دعا رئيس حركة حماس في الخارج، خالد مشعل، الأربعاء، 28 أغسطس/آب 2024، إلى العودة للعمليات الاستشهادية بالضفة الغربية، وعودة الحراك الطلابي، وخروج الشعوب العربية إلى الميادين العامة والشوارع نصرة لغزة، وإلى الاعتصامات المفتوحة حتى وقف الإبادة الجماعية في القطاع.
جاء ذلك في كلمة له خلال مؤتمر لمؤسسة القدس الدولية، أقامته في مدينة إسطنبول التركية، بعنوان "عين على الأقصى" في الذكرى الـ55 لإحراق المسجد الأقصى المبارك، مقدمة تقريرها السنوي الـ 18 لما يتعرض له المسجد في القدس المحتلة من تصعيد خطير من الاحتلال الإسرائيلي، بالتزامن مع العدوان المتواصل على قطاع غزة.
عودة العمليات الاستشهادية
ودعا مشعل خلال كلمته المباشرة عبر الفيديو، إلى عودة العمليات الاستشهادية، "لأن ما يقوم به الاحتلال لا يصلح معه إلا الصراع المفتوح"، مؤكداً أن "عمليات المقاومة في الضفة متصاعدة رغم قسوة الظروف".
أشار كذلك إلى أن "الاحتلال يحصار مدن الضفة، ويقطع الكهرباء والماء، ويحاصر المستشفيات، وحكومته تدعو إلى تهجير أهل الضفة، كما سعوا إلى تهجير أهل غزة، لذلك فإن هذه حرب كبرى مفتوحة علينا كل يوم".
عن عملية الاحتلال التي أعلنها في شمال الضفة، قال مشعل إن "العدو أطلق حملة كبرى على كل الضفة، خاصة في شمالها، في جنين، وطولكرم، وطوباس، وبقية مدن الضفة، هي الأكبر منذ عام 2002، لذلك ما يحصل هو حرب مفتوحة لا ينفع معها سوى عودة العمليات الاستشهادية والصراع المفتوح".
وقال القيادي في حماس، إن "المطلوب إضافة للخيار العسكري، انخراط الأمة فيه، وعودة الشارع العربي والإسلامي والإنساني لحالة الغضب بملايينه الهادرة انتصاراً لغزة".
وأكد أنه "لا يكفي أن نفخر بالمقاومة، وأن نرى الفيديوهات على شاشات التلفزة ونقول: ما شاء الله، ما هذه العظمة، لكن ذلك لا يكفي، فلا تتركوا غزة وحدها، نحن ندعو إلى عودة كافة الشعوب إلى الميادين نصرة لغزة".
دعا مشعل كذلك إلى عودة "تفاعل الشارع العربي والإسلامي شرقاً وغرباً، وأحرار العالم، إذن ذلك تراجع في الأشهر الأخيرة، فندعو إلى أن نعيد للشارع حركته، لنفعل شيئًا جديدًا، فاعتصموا في الميادين، وقولوا للعالم: لا نخرج من هذه الميادين ولا نفك اعتصاماتنا، إلا بعد أن يقف العدوان على غزة وعلى القدس والضفة".
"عين على الأقصى" وهو عنوان المؤتمر، علق عليه مشعل بالقول إن "الحديث عن الأقصى له معنى كبير، كيف لا والطوفان قد اتخذ الأقصى اسماً وعنواناً ورمزاً وروحاً، وما زال المفجّر لانتفاضاتنا وثوراتنا، والملهم لمقاومتنا وتضحياتنا، وكما أنه كان وما زال الرمز وعنوان الصراع".
"أمريكا شريكة بالعدوان وليست وسيطاً"
هاجم القيادي في حماس، الدور الأمريكي منذ بداية العدوان في غزة، وقال إن "العالم استيقظ في لاهاي، وبدأ يقر بحجم الجريمة الصهيونية، لكن الظلم العالمي الذي تقوده أمريكا، الشريك في العدوان، وليست الوسيط، يحول دون معاقبة هذا الكيان".
وقال مشعل إن "أمريكا تدعو لوقف إطلاق النار لحساباتها في عدم التورط في حرب إقليمية، ولحساباتها الانتخابية في موسم الانتخابات الأمريكية، ولكنها تمد هذا العدو بكل أسلحة الدمار".
انتقد كذلك أن "أمريكا تخلت عن ورقة 2 يوليو/تموز 2024 (ورقة بايدن)، ثم تضع اللوم على حماس، وهي تعلم أن الذي عطل الاتفاق هو الطرف الصهيوني ونتنياهو صاحب الأجندة الشخصية، إضافة إلى الأجندة الصهيونية التي تدعمها أمريكا وبعض دول الغرب للأسف".
نعي هنية، وترحيب باختيار السنوار
على صعيد آخر، نعى مشعل رئيس الحركة السابق الراحل إسماعيل هنية، والذي قال عنه إنه جاب العالم انتصاراً لهذه القضية، وأنه ما ترك مكاناً ولا ميداناً إلا حضر فيه بروحه العالية، وبعقله المتقد، بإيمانه العميق، وبسماحته وأخلاقه، وبقدرته على تجسيد الحق الفلسطيني".
ورحّب باختيار "الأخ الحبيب أبو إبراهيم القائد يحيى السنوار الذي سيكمل المسيرة، وهو الذي تضع الحركة ثقتها فيه قائداً جديداً، تلاحقه إسرائيل وأمريكا وبريطانيا بكل قدراتهم التجسسية".
ولفت أخيراً إلى أن "هناك من شاركنا في المعركة مشكوراً، في لبنان واليمن وأماكن أخرى، فشكراً لهم ولما قدموه ولتضحياتهم وشهدائهم".
انحدار التفاعل العربي والإسلامي
في كلمة أخرى، عبّر حميد الأحمر، رئيس مجلس إدارة مؤسسة القدس الدولية، ورئيس رابطة "برلمانيون لأجل القدس"، عن الإحباط من "انحدار التفاعل العربي والإسلامي مع شؤون المسجد الأقصى، وآلام غزة، إلى مستويات صادمة".
وأشار الأحمر إلى أن هذا الانحدار في التفاعل مع القضية الفلسطينية، يأتي في وقت "يعيش فيه المسجد الأقصى واحدة من أخطرِ مراحلِه التاريخية".
وأضاف أن ما يحصل من "محاولة لشطب الوجود الفلسطيني، وإزالة المسجد الأقصى، وبناء المعبد اليهودي المزعوم، وتهويد القدس، كل ذلك يستدعي التحرك العربي والإسلامي، وعدم الصمت".
وأكد القول: "نحن في لحظة تاريخية حاسمة، فإما أن يضيع الأقصى، أو يبقى منارة للصفاء والنقاء والحرية، وإما أن تباد غزة على وقع الصمت والتخاذل، وإما ننجح في كسر الطوق عنها، وإسنادها بكل ما يمكن لتنتصر على الاحتلال".
الأمر ذاته أكده المدير العام لمؤسسة القدس الدولية ياسين حمود، في كلمته، التي شدد فيها على أن "التفاعل الشعبي الضعيف أظهر حجم المأزق الذي تغرق فيه شرائح عريضة من نخب أمتنا، وأحزابها وقواها المختلفة، ووسائلها الإعلامية، ومؤسساتها الدينية، وعلمائها، ومسؤوليها السياسيين، وفنانيها، وأدبائها، وروابطها، واتحاداتها".
وشارك رئيس لجنة الصداقة التركية الفلسطينية في البرلمان التركي، النائب حسن توران، في المؤتمر عن بعد من خلال الفيديو، وقال في كلمته إن "الطوفان أعاد فلسطين والمسجد الأقصى المبارك إلى أخذ مكانة متصدرة على رأس قائمة أجندة السياسات العالمية".
وأشاد بالمقاومة الفلسطينية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، مشيراً إلى ضرورة المقاومة لمجابهة الاحتلال الإسرائيلي المدعوم أمريكياً وغربياً.
وأشار إلى أن "النضال الذي يظهره المجاهدون سوف يسهم في توحيد الموقف الإسلامي من القضية الفلسطينية".
واستعرض المؤتمر تقرير مؤسسة القدس الدولية، عن مسار الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة في المسجد الأقصى، بدفع من المنظمات اليهودية المتطرفة، بالإضافة إلى تشديد وجود قوات الاحتلال داخل المسجد وتعزيز الرقابة عليه".
وأكد أهمية دور المقاومة الفلسطينية في ترسيخ المسجد الأقصى "كعنوان غير قابل للشطب" في معركة طوفان الأقصى التي أطلقتها المقاومة في غزة.
وتضمن المؤتمر، فقرة تحت عنوان "وفاء للشهيد القائد إسماعيل هنية"، الذي اغتاله الاحتلال الإسرائيلي نهاية شهر يوليو/تموز 2024، في العاصمة الإيرانية طهران.
يشار إلى أن المؤتمر يتزامن مع الذكرى السنوية 55 لحادثة إحراق المسجد الأقصى المبارك في مدينة القدس المحتلة في 21 آب/ أغسطس عام 1969.
وتشهد القدس والضفة الغربية تصعيداً كبيراً منذ بدء العدوان في غزة الذي راح ضحيته حتى الآن أكثر من 134 ألف شهيد وجريح في القطاع، معظمهم من الأطفال والنساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، ودمار هائل في البنية التحتية ومجاعة.