“ماغين عوز”.. أول محور إسرائيلي أفقي في خان يونس يعمّق الكارثة الإنسانية فيها

عربي بوست
تم النشر: 2025/07/17 الساعة 19:28 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/07/17 الساعة 19:28 بتوقيت غرينتش
ماغين عوز محور إسرائيلي خامس في غزة للفصل الجغرافي والسكاني/ عربي بوست

في خطوة تعكس استمرار المخططات الإسرائيلية الرامية إلى التقسيم الجغرافي والسكاني لقطاع غزة، أعلن الجيش الإسرائيلي، منذ الأربعاء 16 يوليو/تموز 2025، تدشين قوات الفرقة 36 مدرعة، محوراً عسكرياً جديداً في محافظة خان يونس، أطلق عليه "ماغين عوز" أو درع الشجاعة.

يُعدّ المحور الجديد الخامس الذي يعلن الجيش الإسرائيلي عن إنشائه في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ولكنه الأول الذي يتم تصميمه بشكل شبه أفقي، حيث يقسم محافظة خان يونس إلى شطرين شرقي وغربي، في حين تقتطع المحاور الأربعة قطاع غزة إلى شمال وجنوب وهي على النحو التالي:

  • فيلادلفيا: يفصل بين قطاع غزة ومصر.
  • موراغ: يفصل بين رفح وخان يونس.
  • نتساريم: يفصل بين معسكرات وسط القطاع ومدينة غزة.
  • مفلاسيم: يفصل بين مدينة غزة ومحافظات شمال القطاع.
  • ماغين عوز: يفصل بين شرق خان يونس وغربها.

أين يمتد محور ماغين عوز الجديد؟

وفقا لمراسل إذاعة الجيش الإسرائيلي، دورن كدوش، يمتد المحور الجديد بطول 15 كيلومتراً، وينطلق من محور موراج في الشمال من مدينة رفح، ثم يتوغل في أحياء خان يونس الشرقية، وتصل نهايته إلى نقطة كيسوفيم، شرق بلدة القرارة شمالي محافظة خان يونس.

بحسب المعطيات الميدانية، فقد أنشئ المحور على أنقاض أحياء سكنية مدمرة وأراضٍ زراعية جرى تجريفها خلال الاجتياحات المتكررة، والتي لا تزال مستمرة.

وتلك البلدات هي عبسان الكبيرة، عبسان الجديدة، بني سهيلا، خزاعة، القرارة، الفخاري وجورة اللوت.

محور ماغين عوز في خان يونس يفصل شرق خان يونس عن غربها/ عربي بوست
محور ماغين عوز في خان يونس يفصل شرق خان يونس عن غربها/ عربي بوست

التداعيات الإنسانية للمحور الجديد

منذ تجدد العدوان الإسرائيلي على القطاع في الـ18 من أذار/ مارس الماضي، شهدت محافظة خان يونس موجات نزوح ضخمة، لاسيما في المناطق الشرقية منها، حيث نزحت آلاف العائلات إلى منطقة المواصي، وهي المنطقة الإنسانية التي أعلن عنها جيش الاحتلال الإسرائيلي، التي لا يزيد عمقها عن 2 كيلومتر وتضم أكثر من مليون ومئتي ألف من أهالي محافظتي خان يونس ورفح.

من شأن المحور الجديد أن يعزل آلاف العائلات عن مناطق تواجدها، ما يعوق عودة هذه العائلات إلى منازلها في ظل استمرار السيطرة الإسرائيلية على المحور الجديد، بحسب ما عبر عنه أهالي لـ"عربي بوست" من خان يونس.

فضلا عن ذلك، فإن المحور من شأنه أن يمنع حركة مرور الإغاثة والمساعدات، ويعرقل وصول المؤسسات الإنسانية والطبية إلى مناطق واسعة، ما يهدد بحدوث كارثة إنسانية صامتة في شرق خان يونس، لا سيما في بلدات مثل خزاعة وبني سهيلا، التي كانت منذ شهور ساحة للقتال العنيف والدمار الشامل، وذلك بحسب المخاوف التي أثارها الأهالي هناك.

أحمد أبو طير (42 عاماً) من سكان بلدة عبسان قال لـ"عربي بوست": "منذ 5 أسابيع أعيش في خيمة في منطقة المواصي، وكنت بين الفينة والأخرى أحاول الوصول إلى بيتي للاطمئنان عليه، حيث نزحت على عجل دون أن أتمكن من نقل كامل أغراضي، ولكن الآن تبدو العودة مستحيلة، خصوصاً بعد أن تمركز الجيش في المحور الجديد، ودشن أبراجاً عسكرية ومراقبة، تمنع الأفراد من الاقتراب منه حتى مسافة 2 كيلومتر".

قام الاحتلال بتدمير ممنهج لخان يونس لا سيما شرقيها/ الأناضول
قام الاحتلال بتدمير ممنهج لخان يونس لا سيما شرقيها/ الأناضول

خريطة جديدة بغطاء أمني

زعمت أوساط عسكرية إسرائيلية مختلفة أن الهدف من إنشاء المحور الجديد أن يكون ممراً آمناً لنقل الجنود والآليات من قواعد الجيش إلى المواقع التي يسيطر عليها داخل محافظة خان يونس.

ولكن خلف هذا التبرير الأمني أثارت مخاوف فلسطينية من هدف أكبر، يتمثل في فرض واقع جغرافي جديد بالقوة، بما يسمح بتعزيز السيطرة الإسرائيلية على القطاع، ويوسع أدواته للضغط في أي مفاوضات قادمة.

ذلك ما أكده الخبير العسكري من غزة رامي أبو زبيدة، الذي قال لـ"عربي بوست"، إن "هذا المحور يعتبر تحولاً نوعياً في الأسلوب العسكري الإسرائيلي للسيطرة والتحكم داخل قطاع غزة، وهو يجسد رؤية جديدة للانتشار الميداني، الغرض منها إنشاء حاجز ميداني يعزل المقاومة في غرب خان يونس ويمنع تواصلها مع المناطق الشرقية، التي تعدّ بمثابة حاضنة وعمق استراتيجي لها".

وأشار إلى أن الضربات النوعية التي نجحت المقاومة بتوجيهها مؤخراً ضد ضد القوات الإسرائيلية كانت هناك.

وأضاف: "يوفر المحور الجديد ممراً آمناً محصناً للقوات الإسرائيلية، بما يسمح لها بالمناورة والانتقال من الشرق إلى الغرب دون المرور بمناطق مأهولة أو خاضعة لسيطرة المقاومة، أي أنه يمكن النظر للمحور الجديد على أنه رد فعل ميداني عاجل على الفشل العسكري المتكرر في خان يونس".

وشدد على أن ذلك يوفر للاحتلال إيجاد ممر آمن وسريع للمناورة البرية لجيشه.

وتابع: "يمكن النظر للمحور الجديد على أن الجيش يهيئ الأرض لليوم التالي للحرب، عبر فرض خطوط تماس داخلية، بتحديد مناطق يمكن -وفق الرؤية الإسرائيلية- الاحتفاظ بها لاحقاً كمناطق عازلة وآمنة، تستخدم سواء لأهداف تفاوضية أو كمقدمة لإعادة هيكلة غزة وفق رؤية الاحتلال".

وشدد على أن محور "ماغين عوز" يُعدّ أكثر من مجرد طريق عسكري؛ بل أداة لتفكيك غزة، ولبنة جديدة في مشروع الاحتلال لفرض نظام فصل داخلي يعيد تشكيل الخارطة السكانية والسياسية للقطاع، دون إعلان رسمي.

الجوع يضرب قطاع غزة بسبب إغلاق المعابر منذ شهرين/ رويترز
الجوع يضرب قطاع غزة بسبب إغلاق المعابر منذ شهرين/ رويترز

يشار إلى أنه منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، يشن الاحتلال الإسرائيلي حرباً في غزة، خلفت أكثر من 198 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود. 

كذلك خلف الاحتلال مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال، فضلاً عن دمار واسع يقدر بنحو أكثر من 90% من مساحة قطاع غزة.

تحميل المزيد