- أجهزة ستارلينك تصل الجيش الروسي عبر ما يُعرف بالأراضي الجديدة
- كيف تصل الأجهزة التي كان إيلون ماسك يعلق عليها الكثير من الآمال إلى ساحات الحروب؟
- SpaceX تحاول تقييد استخدامها في الحروب عبر "التسييج الجغرافي"
- سلسلة إمدادات سرية في آسيا وأفريقيا وروسيا
- قوات الدعم السريع تستخدم ستار لينك ضد الجيش السوداني، وإليك كيف تصل إليها؟
يتباهى تجار وسماسرة روس بأنهم يوفرون لجيش بلادهم الذي يحارب بأوكرانيا أجهزة ستارلينك التي تمثل قمة التكنولوجيا الأمريكية والتي يفترض أن واشنطن كانت تستغلها ضد خصومها، ولكن يبدو أن السحر قد انقلب على الساحر.
فموقع shopozz.ru، وهو موقع روسي مختص بالبيع بالتجزئة عبر الإنترنت، أضاف أحد الباعة إلى عمله المعتاد في بيع المكانس الكهربائية وحوامل الهاتف الجوال، بيع العشرات من أجهزة استقبال خدمة الإنترنت الفضائي ستارلينك (Starlink) التي انتهى بها المطاف مع الجنود الروس على خطوط الجبهة في أوكرانيا.
ومع أنَّ روسيا تحظر استخدام ستارلينك، وهي خدمة للإنترنت الفضائي تُوفِّرها شركة SpaceX بقيادة الملياردير الأمريكي إيلون ماسك، عمل وسطاء في الأشهر الأخيرة على شراء أجهزة استقبال وشحنها إلى القوات الروسية. وأدَّى ذلك إلى انحسار الأفضلية التي كانت تتمتَّع بها القوات الأوكرانية في ساحة المعركة سابقاً، وهي التي تعتمد أيضاً على هذه الأجهزة المتطورة، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Wall Street Journal الأمريكية.
أجهزة ستارلينك تصل الجيش الروسي عبر ما يُعرف بالأراضي الجديدة
وقال البائع في موسكو، والذي عرَّف نفسه في المقابلة باسم "أوليغ"، إنَّ معظم طلبياته تأتي من "الأراضي الجديدة"، في إشارة إلى المناطق الأوكرانية التي تحتلها روسيا، أو أنها تكون "مخصصة للاستخدام من جانب الجيش الروسي". وقال إنَّ متطوعين يقدمون هذه الأجهزة للجنود الروس في أوكرانيا.
وتُوفِّر أجهزة ستارلينك في ساحات المعارك من أوكرانيا وحتى السودان وصولاً فورياً وآمناً إلى حدٍ كبير لشبكة الإنترنت. وإلى جانب حل المشكلة القديمة المتعلقة بالاتصالات الفعالة بين القوات وقادتها، كما توفر ستارلينك سبيلاً للتحكم في الطائرات المسيرة والتقنيات المتطورة الأخرى التي أصبحت جزءاً حاسماً من الحرب الحديثة.
كيف تصل الأجهزة التي كان إيلون ماسك يعلق عليها الكثير من الآمال إلى ساحات الحروب؟
طوَّرت شركة SpaceX ستارلينك لتكون تكنولوجيا مدنية، وعلَّق ماسك طموحات كبيرة على الخدمة. وهنالك نحو 5700 قمر صناعي مُشغَّل خاص بخدمة ستارلينك حالياً في مداراتها حول الأرض، ولخدمة 2.7 مليون عميل. وبلغت العائدات عام 2022 نحو 1.4 مليار دولار، بارتفاع من 222 مليون دولار في العام السابق.
والجهاز بسيط لدرجة أنَّ ستارلينك تتباهى على موقعها بأنَّ المستخدمين يمكن أن يتصلوا بالإنترنت في غضون دقائق بمجرد الحصول على الجهاز.
مع ذلك، لم تكون هُوية الطرف الذي يمكنه استخدام خدمة ستارلينك والأغراض التي يستخدمها من أجلها واضحة دائماً. إذ شقَّت الأجهزة طريقها إلى اليمن الذي مزّقته الحرب، وجرى تهريبها إلى إيران، التي لم توافق على التقنية.
SpaceX تحاول تقييد استخدامها في الحروب عبر "التسييج الجغرافي"
وقد أدَّى انتشار أجهزة الاستقبال سهلة التنشيط هذه إلى دفع شركة SpaceX إلى الجغرافيا السياسية الفوضوية للحرب. وتملك الشركة القدرة على الحد من وصول أجهزة ستارلينك للإنترنت من خلال "التسييج الجغرافي"، أي جعل الخدمة غير متاحة في بلدان ومواقع معينة، وكذلك من خلال القدرة على إلغاء تفعيل الأجهزة الفردية.
وقالت ستارلينك في اتفاقية المستخدم الخاصة بها إنَّ الخدمة ليست مصممة ولا تهدف للاستخدام مع الأسلحة العسكرية. وأضافت ستارلينك أنه في حال وجدت شركة SpaceX أن أحد أجهزتها يُستخدَم من جانب أطراف خاضعة للعقوبات أو غير مُصرَّح لها، فإنَّ الشركة تجري تحقيقاً وقد تلغي تفعيل الجهاز.
وقال مسؤول تنفيذي كبير بشركة SpaceX العام الماضي إنَّ الشركة اتخذت خطوات لتقييد استخدام أوكرانيا خدمة ستارلينك لأغراض عسكرية. وأعرب ماسك أحياناً عن عدم ارتياحه إزاء دور ستارلينك في حرب أوكرانيا.
ولا تسمح روسيا والصين باستخدام تكنولوجيا ستارلينك لأنَّها قد تُقوِّض سيطرة الدولة على المعلومات وبسبب الشكوك العامة هناك حيال التكنولوجيا الأمريكية.
سلسلة إمدادات سرية في آسيا وأفريقيا وروسيا
وقال ماسك على منصة "X" (تويتر سابقاً) التي يملكها إنَّه على حد علمه لم يتم بيع أي أجهزة استقبال لموسكو بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وإنَّ أجهزة الاستقبال لا تعمل داخل روسيا.
لكنَّ تحقيقاً استقصائياً لصحيفة The Wall Street Journal الأمريكية خلص إلى وجود سلسلة إمداد سرية لـ"أجهزة ستارلينك" أسهمت في إبرام صفقات خلف الكواليس في أفريقيا وجنوب شرق آسيا والإمارات، على نحو وضع هذه الأجهزة التي تضاهي حجم علبة البيتزا في أيدي بعض خصوم الولايات المتحدة ومتهمين بارتكاب جرائم حرب. ويتصل الكثير من هؤلاء المستخدمين بالأقمار الصناعية باستخدام خاصية التجوال الخاصة بأجهزة ستارلينك بعدما يُسجِّل التجار الأجهزة في بلدان يُسمَح فيها باستخدام ستارلينك.
في روسيا، يشتري وسطاء الأجهزة، أحياناً من موقع التجارة الإلكترونية eBay، في الولايات المتحدة ومناطق أخرى، بما في ذلك السوق السوداء في آسيا الوسطى أو دبي أو جنوب شرق آسيا، ثُمَّ يهربونها إلى داخل روسيا. ويتباهى المتطوعون الروس علانيةً على وسائل التواصل الاجتماعي بتقديم أجهزة الإرسال للجنود.
وقال مسؤولون أوكرانيون إنَّهم تواصلوا مع شركة SapceX بشأن استخدام القوات الروسية لأجهزة استقبال ستارلينك، وإنَّهم يعملون معاً من أجل التوصل إلى حل.
وتنص اتفاقية المستخدم المنشورة في موقع ستارلينك على أنَّه لا يمكن للعملاء إعادة بيع أجهزة استقبال ستارلينك دون إذن، وإنَّ منتهكي هذه القواعد قد يفقدون الخدمة.
قوات الدعم السريع تستخدم ستار لينك ضد الجيش السوداني، وإليك كيف تصل إليها؟
في السودان، الذي أعلن أنَّ هذه التقنية غير قانونية، تستخدم قوات الدعم السريع ستارلينك من أجل الحصول على خدمة إنترنت عالية السرعة.
وقال مسؤولون بالجيش السوداني وتجار غير مُرخَّصين لأجهزة ستارلينك، في مقابلات، إنَّ عبد الرحيم حمدان دقلو، نائب قائد قوات الدعم السريع، يشرف على شراء المئات من أجهزة استقبال ستارلينك من تجار في الإمارات.
وصرَّح ثلاثة تجار مقيمين في دبي لصحيفة The Wall Street Journal بأنَّهم شحنوا المئات من أجهزة ستارلينك إلى السودان منذ يوليو/تموز الماضي. وقال التجار إنَّهم يُفعِّلون الأجهزة في دبي قبل شحنها إلى تشاد أو جنوب السودان ويشترون باقة تجوال على مستوى القارة بتكلفة تصل إلى نحو 65 دولاراً شهرياً. وقالوا إنَّ ذلك يسمح للمستخدمين في السودان بتجاوز عدم وجود ترخيص لاستخدام أجهزة ستارلينك في السودان.
وقالت شركة SpaceX في حسابها الرسمي على موقع "X" إنها لا تشحن أجهزة الاستقبال إلى دبي ولا تمنح ترخيص لأي طرف ثالث موزع لبيع أجهزة ستارلينك هناك.
وقال التجار إنَّهم اشتروا عدداً أصغر من الأجهزة في كينيا، وهي واحدة من البلدان الإفريقية القليلة التي رخَّصت استخدام خدمة ستارلينك، وكذلك أوغندا، وهي في المراحل النهائية من ترخيص استخدام الخدمة.
وقال اثنان من التجار الذين حاورتهم الصحيفة الأمريكية إنَّهم يدركون أنَّهم يقدمون أجهزة ستارلينك لقوات الدعم السريع. وقالا إنَّهما بعد أن يشحنا الأجهزة إلى عاصمتيّ تشاد وجنوب السودان، يتم نقل الأجهزة عبر الحدود إلى السودان من خلال شبكات تهريب يسيطر عليها الدعم السريع.
وقال خطاب حمد، وهو خبير سوداني في تكنولوجيا المعلومات، إنَّ قوات الدعم السريع باعت بعض أجهزة ستارلينك داخل السودان بسعر يصل إلى 2500 دولار للجهاز الواحد، وهو أغلى من خمسة أضعاف ثمن التجزئة. وأضاف أنَّ قوات الدعم السريع تفرض في بعض المناطق في إقليم دارفور ضرائب على مالكي هذه الأجهزة، تصل إلى 500 دولار سنوياً.
ووفقاً لمسؤولين، عزَّزت أجهزة الاستقبال هذه قدرات القيادة لدى قوات الدعم المتمردة وساعدتهم على تجنيد المزيد من الرجال للحرب. وكان معظم البلاد بدون إنترنت أو شبكات اتصالات أخرى على مدار الشهرين الماضيين.
وتواصلت السلطات السودانية مع شركة SpaceX وطلبت المساعدة في تنظيم استخدام ستارلينك، بما في ذلك من خلال السماح للجيش بإغلاق الخدمة في المناطق التي تخدم فيها الدعم السريع. لكنَّ مسؤولين سودانيين قالوا إنَّ الشركة لم ترد قط.
دفع ذلك الهيئة المنظمة للاتصالات في السودان إلى طلب تضييق الخناق على استيراد أجهزة ستارلينك. وأصدرت الهيئة في 31 يناير/كانون الثاني الماضي بياناً تقول فيه إنَّ استخدام ستارلينك غير مسموح ويخضع لعقوبات لم تحددها.
وقال مستشار للمخابرات السودانية يُدعى محمد إنَّ السلطات تعمل على إيجاد سبل لإيصال الأجهزة إلى الجيش. وأضاف: "علينا أن نحصل على خطة بديلة".