أعاد التوتر وتراشق النيران بين إيران وإسرائيل الضوء على نظام الدفاع الجوي الإيراني أرض-جو المعروف باسم "بافار-373" والذي يمكن أن يمثل سلاحاً محورياً في أي مواجهة بين الدولتين.
وكان ينظر دوماً إلى الدفاع الجوي الإيراني أنه من الأضعف في الشرق الأوسط، ولكن اليوم تزعم طهران أن قدرات نظامها المحلي الصنع "بافار-373" يمكن مقارنتها بأنظمة إس-400 الروسية وأنظمة باتريوت الأمريكية وكذلك النظام الأمريكي الشهير (ثاد) المخصص للدفاع ضد الصواريخ عالية الارتفاع، حسبما ورد في تقرير لموقع Defence Security Asia.
وخلال عرض أقيم مؤخراً لإحياء ذكرى يوم الجيش، عرضت إيران نظام الدفاع الجوي بعيد المدى، "بافار-373″، وقالت إنه قادر على اعتراض الأهداف الجوية على مسافة تصل إلى 300-400 كيلومتر.
قصة بناء نظام الدفاع الجوي الإيراني "بافار-373"
تعاقدت إيران على نظام إس 300 المضاد للطائرات والصواريخ في عام 2007 لكنها مُنعت من تسلمه بسبب عقوبات الأمم المتحدة عام 2010، وشكل هذا مشكلة للبلاد التي كانت تخشى تعرض المواقع العسكرية والنووية الحساسة لضربة عسكرية إسرائيلية أو أمريكية.
وبعد الحظر الروسي على تصدير نظام S-300، قررت إيران تطوير نظام مماثل لنظام إس 300 الروسي محلياً.
النموذج الأولي لنظام الدفاع الجوي الإيراني "بافار-373″" بُنِي في 22 نوفمبر/تشرين 2011. وأعلنت إيران أن النظام تم تصميمه وبناؤه من قبل وزارة الدفاع والصناعات المحلية وبعض الجامعات الإيرانية. وقال مسؤولون إيرانيون في ذلك الوقت إن طهران لم تعد تفكر في نظام S-300 بعد الآن لأن نظام Bavar-373 كان أكثر قدرة بكثير، ولكن طهران اشترت بالفعل نظام إس 300 بعد رفع الحظر الروسي في عام 2015 إثر إبرام الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا صفقة مع طهران بشأن برنامجها النووي فيما عرف باسم خطة العمل الشاملة.
في 21 أغسطس/آب 2016، كشفت إيران عن مكونات نظام بافار-373. وعلقت مجلة Janes International، آنذاك: "من الواضح أن نظام الدفاع الجوي الإيراني "بافار-373″ الذي تم عرضه هو نظام فريد يبدو أنه يعكس استثماراً مكثفاً في قدرته على تطوير رادارات المصفوفة المرحلية".
وتشير التقديرات إلى أنه يقوم على نظام إطلاق ساخن، على عكس الإطلاق البارد المستخدم في نظام مثل S-300.
في 21 أغسطس/آب 2019، قامت إيران رسمياً بإدخال نظام نظام الدفاع الجوي الإيراني "بافار-373" إلى الخدمة. وفي حديثهم في حفل اليوم الوطني لصناعة الدفاع، ذكر المسؤولون الإيرانيون أن نظام الأسلحة يمكنه تتبع ما يصل إلى 60 هدفاً، ويمتلك مدى اشتباك أقصى يبلغ 250 كيلومتراً.
ومنذ ذلك عرضه للجمهور في عام 2019، تم تحسين نظام الدفاع الجوي الإيراني "بافار-373" لمواجهة التهديدات التي تشكّلها الطائرات المقاتلة الشبح من الجيل الخامس، حسب المصادر الإيرانية.
وتم استخدام نظام بافار 373 لأول مرة في مناورة دفاع جوي مشتركة للجيش الإيراني والحرس الثوري الإسلامي في أكتوبر/تشرين الأول 2020. ونجحت في تدمير أهداف بعيدة خلال التمرين، الذي أطلق عليه اسم "حراس الولاية سكاي-99″، حسبما نقل عن المصادر الإيرانية.
وتم الكشف عن نسخة مطورة منه في عام 2022. ووصفتها إيران بأنها منافس لمنظومة إس-400، وقالت إن النسخة الجديدة قادرة على إسقاط طائرات مقاتلة من الجيل الخامس.
في أبريل/نيسان 2022، ظهرت تقارير زعمت أن إيران نقلت نظام بافار-373 إلى روسيا لاستخدامه في الغزو الروسي لأوكرانيا، نفى وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان مزاعم نقل الأسلحة إلى روسيا في اتصال مع وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا.
التصميم والقدرات المحتملة
هناك خلاف حول مدى الشبه بين نظام الدفاع الجوي الإيراني "بافار-373" ونظام S-300PMU-2، الروسي، ولكن بالتأكيد أن هناك أوجه شبه بينهما.
وبحسب مصادر إيرانية، فإن "بافار-373" مصمم لرصد وتدمير الطائرات المقاتلة المتطورة والصواريخ كروز والباليستية والطائرات بدون طيار من مسافات طويلة وعلى ارتفاعات عالية.
وتقول إيران إنه يمكن لراداري الاستحواذ والاشتباك المجهزين في النظام الصاروخي أن يتحملا الحرب الإلكترونية والقنابل الكهرومغناطيسية. ويمكن للرادارات أيضاً اكتشاف الصواريخ المضادة للإشعاع (ARM) المستخدمة للتصدي لأنظمة الدفاع الجوي.
تشمل العناصر الرئيسية لنظام "Bavar-373" مركبات تحمل القاذفات، ومركبة "Meraj-4" المجهزة برادار نشط عالي الطاقة من نوع المسح الإلكتروني (AESA)، والعديد من أنظمة الاستشعار والاستشعار الأخرى.
ويستخدم النظام صواريخ "صياد بي 4″ الموجهة بعيدة المدى.
وصاروخ "الصياد B4" هو صاروخ اعتراضي ذو مرحلتين يستخدم الوقود الصلب، ويتميز بباحث محسّن وأنظمة تتبع وتحكم مطورة ورأس حربي حديث.
ويشبه صاروخ "صياد 4" الاعتراضي بصرياً الصاروخ الروسي 48N6E2 الموجود بنظام S-300. ويبلغ المدى الأقصى للصاروخ 48N6E2 حوالي 120 ميلاً، وتدعي روسيا أن لديه بعض القدرة على التعامل مع الصواريخ الباليستية التكتيكية، حسبما ورد في موقع The War Zone الأمريكي.
ويقول الموقع الأمريكي في تقرير عن نظام الدفاع الجوي الإيراني "بافار-373" قبل بضع سنوات إنه استناداً إلى ما هو معروف علناً عن نظام S-300 الروسي والمعلومات المتوفرة حول نظام Bavar 373، فمن المرجح أن يتمتع النظام الأخير بقدرة محدودة فقط ضد الصواريخ الباليستية قصيرة المدى في المرحلة النهائية من طيرانها. هناك أيضاً تساؤل حول ما إذا كانت رادارات نظام الدفاع الجوي الإيراني "بافار-373" قادرة على اكتشاف وتتبع تلك التهديدات الواردة بشكل مناسب وتوجيه الصواريخ الاعتراضية لضربها أم لا.
ولكن عندما أسقطت إيران في صيف 2019 مسيرة أمريكية اعترف خبراء غربيون بأن القدرات الدفاعية الجوية الإيرانية يجب أن تؤخذ بجدية.
إيران تدعي أنه قادر على اكتشاف الطائرات الشبحية
ويدعي الجيش الإيراني أن نظام "بافار-373" بعد تطويره يمكنه أيضاً اكتشاف وتتبع مقاتلات الشبح من الجيل الخامس التابعة للقوات الجوية الإسرائيلية من طراز F-35I المعروفة لدى جيش الاحتلال باسم "أدير".
بل تزعم طهران أن رادار نظام "بافار-373" نجح في رصد طائرات شبح مثل طائرة "إف-35" الإسرائيلية، وطائرة "إف-22" الأمريكية خارج حدود إيران.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2022، صرح الجيش الإيراني أن "بافار-373″، المجهز برادار X-Band، نجح في اكتشاف أهداف من مسافة تصل إلى 450 كيلومتراً.
وقبل هذه التحسينات، كان "بافار-373" قادراً على اكتشاف الأهداف على مسافة تصل إلى 350 كيلومتراً فقط.
كما تمت زيادة القدرة القصوى للارتفاع للصواريخ الموجهة للنظام من 27 كيلومتراً إلى 32 كيلومتراً.
هل يضاهي نظام إس 400 الروسي وباتريوت وثاد الأمريكيين؟
من الصعب معرفة قدرات نظام "بافار-373" عملياً لأنه لم يختبر بعد، حيث لم ترسله طهران لسوريا على الأرجح، ويميل المسؤولون الإيرانيون للمبالغة الشديدة في قدرات أسلحتهم المحلية الصنع، كما أنه من الصعب تصور أن نظاماً بدأ العمل عليه في عام 2011 من دولة من العالم الثالث يمكن أن ينافس نظام إس 400 الروسي الشهير أو نظامي ثاد وباتريوت الأمريكيين ودون مساعدة خارجية (لأنه ليس هناك تقارير عن دور صيني أو روسي في دعم نظام الدفاع الجوي الإيراني "بافار-373").
ولكن في الوقت ذاته، لا يجب الاستهانة بالأسلحة الإيرانية، فكما ظهر من الصراعات في الشرق الأوسط، وأخيراً أوكرانيا، فإن الأسلحة الإيرانية قد لا تكون خارقة كما يدعي مصنعوها، ولكنها يمكن أن تكون مؤثرة، حتى إن ثاني أقوى قوة عسكرية في العالم وهي روسيا لجأت لاستيرادها.
وكما حدث في الطائرات المسيرة والصواريخ، يميل الإيرانيون لتقليد الأسلحة الروسية والأمريكية، بانظمة قد تكون ساذجة في البداية ولكن سرعان ما يحققون تطوراً بطيئاً ولكن تدريجياً مع اعتماد محدود على المعونة الأجنبية.
ولكن أكبر ميزة في الأسلحة الإيرانية هي تكلفتها الرخيصة؛ وهو ما يعطيها ميزة الكم، وقد ينطبق هذا على نظام "بافار-373″، فرغم أنه على الأغلب لا يضاهي الأنظمة الأمريكية والروسية، ولكنه نظام محلي الصنع أرخص من البدائل المستوردة، وبالتالي فإنه قابل للإنتاج بكميات كبيرة وقابل للتطوير في الوقت ذاته.
كما أن الإيرانيين معروفون بقدرتهم على فهم نقاط قصورهم عكس ما يظهر من خطبهم العصماء والاستفادة من ميزات البلاد الجغرافية.
ولذا قد لا يكون نظام "بافار-373" بنفس قوة الادعاءات الإيرانية، ولكنه يمكن توظيف أعداد كبيرة منه مع نظام إس 300 الروسي وطبيعة البلاد الجبلية لحماية أهداف البلاد الحيوية، خاصة أنه يعتقد أن معظم الأهداف النووية والعسكرية المهمة محصنة جيداً.
قد لا يمثل نظام "بافار-373" انقلاباً في التوازن الجوي المختل بين أمريكا وإسرائيل مقابل إيران، ولكنه مع وجود نظام إس 300 وعوامل أخرى، قد لا تصبح أي غارة بمثابة نزهة بلا خسائر في سماء إيران، كما يتمنى الإسرائيليون والأهم أنه قد يكون بداية لمزيد من التطور في هذا المجال.