"السلاح الذي سيقلم أظافر أمريكا النووية، وسيسقط أقمارها الصناعية وصواريخها العابرة للقارات"، هكذا تصف روسيا نظام إس 500 الصاروخي للدفاع الجوي، فما حقيقة هذه الإدعاءات؟ وهل نظام أس 500 هو أقوى دفاع جوي في العالم حقاً؟
وزعمت تقارير روسية مؤخراً، نقلاً عن مصادر، أن التجارب أكدت قدرة نظام إس 500 على تتبع وتحييد الأجسام عالية السرعة مثل الصواريخ فرط الصوتية.
وتزعم هذه التقارير أن هذه الاختبارات الناجحة شملت تجارب لنظام إس 500 ضد كل من الطائرات الاستراتيجية المتقدمة الفرط صوتية، على غرار مركبة "أفانجارد" الروسية (يقال إنها تحلق بـ25 ضعف سرعة الصوت).
في المقابل، تتفاوت المصادر الغربية في نظرتها لنظام إس 500 بين التشكيك في قدراته المعلنة من قبل روسيا وبين القلق من هذا النظام، ولكن يظل واحداً من أكثر الأسلحة الروسية غموضاً وهيبة.
وأطلق على نظام إس 500 اسم "بروميثيوس" إله الحرب في الأساطير الإغريقية، وهو بديل لنظامي إس 300 وإس 400، ولكن سيعمل بالتكامل معهما في البداية.
من المقرر أن يتم تشغيل بروميثيوس بحلول عام 2025.
روسيا تقول إن نظام إس 500 لا مثيل له.. وإليك الأهداف التي تزعم أنه قادر على إسقاطها
وتقول روسيا إن نظام الصواريخ المضادة للطائرات، والصواريخ الباليستية S-500، لا مثيل له على مستوى العالم، وتفاخرت بقدرته على تحييد مجموعة واسعة من التهديدات الجوية الحالية والمستقبلية.
علاوة على ذلك، يُزعم أن قدرة النظام على البقاء مدعومة بمرونته العالية في مواجهة التدخل الإلكتروني.
وبدأ تطوير نظام إس 500 عام 2010، كوريث لأنظمة S-400 التي تم كان قد نشرها قبل بضع سنوات.
ومنذ بدء تصميم S-500، أعاقت التأخيرات المتعددة إدخال النظام إلى الخدمة.
مثل نظامي إس 300 واس 400 اللذين سبقاه، تم تصميم إس 500 ليكون قادراً على هزيمة تهديدات الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز والمقاتلات، حسبما ورد في تقرير لموقع Warrior Maven.
ولكن كان أحد أبرز أهداف تطوير نظام إس 500 كان مواجهة الطائرات من الجيل الخامس والأقمار الصناعية ذات المدار المنخفض، وهي قدرات لم يتمكن نظام إس 400 وغيره من الأنظمة المعاصرة من من تحقيقها.
النظام يعتمد على نوعين من الصواريخ.. وإليك مداه المحتمل
يتكون نظام إس 500 الجديد من 4 صواريخ أرض-جو بعيدة المدى من طراز 40N6M أو صاروخين اعتراضيين من طراز 77N6.
وفقاً لمركز الدراسات الدولية والاستراتيجية، يمكن للصواريخ طويلة المدى 40N6M أن تصل إلى مدى 400 كيلومتر، بينما يمكن للصواريخ الاعتراضية من سلسلة 77N6 أن تصل إلى حوالي 600 كيلومتر، وهو مدى يعادل نحو 4 أضعاف مدى نظام أس 400 ونحو عشرة أضعاف نظام إس 300.
ويقال إن مجمع رادارات إس 500 يسمح له باكتشاف الأهداف الباليستية والطائرة على مسافة تصل إلى 2000 و800 كيلومتر على التوالي.
وأوضح كبير مهندسي نظام S-500، بافيل سوزينوف، أن النظام الجديد "يعمل على تحييد الأسلحة الهجومية الأمريكية ويتفوق على جميع الأنظمة الأمريكية المضادة للطائرات والصواريخ.
ويمتلك نظام أس 500 القدرة على الاشتباك مع الرؤوس الحربية للصواريخ الباليستية العابرة للقارات، والتي تنتقل بسرعات فرط صوتية عبر الغلاف الجوي القريب، إضافة إلى الأنظمة قصيرة المدى حسب ديمتري كورنيف، محرر بوابة Militaryrussia.
ويشمل ذلك اعتراض الوحدات والصواريخ الموجهة التي تحلق بسرعة فرط صوتية على ارتفاعات منخفضة نسبياً.
وأشار المحرر إلى أن نجاح نظام بروميثيوس في التعامل مع الأهداف الفرط صوتية يرجع على الأرجح إلى راداراته المتقدمة ومجمع الكمبيوتر القوي، الأمر الذي يتيح المعالجة الفعالة للمعلومات الواردة من الرادارات وتسهل توليد بيانات دقيقة للقاذفات وأنظمة التوجيه.
علاوة على ذلك، يمكن لنظام إس 500 التنسيق مع نظام إس 400، حسبما ورد في تقرير لموقع Eurasian Times.
وفي حين قد تدعي موسكو أن نظام إس 500 يمكنه بسهولة إسقاط مقاتلات الجيل الخامس مثل F-22 Raptor أو F-35 Joint Strike Fighter الأمريكيتين، إلا أنه من الصعب تأكيد هذا الادعاء الذي لم يختبر بعد.
فبينما من المؤكد أن نظام إس 500 نظام متطور للغاية، إلا أنه من المستحيل على التحقق بشكل مستقل من هذه الادعاءات في ظل عدم اختباره من أي جهة خارجية أو دخوله في معارك عكس نظامي إس 300 الروسي وباتريوت الأمريكي اللذين استخدما بكثافة خلال حرب أوكرانيا.
هل يستطيع إسقاط الصواريخ الباليستية وهل يستحق لقب أقوى نظام دفاعي جوي بالعالم؟
واحدة من أكثر المخاوف التي يثيرها نظام إس 500 بالنسبة للولايات المتحدة هو حديث الروس أنه قادر على استهداف الصواريخ الباليستية السلاح الأهم كوسيلة للردع النووي.
ولهذا السبب، اُعتبر نظام أس 500 في البداية، أفضل من نظام ثاد الأمريكي بالنظر إلى ما قيل عن قدرته على اعتراض الأهداف خارج الغلاف الجوي، وفي الوقت نفسه، يفترض أنه سيكون أكثر دقة من نظام أس 400.
ولكن تشكك بعض المصادر الغربية في إدعاءات الروس هذه.
وقال بافيل لوزين، وهو زميل بارز في مركز أبحاث تحليل السياسة الأوروبية، لصحيفة Defense News: "إن صاروخ 40N6 المجهز بمنظومة إس-500 مستخدم بالفعل في منظومة إس-400 وهو ليس فريداً من نوعه".
وفي عام 2014، أشارت التقارير إلى أن نظام إس 500 كان سيطلق صواريخ 77N6-H و77N6-H1. منذ ذلك الحين، تم تأكيد تطوير الأول، لكن وضع الأخير مازال غير واضح، وهو الذي كان من المفترض أن يكون قادراً على تدمير الأقمار الصناعية الموجودة في مدارات منخفضة ويحمل رأساً حربياً نووياً منخفض القوة.
في المقابل، تفيد تقارير بأن الصاروخ 77N6-N الذي يستخدمه نظام إس 500.، قادر على التصدي للصواريخ متوسطة المدى وبعض الصواريخ الباليستية العابرة للقارات (وليس كلها)، بحسب ما نسب bulgarian military لتقارير استخباراتية أمريكية.
ويرى تقرير صحيفة Defense News" إنه وفقاً لخصائصه، يبدو أن نظام أس 500 يتفوق على سلفه الروسي "إس 400″، لكنه أقل من نظام ثاد الأمريكي – لأنه لا يوجد به اعتراض خارج الغلاف الجوي.
ونقلت الصحيفة عن ضابط روسي برتبة عقيد تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته قوله، إن المرحلة الثانية من الصاروخ المضاد للطائرات 77N6-N مطابقة للمرحلة الثانية من صاروخ 9M82MV الذي يستخدمه نظام إس 300 V4 الأقدم.
وأضاف العقيد أن صاروخ 77N6-N لكي يكون قادراً على المناورة في مدار منخفض للأرض، سيتطلب مرحلة قتالية ثالثة مدمجة وخفيفة، ولكن لا توجد مثل هذه المرحلة حتى الآن.
ويشكك الخبراء الذين أجرت مجلة Defense News مقابلات معهم في قدرة صواريخ 77N6-N و77N6-N1 على تزويد نظام S-500 بالدقة المطلوبة لمهمته. وكان من المفترض أن تكون هذه الصواريخ أول صواريخ روسية تحمل رؤوساً حربية خاملة (أي غير متفجرة)، لكن الصناعة المحلية لم تتمكن من الحصول على الجودة اللازمة للإلكترونيات، حسبما صرح كل من لوزين والعقيد الروسي لـDefense News.
علاوة على ذلك، قال وزير الصناعة والتجارة الروسي، دينيس مانتوروف، في يونيو/حزيران 2023، إن نظام إس 500 سيكون قادراً على اعتراض الصواريخ الفرط صوتية.
ومع ذلك، أوضح العقيد الروسي الذي رفض الإفصاح عن هويته أن نظام إس 500 لم يخضع لاختبار هذه القدرة، ولا يبدو أن روسيا لديها صواريخ من شأنها أن تسقط الصواريخ فرط الصوتية.
الروس ما زال في جعبتهم نظام أكثر تطوراً، وقد يدمر الأقمار الصناعية الأمريكية
ولكن المجلة تعترف بأن الروس ما زال في جعبتهم سلاح قد يكون خطيراً بالنسبة لخصومهم الأمريكيين، وهو نظام إس 550، المطور من إس 500، والمخصص للعمل في الفضاء مع قدرات كشف محسنة ومدى أكبر مقارنة بأنظمة S-400 وS-500. ومن المقرر أن تتسلم القوات الجوية الفضائية الروسية هذا النظام بحلول عام 2025.
وأفادت مصادر عسكرية روسية بأن موسكو اختبرت في 28 ديسمبر/كانون الأول 2021، بنجاح نظام أس 550 المشتق من نظام أس 500 بروميثيوس.
واختلف الخبراء الذين قابلتهم مجلة Defense News في تقييماتهم لقدرات S-550 المحتملة، لكنهم اتفقوا على أن النظام سيستكمل قدرات أس 500 وأن غرضه الرئيسي سيكون إما هزيمة الأهداف ذات السرعة الفرط صوتية أو الأقمار الصناعية.
وهناك إجماع على أنه سيكون نظاماً متنقلاً يركز على الدفاع الاستراتيجي. ومن المتوقع أن يوفر الحماية ضد الصواريخ الباليستية العابرة للقارات الحاملة للرؤوس النووية.
وسيمثل نظام إس 550 خطوة مهمة نحو بناء قدرة فضائية هجومية روسية إذ تلمح مصادر روسية مطلعة إلى أنه سيكون لديه وظيفة "الهجوم الفضائي"، والتي يمكن أن تشمل مهام مثل اعتراض المركبات الفضائية ذات المدار الأرضي المنخفض مثل الطائرة العسكرية الأمريكية X-37B. هذا فضلاً عن المهام المضادة للأقمار الصناعية.
ونظراً لأهمية الأقمار الصناعية بالنسبة للجيش الأمريكي، يعتقد الاستراتيجيون الروس أن استهدافها من شأنه أن يشل على الأقل هذه الأقمار التي تمثل ميزة واشنطن الكبرى في حالة نشوب صراع مسلح بين البلدين.
قد يكون هناك شكوك من الخبراء الغربيين في كون نظام إس 500 هو أقوى نظام دفاع جوي في العالم وأنه قادر على إسقاط الصواريخ الباليستية العابرة للقارات والأقمار الصناعية، ولكن شكوكهم أقل في أن هذا اللقب قد ينتقل لنظام إس 550، الذي لن يمثل فقط خطراً على طائرات أمريكا وصواريخها بل أقمارها الصناعية أيضاً.