أكبر مسطح مائي في السودان.. مخاوف بعد استهداف الدعم السريع لسد مروي، هل يؤثر انهياره على مصر؟

عربي بوست
تم النشر: 2025/01/17 الساعة 13:52 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/01/17 الساعة 13:52 بتوقيت غرينتش
استهداف سد مروي يهدد بأضرار بيئية كبيرة/ بواسطة AI

تعرّض سد مروي شمال السودان، لاستهداف طائرات مسيرة، ما أدى لانقطاع التيار الكهربائي في أجزاء واسعة من البلاد، مثيراً مخاوف متعلقة بانهياره، وتأثير ذلك على السكان، وعلى مصر، الدولة المجاورة، التي تبعد فقط 671 كيلومتراً عن السد.

يقع سد مروي على نهر النيل، ويمر بالسودان إلى مصر، وهو أقرب السدود السودانية من السد العالي في مصر، إذ إن المسافة بينهما تقدر بنحو 1000 كم.

يطلق أحياناً على سد مروي اسم "سد الحامداب"، وكانت تروّج له الحكومة السودانية عند إنشائه على أنه أكبر المشاريع الإنشائية في السودان، وأكثرها تأثيراً على الحياة الاقتصادية والبيئية والاجتماعية. 

استهداف سد مروي يهدد مصر والسودان بكوارث عدة/ عربي بوست
استهداف سد مروي يهدد مصر والسودان بكوارث عدة/ عربي بوست

بحسب تقرير صادر عن وزارة الموارد المائية والري والكهرباء السودانية، يُعد السد حجر الزاوية في تحسين استدامة الموارد المائية وتوفير الطاقة للسكان، وبات أكبر مسطح مائي في البلاد.

يقع السد على نهر النيل في ولاية نهر النيل، عند الشلال الرابع على بُعد حوالي 350 كيلومترًا شمال العاصمة الخرطوم، واكتمل إنشاؤه في عام 2009، وأصبح يُمثّل عموداً فقرياً في بنية السودان التحتية للطاقة والمياه. 

إلا أن استهدافه الأخير من قوات الدعم السريع في 13 يناير/كانون الثاني 2025، بعد خسارتها نفوذها في ولاية الجزيرة (وسط البلاد)، ألقى بظلاله على أهمية سد مروي، وحجم المخاطر المحتملة في حال تضرره أو انهياره.

أهمية سد مروي للسودان

وفقاً لتقرير صادر عن البنك الدولي، يُعد السد من أهم المشاريع التي ساهمت في رفع معدل إنتاج الكهرباء بنسبة 30%، وتحسين استدامة الموارد المائية في السودان.

تم تصميم السد لتوليد الكهرباء وتوفير المياه، وهو يساهم بشكل كبير في تلبية احتياجات السودان من الطاقة المتجددة. 

تبلغ الطاقة الإنتاجية للسد حوالي 1200 ميغاواط، ما يجعله المصدر الأكبر لتوليد الكهرباء في السودان، بحسب تقارير وزارة الكهرباء السودانية.

وأفادت بأنه يتم توزيع إنتاج السد على مختلف المناطق لتلبية احتياجات المدن الصناعية والزراعية والمناطق الحضرية بشكل متوازن. 

وتسبب تعرض سد مروي للاستهداف، إلى قطع الكهرباء عن أجزاء واسعة شملت بورتسودان وأم درمان وعطبرة.

بحسب الحكومة السودانية، فإن سد مروي إضافة إلى إنتاج الطاقة، فإنه يُسهم تعزيز قدرات السودان الزراعية من خلال توفير الري لمئات الآلاف من الأفدنة، خاصة في المناطق الشمالية. 

وأكدت أنه يمكّن الحكومة السودانية من توسيع رقعة الأراضي المزروعة، وزيادة إنتاج المحاصيل الزراعية الاستراتيجية مثل القمح والذرة. 

كما أنه يُعد عاملاً أساسياً في تقليل الفيضانات الموسمية التي كانت تُسبب دماراً واسع النطاق في الماضي.

استهداف سد مروي يؤدي إلى انقطاع الكهرباء بشكل واسع في السودان/ بواسطة AI
استهداف سد مروي يؤدي إلى انقطاع الكهرباء بشكل واسع في السودان/ بواسطة AI

تداعيات استهداف سد مروي على السودان

استهداف سد مروي من قوات الدعم السريع يُشكّل تهديداً خطيراً على البنية التحتية الحيوية في السودان، بحسب تقارير محلية ودولية، من بينها وكالة الأنباء السودانية الرسمية "سونا".

وحذّرت من تداعيات مباشرة بسبب استهداف السد، ما يثير مخاوف عدة أبرزها:

  1. انقطاع التيار الكهربائي: أي تضرر في مرافق السد أو محطاته الكهربائية يؤدي إلى فقدان السودان جزءاً كبيراً من طاقته الكهربائية، ما يُسبب أزمات في المستشفيات والمرافق العامة والمنازل، الأمر الذي حصل في 3 محافظات عند الاستهداف الأخير للسد.
  1. تهديد الأمن المائي، والفيضانات: في حال تعطلت قدرة السد على تنظيم تدفق المياه، قد تواجه المناطق الواقعة أسفل النهر خطر الفيضانات الموسمية، بينما قد تُحرم المناطق العليا من المياه اللازمة للري والشرب.
  1. أضرار بيئية: استهداف السد قد يُسبب تسرب المياه المخزنة بشكل غير منظم، ما يُؤدي إلى تلف الأراضي الزراعية وتدمير البيئة الطبيعية المحيطة بالسد.

إذ تبلغ الطاقة التخزينية لبحيرة سد مروي في السودان حوالي 12.5 مليار متر مكعب من المياه.

تداعيات انهيار السد على مصر

لقي استهداف قوات الدعم السريع لسد مروي في السودان، اهتماماً وتغطية واسعة في مصر، وسط تحذيرات من تداعيات ما حصل على الأراضي المصرية.

نظراً لموقع سد مروي الاستراتيجي على نهر النيل، فإن انهياره سيكون له تداعيات كارثية ليس فقط على السودان، بل أيضاً على مصر، بحسب دراسة صادرة عن جامعة القاهرة تشير إلى أن أي تغييرات جذرية في تدفق النيل قد تُهدد الأمن المائي لمصر وتزيد من احتمالية الفيضانات في بعض المناطق. 

1- ارتفاع منسوب المياه في بحيرة ناصر: في حال انهيار السد، ستندفع كميات هائلة من المياه نحو بحيرة ناصر في مصر،مما يُهدد السد العالي بخطر الفيضانات ويزيد من الضغط على بنيته.

2. الطمي قد يتراكم في الترع والقنوات الزراعية الممتدة من النيل، ما يعوق عمليات الري ويزيد من تكاليف الصيانة والتطهير.

3- آثار بيئية: تسرب المياه بشكل غير منظم قد يؤدي إلى تدمير النظام البيئي للنهر، وإحداث خلل في التوازن الطبيعي في المنطقة الممتدة بين السودان ومصر، لا سيما أن استخدام مياه ملوثة للطمي يمكن أن يتسبب في تفشي الأمراض.

4- تهديد للأرواح: إذا تدفقت كميات هائلة من المياه بشكل غير متحكم فيه، فقد تصل موجة الفيضانات إلى المناطق المصرية على طول نهر النيل، خاصة في مناطق جنوب أسوان، وقد تتسبب بالضغط على السد العالي، ما قد يودي بأرواح الناس.

5– فقدان الأراضي الزراعية: الفيضانات قد تؤدي إلى تدمير مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، ما يؤثر على الأمن الغذائي للسكان ويعرض الأرواح للخطر نتيجة المجاعات أو النزوح.

أضرار بيئية خطيرة عند انهيار السدود/ بواسطة AI
أضرار بيئية خطيرة عند انهيار السدود/ بواسطة AI

معلومات أساسية عن السد

  • التكلفة: بلغت تكلفة بناء السد حوالي ملياري دولار أمريكي، وتم تمويل المشروع من قِبَل جهات دولية وعربية، بينها الإمارات.

إذ ساهمت الإمارات العربية عبر صندوق أبوظبي للتنمية، في تمويل مشروع سد مروي في السودان بمبلغ 367 مليون دولار أمريكي (1.35 مليار درهم إماراتي).

ويُعد هذا التمويل من بين أكبر المساهمات في المشروع، الذي بلغت تكلفته الإجمالية حوالي 1.95 مليار دولار.

  • عدد التوربينات: يتضمن السد 10 توربينات، كل واحدة منها تولد 120 ميغاواط.

وسد مروي هو أكبر سد في السودان من حيث حجم التخزين والطاقة الإنتاجية.

يبلغ طوله حوالي 9 كيلومترات وارتفاعه حوالي 60 متراً، ويُعد أكبر مسطح مائي في السودان بسعة تخزينية تصل إلى 12 مليار متر مكعب من المياه. 

يتكون المشروع من جسم السد الرئيسي، ومحطتين لتوليد الكهرباء، و4 ممرات لتصريف المياه.

تنتج محطات توليد الكهرباء التابعة للسد طاقة تُغذي معظم الشبكة الكهربائية الوطنية في السودان.

ويُوزَّع إنتاج الطاقة على المناطق الحضرية والصناعية والزراعية، مما ساعد في تحسين جودة الحياة للسكان وتوفير احتياجات المصانع والمرافق العامة.

الجدل الداخلي حول سد مروي

لطالما أثار سد مروي جدلاً داخل السودان، منذ البدء بإنشائه، إذ إنه قام على أراضي مواطنين، كان مصيرهم التهجير، والغرق لمن لم يقبل الهجرة.

انتهى الأمر بنحو 50 ألفاً من أهالي المنطقة التي قام عليها السد في الولاية الشمالية، بإعادة توطينهم في مناطق صحراوية.

ومن لم يغرق أو يهاجر، مات بسبب العقارب والثعابين التي تكاثرت نتيجة تراكم الطمي. إذ غرق 23 تلميذاً من منطقة المناصير بالفعل عام 2018.

كما أن الحكومة السودانية حينها، كانت ترد بالقوة والعنف على  المعترضين على سياساتها المتعلقة بسد مروي، فقد هاجمت قواتها المسلحة المعترضين عام 2006، ما أدى إلى قتل ما لا يقل عن 3 مواطنين وجرح ما لا يقل عن 40. 

وقد تخلت الحكومة السودانية عن 70% من متأثري سد مروي ولم تنفذ تعهدها بتعويضهم.

وتقدّمت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بشكوى ضد الحكومة السودانية إلى اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان عام 2013، بالنيابة عن الدكتور علي عسكوري، الذي كان نائب رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان في المملكة المتحدة وأيرلندا، قبل تقديم استقالته عام 2019 وعبدالحكيم نصر كممثلين للأهالي المتضررين.

طالبت الشكوى اللجنة الإفريقية بالاعتراف بانتهاك السودان لمواد من الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، بعد ما حصل للأهالي من تهجير قسري وعدم تقديم تعويضات مناسبة واستخدام للقوة واعتقال للمعارضين. 

وقررت اللجنة الإفريقية أن تحجز الشكوى المقدمة أي أنها قبلت النظر في القضية.

ويصف الدكتور علي عسكوري لموقع دويتشه فيله العربية مشروع سد مروي بـ"الكارثة"، بحيث يقول: "لقد ضاعت المزارع والمحاصيل الزراعية، كما فقد السكان حيواناتهم ومنازلهم". ويلفت إلى أن السد تسبب في إغراق قرى بأسرها وفي فصل وتشتيت عائلات، لأن بعضها يريد الرحيل والبعض الآخر يفضل البقاء.

وعاشت عائلة عسكوري نفسها هذا المصير، ذلك أن جزءاً من العائلة ظل في نفس المنطقة، حيث انتقل للعيش في أراضي أخرى لم تغرق. فيما اضطر الجزء الآخر إلى الرحيل إلى مناطق غير خصبة، حصلوا عليها كتعويض عن أراضيهم التي فقدوها بسبب مشروع سد مروي.

وسبق أن أثيرت انتقادات في الصحف المحلية السودانية، بما يتعلق بموقع السد، إذ إنه أقيم شمال البلاد بالقرب من مصر، رغم أن منبع النيل يزداد شدة جنوباً، بالقرب من دولة المنبع إثيوبيا، ما دفع بمختصين وكتاب إلى القول إن إقامة السد تصب في صالح مصر.

تم إعداد هذه المادة بمساعدة أدوات الذكاء الاصطناعي، وقد قام محررو “عربي بوست” بمراجعة محتواها والتأكد من دقة المعلومات الواردة فيها لضمان تقديمها بما يتماشى مع معايير الصحافة الإلكترونية.

تحميل المزيد