- الصحفيون ينتقدون تقرير الممثلة الأممية للعنف الجنسي، ولكن إسرائيل ما زالت تهاجمها
- المسؤولة الأممية تعترف بأنهم لم يلتقوا بأي ضحية للانتهاكات الجنسية المزعومة
- إنها جزء من حملة إسرائيل ضد الأمم المتحدة
- حملة إسرائيل ضد الأمم المتحدة لا تحظى بدعم أمريكي
- مقررة حقوق الإنسان بفلسطين تؤكد أن الإسرائيليين لم يُقتلوا في 7 أكتوبر لأنهم يهود
- "الأونروا" تنال النصيب الأكبر من الدعاية الإسرائيلية
تتواصل حملة إسرائيل ضد الأمم المتحدة لدفعها للادعاء دون أدلة، بأن الفصائل الفلسطينية ارتكبت جرائم جنسية خلال هجوم طوفان الأقصى، ويبدو أن الأمم المتحدة بدأت تنصاع لهذه الحملة.
ووصلت الأزمة الحادة بين إسرائيل والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى مستويات جديدة أمس الإثنين، الرابع من مارس/آذار. إذ استدعى وزير الخارجية يسرائيل كاتس، سفير الدولة العبرية لدى الأمم المتحدة جلعاد أردان من أجل التشاور.
وفي إطار حملة إسرائيل ضد الأمم المتحدة، تزعم دولة الاحتلال أن هناك بعض العداء من ناحية غوتيريش، ويدعي المسؤولون الإسرائيليون أن دولتهم ليست عضواً كامل الحقوق في منظمة الأمم المتحدة. كما يقولون إنه لا يمر يوم دون إصدار الأمم المتحدة لرسالة إدانة أو مشروع قرار قاسٍ ضد إسرائيل، متجاهلين حقيقة الحرب الوحشية التي يشنونها ضد غزة، حسبما ورد في تقرير لصحيفة Yediot Ahronot العبرية.
الصحفيون ينتقدون تقرير الممثلة الأممية للعنف الجنسي، ولكن إسرائيل ما زالت تهاجمها
وتحدثت براميلا باتن، الممثلة الخاصة المعنية بالعنف الجنسي في حالات النزاع، في التقرير الذي نشرته أمس عن "أنماط إشكالية تظهر في سلوكيات قوات الأمن الإسرائيلية"، بحسب ما ذكره مسؤولون في السلطة الفلسطينية.
بينما يرون في إسرائيل أن هذا التقرير يمثل محاولة "لمعادلة الكفة" مع التقارير المزعومة عن العنف الجنسي الذي ارتكبه عناصر حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول.
وقوبلت الممثلة الأممية بانتقادات حادة من قِبل الصحفيين بسبب التقرير أعدته بناء على طلب إسرائيلي؛ للتحقيق في مزاعم حدوث عنف جنسي خلال هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول (عملية طوفان الأقصى)، بعد أن تبين أنه تقرير دون ضحايا وأدلة.
وجاءت الانتقادات في مؤتمر صحفي بمقر الأمم المتحدة، الثلاثاء 5 مارس/آذار 2024،، حول زيارتها مع فريقها إلى إسرائيل والضفة الغربية المحتلة، في الفترة ما بين 29 يناير/كانون الثاني، و14 فبراير/شباط الماضي، لعدم مقابلة المسؤولة الأممية أي شخص تعرّض لعنف جنسي، واكتفائها بالاستناد إلى إفادات شهود.
المسؤولة الأممية تعترف بأنهم لم يلتقوا بأي ضحية للانتهاكات الجنسية المزعومة
وتظهر تصريحات باتن إلى أي درجة أثرت حملة إسرائيل ضد الأمم المتحدة على مسؤولي المنظمة الدولية.
إذ ذكرت باتن أنهم عقدوا 33 اجتماعاً مع المؤسسات الإسرائيلية ومسؤولين بالوزارات وقوات الأمن، وأجروا جولات في القواعد العسكرية والمشارح، وغيرها من المناطق التي وقعت فيها مزاعم حدوث عنف جنسي خلال هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول.
فيما ذكرت باتن أن الفريق شاهد 5 آلاف صورة وحوالي 50 ساعة من اللقطات، وذكرت أنه تمت مقابلة 34 شخصاً، بمن فيهم أولئك الذين تعرضوا للهجوم في 7 أكتوبر، والشهود والأسرى المفرَج عنهم، كما قالت: "رغم جهودنا لم نلتقِ مع أحد تعرض لاعتداء جنسي في هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول".
ولم تفسر سبب عدم التقاء الفريق الأممي مع أي ضحية للعنف الجنسي المزعوم.
وأشارت إلى أن الزيارات لم تتم تحت صلاحية الأمم المتحدة، ولا تحمل صفة "تحقيق"، مبينة أن الهدف الرئيسي يتمثل في جمع المعلومات لتقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول العنف الجنسي في حالات النزاع.
كما وجّه أحد الصحفيين سؤالاً يقول: "انتشر شائعات وأخبار كاذبة، بما فيها قطع رؤوس رضع، فما التدابير التي اتخذتها لتجنّب مثل هذا؟"، لتردّ بأن الخبراء الفنيين في الفريق أجروا دراسات تحقيق مستقلة.
فيما تساءل صحفي عن سبب عدم لقائها أسرى مفرَج عنهم كانوا قد لاقوا معاملة جيدة، اكتفت بالقول: "أعتقد أن ما قاله الأشخاص الذين أجريت معهم مقابلات كان مقنعاً للغاية".
تأتي حملة إسرائيل ضد الأمم المتحدة بشأن العنف الجنسي المزعوم من قبل حماس في وقت أكدت فيه المتحدثة باسم كيبوتس بئيري الإسرائيلي القريب من غزة أن اثنتين من الضحايا الثلاث اللاتي تحدثت عنهن صحيفة "The New York Times" الأمريكية، في تحقيق استقصائي نُشر في ديسمبر/كانون الأول الماضي، زعم حدوث اعتداءات جنسية في طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لم تتعرضا لأي اعتداء جنسي، وفقاً لموقع The Intercept الأمريكي.
ورفضت المتحدثة باسم بئيري، ميخال بايكين، ما جاء في تقرير صحيفة New York Times عن الكيبوتس، ما يقوض بشكل أكبر مصداقية المقال المثير للجدل الذي نشرته الصحيفة، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، والذي اتهم حماس باستخدام "العنف الجنسي" سلاحاً في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
أشارت مقالة "نيويورك تايمز" إلى 3 ضحايا مزعومات للاعتداء الجنسي، وأوردت معلومات محددة عنهن. وإحداهن، وتعرف بـ "المرأة ذات الرداء الأسود"، كانت غال عبدوش. واعترض بعض أفراد عائلتها على ادعاءات الصحيفة.
وانتقد أحد الصحفيين لقاء المسؤولة الأممية بمنظمة البحث والإنقاذ المدنية الإسرائيلية زاكا "المعروفة بفضائحها"، قائلاً: "إذا لم يكن هذا تحقيقاً، فكيف يختلف تقريرك عن مقالة نيويورك تايمز؟".
إنها جزء من حملة إسرائيل ضد الأمم المتحدة
ويبدو أن حملة إسرائيل ضد الأمم المتحدة تتوسع، وهي تعتمد على الدعاية أكثر من الأدلة، إذ زعم وزير الخارجية كاتس الإسرائيلي، الذي قرر استدعاء أردان للتشاور الطارئ، أنه اتخذ الخطوة "كتعبير عن الاحتجاج ضد محاولة الأمين العام للأمم المتحدة دحض التقرير الذي أمر هو نفسه بإعداده عن جرائم حماس الجنسية، وذلك في محاولةٍ لنفي المسؤولية عن حماس.
وفي إطار، حملة إسرائيل ضد الأمم المتحدة، قالت صحيفة Yediot Ahronot العبرية إنه لم يجر عقد اجتماع طارئ في مجلس الأمن من أجل مناقشة التقرير أو إعلان حماس جماعةً إرهابية".
وفي مؤشر على تصعيد غير مسبوق في حملة إسرائيل ضد الأمم المتحدة، استخدم كاتس لهجةً حادة في كلماته عندما قال إن الأمين العام "وصل بالمنظمة إلى أدنى مستوياتها، وذلك بتجاهله الجرائم الفظيعة ضد الإنسانية التي تم ارتكابها بحق اليهود والإسرائيليين، كما يشارك باستمرار في محاولات لنزع مصداقية إسرائيل والإضرار بحقها في الدفاع عن نفسها"، حسب زعمه.
في وقت سابق الثلاثاء، قالت حركة"حماس"، إن تقرير باتن لم يوثّق أي شهادة لما تسمّيه ضحايا تلك الحالات، وإنما اعتمدت في تقريرها على مؤسسات إسرائيلية وجنود وشهود تمَّ اختيارهم من قِبل سلطات الاحتلال.
وشددت على أن "مزاعم السيدة باتن تتناقض بشكل واضح مع ما ظهر من شهادات لنساء إسرائيليات عن معاملة المقاومين الحسنة لهن، وكذلك شهادات الأسيرات الإسرائيليات المفرَج عنهن، وما أكدْنه من معاملة حسنة تلقينها أثناء مدّة أسرهن في غزة".
حملة إسرائيل ضد الأمم المتحدة لا تحظى بدعم أمريكي
واعتبرت صحيفة Yediot Ahronot أنه رغم هذه الأزمة الحادة، لم تتخذ إسرائيل سوى إجراءات محدودة للغاية حتى الآن.
ولا تتمتع حملة إسرائيل ضد الأمم المتحدة، بدعم الولايات المتحدة التي يبدو أنها لا ترغب في لتحرك بقوةٍ ضد المنظمة الدولية، حسب الصحيفة الإسرائيلية.
إذ تشير التقديرات إلى احتمالية التوصل لتسوية في النهاية، وإجراء الأمم المتحدة لنقاش خاص حول العنف الجنسي الذي تزعم تل أبيب دون أدلة أن حركة حماس ارتكبته، مع عرض تقرير براميلا أثناء النقاش.
لكن صبر الولايات المتحدة على إسرائيل له حدوده، كما أن تزايد التوترات مع إدارة بايدن ربما يؤثر في النهاية على دوافع واشنطن لاستخدام الفيتو والإجراءات الوقائية في حماية إسرائيل، حسب الصحيفة الإسرائيلية.
وعند النظر إلى القرارات والبيانات الأخيرة الصادرة عن الأمم المتحدة، فسنلاحظ أن الولايات المتحدة هي حائط الصد الأخير الذي يحول دون اتخاذ إجراءات فعلية ضد إسرائيل. وتجلى هذا في يوم الخميس الماضي 29 فبراير/شباط، عندما عرقلت الولايات المتحدة صدور بيان ضد إسرائيل من مجلس الأمن لتحميلها مسؤولية كارثة قافلة المساعدات، التي جرت في شارع الرشيد بمدينة غزة الأسبوع الماضي.
مقررة حقوق الإنسان بفلسطين تؤكد أن الإسرائيليين لم يُقتلوا في 7 أكتوبر لأنهم يهود
وبغض النظر عن القرارات والمقترحات التي تطرأ ضد إسرائيل، سنجد أن تصريحات مسؤولي المنظمة تحمل ثقلاً خاصاً بها أيضاً. حيث قالت فرانشيسكا ألبانيز، المقررة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، لصحيفة Guardian البريطانية الشهر الماضي إن إسرائيل تنتهك الأوامر الصادرة عن محكمة لاهاي بخصوص الحرب في غزة. وبعد بضع ساعات، نشرت فرانشيسكا تغريدةً أثارت الجدل عندما كتبت أن "ضحايا مذبحة 7 أكتوبر/تشرين الأول لم يُقتلوا لأنهم يهود، بل رداً على القمع الإسرائيلي". وقررت إسرائيل منع فرانشيسكا من دخول أراضيها بسبب تلك التصريحات.
وفي ديسمبر/كانون الأول، وجّه الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، انتقادات حادة للأمم المتحدة قائلاً: "لا يزالون عاجزين عن إدخال أكثر من 125 شاحنة يومياً مع الأسف بسبب الإخفاق الكبير من الأمم المتحدة في عملها مع شركاء آخرين بالمنطقة. وهذا يعني أنه من الممكن دخول ثلاثة أضعاف المساعدات الإنسانية إلى غزة لو ركزت الأمم المتحدة على تأدية عملها بدلاً من الشكوى طوال اليوم".
"الأونروا" تنال النصيب الأكبر من الدعاية الإسرائيلية
وجزء من حملة إسرائيل ضد الأمم المتحدة يتركز على وكالة الأونروا لغوث اللاجئين الفلسطينيين، التي يزعم الجيش الإسرائيلي أنها تضم في صفوفها أكثر من 450 من أعضاء حماس والجهاد الإسلامي، دون أن يقدم أدلة.
وقال المفوض العام لـ"الأونروا" فيليب لازاريني، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إن هناك "حملة متعمّدة ومنسقة" تجري حالياً لإغلاق الوكالة. ثم تطرق إلى تلك المزاعم بصورةٍ مباشرة خلال المؤتمر الصحفي التالي لخطابه، عندما قال: "لم أتلق أي أدلةٍ على مزاعم إسرائيل".
وأكّد لازاريني، خلال المؤتمر الصحفي، صحة التقرير الذي نشرته صحيفة New York Times الأمريكية، والذي أفاد بأن الأونروا ستنشر قريباً ما توصّلت إليه في تحقيقها حول مزاعم الانتهاكات بحق المعتقلين الفلسطينيين داخل قواعد الجيش الإسرائيلي. وذكر لازاريني أن مئات المعتقلين الفلسطينيين الذين أطلقت إسرائيل سراحهم عند معبر كرم أبو سالم عادوا إلى قطاع غزة "مصابين بالصدمة"، وذلك إثر تعرضهم "لتجارب صعبة".