأصعب والأكثر تكلفة".
ولن ينطبق ذلك فقط على مستخدمي فيسبوك غير المتعاملين مع البنوك في كينيا، بل سيمتد إلى الأسواق الأكثر رواجاً مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، حيث لا تتواجد بطاقات الهوية الوطنية للتحقق بسهولة من هوية الأشخاص.
إذا تمكنت عملة Libra من السماح للأشخاص بإرسال الأموال من هواتفهم بنفس سهولة إرسال الرسائل النصية، سيكون ذلك جذاباً للغاية.
ولكن التحدي يكمن في كيفية القيام بذلك بطريقة آمنة وتكلفة زهيدة.
هل هذا حقاً مشروع عالمي؟
ربما تدرك فيسبوك المشكلات التي تواجه سمعة الشركة، لذا فهي تشدد على أن مشروع Libra يأتي من تحالف عالمي لا تمثل فيه فيسبوك إلا جزءاً صغيراً.
وردَّ المشككون بأن فيسبوك أطلقت من قبل مشروعها "العالمي" للوصول للإنترنت، Internet.org، في تحالف عالمي مماثل.
ثم تحول المشروع إلى خدمة Free Basics المثيرة للجدل، التي واجهت انتقادات كبيرة في الهند، بوصفها وسيلةً مصمَّمة فقط لتعزيز مصالح فيسبوك.
ومن حينها، يبدو أن الشركاء الآخرين في هذا التحالف قد اختفوا.
كيف تجني فيسبوك المال من هذا المشروع؟
سيكون هناك ما تطلق عليه فيسبوك الرسوم "الضئيلة" على كل معاملة، وذلك، لعدم إزعاج الشبكة بملايين المدفوعات في حالة وجود هجوم إلكتروني لرفض الخدمة.
وقد تسعى فيسبوك في نهاية الأمر إلى أن تقدم لمستخدميها خدمات مالية إضافية، من خلال شركتها التابعة "Calibra".
ولكن الجائزة الحقيقية هي جعل الناس يقضون أوقاتاً أطول على فيسبوك أو واتساب، بحيث يمكن تقديم المزيد من الإعلانات لهم.
ما الذي سيحصل عليه الشركاء؟
تشير التقارير إلى أنَّ الشركاء مثل Paypal، وMastercard وVisa دفع كل منهم 10 ملايين دولار (8 ملايين إسترليني)، للحصول على امتياز تشغيل عقدة في شبكة Libra.
ويبدو غريباً أنهم يرغبون في دعم مؤسسة هدفها التفوق عليهم.
ولكنهم سيتمكنون بذلك من الوصول إلى البيانات المتدفقة عبر الشبكة، حتى لو كانت تحت أسماء مستعارة، ليحصلوا بذلك على فكرة أوضح حول ما يتم إنفاقه وأين.
لماذا هي عملة مشفَّرة ولماذا تحتاج إلى تقنية "بلوك تشين"؟
تصرُّ فيسبوك على أن عملة Libra ستكون لها كل مزايا البيتكوين بدون عيوب.
ستكون "عالمية وفورية" مثل العملات المشفرة الأصلية، ولكنها ستكون كذلك آمنة ومستقرة، ولأنها لا تعتمد على تعدين العملات الرقمية، لن يكون لها تأثير بيئي كبير.
ولكن ديفيد جيرارد، الخبير بالعملات الرقمية والبيتكوين، يقول إنه من غير الواضح سبب اعتبار Libra عملة مشفرة، أو لماذا تحتاج إلى تقنية "بلوك تشين".
ويقول: "السبب المعتاد لإدخال كلمة بلوك تشين هو الرغبة في إضفاء طابع تسويقي سحري على أفكار عادية غير سحرية".
وأضاف: "لكن من المفترض أن يكون المقصود من مشروع Libra تقديم خدمة يستخدمها الناس، لذا ستنجح أو تفشل بناء على فائدتها وسهولة استخدامها، وليس اعتماداً على الكلمات الطنانة".
هل يمكن أن نثق بها؟
لماذا قد يرغب أي شخص في الوثوق بفيسبوك في أمور تتعلق بالمال، أو منحهم دوراً رئيسياً في إدارة عملة عالمية، لاسيّما بعد أزمة Cambridge Analytica وغيرها من فضائح البيانات؟
تقول فيسبوك إن شركة Calibra التابعة لها سوف تحتفظ بالبيانات المالية والاجتماعية بشكل صارم ومنفصل، ولن يتم استهداف المستخدمين بالإعلانات بناء على عادات إنفاقهم.
ولكن، من جديد، يذكِّركم ديفيد ماركوس أنَّ هذا المشروع يمثِّل تحالفاً عالمياً، وليس خطة مارك زوكربيرغ الجديدة للسيطرة على العالم.
يقول ماركوس: "نعم، إنها مبادرة تقودها فيسبوك، ولكن بحلول وقت طرحها في السوق العام المقبل، لن تكون تلك المبادرة التي يسيطر عليها فيسبوك، بل ستكون لنا نفس حقوق التصويت التي يتمتع بها جميع الأعضاء الآخرين".
ربما فيسبوك غير جديرة بالثقة، ولكن ينبغي أن تثق في أسماء مثل Visa، وPaypal، و Uber وبقية الأسماء.
لذا لا تتوقع أن يظهر وجه مارك زوكربيرغ على عملة Libra إذا قرَّروا سكّ عملات تذكارية.