أثار إعلان تركيا حظر بعض الصادرات إلى إسرائيل، قلقاً في دولة الاحتلال، سواء بسبب المخاوف من توسع العقوبات التركية على إسرائيل أو احتمال انتقال عدوى العقوبات لدول أخرى.
وفي أعقاب إعلان العقوبات التركية على إسرائيل، حذّر رئيس هيئة قطاع الأعمال بإسرائيل دوبي أميتاي من وجود "قلق حقيقي إزاء المزيد من المقاطعات وفرض العقوبات الاقتصادية بواسطة دول وشركات عالمية أخرى".
ودعا أميتاي إلى إجراء نقاش عاجل حول المسألة وصياغة خطة عمل مناسبة، حسبما ورد في تقرير لصحيفة Maariv العبرية.
وقال أميتاي: "تستوجب التقارير عن قيود الصادرات التركية إلى إسرائيل مراجعةً أوسع ورؤيةً استراتيجية للقيود التجارية، التي تتراكم كتعبير اقتصادي عن العزلة السياسية لإسرائيل".
وأردف: "ستؤدي صعوبات سلاسل التوريد وفجوات الإمداد الناجمة إلى تأثير كبير يزيد الأسعار، ما سيؤثر على تكلفة المعيشة ونشاط الاقتصاد ككل بصورةٍ فورية".
إليك تفاصيل العقوبات التركية على إسرائيل وسبب إعلانها في هذا التوقيت
يأتي ذلك بعدما أعلنت وزارة التجارة التركية، الثلاثاء، تقييد تصدير بعض المنتجات إلى إسرائيل، وتشمل 54 منتجاً، من بينها حديد الإنشاءات والفولاذ المسطح والرخام والسيراميك.
وشدد البيان على أن قرار التقييد الذي تم اتخاذه سيظل سارياً حتى تعلن إسرائيل وقفاً فورياً لإطلاق النار في غزة، وتسمح بتدفق مساعدات إنسانية كافية ومتواصلة إلى القطاع، في إطار التزاماتها الناشئة عن القانون الدولي.
وأكد البيان أن تركيا لم تقُم منذ فترة طويلة ببيع إسرائيل أي منتج يمكن استخدامه لأغراض عسكرية.
وبلغت صادرات تركيا إلى إسرائيل 5.43 مليار دولار العام الماضي، بانخفاض من 7.03 مليار دولار في عام 2022، حسبما نقل تقرير لموقع times of Israel عن بيانات اتحاد المصدرين الأتراك ووكالة الإحصاء تركستات.
واتخذت أنقرة هذا القرار، بعد أن رفضت إسرائيل طلبها بالمشاركة في إسقاط المساعدات جواً لغزة، ولم توضح إسرائيل على الفور سبب رفض الطلب، ولكن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان علق، قائلاً: "ليس هناك أي عذر لإسرائيل لمنع محاولتنا إسقاط المساعدات عن سكان غزة الذين يعانون من الجوع".
وأرسلت تركيا عشرات الآلاف من الأطنان من المساعدات الإنسانية إلى هناك منذ بدء القتال.
وأيدت تركيا، محاكمة إسرائيل بتهمة الإبادة الجماعية في محكمة العدل الدولية، كما سحبت سفيرها من تل أبيب منذ بداية الحرب على غزة.
ورحب وزير الاقتصاد الفلسطيني، محمد العامور، اليوم الثلاثاء، بقرار وزارة التجارة التركية تقييد تصدير 54 منتجا إلى إسرائيل اعتبارا من 9 أبريل/ نيسان الجاري.
إسرائيل تتوعد بتحريك الكونغرس ضد أنقرة
وكان وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الثلاثاء 9 أبريل/نيسان 2024، قال إن تركيا "انتهكت من جانب واحد" الاتفاقيات التجارية، بقرارها تقييد صادرات إلى إسرائيل، مضيفاً أن إسرائيل "ستردّ بفرض قيود تجارية على منتجات قادمة من تركيا".
وفي منشور له عبر منصة "إكس"، أعلن كاتس أنه أمر بالتواصل مع الولايات والمنظمات في الولايات المتحدة، من أجل وقف الاستثمارات في تركيا، ومنع استيراد المنتجات منها.
أشار كذلك إلى أن تل أبيب تتواصل "مع أصدقائنا في الكونغرس الأمريكي لبحث انتهاك قوانين المقاطعة، وفرض عقوبات على تركيا بناءً على ذلك".
ما التأثير الاقتصادي لهذه القرارات على إسرائيل؟
وذكرت صحيفة "يسرائيل هيوم" أن صناعات الملابس والسلع الكهربائية في إسرائيل من المرجح أن تتلقى أكبر ضربة من القيود؛ حيث إن العديد من منافذ الأزياء تحصل على سلع من تركيا.
كما أنها قد تؤثر على قطاع الأدوات المنزلية التي تصنع جزء من منتجاته في تركيا.
كما تقوم شركة يونيليفر بتصنيع بعض من منتجات الصابون والشامبو الخاصة بها من شركة دوف في تركيا. وقال التقرير إن شركة الأغذية العملاقة ويلي فود تستورد بعض منتجاتها من تركيا أيضاً.
وقال موقع "واي نت" الإخباري الإسرائيلي إن المسؤولين الإسرائيليين يشعرون بالقلق من أن القيود المعلنة قد تمتد إلى وقف الرحلات الجوية فوق المجال الجوي التركي أو الأنشطة النفطية الإقليمية.
كما حذر قطاع البناء في إسرائيل، يوم الثلاثاء 9 أبريل/نيسان 2024 من أن القيود التركية على تصدير عشرات المنتجات إلى إسرائيل ستؤدي لارتفاع أسعار الشقق في إسرائيل، وذلك بحسب تصريحات مصادر في صناعة البناء لقناة N12 العبرية، حيث فرضت أنقرة قيوداً على مجموعة تضم 45 منتجاً تُستخدم العديد منها في قطاع البناء.
فرنسا بدورها تطالب بفرض عقوبات على إسرائيل
وفي مؤشر على أن هناك موجة تتشكل لمعاقبة إسرائيل، أعقب القرار التركي، دعوة من وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه، الثلاثاء 9 أبريل/نيسان 2024، إلى فرض عقوبات على إسرائيل وممارسة الضغوط عليها، كي تفتح المعابر لإدخال المساعدات الإنسانية للفلسطينيين في قطاع غزة.
وقال ستيفان سيجورنيه إن "فرنسا كانت من أوليات الدول التي اقترحت فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على المستوطنين الإسرائيليين الذين يرتكبون أعمال عنف في الضفة الغربية".
وأضاف من الممكن أن تفرض فرنسا عقوبات على إسرائيل لدفعها لفتح المزيد من نقاط التفتيش لإيصال المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين في غزة.
وقال سيجورني: "يجب أن تكون هناك أدوات نفوذ، وهناك أدوات متعددة تصل إلى العقوبات للسماح للمساعدات الإنسانية بعبور نقاط التفتيش". وشدد الوزير على ضرورة الضغط على الحكومة الإسرائيلية.
ولكن لم يصدر أي تأييد يذكر لفكرة فرض عقوبات على تل أبيب من قبل بقية الدول الأوروبية، ويعتقد أن ألمانيا أكبر اقتصاد في أوروبا تحديداً هي التي سترفض فكرة مقاطعة إسرائيل مستقبلاً أو فرض عقوبات عليها.
وفرضت عدة دولة غربية منها فرنسا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة، عقوبات على بعض المستوطنين العنيفين في الضفة الغربية،
وتخشى إسرائيل أن تتوسع هذه الموجة، وفقاً لصحيفة Haaretz الإسرائيلية.
وقالت شخصية سياسية إسرائيلية بارزة إن هذا قد يفتح الباب لفرض عقوبات على الجنود والقادة الإسرائيليين إذا لم تطبق الحكومة القانون ضد المستوطنين العنيفين.
وفي ضوء هذا الوضع، اقترح رئيس هيئة قطاع الأعمال بإسرائيل دوبي أميتاي صياغة استراتيجية تعتمد على المبادئ التالية: "أولاً، يجب تشجيع قدرات التصنيع الذاتي وتطويرها داخل إسرائيل في المجالات الحيوية المرتبطة بالأمن الغذائي، والزراعة، وصناعة الأسلحة، والمنتجات الدوائية، والحديد والأسمنت اللازمين للبناء، وغيرها".
كما يجب تشجيع الشركات وتحفيزها على التعاقد مع مجموعة متنوعة من الموردين من مختلف الدول، وهذا لضمان استمرارية الإمداد بالتزامن مع فحص مكونات الاستيراد اللازمة للنشاط الاقتصادي. أضف إلى ذلك ضرورة النظر في إقرار سياسة تستفيد من اتفاقيات التجارة والمشتريات المتبادلة الكبيرة مع الدول الأخرى، وذلك بغرض الحفاظ على توريد المواد والمنتجات الحيوية للاقتصاد".