كشفت مصادر فلسطينية أمنية لـ"عربي بوست" تفاصيل حول جهود مدير المخابرات الفلسطينية ماجد فرج، لإعادة بناء قوى أمنية تابعة للسلطة الفلسطينية في قطاع غزة، وتجهيزاً لتسلُّم إدارة معبر رفح من حكومة حماس، من بينها إرسال مئات من الحرس الرئاسي لدعم المجموعة الأمنية التي يقوم بتشكيلها في القطاع.
أوضح مصدر من المخابرات الفلسطينية لـ"عربي بوست"، أنّه يجري الإعداد لبناء قوة مسلحة جنوب قطاع غزة، تتكون من عسكريين متقاعدين وحاليين، لتوزيع المساعدات من جنوب القطاع إلى شماله كخطوة أولى، ولتسلُّم إدارة معبر رفح كخطوة مستقبلية.
وقال إنه يجري الإعداد لتجهيز ما بين 5000-7000 عسكري لهذا الغرض.
إدارة معبر رفح
مصدر حكومي من رام الله أكد لـ"عربي بوست" بدء الجهود هذه لتشكيل القوى الأمنية التابعة للسلطة في غزة، وأن "من يقود هذه المهمة هو ماجد فرج، بطلب من الرئيس محمود عباس".
أوضح كذلك أن الهدف من ذلك "تمهيد عودة السلطة الفلسطينية لقطاع غزة، ضمن تكوين حكومة تكنوقراط تشمل كافة القوى والأطر السياسية الفلسطينية، بما فيها حماس، لتكون الحكومة الجديدة مشرفة على إدارة معبر رفح البري مع مصر، وتقوم بإدارته، ولتشرف على توزيع المساعدات، وضبط الأمن".
كذلك سبق أن أفادت "القناة 14" العبرية، بأن ماجد فرج بدأ العمل على بناء قوة مسلحة جنوب قطاع غزة، تتكون من عائلات لا تؤيد حركة حماس، لتوزيع المساعدات من جنوب القطاع إلى شماله، في حين أكدت مصادر من رفح لـ"عربي بوست" فشل محاولاته مع العشائر.
وقال مصدر عشائري لـ"عربي بوست"، إن ماجد فرج اصطدم برفض من العشائر جنوب غزة، التي تمسكت بموقفها الداعم لحكومة غزة، والمقاومة، وسط استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
500 من الحرس الرئاسي إلى غزة
في تفاصيل أكثر بهذا الشأن، أوضح المصدر الأمني لـ"عربي بوست" أنه سيتم إرسال 500 عسكري من جهاز حرس الرئيس الخاص برام الله، لدعم القوى الأمنية التي يقوم ماجد فرج بتشكيلها في غزة، دون توضيح لموعد وصولهم إلى القطاع.
وقال: "سيصلون معبر رفح لتسلُّمه كاملاً، بالتنسيق مع مصر، وبترتيب عربي أوروبي دولي"، موضحاً: "إلا أن هناك رفضاً إسرائيلياً لهذا التوجه حتى الآن".
ولم يوضح إن كانت خطوة إرسال عناصر من جهاز حرس الرئيس تأتي بعد رفض العشائر في جنوب غزة الانخراط بالقوة التي ينشئها ماجد فرج أم لا.
بشأن المساعدات، أفاد المصدر بأن "ماجد فرج يريد أن يكون للسلطة دور في إدارة معبر رفح، واستعادة دورها هناك كما كان قبل 2007، وكذلك في توزيع المساعدات القادمة من الممر البري الأردني، الذي تسعى عمّان إلى فتحه لإيصال المساعدات براً عن طريق الشاحنات".
هذا الأمر سبق أن كشف عنه "عربي بوست" في تقرير سابق، موضحاً مسار الممر البري الأردني، وتفاصيل بشأنه.
وكانت حركة حماس قامت بما يعرف بالحسم العسكري في غزة عام 2007، لتتسلم إدارة معبر رفح والقطاع بأكمله إدارياً وأمنياً.
بهذا الصدد، كشف أحد المسؤولين في المجلس الوطني الفلسطيني، وسيم الخالدي، أن "هناك مفاوضات بين السلطة الفلسطينية بإشراف مدير المخابرات الفلسطينية ماجد فرج مع المخابرات المصرية، جرت الأسبوع الماضي، بما يتعلق بإنشاء القوة الأمنية وتسلُّم إدارة معبر رفح".
وقال إن "هذه المفاوضات تم الاطلاع عليها والتوافق بشأنها مع حركة حماس"، التي قال عنها إنها "أبدت إيجابية وقبولاً في توجه إنشاء القوة الأمنية وإعادة السلطة لتسلُّم إدارة معبر رفح"، على حد قوله.
واعتبر أن "حماس تحتاج إلى أي حل وأي توافق سياسي مع أي طرف فلسطيني"، في وقت يحتاج فيه الناس لإدخال المساعدات.
نفي من حماس
في المقابل، نفى مصدر في حركة حماس، في حديثه لـ"عربي بوست"، وجود تنسيق بما يتعلق بمستقبل إدارة معبر رفح، أو تشكيل قوى أمنية تابعة للسلطة أو للحكومة المقبلة في مدينة رفح جنوب غزة.
أوضح كذلك أن حماس موقفها معروف من حيث المبدأ، بما يتعلق بـ"إدارة القطاع وفق حل توافقي وحكومة وفاق وطني"، لا سيما بما يخدم دخول المساعدات إلى الناس، الذين هم بأمس الحاجة إليها، وسط حالة المجاعة التي يعاني منها أهل القطاع، مشدداً على أن "الحل يجب أن يكون توافقياً، وبتنسيق مع حكومة غزة، وهذا لم يحصل حتى الآن".
وأكد المصدر: "لم يكلمنا أحد من السلطة بهذا الخصوص حتى اللحظة، ولا وجود لتواصل معها من أي مسؤول سياسي أو أمني في رام الله بشأن تشكيل قوى أمنية، أو مناقشة إدارة معبر رفح".
وكان القيادي في حركة حماس، حسام بدران، قال في تصريحات إعلامية سابقاً، إن الحركة "لا ترغب بالانفراد بحكم قطاع غزة، وترحب بمشاركة أطراف فلسطينية ضمن حكومة توافق وطني".
ليس ماجد فرج وحده.. لجان أمنية لتيار دحلان
على صعيد آخر، كشف عضو المجلس الثوري والمتحدث باسم "تيار الإصلاح" في حركة فتح، ديمتري دلياني، في حديثه لـ"عربي بوست"، نشر تيار القيادي محمد دحلان هياكله التنظيمية في قطاع غزة، التي قال إنها "قامت بإنشاء لجان للحفاظ على الأمن في المناطق التي فيها حاجة لذلك، وسط حالة حرب الإبادة الإسرائيلية".
يذكر أن "تيار الإصلاح" هو التيار الذي يقوده القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان، من موالين له داخل حركة فتح، لا سيما في منطقة خان يونس داخل قطاع غزة.
فيما يتعلق بدور لها في المساعدات التي ستصل بحراً من خلال الممر البحري الممول والمدعوم إماراتياً وأمريكياً من قبرص إلى غزة، قال: "للتيار قنوات نقاش وحوار وتشاور مع جميع القوى الوطنية، بما في ذلك حركة حماس، منذ سنوات، لما فيه مصلحة وخدمة لأبناء شعبنا".
تجدر الإشارة إلى أن دحلان مقيم في الإمارات منذ فصله من حركة فتح في عام 2011، بقرار وقع عليه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بوصفه رئيساً للحركة.
يشار إلى أن "عربي بوست" سبق أن نشر تقريراً تناول فيه "معركة التحكم في المساعدات"، ودور كل من دحلان وماجد فرج فيها، وتفاصيل عن الممر المائي وكيفية استقبال المساعدات من خلاله في غزة.
على الرغم من موقف رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، برفض وجود دور للسلطة في إدارة القطاع ما بعد الحرب، أفاد موقع "إسرائيل ناشيونال نيوز"، بأن أجهزة الأمن الإسرائيلية تبحث الاستعانة بالسلطة الفلسطينية في بناء النظام الذي سيقوم بإدارة غزة بعد الحرب، وتوزيع المساعدات الإنسانية.
أكد التقرير أن أحد الأسماء المقترحة لإدارة غزة ماجد فرج.
في حين أورد موقع "آي 24" الإسرائيلي أن وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت، طرح خلال اجتماع أمني، اسم ماجد فرج، مرشحاً محتملاً لإدارة قطاع غزة بشكل مؤقت، إضافة إلى "شخصيات فلسطينية أخرى" وصفها بـ"المعتدلة"، و"لديه علاقة عمل وثيقة مع مؤسسة الدفاع الإسرائيلية"، وفق تعبيره.
وتتمسك السلطة الفلسطينية بدور لها في إدارة قطاع غزة بمرحلة ما بعد الحرب، وجدد رئيس حكومة تسيير الأعمال الفلسطينية، محمد اشتية، 18 مارس/آذار، رفضه أي وجود أجنبي على أرض القطاع، مهما كانت جنسيته والنوايا والدوافع حوله.
وكان اشتية قد قدم استقالته إلى عباس، موضحاً أن سبب ذلك يعود إلى الحرب في غزة، وأهمية وجود حكومة قادرة على قيادة ملف إعادة إعمار القطاع، في حين كلّف رئيس السلطة الفلسطينية عباس، محمد مصطفى، لتشكيل حكومة، من المتوقع أن تكون "حكومة تكنوقراط".
لكن رفضت حماس وفصائل فلسطينية، مساعي تشكيل حكومة فلسطينية جديدة "دون توافق وطني"، مؤكدة أنه "يعمّق الانقسام، ودلالة على أزمة قيادة السلطة، والفجوة بينها وبين الشعب الفلسطيني، وتطلعاته"، وفق بيان سابق لها.