رصد "عربي بوست" تحليق طائرتين عسكريتين إسرائيليتين فوق الأجواء الأردنية، وصولاً إلى المنطقتين الحدوديتين للأردن مع العراق والسعودية، وذلك بالتزامن مع الحديث عن وقوع هجوم على مدينة أصفهان الإيرانية، الجمعة 19 أبريل/نيسان 2024، وهو هجوم قال مسؤولون إسرائيليون لصحف أمريكية، إن الجيش الإسرائيلي هو من نفذه.
وهاتان الطائرتان العسكريتان الإسرائيليتان سبق أن دخلتا الأجواء الأردنية مرات عدة، وبدأ تحليقهما فوق سماء المملكة منذ بدء الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
طائرتان عسكريتان إسرائيليتان في أجواء الأردن
وأظهرت بيانات من مواقع تتبع الطائرات أن طائرتين عسكريتين إسرائيلتين حلقتا على نحو مكثف فوق سماء الأردن وسوريا، في نفس الوقت الذي وردت فيه التقارير عن وقوع هجوم على إيران.
الطائرة الأولى التي رصدها "عربي بوست"، طائرة عسكرية إسرائيلية تحمل الرمز التعريفي "Hex:738A43″، وهي من طراز BOEING 707-300 أو ما تعرف بالطائرات من طراز (B703) والتي تم تخصيصها لأغراض عسكرية، وهي واحدة من بين عدة طائرات يمتلكها جيش الاحتلال من نفس الطراز.
بدأ ظهور الطائرة على موقع تتبع حركة الطائرات (Adsbeexchange)، في الساعة 1:06 بتوقيت غرينتش من اليوم الجمعة 19 أبريل/نيسان 2024، وبدأت التحليق في البداية وبكثافة فوق الأراضي المحتلة ومقابل ساحل غزة، قبل أن تتوجه إلى الأجواء الأردنية.
دخلت الطائرة الإسرائيلية أجواء الأردن مرات عدة وفي أوقات مختلفة، وتظهر بيانات تحليق الطائرة أنها دخلت الأراضي السورية ومنها دخلت إلى الأردن عبر الحدود الشمالية للمملكة، وذلك في الساعة 2:50، لتدخل الأراضي المحتلة ثم تعود وتدخل إلى الأجواء الأردنية في الساعة 3:30 بتوقيت غرينتش.
وحلقت الطائرة الإسرائيلية فوق العاصمة عمّان، وفي الساعة 3:41 بتوقيت غرينتش كانت الطائرة قد وصلت إلى الحدود الأردنية السعودية، وحلقت داخل الأردن فوق المنطقة المقابلة لمحافظة القريات السعودية، ولم تدخل إلى الأجواء السعودية.
وفي الساعة 3:46 حلقت الطائرة العسكرية فوق سماء الأردن قبل أن تعود أدراجها إلى الأراضي المحتلة، بحسب ما تظهره بيانات تتبع الطائرة.
نشاط هذه الطائرة يظهر أيضاً أنها حلقت أيضاً فوق مساحات واسعة داخل سوريا، ومرت فوق محافظتي السويداء ودرعا جنوب البلاد، والمجاورتين للأردن، كما حلقت فوق العاصمة السورية دمشق، ووصل تحليقها إلى سماء البادية السورية بالقرب من مدينة تدمر.
وقالت وكالة الأنباء التابعة لنظام بشار الأسد (سانا)، نقلاً عن مصدر عسكري – لم تسمه – قوله إن "العدو الإسرائيلي شن عدواناً بالصواريخ فجر اليوم"، وأشار إلى أنه تم استهداف مواقع دفاع جوي في المنطقة الجنوبية لسوريا – المجاورة للأردن – وأضاف أن الهجوم تسبب بوقوع خسائر مادية.
طائرة عسكرية تحلّق فوق الأردن مرتين
وتظهر بيانات تتبع الطائرات التي رصدها "عربي بوست" أيضاً، أن هنالك طائرة عسكرية إسرائيلية أخرى حلّقت فوق الأردن مرتين، وذلك بالتزامن مع الحديث عن وقوع الهجوم في أصفهان.
هذه الطائرة تحمل الرمز التعريفي "Hex:738B42″، وهي أيضاً من طراز BOEING 707-300، وحلقت هذه الطائرة بالتزامن مع الطائرة العسكرية الإسرائيلية التي تحدثنا عنها، ويبين تتبع نشاط الطائرتين أنهما حلقتا في نفس المواقع تقريباً، باختلاف أن الطائرة العسكرية الإسرائيلية الثانية لم تحلق كثيراً في العمق الأردني على خلاف الطائرة الأولى.
بدأت الطائرة ذات الرمز "Hex:738B42" في الظهور على الرادار، في الساعة 1:12 بتوقيت غرينتش، وحلقت الطائرة لوقت طويل فوق الأراضي المحتلة وبجوار ساحل مدينة غزة والساحل المقابل لمدينة صور اللبنانية.
دخلت الطائرة لأول مرة أجواء الأردن بحدود الساعة 2:50 بتوقيت غرينتش، وتظهر بياناتها أنها حلقت فوق منطقة قريبة من مدينة إربد قبل أن تعود للأراضي المحتلة.
ثم دخلت الطائرة مرة أخرى وحلقت فوق سماء العاصمة الأردنية في الساعة 3:30 قبل أن تعود للتحليق فوق الأراضي المحتلة.
هذه الطائرة كان لها تحليق أيضاً فوق الأراضي السورية، ووصلت حتى سماء منطقة تدمر، وحلقت أيضاً فوق محافظتي دمشق وريف دمشق، ومحافظة حمص.
وهذا النوع من الطائرات يمكنه القيام بمهام عدة، فبحسب شركة "All Clear" الأمريكية، التي تقدم خدمات الصيانة والتشغيل للطائرات العسكرية، فإن طائرات بوينغ 707 تستخدم من قبل الجيوش في مهمات الاستطلاع، والتزود بالوقود.
وفي عام 2013 استخدم جيش الاحتلال الإسرائيلي طائرة BOEING 707-300 لتجربة نظام دفاعي صاروخي، بحسب ما أشار إليه موقع flightglobal.
النشاط السابق للطائرتين
وبالعودة إلى تاريخ تحليق هاتين الطائرتين العسكريتين الإسرائيليتين، رصد "عربي بوست" تحليقاً لهما مرات عدة فوق السماء الأردنية، ودخلت إحداهما أيضاً في إحدى المرات السماء المصرية أيضاً.
بالنسبة للطائرة التي تحمل الرمز "Hex:738A43″، فإن تحليقها فوق الأردن سُجل في شهري أبريل/نيسان 2024، وأكتوبر/تشرين الأول 2023، إذ حلقت هذه الطائرة فوق الأجواء الأردنية في تاريخ 12، و13 أبريل/نيسان 2024، إضافة إلى دخولها سماء الأردن يوم 14 أبريل 2024، وهو اليوم الذي شنت فيه إيران هجوماً بالصواريخ والمسيّرات على أهداف إسرائيلية.
وفي اليوم الذي بدأت فيه الحرب الإسرائيلية على غزة يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، دخلت الطائرة إلى الأجواء الأردنية، ودخلت مرة أخرى بعد بدء الحرب على غزة، دخلت الطائرة أجواء الأردن يوم 10 أكتوبر.
عدنا بالتاريخ إلى نشاط الطائرة قبل 5 أشهر من هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ولم نجد أنها دخلت طوال هذه الفترة الأجواء الأردنية.
أما بالنسبة للطائرة الثانية التي تحمل الرمز التعريفي "Hex:738B42″، فإنها دخلت الأجواء الأردنية يوم 8 أبريل/نيسان، ويوم 9 أبريل أيضاً، وفي نفس هذا اليوم دخلت الطائرة أيضاً إلى الأجواء المصرية ووصلت المنطقة المجاورة لبني سويف.
كذلك حلقت هذه الطائرة فوق الأجواء الأردنية، يوم 7 أبريل/نيسان 2024، وحلقت أيضاً فوق غرب العراق، وحلقت فوق الأردن أيضاً يومي 1و 3 أبريل 2024، إضافة إلى تحليق يوم 17 مارس/آذار 2024، ويومي 11 و26 فبراير/شباط 2024، و16 و30 يناير/كانون الثاني 2024، و20 و31 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وكان الأردنيون قد اشتكوا خلال هذا الشهر من حدوث تشويش على نظام تحديد المواقع المعروف بـGPS، وقال مدير مديرية إدارة الطيف الترددي في هيئة تنظيم قطاع الاتصالات، نضال السمارة، إن "مصدر التشويش إسرائيل"، وأضاف في تصريحات نقلتها وسائل إعلام أردنية، الخميس 18 أبريل 2024، أنه "تمت مخاطبة الجهات التي تسببت بالتشويش ولا زلنا بانتظار الرد".
ماذا نعرف عن مهاجمة إيران؟
وفجر اليوم الجمعة، هزّت انفجارات مدينة أصفهان الإيرانية، وتوالت بعدها تقارير عن هجوم إسرائيلي استهدف إيران، وحتى الساعة 10:30 بتوقيت غرينتش، لم تتبنَّ إسرائيل الهجوم، ولم تكشف طهران عن منفذي الهجوم.
لكن في ذات الوقت، نقلت وكالة رويترز عن مصادرها قولها إن إسرائيل شنت هجوماً على الأراضي الإيرانية، وإن الولايات المتحدة تلقت إخطاراً قبل الهجوم الإسرائيلي، الذي يأتي بعد أيام من شن إيران هجوماً غير مسبوق بالصواريخ والطائرات المسيرة لضرب مواقع إسرائيلية.
ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عما قالت إنه مسؤول إسرائيلي – لم تذكر اسمه – قوله إن "الجيش الإسرائيلي نفذ غارة جوية داخل إيران"، موضحاً أن الهجوم رد على الهجوم الإيراني.
كذلك نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤولين إيرانيين قولهم إن "ضربة أصابت قاعدة جوية عسكرية بالقرب من مدينة أصفهان بوسط إيران"، وتحتوي أصفهان على منشآت نووية، بالإضافة إلى مطار أصفهان المدني، وأكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عدم وقوع أي ضرر في المواقع النووية الإيرانية في الهجوم.
من جانبها، قالت وكالة "إرنا" الإيرانية، نقلاً عن قائد بالجيش الإيراني، إن "صوت الانفجار في أصفهان ناجم عن تصدي الدفاعات الجوية لجسم مشبوه دون تسجيل خسائر أو أضرار"، فيما أكد مصدر لوكالة مهر للأنباء أنه لم يحدث هجوم على قاعدة سلاح الجو في أصفهان.
وقبل ذلك، قال المتحدّث باسم وكالة الفضاء الإيرانيّة، حسين داليريان، عبر منصّة إكس، إنّ مُسيّرات عدّة "أُسقِطت بنجاح من جانب الدفاع الجوّي للبلاد، ولا توجد تقارير عن هجوم صاروخي حالياً".
كانت فإن إيران قد أغلقت فجر اليوم مطاراتها في العاصمة وشيراز وأصفهان بعد الهجوم، وسمحت للرحلات الجوية بتجنب الجزء الغربي من مجالها الجوي لبضع ساعات بعد الهجوم، وفقاً لموقع فلايت رادار 24 لتتبع الرحلات الجوية، قبل أن تعيد فتحها في الساعة 04:45 بتوقيت غرينتش.