دفعت الحاجة الملحة، نتيجة استنفاد مصادر الطاقة الرئيسية من البترول والغاز الطبيعي والفحم، فضلاً عن تزايد الطلب، إلى إيجاد مصادر بديلة للطاقة. ولعل أكثرها شيوعاً الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية، وغيرها من أنواع الطاقة التي تعتبر البديل الأكثر فاعلية؛ نظراً لكونها صديقة للبيئة وقابلة للتجدد.
لكن رغم تلك الجهود فلاتزال تلك المصادر تواجه العديد من القيود الاقتصادية والعملية، لذلك ركزت بعض البحوث العلمية مؤخراً على عدة مصادر أخرى، ربما تبدو غريبة نوعاً ما، بعضها قيد الاستخدام بالفعل، والبعض الآخر لا يزال قيد التطوير، وفي سطور هذا التقرير نستعرض أهمها.
1- كهرباء من الصوت.. الموسيقى تنشط الشمس
يحاول بعض العلماء والباحثين تحويل الموجات الصوتية إلى كهرباء في محاولة لاستغلال تلك الطاقة المهدرة، ورغم أن كثافة الطاقة التي يمكن الحصول عليها من تلك الموجات ليست هائلة، فإن الأبحاث الحالية تقوم على استكشاف إمكانيات استخدامها لشحن بعض الأجهزة الصغيرة.
وقد توصل الباحثون في كلية الملكة "ماري" بجامعة لندن إلى أن موسيقى البوب والروك تساعد في تحسين أداء الخلايا الشمسية، لذلك تعاون فريق الباحثين في الكلية مع شركة "نوكيا" لإنشاء نموذج أولي لهاتف محمول يتمكن من تحويل الضوضاء اليومية مثل صوت المتحدثين وحركة المرور والموسيقى إلى طاقة كهربائية، واستخدامها في شحنه، باستخدام أسلاك رفيعة من أكسيد الزنك لإنتاج الكهرباء، عند التعرض للإجهاد الميكانيكي الذي ينتج من اهتزازات الصوت.
2- من فضلات الطعام.. الجبن غاز والقهوة ديزل
يعمل العديد من المصانع في العالم على جمع بقايا الأطعمة المنتجة في المدن الكبيرة واستخدامها لتوليد الكهرباء. فعلى سبيل المثال في كل عام يستهلك سكان العالم 600 مليار كوب من القهوة، من هنا نجد أنه من الأحرى استغلال النفايات الناتجة من هذه الكمية الهائلة في إنتاج وقود الديزل الحيوي.
ومن أبرز المصانع التي تعمل في هذا المجال مصنع "أد – AD" التابع لشركة "كليارفليو – Clearfleau" البريطانية للتكنولوجيا الحيوية الذي يحول بقايا إنتاج الجبن إلى غاز حيوي، يمكن استخدامه كمصدر للطاقة المحلية، عن طريق التخمُّر، وهي عملية تحدث بشكل طبيعي لتحويل المواد العضوية القابلة للتحلل إلى غاز حيوي، يتألف في المقام الأول من "الميثان" و"ثاني أكسيد الكربون".
3- ثعبان البحر الكهربائي.. طاقة تشبه الأفعى
يُعرف أيضاً باسم "الأنقليس الرعاد"، وهي أسماك تشبه الأفاعي نوعاً ما، وتتواجد غالباً في المياه العذبة، وتحديداً في نهر الأمازون ونهر أورينوكو في أميركا الجنوبية.
وتتميز هذه الأسماك بقدرتها على توليد ما يصل إلى 500 فولت كهربائي، وتستخدم هذه الآلية أثناء مطاردتها للأسماك الصغيرة، والدفاع عن نفسها ضد الحيوانات المفترسة.
وقد نجح المخترع الياباني "كازوهيكو ميناوا" في الاستفادة من الطاقة التي يولدها ثعبان البحر الكهربائي في العام 2010، لإضاءة شجرة عيد ميلاد بلغ ارتفاعها مترين، وذلك عن طريق وضع إحدى تلك الثعابين داخل حوض سمكي، وتثبيت قطع من الألومنيوم لتجميع الكهرباء المنبعثة منها، ومن ثم توصيلها بالمصابيح لإضاءة الشجرة.
4- نفايات الخشب.. "التغويز" الإنكليزي ينتج وقوداً
يصل حجم النفايات الناتجة عن صناعة الأخشاب إلى ملايين الأطنان كل عام، الأمر الذي استدعى بناء محطة لتوليد الطاقة في مدينة "برمنغهام" الإنكليزية، تعمل على تحويل النفايات الخشبية إلى وقود حيوي، عن طريق تسخين تلك المواد الخام بدلاً من حرقها، مع وضع نسبة ضئيلة من الأوكسجين الذي يؤدي بدوره إلى سلسلة من التفاعلات الكيميائية، لإنتاج الغاز الصناعي الخام.
ويطلق على تلك العملية اسم "التغويز"، ويستخدم الغاز في نهاية المطاف في دفع التوربينات وتوليد الكهرباء.
وبعيداً عن إنكلترا أدى الاضطراب الناجم عن التوزيع غير المتكافئ للثروة النفطية، وتخريب أنابيب النفط في نيجيريا إلى انخفاض كبير في توليد الطاقة، إذ تعتبر نيجيريا سادس أكبر منتج للنفط في العالم، وتشكل صادرات النفط العمود الفقري لاقتصادها، وعلى الجانب الآخر تتراوح تقديرات كمية النفايات الخشبية المتولدة فيها من 1.8 مليون طن إلى 5.2 مليون طن سنوياً.
لذلك لجأت الحكومة النيجيرية إلى إنشاء محطة لتوليد الطاقة لتحسين الوضع، عن طريق حرق نفايات الخشب المجمعة من المصانع، أو تحويلها إلى وقود حيوي عن طريق عملية "التغويز"، ومن ثم توليد ما يكفي من الكهرباء لتشغيل تلك المصانع.
5- الرياح الشمسية.. شراع ضخم من النحاس يولد مغناطيساً
يعمل العلماء والباحثون في جامعة ولاية واشنطن الأميركية، على إنتاج الطاقة عن طريق الرياح الشمسية، وهي عبارة عن تدفق مستمر من الجسيمات المتسارعة في الفضاء.
ويعتقد عالم الفيزياء بجامعة واشنطن "بروكس هاروب"، والدكتور "ديرك شولز ماكوتش" الأستاذ في كلية علوم الأرض والبيئة في الجامعة نفسها، بإمكانية التقاط تلك الجسيمات بواسطة قمر صناعي يدور حول الشمس، لتوليد الطاقة باستخدام شراع ضخم من أسلاك النحاس لتوليد حقل مغناطيسي؛ من شأنه التقاط الإلكترونات من الرياح الشمسية، وسيكون هذا النظام أقل تكلفة من تركيب الألواح الشمسية.