انشغلت الأوساط الأمنية والاستخبارية الإسرائيلية في الأيام الأخيرة بما نشرته وزارة المخابرات الإيرانية من قائمة طويلة من الوثائق والصور "السرية"، تشمل وثائق من مفاعل ديمونا والمنشآت النووية، وغيرها من التفاصيل الأمنية والعسكرية الحساسة، ما أثار اهتماماً بكيفية الحصول على هذه المعلومات، لا سيما من خلال الحديث عن "جواسيس إيران في إسرائيل".
شملت المعلومات التي نشرتها المخابرات الإيرانية تفاصيل عن مشاريع حالية وسابقة طُوّرت بالتعاون مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وتحليلاً شاملاً للهيكل الإداري والكوادر لبرنامج الأسلحة النووية الإسرائيلي.
لكن ما زاد من الانشغال الإسرائيلي، هو إعلان المخابرات الإيرانية أن جهات مختلفة في إسرائيل تعاونت معها، وحصلت على هذه المواد، وقامت بتسريبها، ما يسلط الضوء على ظاهرة الجواسيس الإيرانيين فيها.
الجواسيس قدموا معلومات عن برنامج إسرائيل النووي
ليئور بن آري وإيتمار آيخنر، مراسلا صحيفة يديعوت أحرونوت، ذكرا أن وزير الاستخبارات الإيراني إسماعيل الخطيب، كشف أنهم حصلوا على الوثائق من جواسيسهم في إسرائيل مقابل المال، أو بسبب الكراهية الشديدة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وقالا إنه الرواية الإيرانية تقول إن تلك المعلومات "أصبح الحصول عليها ممكناً عقب هزيمة إسرائيل في الحرب الأخيرة في يونيو/حزيران، وبفضل التغلغل العميق لعملائنا في الطبقات الداخلية الواقية للنظام الصهيوني"، وفق تعبير الخطيب.
وكشفت الوثائق الإيرانية هويات 189 خبيراً نووياً وعسكرياً من إسرائيل، ورسائل بريد إلكتروني من ميراف أوديز، مبعوثة إسرائيل لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ما يُظهر تنسيقاً كاملاً بينهما، بدليل أن رسائل رسمية وسرية من إيران للوكالة تتضمن معلوماتٍ حساسة، نُقلت لإسرائيل عبر قنواتٍ سرية.
ومن المعلومات الحساسة أيضاً التي نقلتها إسرائيل إلى الوكالة الذرية أن "الحرس الثوري امتلك قاعدة بيانات استُخدمت في ضربات صاروخية وطائرات مُسيّرة ضد إسرائيل خلال المواجهة الأخيرة، من خلال العمليات الاستخباراتية التي نفذها داخلها، وزوّدته بمعلومات إضافية".
البيان الإيراني جاء فيه أن عملية تسريب هذه الوثائق تمت في بيئةٍ عملياتية ديناميكية، وإجراءاتٍ أمنيةٍ مُشددة، وانتهت بنقلٍ ناجحٍ لكمية هائلة من الوثائق إلى إيران، وعاد جميع المعنيين سالمين.
تتضمن المعلومات أيضاً عن برامج نووية غير قانونية وسرية، ومواقع ودراسات واتصالات مع مؤسسات أمريكية وأوروبية، وفقاً لما ذكره آدم ميخالاشفيلي مراسل القناة 14.
غاي مايان وإيتمار مارغليت، مراسلا هيئة البث الإذاعي والتلفزيوني، كانا قد نقلا أن عملية حصول إيران على الوثائق الإسرائيلية تمت منذ فترة طويلة، لكن نظراً لضخامة كمّيتها، وضرورة نقلها لإيران، فقد أُبقي الأمر طي الكتمان حتى الآن.
وقالا إنه قد يكون للإسرائيليين المعتقلين مؤخراً في الداخل الإسرائيلي، بسبب الاشتباه بتجسسهم لصالح إيران، صلة بذلك، "ما يُعدّ خرقاً أمنياً كبيراً لإسرائيل، وضربة تاريخية لها".
آفي أشكنازي المراسل العسكري لصحيفة "معاريف"، أشار إلى أن نقل قاعدة البيانات الإسرائيلية، وفقاً للرواية الإيرانية، جزء من مزيج قوي من الإجراءات الاستخباراتية والعملياتية، التي وصفتها بـ"الكنز"، ويتضمن ملايين الصفحات من المعلومات المتنوعة والقيّمة عن مشاريع الأسلحة السابقة والحالية، وقائمة بأسماء الباحثين والعلماء وكبار مديري المشاريع، بمن فيهم علماء أمريكيون وأوروبيون مشاركون، وعناوين المنشآت والشركات.
مع العلم أن الاستخبارات الإيرانية تمكنت من الحصول على هذه الكمية الهائلة من الوثائق، وفق روايتها، بفضل تعاون جهات داخل إسرائيل، بما فيها المؤسسات الأمنية والعاملين في المجال النووي، وحتى الإسرائيليين العاديين، ومنها صور ملتقطة بالأقمار الصناعية تُظهِر تسارعاً في أعمال البناء بمفاعل ديمونا، أو بناء مفاعل جديد للماء الثقيل، أو منشأة لتجميع الأسلحة النووية، وفقا لما كشفه "رام برانديس" مراسل هيئة البث الإذاعي والتلفزيوني.
حساب أخبار إيرانية على منصة "إكس"، الذي تُشغّله المخابرات الإسرائيلية، زعم أن ما أعلنته طهران أقرب لبيان دعائي منه لإنجاز استخباراتي ذو قيمة استراتيجية، فمعظم المعلومات وصفها بأنه "معروفة".
وأفاد بأن نشر أسماء العلماء والشركات الوسيطة والمُورّدين يأتي في سياق الترهيب والحرب النفسية فقط، لأنها لم تكشف قدرات إسرائيل الحقيقية، سواء القنابل النووية الحرارية، وعدد الرؤوس الحربية، ومواقعها، والمكتبات النووية السرية، وعمليات المحاكاة المتعلقة بالقنابل، ما يجعلنا ننظر للمعلومات المنشورة بأنها "كثير من الضجيج، قليل من المضمون".

دافعا المال والدين وراء جواسيس إيران في إسرائيل
القناة العاشرة نقلت عن جهاز الأمن العام (الشاباك) الإسرائيلي، أن الأسابيع الأخيرة من الحرب مع إيران شهدت إجراء محادثات مع 25 إسرائيلياً على اتصال أولي بضباط إيرانيين، وهذه أرقام مُقلقة، على حدّ الوصف الإسرائيلي.
لكن الأمر اللافت الذي أشارت إليه القناة، هو أن جندياً قُدِّم للمحاكمة مؤخراً لأنه كان على اتصال بضباط إيرانيين، ونقل لهم معلومات مقابل أجر مالي، وهي المرة الثانية التي يُعتقل فيها جندي للاشتباه بتجسسه لصالح إيران، وهو دليل إضافي على مساعيها لاختراق العمق الإسرائيلي، وتجنيد مصادر معلومات من الداخل.
صحيفة معاريف اختارت عنواناً لافتاً لتغطية خبر الوثائق الإسرائيلية لدى إيران، بقولها إن وزير الاستخبارات الإيراني "ناشد" نتنياهو خلال بث مباشر، بقوله "ركّز على حل مشكلة خبزك؛ ركّز على حل مشكلة خبزك"، على اعتبار أن الجواسيس الإسرائيليين الذين زوّدوا أجهزته بهذه المعلومات والوثائق انطلقوا من حاجتهم المالية، وأن هذا هو الدافع الأول.
إذ أفادت الصحيفة أن الجواسيس دأبوا على تقاضي مئات الدولارات مقابل كل مهمة، وبلغ إجمالي ما تلقته إحدى الخلايا التجسسية 300 ألف دولار، استلموها باستخدام العملات المشفرة، وفق قولها.
الدافع الثاني "الغريب" كشفته منصة "آي سي إيه"، وهو أن نسبة من هؤلاء الجواسيس، لم يرتبطوا بإيران من أجل المال فقط، بل إيماناً منهم بأن وجود إسرائيل يتعارض مع الدين اليهودي، ويُعدّ تجديفًا وكفراً.
بعض هؤلاء ينتمون إلى حركة "ساتمار" الدينية الحسيدية، بل إن أحدهم يعكوب بيريل بادر بالاتصال بالإيرانيين، وسعى مراراً وتكراراً لإقناعهم بضرورة تجنيده، وحاول تجنيد عناصر إضافية في إسرائيل.
حتى أنه نشر مقالاً لرثاء حسن نصر الله، وآخر ضد إسرائيل والصهيونية، وأبلغ المحققين أنه سيحاول تجنيد أشخاص لمساعدته على الإضرار بأمن الدولة حتى من داخل السجن.
يوسي يهوشاع المراسل العسكري لصحيفة يديعوت أحرونوت، وضع يده على ملاحظة لافتة تتعلق بتوجه المخابرات الإيرانية نحو المتدينين اليهود -الحريديم- لتجنيدهم لصالحها، حيث وجدتهم أقل وعياً بالمخاطر الأمنية، أو أن ولاءهم للدولة جزئي، أو أن دافعهم هو الإثارة لارتكاب جرائم أمنية، أو الجشع المالي.
وقال إن كبار مسؤولي الأمن الإسرائيليين يشعرون بالقلق من أن يصبحون هدفاً للإيرانيين، وهي ظاهرة جديدة لم تُشاهد من قبل.
العنصرية ضد مهاجرين و"القومية الفلسطينية"
الدافع الثالث كشفه أليكس غرينبرغ باحث الشؤون الإيرانية بمعهد القدس للأمن والاستراتيجية، ويتحدث الفارسية والعربية، الذي قدم في مقاله على موقع "زمان إسرائيل"، تفسيراً جديداً لتزايد ظاهرة الجواسيس الإسرائيليين لصالح إيران، وتتعلق بمن وصفهم "المهاجرين الذين لم تثبت يهوديتهم" ممن قدموا لإسرائيل بموجب قانون العودة ولأسباب اقتصادية.
ووصفهم بأنهم أكثر استعداداً لارتكاب أفعال غير مشروعة، ومنها التجسس، ما دفع الإسرائيليين المتشددين لإطلاق خطاب عنصري ضدّ مهاجري الاتحاد السوفيتي السابق، وبعضهم من أذربيجان الملاصقة لإيران.
وأظهرت محاضر التحقيقات الأمنية مع الجواسيس الإسرائيليين أن ضباط المخابرات الإيرانية عكفوا على اختيار تركيا مقراً للقاء بهم.
الدافع الرابع يتعلق بالأبعاد القومية الفلسطينية، حيث ذكر ألون هاكمون مراسل صحيفة "معاريف"، أن الشاباك اعتقل سبعة مقدسيين من بلدة بيت صفافا جندتهم المخابرات الإيرانية بهدف اغتيال عالم نووي إسرائيلي، وتنفيذ عمليات أخرى.
وأضافت أنه عُرض عليهم 200 ألف شيكل لعملية الاغتيال، و500 شيكل لتصوير معهد أبحاث، و15 ألف شيكل لشراء أسلحة، و2000 شيكل لحرق المركبات.
دورون سلومون مراسل صحيفة يديعوت أحرونوت، حاول تقديم "بروفايل" تقريبي لغالبية الجواسيس الاسرائيليين لصالح إيران، من خلال جمع مواصفاتهم المشتركة، ومنها أنهم شباب، يعانون من ضائقة مالية، يبحثون عن عمل، ومنعزلون عن المجتمع الإسرائيلي، ولعل الجمع بين الشعور بالغربة، والديون المالية والجهل، يُشكل مزيجاً خطيراً يستغله الإيرانيون، وفق قوله.
وأضاف دافعاً آخر هو" كونهم ناقمين على الحكومة، إذ طلب من بعضهم تعليق لافتات كُتب عليها "بيبي ديكتاتور" في مكان عام، ونثر مسامير على الطرق لثقب إطارات السيارات المتحركة بطريقة عرّضت الركاب للخطر، لكن اللافت أن عددًا لا بأس به منهم جاء من مناطق حيفا ونيشر وكريات شمونة، وكلها مناطق في شمال إسرائيل، ما دفع مسؤولي الأمن للبحث عن سبب ذلك".
حجم التغلغل الإيراني في العمق الإسرائيلي
إيلانا كوريئيل وليئور أوحانا، مراسلا صحيفة يديعوت أحرونوت، ذكرا في تقرير مطوّل عن ظاهرة التجسس الإيراني، أن العديد من الجواسيس عرضوا بيع معلومات أمنية، بل إن أحدهم، دورون بوخوفيزي، الحاصل على شهادة مهندس كهرباء وإلكترونيات، ادّعى لمُشغّله الإيراني أن لديه إمكانية لإيصال معلومات عن مفاعل ديمونا مقابل مبالغ مالية، ونفّذ عدة مهام أمنية مثل تصوير منشآت، ونقل معلومات.
واللافت أنه بادر بالاتصال بنفسه مع مُشغّله عبر تطبيق تيليغرام، عبر رسالة باللغة العبرية نصّها "أنا إسرائيلي، وأريد العمل معك"، وبعد فترة، رد عليه الأخير باللغة الإنجليزية، يسأله فيها عن سبب رغبته بالعمل معهم، فأجابه بسبب بغضه للحكومة، ولأنه يمرّ بضائقة مالية.
بتوجيه من الإيرانيين فتح بوخوفيزي محفظة رقمية، استلم عليها مبلغ 250 شيكلاً، ثم طلب منه تصوير فيديو وصور لمنتجات من السوبر ماركت، بما فيها منتجات ألبان وخضراوات وفواكه مع أسعارها، وإرسال الفيديو إليه، وحصل مقابلها على 500 شيكل، وبعد تقديم عدة "خدمات" أرسل إليه ما قيمته 6000 شيكل، قرابة 1700 دولار، وفقاً لما ذكره زئيف غور أرييه، مراسل وكالة الأنباء اليهودية، الذي أكد أن خطورة ظاهرة الجواسيس جعلتها من التحديات المباشرة التي تواجه رئيس جهاز الشاباك الجديد، ديفيد زيني.
في حادثة أخرى، كشفت منصة "آي سي إيه" أن الجاسوس يعكوب بيريل، الذي نفّذ عمليات مختلفة لصالح إيران، وثّق منزل رئيس الأركان السابق هآرتسي هاليفي، ووصف ترتيبات القوات قرب منزل وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، وأعدّ تفاصيل أنشطة منظمة يهودية تعمل على جلب اليهود للمسجد الأقصى، ومقابل هذه الخدمات وغيرها حصل على 15 ألف دولار، حُوّلت لمحفظته الرقمية.
أما موتي مامان، 73 عاماً، من عسقلان، تم تجنيده لاغتيال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الحرب السابق يوآف غالانت، ورئيس الشاباك السابق رونين بار، ولما كانت الإجراءات الأمنية المحيطة بهم مكثفة، فقد طلب منه المشغّل الإيراني استهداف رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت، وعرض عليه مبلغا 300-400 ألف دولار، وذلك رداً على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران.
كما كشف النقاب عن تورط الزوجين من رامات غان، فلاديسلاف فيكتورسون وآنا بيرنشتاين، والقبض على فلاديمير فاريوفسكي، 35 عامًا، من بيتاح تكفا، الذي كان مُجهّزًا بمسدس ومخزن ورصاصات لتنفيذ عملية اغتيال عالم إسرائيلي، ثم الفرار إلى روسيا بعد ذلك، وحصل على 100 ألف دولار مقابل التنفيذ.
أما ديمتري كوهين، 28 عاماً، فقام بمراقبة عدد من الإسرائيليين، وحصل على تفاصيلهم من مُشغّله الإيراني، وصوّر بيئتهم المعيشية، ونقل صور منازلهم، واستخدم هاتفاً تشغيلياً للحفاظ على اتصال سري مع المُشغّل الإيراني.
وبحسب المنصة ذاتها، فإنه ظهر أن المال هو الدافع وراء هذه العمليات، إذ تلقى كوهين 500 دولار عن كل عملية تجسس، وحُوِّلت آلاف الدولارات لحسابه عبر العملات المشفرة (بيتكوين)، التي يصعب تتبعها.
كما تم الكشف عن تكليف الزوجين رافائيل ولالا غولاييف، بجمع معلومات استخباراتية عن البنية التحتية ومواقع أمنية في إسرائيل، ومراقبة باحث بمعهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، وقد تحدثت أوساط أمنية إسرائيلية أن الشاباك يُفكّر بفرض عقوبات إدارية واقتصادية على الإسرائيليين الذين يتعاونون مع إيران، وتشمل سحب الجنسية، ومصادرة الأموال والممتلكات، وتشديد العقوبات بشكل كبير.

مهام الجواسيس.. من تصوير مواقع أمنية إلى الاغتيال
يهوديت لازاروفيتش مراسلة موقع سيروجيم، كشفت أن خلية من سبعة إسرائيليين من سكان حيفا والشمال، أداروا خلية تجسس إيرانية لمدة عامين، وهم: آزيز نيسنوف، ألكسندر سديقيكوف، فياتشيسلاف غوشين، يفغيني يوفي، يغآلا نيسان، وقاصران لا يُمكن نشر أسمائهما.
وقاموا بعدد من المهام، منها:
- تصوير قواعد سلاح الجو في نيفاتيم ورامات دافيد وبلماخيم، ومقر "الكرياه" في تل أبيب الذي يضم وزارة الحرب والقيادة العسكرية العليا وهيئة الأركان، وقواعد الجيش في بئر توفيا وكريات غات وإيمك حيفر ومجمع غليلوت، والمزيد ومواقع بطاريات القبة الحديدية.
- جمع المعلومات عن البنية التحتية المدنية، والقواعد العسكرية وأنظمة الدفاع والأسلحة التابعة للجيش، وموانئ حيفا وأسدود وإيلات، ومحطة الطاقة في الخضيرة، وبالون مراقبة للجيش، وإرسال خرائط وصور جوية ومواقع دقيقة، وأحيانًا حتى موقع التقاط الصور.
- رسم شعارات سياسية على الجدران ضد الحكومة، ولصق منشورات ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وإشعال النار في مركبات، بل ومحاولة تركيب عبوة ناسفة، كما ذكر كوبي فينكلر مراسل منصة "إي إم إس".
- محاولة تصفية عالم إسرائيلي مقابل 100 ألف دولار، ولهذا الغرض، حصلت الخلية على أسلحة، ومنها بندقية قنص، ومسدسات، وقنابل رش، لكن العملية لم تنجح.
- تعقّب عدد من الإسرائيليين، ومنهم مثلاً خبيرة في شؤون القوقاز من جامعة حيفا، تنشر محاضراتها على الإنترنت، وطُلِب منهم معرفة تفاصيل عن أقاربها، وسيارتها، وجدول أعمالها.
- تخريب البنية التحتية للاتصالات وأجهزة الصراف الآلي، وإشعال النيران في الغابات، وحرق المركبات في حديقة "هيركون" في تل أبيب، وإلقاء قنبلة يدوية على منزل، وتصوير الاحتجاجات ضد الحكومة، ومحاولة تجنيد آخرين، وفقا لما ذكرته ناعومي راحيليس مراسلة القناة 14.
- جمع معلومات في حيّ "كفار أخيم"، حيث يقطن وزير الحرب يسرائيل كاتس، ومحاولة تركيب كاميرات مراقبة، ونقل حقيبة مدفونة في الأرض تحتوي على عبوة ناسفة.
- دفن الأموال الخاصة بالجواسيس في نقاط "ميتة" مختلفة في القدس وتل أبيب، وتوصيل طرود تحتوي على رأس حيوان مقطوع أو دمية، بجانب سكين ورسالة تهديد، لتركها على أبواب الإسرائيليين، وإحداث حرائق الغابات، وغيرها.
- يوآف زيتون وليران تماري مراسلا صحيفة يديعوت أحرونوت، كشفا بعض مهام الجواسيس، ومنها رسم عدة كتابات غرافيتي بكلمة "السنوار حيّ" في تل أبيب، وتصوير منازل وشوارع في نتانيا والقدس، وشراء كاميرا GoPro وبطاقة ذاكرة لتوثيق المهام، ومشاهدة فيديوهات عن صنع المتفجرات، تمهيداً للترويج لنشاط عنيف لتنفيذ هجوم في إسرائيل، ومحاولة تجنيد آخرين.
- جهاز الشاباك كشف أن عدداً من الجواسيس يتم تجنيدهم لتنفيذ عمليات تجسس سرية على أهداف في إسرائيل، والطلب منهم جمع معلومات عن عناوين فيها، باعتبارها جزءاً من جهد إيراني واسع النطاق لإنشاء مسارات تجسس في إسرائيل، والتأثير على الإنترنت لتوسيع الفجوة الاجتماعية بين مواطنيها، وتعليق ملصقات تشجع على الانقلاب العسكري، والعصيان المدني.
- تصوير مراكز تجارية، ونقل معلومات عن حراس الأمن فيها، وعددها، وهيكلها، ومن بين المراكز التجارية التي تم تصويرها: غراند مول حيفا، وبيغ فاشون طبريا، ومركز ديزنغوف، ومستشفى إيخيلوف في تل أبيب، كما ذكرت ليلاخ شوفال المراسلة العسكرية لصحيفة إسرائيل اليوم.
- التزوّد بمعدات تصوير متقدّمة، وتقنيات عالية الجودة، وأسلحة وذخيرة.
آيش أرنولد ناتييف مراسل القناة آي24، نقل عن مصدر أمني رفيع المستوى أن الإيرانيين "يُطلقون النار" في كل اتجاه في محاولة لتجنيد إسرائيليين، وتُعدّ الحالات المنشورة غيضاً من فيض الأنشطة التي تُحاول إيران تنفيذها.
وفي إحدى الحالات أقام الجاسوس الإسرائيلي في تركيا لفترة طويلة، وكانت له علاقات تجارية واجتماعية مع أتراك وإيرانيين، وفي إطارها وافق على لقاء رجل أعمال ثري يُقيم في إيران، لتعزيز نشاطه التجاري.
وهناك عُرِض عليه القيام بمهام أمنية مختلفة داخل إسرائيل، بما فيها تحويل أموال أو سلاح في نقاط تُحدَّد مسبقًا، والتقاط صور لأماكن مزدحمة مختلفة، وإرسالها، وتهديد إسرائيليين آخرين عملوا لصالح إيران، ولم يُنفِّذوا المهام المطلوبة.
واستعان الجواسيس بمعدّات متطورة ومتخصصة اشتروها مسبقاً بتوجيه من عملاء إيرانيين، وقد تباهى أحدهم بماضيه المزعوم في جهاز الموساد، وعلاقاته الطويلة، ولهذا السبب فهو يسافر للخارج كثيراً، وتحدث لمُشغّليه الإيرانيين عن أقاربه في وحدات المخابرات النخبوية، لكن الشاباك نفى عمله في الموساد، وفقاً لما ذكره أمير بوخبوط المعلق العسكري محرر الشؤون العسكرية بموقع "ويللا" العبري.
كما ألقي القبض على أحدهم في مطار بن غوريون وفي أمتعته بهارات خاصة من إيران وتركيا، قدّم نفسه على أنه رجل أعمال، لكن سجله الجنائي كشف أنه هرّب في الماضي مخدرات من الشمال عبر مجرمين يعملون مع حزب الله، وقد تعرف عليه الحزب وإيران نظراً "لسجله الإجرامي"، ولذلك حاولا تجنيده.
وسائل تجنيد الجواسيس الإسرائيليين لصالح إيران
تال أرييل ياكير وإيتسيك سابان، مراسلا صحيفة إسرائيل اليوم، نقلا عن أليكس نيميروفسكي، الضابط المكلف بإجراء التحقيقات في ملفات التجسس أكد أن الأمن ليس مُحكماً بنسبة 100%، وقد يكون هناك العشرات من فرق التجسس الأخرى، وربما المئات، تعمل في الوقت الحالي.
لعل أخطر هذه الحالات بحسب رأيهما، الوزير السابق غونين سيغيف، المدان بالتجسس الخطير لصالح إيران، وحُكم عليه بالسجن لمدة 11 عاماً، لكن الشاباك يتعامل اليوم مع 27 قضية تجسس، بينها 46 معتقلاً.
كما تتم معظم عمليات التجنيد عبر تلغرام، خاصة عبر حسابات الباحثين عن عمل، أو مواقع إباحية.
وأضافا أنه "نظراً إلى أن عملية التجنيد بسيطة نسبياً، فلا يمكننا التفوق على الإيرانيين، ولا جدوى من ذلك، فإن الطريقة الوحيدة هي قطع الإنترنت تماماً في إسرائيل، وتعطيل شبكات التواصل الاجتماعي، وهذا لا يمكن أن يحدث، مع العلم أن أوساطاً أمنية اسرائيلية ذكرت أن نطاق الاتصالات بين العملاء ومُشغِّليهم وصل إلى ضعف ما كُشف عنه حتى الآن تقريباً".
أما يانون بن شوشان مراسل الشؤون التقنية بموقع "ويللا"، فذكر أن التجنيد يتم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وأن عدداً من الجواسيس استخدم تطبيقات محددة للتواصل مع مُشغّليهم، ونقل المعلومات السرية بطريقة مُشفّرة، والحصول على الأموال، ومنها:
- تطبيق "زنجي"، لإرسال رسائل فورية مشفرة، ويقدم خدمات مكالمات صوتية ومرئية، ورسائل نصية، ونقل ملفات، دون تسجيل أو جمع بيانات، وتُخزَّن البيانات على جهاز المستخدم فقط.
- منصة "زولوتايا كورونا" لتحويل الأموال بين مختلف الدول لتلقّي مدفوعات مقابل خدمات التجسس التي قدموها لإيران، أو لتحويل أموال لجهات أخرى متورطة في أنشطة تجسس.
- تطبيق "أكوسدوس"، محفظة تتيح تخزين ونقل العملات الرقمية، ويتميز بسهولة استخدامه، ويحظى بشعبية كبيرة بين المستخدمين الراغبين بالحفاظ على سرية هويتهم عند إجراء معاملاتهم.
- برنامج "إنكريبتور" لتشفير المعلومات والملفات والمجلدات، ولا يتمكن فتحها إلا من يملك مفتاح التشفير، مما صعّب على مسؤولي الأمن الإسرائيليين فكّ تشفيرها.
فيما أشار أفيعاد غليكمان وإيلي سينيور مراسلا القناة 13، أن تواصل العملاء الإسرائيليين مع مُشغّليهم الإيرانيين يتم أحياناً باللغتين العبرية والإنجليزية، وعبر منصات التواصل: إنستغرام، واتساب، فيسبوك، تويتر، فضلاً عن تلغرام، وتم رصد العديد من الملفات الشخصية الإيرانية الوهمية على هذه الشبكات، وجُمعت معلومات عن العناصر التي تقف وراء عملياتهم.
فقد أكد توم مالكا رئيس قسم الأمن السيبراني بمجموعة "أركيع"، أن استخدام هذه التطبيقات يدلّ على تعقيد شبكة التجسس الإيرانية، وجهودها لإخفاء أنشطتها في إسرائيل.
"حرب الظلال" بين المخابرات الإسرائيلية والإيرانية
آفي أشكنازي المراسل العسكري لصحيفة معاريف، أكد أن سلسلة الكشوفات الأخيرة عن إسرائيليين خانوا الدولة لصالح إيران من شأنها أن تُحدث ثورة في مفهوم الأمن وجمع المعلومات الاستخبارية.
إذ جرى اعتقال المزيد من هؤلاء لقيامهم بمهام تُضر بأمن الدولة، وجمع معلومات أمنية، ونقلها لإيران، ومنها محاولات اغتيال شخصيات إسرائيلية بارزة في المجالات الأمنية والسياسية والشعبية، ومنهم وزراء الحرب موشيه يعلون، بيني غانتس، يسرائيل كاتس، يوآف غالانت، والغريب أن هؤلاء الجواسيس الإسرائيليين، ووافقوا، مقابل مبالغ زهيدة، على إعطاء ما طلبه الإيرانيون منهم.
مع العلم أن الشاباك لا يعرف حالياً كيفية ربطه لمعالم وشخصية محددة لتعريف "الخائن المحتمل"، سواء من حيث العمر، والعمل، والأصل، ومنطقة الإقامة الجغرافية، والأهم من ذلك، طبيعة التوجه الأيديولوجي.
بحسب أشكنازي، هنا تكمن أكبر مشكلة للأنظمة الأمنية، لأنها باتت عصية على الفهم، لأن الإيرانيين نجحوا بالفعل في تقويض عالم الأمن الإسرائيلي، حيث أدى تضافر الاستخبارات الإيرانية، وسهولة الوصول للتكنولوجيا والإنترنت، وتآكل الروابط الاجتماعية للعديد من الإسرائيليين، إلى خلق عالم جديد من التهديدات.
أما إيتاي بلومنتال وكارميلا منشيه، المراسلان العسكريان لهيئة البث الإذاعي والتلفزيوني-كان، فقالا: "اليوم ليس واضحا عدد الخونة الفعليين الذين يتجولون بيننا، وعدد الخونة المحتملين مستقبلاً".
عوديد عيلام الباحث في الشؤون الاستخبارية، نشر ورقة بحثية في معهد القدس للاستراتيجية والأمن، جاء فيها أن تكرار حالات تجنيد الجواسيس الإسرائيليين لصالح إيران تكشف أن الحرس الثوري أجرى تغييراً في عقيدة التجسس التقليدية، فلم يعد هناك استثمار مُرهق في التجنيد عالي الجودة، والتدريب المُرهق، وتأمين العملاء والمصادر، وانتحال هويات مزيفة، بل تبنى استراتيجية جديدة: مباشرة، فجة، وفعاليتها جامحة.
إذ يشنّ حملة تجنيد جماعية شرسة تجذب آلاف الإسرائيليين على منصات التواصل، تبدأ برسائل بسيطة تغمر الإنترنت، ومفادها "مهمة سهلة مقابل راتب جيد؟"، وكأننا أمام نموذج "تسويق رقمي" للتجسس، فالحملة واسعة النطاق تسعى لاستهداف جماعي، وبالنسبة لإيران فإن معدل نجاح إسرائيلي واحد من بين ألف يساوي ذهباً.
نيتسان شابيرا مراسل القناة 12 للشؤون الاستخبارية، نقل عن مصدر أمني أن الأمر لا يتعلق بجاسوس أو اثنين، بل بظاهرة واسعة الانتشار، والجمهور لا يُدرك مدى خطورة تأثيرها على أمن الدولة، لأن تنوع المُجنَّدين: صغاراً وكباراً، مهاجرين جدداً، متشددين دينياً، وحتى جنوداً في الجيش، ولذلك يُصعّب بناء ملف تعريفي عنهم.
ومع ذلك، فإن القاسم المشترك بينهم جميعاً سعيهم للثراء السريع، واستعدادهم لتنفيذ مهام دون طرح أي أسئلة، والأخطر أن المؤسسة العسكرية تدرك تزايد محاولات تجنيد الإسرائيليين من وكالات الاستخبارات الإيرانية، فيما يتواصل مئات الإسرائيليين مع الإيرانيين بمبادرة منهم.
يكمن القلق الإسرائيلي الرئيسي في أن هؤلاء الجواسيس يمنحون طهران موطئ قدم في إسرائيل، لأنهم يُهيئون للإيرانيين بأيديهم سهولة الوصول لأهدافهم العسكرية الحساسة، ويمكنهم الوصول للشخصيات العامة، وإيذائهم بحرية تامة في التصرف.
روني سينغر المحقق الاستقصائي في موقع "شومريم"، أكد أن سمات الجاسوس الإسرائيلي تتمثل في عدم وجود ملف تعريفي دقيق، فمن بينهم يهود وغير يهود، علمانيون ومتدينون، مهاجرون جدد ومستوطنون، قاصرون ومُسنُّون، لكن معظمهم من ذوي الخلفية الاجتماعية والاقتصادية المتدنية.
بالتالي توصل إلى النتيجة ذاتها، أن دافعهم هو جني المال بسهولة، وسرعة، بجانب دافع الفضول والملل، فضلاً عن الاستياء والغضب من الدولة، والغريب أن من بينهم جنوداً خدموا في أماكن حساسة، أحدهم عمل فنيًا في منظومة القبة الحديدية، والآخر عمل في مقر عمليات سلاح الجو.
هجمات السايبر والروابط الخبيثة لتجنيد الجواسيس
هيئة السايبر القومي في إسرائيل، كشفت أنه منذ اندلاع الحرب الأخيرة مع إيران، أحبط الشاباك أكثر من 20 قضية تجسس خطيرة، ووُجّهت أكثر من 30 لائحة اتهام.
وقد رصدت هيئة الأمن السيبراني في اسرائيل محاولات إيرانية لتجنيد إسرائيليين، ومن بينها عرض عمل مغرٍ وشخصي من شركة "رافائيل" للصناعات العسكرية، يظهر على موقع "لينكد إن" مصحوباً برابط مشبوه، ورسالة بريد إلكتروني من القيادة السيبرانية تحثّ الناس على تنزيل تحديث أمني، وعرض بتلقي مبلغ كبير من المال لمن يُدخل بياناته الشخصية في الرابط، ودعوة لباحث لحضور مؤتمر أكاديمي مصحوبة برابط ضارّ بالكمبيوتر.
توم ألكساندروفيتش، رئيس قسم الدفاع التكنولوجي في الهيئة كشف أن المحاولات الإيرانية للتجنيد أصبحت أكثر تعقيداً وتركيزاً، وأكثر تكيفاً مع مجالات اهتمام الهدف، حيث تعتمد رسائل التصيد الاحتيالي على جمع المعلومات والبحث الأولي، وتتضمن ملفاً ضاراً أو رابطاً لإدخال بيانات شخصية.
ومنذ اندلاع الحرب على غزة شهدت هذه الحملات التي تستهدف عناصر في إسرائيل زيادة حادة.
إيلي سينيور مراسل القناة 13، ذكر أن البيانات تتحدث عما لا يقل عن 15 حملة مختلفة، مصدرها مجموعات هجوم إيرانية مختلفة، تم توزيعها في الأشهر الأخيرة.
وفي إطار كل حملة، تُرسل آلاف رسائل البريد الإلكتروني المستهدفة لأنواع مختلفة من شركات القطاعين الخاص والعام، مما يعني أن الإيرانيين يبحثون عن موطئ قدم في المؤسسات الرسمية للدولة، من خلال مجموعات قرصنة إيرانية تُعرف بأسماء مستعارة مثل "BlackShadow" و"MuddyWater"، بعضها يُدار بطريقة "الاستعانة بمصادر خارجية" عبر شركات خاصة في طهران.
تعمل هذه المجموعات لأغراض الإضرار بإسرائيل، والتجسس عليها، والحصول على معلومات عنها، إضافة للتأثير على الرأي العام فيها، وفق قوله.
بيني سيبتي، باحث الشؤون الإيرانية بمعهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، أكد أن هؤلاء الجواسيس ليسوا هامشيين، بل أشخاص لم يقبلوا تماماً سلطة الدولة، فيما حدد دفير كاريف، الضابط السابق في جهاز الشاباك مواصفات الجاسوس المُحتمل بأنه يعاني من ضائقة مالية، وقد يُدفع له مقابل القيام بعمل سياسي كإثارة صراع بين اليمين واليسار في إسرائيل.
مع مرور الوقت، ازدادت خطورة المهام، وكذلك المبالغ المالية التي تلقاها المُشغل بعد كل مهمة، وصولاً لأداء مهام أكثر جدية، مثل مراقبة العلماء، وتصوير المنشآت والمواقع الحساسة، وتركيب كاميرات مراقبة، وإلحاق أضرار بالممتلكات ورموز الحكومة، وإشعال الحرائق في الغابات والسيارات، وشراء أو نقل الأسلحة والمتفجرات.
وكانت المهام الأكثر تطرفاً هي التخطيط لإيذاء كبار مسؤولي الأمن والعلماء والمسؤولين السياسيين ورؤساء السلطات المحلية، بما في ذلك التخطيط للقتل، كما ذكرت هوديا ران مراسلة موقع ويللا.
وكشفت أن الأشهر الأخيرة شهدت تلقي أكاديميين وباحثين إسرائيليين في الشرق الأوسط رسائل تبدو روتينية من نظرائهم في الخارج على صلة بالشأن الإيراني، وبدت هذه الرسائل موثوقة، وتركز على مجالات خبراتهم، وتدعوهم لاجتماعات ومؤتمرات عبر تطبيق "زووم"، وتضمنت قائمة بأسماء المشاركين الشرعيين لزيادة مصداقيتهم، وتبين لاحقاً أن رابط "زووم" المُرسل للباحثين يحتوي على برمجيات خبيثة.