- تحليق أول طائرة تركية خطوة صدمت عالم الطيران
- "قآن" طائرة تجمع بين الإف 35 والإف 22
- أكبر مشكلة تواجه المقاتلة التركية الشبحية هي المحرك
- خيارات محرك الطائرة الشبحية التركية كانت تبدأ من أوكرانيا
- الخيار الثاني محرك بريطاني مشابه للذي يدفع المقاتلة "يورو فايتر تايفون"
- محرك الإف 16 قوي ولكن لديه مشكلة سياسية وأخرى فنية
- قصة المحرك التركي المحلي وما هي إمكانياته؟
- محرك صغير ولكنه خطوة للوصول إلى محرك الطائرة الشبحية التركية
"لحظة تاريخية" هكذا وصفت خطوة تحليق أول مقاتلة شبحية تركية من قبل كثير من المواقع العالمية، والتي رأت أن هذا البرنامج قد قطع خطوات سريعة في زمن قصير نسبياً، ولكن هذا النجاح أعاد السؤال الملح: ماذا ستفعل أنقرة في مشكلة المحرك في طائرتها الشبحية، وهل يكون محرك الطائرة الشبحية التركية المسماة "قآن" محلي الصنع، وهي خطوة عجزت عنها دولة كبرى عدة أم ستعتمد على محرك أجنبي؟
ويعد إنتاج طائرة شبحية عملية معقدة لم تنجح بها سوى ثلاث دول هي الولايات المتحدة، إضافة إلى الصين وروسيا، بصورة جزئية، وتحاول كوريا الجنوبية واليابان اللحاق بهم.
كما أن إنتاج محرك طائرة هو مسألة شديدة الصعوبة والأهمية، وخاصة إذا كان هذا المحرك مخصصاً للطائرات الشبحية، وفي الوقت الحالي عدد قليل من دول العالم ينتج محركات للطائرات مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا (أوكرانيا في مجال المحركات الصغيرة)، بينما تتقدم الصين ببطء في هذا المضمار، أما المحركات المخصصة للطائرات الشبحية فلا يتم إنتاجها حتى الآن إلا من قبل دولة واحدة هي الولايات المتحدة الأمريكية، بينما تحاول روسيا والصين اللحاق بها.
مما يجعل، محرك الطائرة الشبحية التركية أكبر تحد أمام أنقرة في هذا المشروع إن لم يكن أكبر تحد أمام الصناعات الدفاعية التركية برمتها، في وقت يمثل هذا المشروع أهمية كبيرة بالنظر إلى حرمان الولايات المتحدة لتركيا من طائرات إف 35 الشبحية.
تحليق أول طائرة تركية خطوة صدمت عالم الطيران
في 21 فبراير/شباط 2024، حلقت أول طائرة مقاتلة محلية تركية الصنع في السماء للمرة الأولى.
وأدى تحليق الطائرة قآن كأول طائرة تركية شبحية إلى صدمة في أوساط عالم الطيران، حيث كان عادة هذا المشروع يواجه بخليط من الإعجاب والتشكك، ولكن أكثر المتفائلين لم يتوقع أن تحلق الطائرة التركية الشبحية في هذا التوقيت، لأن عادة الجداول الزمنية لا تحقق في مثل هذه المشروعات، كما يحدث مع الهند التي تأخرت برامجها لتصنيع الطائرات، ولكن تركيا يبدو أنها تسير على خطى كوريا الجنوبية التي فاجأت العالم بسرعة مشروعها لإنتاج مقاتلتها الوطنية.
"قآن" طائرة تجمع بين الإف 35 والإف 22
وتشبه "قآن" إلى حد كبير المقاتلة الشبح الأمريكية F-22A Raptor.
تم تقليل المقطع العرضي الراداري للطائرة من خلال هندستها واستخدام المواد الماصة للرادار.
وتتميز بأنف من الألومنيوم وجسمها المركزي من التيتانيوم، وأسطحها مغطاة ببلاستيك حراري مركب خفيف الوزن لخفض انعكاس موجات الرادار، وهو مادة شبحية، كانت الشركات التركية تصنعها في الأصل لطائرات F-35.
فيما يتعلق بالحركية، تسعى "قآن" إلى أن تكون ضمن معايير أداء المقاتلات الحديثة النموذجية، عبر سرعة قصوى تبلغ 1.8 إلى 2.2 ماخ، وسقف خدمة يبلغ 55000 قدم، وتحمل مناورات تصل إلى 9g، ومدى يصل إلى 700 ميل بواسطة حمولة الوقود الداخلية.
ومن المتوقع أيضاً أن تكون لديها القدرة على الطيران الفائق، أي قادرة على الطيران بشكل مستدام بسرعات تفوق سرعة الصوت دون اللجوء إلى الحارق اللاحق التي تبتلع الوقود.
من المفترض أن تشتمل إلكترونيات الطيران على طيار آلي يعمل بالذكاء الاصطناعي والأوامر الصوتية والذي يمكنه الهبوط بالطائرة في حالة فقدان الطيار للوعي.
من المقرر تسليم أول عشر طائرات من طراز Block 1 مخصصة للخدمة العسكرية في الفترة بين 2030-2033. عندها فقط يبدأ عقد الإنتاج الضخم (بمعدل 24 طائرة سنوياً) ليحل محل أسطول طائرات F-16 التركي تدريجياً ويستمر في الخدمة حتى سبعينيات القرن الحالي.
وتأمل تركيا أيضاً في استخدام Kaan في نهاية المطاف كأساس لطائرة شبحية أكثر اكتمالاً مع قدرات تعتمد على الذكاء الاصطناعي.
ويُشار إلى أذربيجان وأوكرانيا (كلاهما من العملاء الرئيسيين للطائرات المقاتلة التركية بدون طيار)، بالإضافة إلى باكستان وإندونيسيا والإمارات العربية المتحدة ينظر لهم كمشترين محتملين في المستقبل، حسبما ورد في تقرير لموقع Popular Mechanics الأمريكي.
ويعتقد أن المقاتلة "قآن" سوف تكون رائدة في مجال تشغيل الطائرات المسيرة، باعتبار أن أنقرة شهدت نهضة في هذا المجال، ويعتقد أن المقاتلة المسيرة كزل ألما ذات الخصائص الشبحية والمؤهلة لأن تحلق بسرعة الصوت أن تكون مرافقة لها.
أكبر مشكلة تواجه المقاتلة التركية الشبحية هي المحرك
منذ بداية مشروع المقاتلة الوطنية الشبحية، كان العديد من الخبراء الأتراك يرون أن بلادهم عبر الخبرة التي اكتسبتها من تجميع طائرات إف 16 الأمريكية والمشاركة في مشروع إنتاج إف 35 وغيرها من مشروعات الطيران ستكون قادرة على إنتاج معظم أجزاء المقاتلة الشبحية المحلية بما فيها الرادار؛ حيث يطور الأتراك بالفعل راداراً من طراز "إيسا".
ولكن المشكلة الكبرى كانت هي محرك الطائرة الشبحية التركية، حيث يريد الأتراك أن تحلق الطائرة بمحرك محلي الصنع وأن يكون شبحياً.
وهي مسألة صعبة في ضوء حقيقة أن تصنيع محركات الطائرات يعد عملية من أصعب العمليات التكنولوجية، ولا تجيدها سوى حفنة من الدول.
ويبدو أن تركيا مصرّة على تجنب الإحراج الذي سببه لها الأمريكيون قبل عامين عندما فشلت البلاد في بيع 30 طائرة هليكوبتر هجومية من طراز T129 ATAK إلى باكستان، على الرغم من توصل البلدين إلى اتفاق بشأنها، وذلك بسبب رفض واشنطن منح تصريح تصدير محركات المروحيات الأمريكية الصنع.
خيارات محرك الطائرة الشبحية التركية كانت تبدأ من أوكرانيا
المقاتلة التركية الشبحية "قآن" هي مقاتلة مزدوجة المحرك، كبيرة الحجم، حيث يقارب حجمها المقاتلة الروسية الشهيرة سوخوي 35، بطول يبلغ 21 متراً، ووزن يعتقد أنه سيصل إلى أكثر من 27 طناً، ولذا ستحتاج لمحركات قوية، ويريد المصممون الأتراك أن تكون قوة كل محرك من محركي المقاتلة قآن في حدود 35 ألف رطل.
في الأصل كان هناك ثلاثة خيارات محتملة بشأن محرك الطائرة الشبحية التركية.
الخيار الأول هو التعاون مع أوكرانيا، حيث كانت شركات تركية قد اشترت ربع أسهم شركة Motor Sich الأوكرانية المصنعة لمحركات الطائرات.
ويقوم هذا الخيار على تطوير محرك الطائرة الشبحية التركية؛ من خلال التعاون بين شركة Tusaş التركية لتصنيع محركات الطائرات TEI التركية والشركة الأوكرانية Ivchenko Progress.
وكان هذا خياراً محتملاً بشكل كبير قبل حرب أوكرانيا في ظل الشراكة الاستراتيجية بين تركيا وأوكرانيا، خاصة أن الأخيرة، كانت تتحدث عن رغبتها في تطوير محرك توربيني كبير، مناسب للمقاتلات، لأن المحركات الحالية المزودة بحارق لاحق التي تنتجها أوكرانيا ملائمة لطائرات التدريب المتقدم الأسرع من الصوت وطائرات الدعم الأرضي القريب الصغيرة، والمسيرات الكبيرة فقط.
ما زال هذا الخيار ممكناً، ولكنه تراجع بسبب انشغال كييف بالحرب الأوكرانية، كما أن روسيا استهدفت مصنع Motor Sich لتصنيع المحركات.
فضلاً عن أن علاقة كييف أصبحت أقوى بالغرب الذي قد يفرض فيتو على هذا التعاون مع تركيا، خاصة أن تدفق المساعدات الغربية على كييف يجعلها أقل حاجة للأموال التركية، إضافة لأن هذا الخيار قد يستغرق وقتاً لأن المحركات التي تنتجها أوكرانيا صغيرة وليست شبحية.
الخيار الثاني محرك بريطاني مشابه للذي يدفع المقاتلة "يورو فايتر تايفون"
الخيار الثاني بالنسبة لـ"محرك الطائرة الشبحية التركية"، ويمكن وصفه بالخيار الرسمي وهو الخيار البريطاني.
فلقد عقدت تركيا محادثات مع مختلف الشركات المصنعة للمحركات في العالم، من أجل التطوير المشترك أو المساعدة الفنية لمحطة توليد الكهرباء من TFX. من بين هؤلاء، تبدو رولز رويس البريطانية، المرشح الرئيسي.
ولقد دخلت رولز رويس في مشروعات مشتركة مع شركة Kale التركية، وهي واحدة من شركات الدفاع الخاصة الرائدة في تركيا، التي طوَّرت محركاً لصاروخ كروز SOM.
وفي يناير/كانون الثاني 2015، أعلنت شركة ASELSAN التركية أنها وقعت مذكرة تفاهم مع شركة Eurojet، الشركة المصنعة لمحرك EJ200 المستخدم في طائرة يورو فايتر تايفون لاستخدام أحد مشتقات المحرك EJ200 في برنامج الطائرة التركية الشبحية، ورولز رويس أحد المساهمين الرئيسيين في شركة Eurojet.
وفي مايو/أيار 2017، أنشأت شركة رولز رويس مشروعاً مشتركاً مع مجموعة Kale التركية لتطوير وتصنيع المحركات الخاصة بالمشروع.
ولكن هناك شكوك بأن البريطانيين جديون في تزويد الأتراك بالتكنولوجيا اللازمة، إضافة للخلافات بين الجانبين حول الملكية الفكرية، كما أن أقوى محرك لدى شركة رولز رويس البريطانية حالياً هو محرك يورو فايتر، وهو محرك قوي ومتقدم ولكنه ليس شبحياً، كما أنه قد يكون صغيراً على حجم المقاتلة التركية قآن.
ولكن يظل الخيار البريطاني واحداً من أهم خيارات محرك الطائرة التركية الشبحية.
محرك الإف 16 قوي ولكن لديه مشكلة سياسية وأخرى فنية
الخيار الثالث هو محرك الإف 16 (محرك جنرال إليكتريك F110 الأمريكي الصنع)، الذي حلقت به "قآن" بالفعل في أول طلعاتها، ويصل مقدار دفع أقوى نسخ هذا المحرك إلى 32.500 رطل، مما يجعله قريباً من القوة المطلوبة لـ"محرك الطائرة الشبحية التركية".
وشركة TEI التركية لتصنيع المحركات التي سبق الإشارة إليها، هي في الأصل مشروع مشترك بين Turkish Aerospace وGeneral Electric الأمريكية.
وتقوم هذه الشركة بتصنيع العديد من الأجزاء لمحركات الشركة الأمريكية، كما تعمل على مشاريع محركات عدة، وكانت تقوم بتجميع محركات F110 التي تستخدم في طائرات إف 16 التركية المجمعة محلياً.
ومع ذلك، في حين تصر تركيا على أن المقاتلة "قآن" ستستخدم 80-85% من المكونات المحلية، فإن هذا الخيار لا يحقق لها هدف عدم الارتهان للضغوط الأجنبية؛ لأن محركات F110 الأمريكية الصنع، يتم تجميعها في تركيا، ولكن لا يتم إنتاجها محلياً بشكل كامل.
وفي الوقت الحالي، ليس من المضمون أن توافق الولايات المتحدة على طلب تركيا لترخيص بناء محركات F110 لشركة "قآن" بما يتجاوز العشرة التي تم شراؤها لصالح المراحل التجريبية للمقاتلة قآن، وذلك في ظل عرقلة واشنطن للعديد من المشروعات العسكرية التركية.
كما أن محرك F110 رغم أنه قوي ومألوف تماماً بالنسبة للقوات الجوية التركية، فإنه غير شبحي.
وسبق أن ألمح مسؤولون أتراك إلى خيار اللجوء إلى دولة غير عضو في الناتو مثل الصين أو روسيا، لبناء محرك الطائرة الشبحية التركية، ولكن هذا الخيار قد يعقّد العلاقة مع الولايات المتحدة وأوروبا.
ولكن هناك خيار كان يبدو مستبعداً من قبل، ولكنه بدأ يزداد فرصه، وهو أن يكون محرك الطائرة الشبحية التركية وطنياً بالكامل وليس من خلال التعاون مع شريك أجنبي.
قصة المحرك التركي المحلي وما هي إمكانياته؟
من الصعب للغاية بناء المحركات التوربينية عالية الأداء، حيث لا تزال الصين – وهي دولة تتمتع بموارد كبيرة وتكنولوجيا صاعدة، تعمل منذ عقود على بناء محركات محلية الصنع يعتمد عليها تقود للاستغناء عن المحركات الروسية.
وقدمت شركة TUSAŞ التركية "TEI" في صيف 2022 محركاً توربينياً مروحياً جديداً يدعى TF6000 يولد قوة دفع تبلغ 6000 رطل.
ويمكن استخدام مشتقات المحرك في الطائرات والسفن والمسيرات، وسيوفر هذا المحرك 10000 رطل من الدفع مع الحارق اللاحق وبالتالي يكون قادراً على الوصول إلى مستوى الطاقة اللازم للطيران الأسرع من الصوت.
ولكن رغم أن قوة هذا المحرك أضعف من المحرك المطلوب للمقاتلة "قآن"، التي تحتاج إلى محرك بقوة 35 ألف رطل، إلا أنه يمثل خطوة شديدة الأهمية، وقابلة للبناء عليها.
ويعد هذا المحرك هو أول محرك توربيني وطني في تركيا. وبعد عملية تصميم استمرت لمدة عامين تقريباً، وصل إلى مرحلة إنتاج النموذج الأولي.
وينتمي هذا المحرك لجيل أحدث من المحركات مقارنة بمحركات الإف 16 الأمريكية.
ويقول الخبير التركي كوبيلاي يلدريم، إن هذا الجيل من المحركات يتطلب تصنيعه فهماً عميقاً للعملية الإنتاجية ومراقبة صارمة للجودة، مما يجعله ممكناً فقط للشركات التي تتمتع بخبرة واسعة في هذا المجال.
ويضيف: "TEI هو واحد من المصانع القليلة في العالم القادرة على هذا النوع من الإنتاج. ففي السنوات الأخيرة، تم تصنيع أكثر من نصف محركات طائرات إيرباص A320NEO ذات الممر الواحد، والتي تشكل ما يقرب من 70% من أساطيل شركات الطيران حول العالم، وجميع محركات الطائرة بوينغ B737MAX، خرجت من منشآت التصنيع التابعة لشركة TEI".
ويعتقد كوبيلاي يلدريم أن محرك TF6000/10000 ليس ضرورياً لصناعة الدفاع التركية فحسب، بل يحمل أيضاً أهمية كبيرة في تاريخ الطيران في تركيا.
وجاء إنتاج هذا المحرك من خلال الخبرة المكتسبة من المحرك TS1400 الذي تم تطويره لطائرة الهليكوبتر Gökbey (هو أول محرك لشركة TEI متصل بمنصة كبيرة).
محرك صغير ولكنه خطوة للوصول إلى محرك الطائرة الشبحية التركية
وصرح الدكتور محمود فاروق أكشيت المدير العام ورئيس مجلس إدارة شركة "TEI" أن محركي TEI-TF6000 وTEI-TF10000 سيكونان بمثابة خطوة على الطريق إلى المحرك المحلي للطائرة القتالية الوطنية.
وذكر أن محرك TEI-TF6000 هو محرك توربيني عسكري حقيقي، مشيراً إلى أنه يلبي احتياجات المقاتلة المسيرة الشبحية "Bayraktar Kızılelma".
وقال لموقع Defence Turkey: "نحن نهدف إلى التحقق من صحة التقنيات التي سيتم استخدامها في المحرك الأكبر عبر TF6000 ومن ثم تطبيقها على المحرك الأكبر (الخاص بالمقاتلة الشبحية)".
وأضاف أن شركته تعمل على المواد الحساسة المستخدمة في تصنيع المحرك، وقال: "لقد قمنا بتطوير العناصر الأكثر إلحاحاً والتي لا غنى عنها في المرحلة الأولى، وعلى المدى الطويل، نحن نتبع استراتيجية نأمل أن تنتج جميع المواد الحيوية التي يحتاجها محركنا في بلدنا، الآن ننتج مادة الشفرة البلورية في تركيا".