يستعد الاحتلال الإسرائيلي للمرحلة المقبلة من الحرب على غزة، في ظل انسداد أفق إمكانية التوصل لصفقة "تبادل الأسرى" ووقف لإطلاق النار، وتشمل تلك الاستعدادات التحضير للاستيطان وضم شمال القطاع، بحسب ما ذكرته وسائل إعلام إسرائيلية.
والسبت الماضي، قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت "، إن الجيش الإسرائيلي سينتقل إلى ما يسمى "المرحلة الرابعة" بغزة، كاشفة عن خطة إسرائيلية لمحاولة تهجير سكان شمال القطاع.
وبحسب الصحيفة فإنه في المرحلة الرابعة، سيعمل الجيش الإسرائيلي فوق الأرض بناء على معلومات استخباراتية، مستغلاً تواجده في محوري فيلادلفيا ونتساريم للانطلاق منهما.
كما أشارت إلى "خطة الجنرالات"، حيث اعتمد منتدى الجنرالات والمحاربين الإسرائيليين وثيقة، كتبها اللواء غيؤرا آيلاند الرئيس السابق لقسم العمليات في الجيش الإسرائيلي، توصي بتهجير الفلسطينيين من شمال القطاع، ثم محاصرته، وقد تم عرضها إلى المجلس الوزاري المصغر "الكابينت" كأحد خيارات التعامل مع غزة خلال الفترة المقبلة.
بحسب الخطة، فإنه سيتم تهجير السكان من شمال القطاع إلى وسطه وجنوبه، من خلال الطريق الساحلي، مع وضع نقاط تفتيش لمنع انتقال المسلحين.
وخلال إنذار لمدة أسبوع من الجيش الإسرائيلي، سيتم منع إدخال أي مواد غذائية أو وقود وغيرها من ضروريات الحياة في شمال القطاع، مع الطلب من السكان الانتقال إلى جنوبي القطاع، وبالتالي بقاء المسلحين فقط فيه.
المخطط يهدف لضم شمال القطاع
لكن ما كشفته صحيفة "هآرتس"، الثلاثاء 10 سبتمبر/أيلول 2024، أن التوجه الإسرائيلي لا ينحصر فقط في القيام بهجمات أكثر عدوانية على شمال القطاع بعد إخلائه، حيث سيتم إعداد المنطقة تدريجياً للاستيطان اليهودي وضمها لإسرائيل، اعتماداً على حدة المعارضة الدولية التي ستنشأ بعد مثل هذه الخطوات.
وترى الصحيفة أن الدخول إلى المرحلة الجديدة من الحرب لم يبدأ بعملية برية متعددة الفرق أو بغارات مفاجئة، بل بإعلان بيروقراطي صدر في 28 أغسطس/أب يتضمن تعيين العميد إيلاد غورين رئيساً للتحكم في المساعدات الإنسانية المدنية بقطاع غزة، وذلك ضمن وحدة تنسيق العمليات الحكومية في المناطق.
وسيبقى هذا اللقب الطويل الذي سيحمله غورين سيبقى حتى يتم ابتكار اختصار له من قبل الجيش الإسرائيلي، يعادل رئيس الإدارة المدنية في الضفة الغربية، مضيفاً "عملياً يجب أن يطلق عليه حاكم غزة"، تجسيداً لذات المنصب الذي حمله اللواء موشيه غورين، الذي تولى هذا المنصب خلال احتلال قطاع غزة في حرب الأيام الستة عام 1967.
إنهاء تواجد الأونروا
أما في الخطوة التالية بحسب الصحيفة، فقد أصدر نتنياهو تعليماته للجيش بالاستعداد لتوزيع المساعدات الإنسانية في غزة بدلاً من المنظمات الدولية.
لكن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، أبدى تحفظه لذلك، محذراً من أن ذلك سيشكل خطراً على الجنود مع تكاليف باهظة، لكن نتنياهو لم يقتنع ويتمسك بموقفه.
إلا أن السيطرة على دخول المساعدات ستتيح لإسرائيل فرصة إنهاء تواجد وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" في غزة، والتي يعتبرها اليمين الإسرائيلي مشروعاً مناهضا للصهيونية.
إطباق الحصار على جنوبي القطاع
أما على الجانب الآخر من محور نتساريم، فإنه بحسب تحليل الصحيفة، ستواصل حركة حماس سيطرتها على المنطقة الواقعة بينه وبين محور فيلادلفيا على الحدود مع مصر، لكن ذلك سيواكبه تطويق وحصار إسرائيلي، مع إصرار نتنياهو إبقاء "فيلادلفيا" تحت السيطرة الإسرائيلية.
بحسب التحليل، فإن تجاهل نتنياهو لمسألة الأسرى الإسرائيليين في غزة، وتركهم للتعذيب والموت في أنفاق حماس، واللامبالاة لموقف غالبية الجمهور الإسرائيلي، يهدف إلى قلب الأمور رأساً على عقب على رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار، على حد زعمه.
حيث يعتقد نتنياهو، أنه بدلاً من أن يكون المحتجزون ثروة للحصول على مقابل ثمين من إسرائيل، فإنهم سيصبحون عبئاً على الفلسطينيين، ومبررا لإسرائيل لاستمرار الحرب والحصار والاحتلال، وهكذا تدخل إسرائيل للمرحلة التالية من حربها.
"مدينة غزة الجديدة"
في 28 يناير/كانون الثاني 2024، عقد في القدس مؤتمراً شارك فيه وزراء من اليمين المتطرف، للمطالبة بإعادة بناء المستوطنات في غزة.
حيث خصص المنظمون أكشاكاً لإطلاع الحضور على خططهم للاستيطان في غزة، وعرضوا عليهم صوراً وخرائط تظهر الشكل الذي "ينبغي أن تكون عليه غزة مننظرهم بعد الحرب".
كما نشر متطرفون إسرائيليون نسخاً من طلبات إلكترونية بين الإسرائيليين، تهدف إلى جمع قوائم بأسماء "الراغبين في الانتقال إلى مستوطنات غزة المتخيلة بعد الحرب".
ويُسمي الطلب القطاع بـ"مدينة غزة الجديدة"، ويقول إنه "سيجري بناء المدينة بهدف أن تكون المدينة المركزية في غرب صحراء النقب"، ويُشير إلى أن "المئات سجلوا أسماءهم من أُسر وشباب"، وتدعو مقدمة الطلب الإسرائيليين لـ"صناعة التاريخ" بحسب تعبيرها.