تظهر بيانات رسمية من وزارة الزراعة الإسرائيلية، قائمة الدول التي واصلت تصّدير الخضار والفواكه إلى إسرائيل، منذ بدء الحرب على غزة، طبقاً لتقرير الوزارة الصادر عن الفترة المُحددة من 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 وحتى 11 فبراير/شباط 2024، وكشفت البيانات أن شركات من تركيا والأردن هي أكثر من صدّر هذه المنتجات لإسرائيل.
كذلك حصل "عربي بوست" على نسخ من وثائق رسمية أردنية، تظهر إخفاء اسم إسرائيل في قائمة الجهات التي تستقبل صادرات من المملكة، وسط تصاعد الغضب الشعبي من استمرار تزويد الاحتلال بالمنتجات خلال فترة الحرب.
ويبلغ عدد الدول التي زودت شركاتها إسرائيل بالخضار والفواكه منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة، 24 دولة، وساهمت الشركات بتوفير حل لأزمة إسرائيل المرتبطة بالأمن الغذائي الزراعي، والتي نجمت عن تضرر الزراعة بمستوطنات غلاف غزة التي أخلاها الاحتلال عقب هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، وخروج آلاف الأيدي العاملة عن العمل، فضلاً عن مساهمتها في تخفيف وطأة ارتفاع الأسعار الناجم عن نقص المنتجات.
ويُقدر عميت يفراح، رئيس اتحاد المزارعين الإسرائيليين، بأن 75% من الخضروات المستهلكة في إسرائيل كانت تأتي من غلاف غزة، إضافة إلى 20% من الفاكهة.
نصف صادرات الخضار لإسرائيل من شركات تركية وأردنية
الأرقام الإسرائيلية الرسمية التي رصدها "عربي بوست"، تبيّن أن شركات من تركيا والأردن مجتمعة، صدّرت من الخضار والفواكه لإسرائيل، ضعف ما صدرته شركات بقية الدول الـ22 الواردة بقاعدة بيانات وزارة الزراعة الإسرائيلية، وبلغت نسبة ما صدّرته شركات الدولتين 54.66%.
يأتي تصدير الكميات الضخمة للمنتجات من شركات تركية وأردنية، فيما يشهد البلدان على المستوى الشعبي حملات مقاطعة واسعة للبضائع الإسرائيلية والعلامات التجارية الداعمة لإسرائيل، إضافة لاحتجاجات على الحرب الإسرائيلية على غزة. كما أكدت حكومتا البلدين أن تصدير المنتجات من أراضيهما يتم عبر شركات خاصة وليست حكومية، وتُشير أيضاً إلى أن صادرتها يذهب جزء منها للفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة.
ومنذ يوم 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وحتى 11 فبراير/شباط 2024، بلغ عدد أطنان صادرات الفواكه والخضراوات الواصلة لإسرائيل، 119.715 طناً، من بينها 65.410 أطنان، بلد المنشأ لها تركيا والأردن، وتفوق كمية تصدير الخضار لإسرائيل من شركات الدولتين، ما تم تصديره من دول مثل أمريكا، وإيطاليا، وهولندا، والصين، إلى إسرائيل.
وصدّرت شركات تركية لوحدها 39.713 طناً من الخضراوات والتفاح، فيما صدّرت شركات أردنية 25.697 طناً من أنواع مختلفة من الخضراوات، وتظهر البيانات أن أكثر 6 دول صدّرت هذه المنتجات لإسرائيل منذ بدء الحرب هي: تركيا، والأردن، وهولندا، وإيطاليا، وفرنسا، والصين.
ومن خلال الصور أدناه، يمكنكم معرفة مقدار ما صدرته كل دولة من خضراوات وفواكه لإسرائيل.
تضاعف كمية الصادرات الأردنية لإسرائيل
ويشير تحليل بيانات وزارة الزراعة الإسرائيلية، إلى أن الصادرات من الشركات التركية سجلت ارتفاعاً طفيفاً في معدل التصدير الشهري لإسرائيل، خلال الأشهر من أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى فبراير/شباط 2024.
على النقيض من تركيا، فإن الشركات الأردنية بدأ معدل صادراتها بمستوى منخفض مع بدء الحرب على غزة، وتصاعد بمعدل الضعف من أكتوبر/تشرين الأول 2023، إلى فبراير/شباط 2024، على الرغم من حملات المقاطعة والاحتجاجات ضد الحرب على غزة.
وقبل بدء الحرب، أكدت تصريحات رسمية أردنية، أن إجمالي صادرات الأردن من الخضار إلى إسرائيل يبلغ نحو 1300 طن شهرياً، وتشير الأرقام الرسمية الإسرائيلية، إلى أن هذه الكمية تزايدت أضعاف ما كانت عليه، خلال الفترة من أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى فبراير/شباط 2024.
ما الذي صدّرته الشركات لإسرائيل؟
تُشير الأرقام الرسمية الإسرائيلية، إلى أن تل أبيب استوردت 25 نوعاً من الخضراوات والفواكه، من الدول الـ24، وأكثر ما تم استيراده الطماطم (29117 طناً)، ثم البصل (22561 طناً)، يليهما التفاح (17328 طناً)، والبطاطا (15124 طناً)، والخيار (12401 طن).
وجميع صادرات الطماطم التي وصلت إلى إسرائيل منذ بدء الحرب، مصدرها الأراضي التركية والأردنية، حيث صدّرت شركات تركية 18004 أطنان من الطماطم، فيما صدّرت شركات أردنية 11113 طناً.
كذلك فإن المصدر الوحيد لصادرات الخيار التي وصلت لإسرائيل منذ بدء الحرب هي شركات تركية وأردنية، وتظهر البيانات أن الشركات الأردنية لوحدها صدّرت 9975 طناً (80.4% من المجموع الكلي لصادرات الخيار)، في حين صدّرت الشركات التركية 2425 طناً.
أيضاً كانت الشركات التركية والأردنية المصدر الوحيد لخضراوات أخرى وصلت لإسرائيل، مثل الكوسا، والفلفل.
استبدال اسم إسرائيل في الوثائق الرسمية
حصلنا في "عربي بوست" على نسخ من وثائق رسمية تعود لوزارة الزراعة الأردنية، ويظهر فيها جانب من تفاصيل الصادرات من الأردن إلى إسرائيل، وأجرينا مقارنة بين الأرقام الصادرة رسمياً عن الأردن، وتلك الصادرة رسمياً عن إسرائيل، ووجدنا تقارباً كبيراً في الأرقام المتعلقة بالصادرات الأردنية لإسرائيل خلال الحرب.
أظهرت الوثائق، أنّ هناك نموذجين لتوثيق الصادرات صادرين عن وزارة الزراعة الأردنية، الأول قبل بدء الحرب على غزة، والثاني بعدها، وفي النموذج الأول حصلنا على وثائق تعود لشهر فبراير/شباط 2022، كانت الوزارة تكتب كلمة "إسرائيل" ضمن الجهات التي تُصدّر إليها المنتجات الأردنية.
وفي وثائق النموذج الثاني وتعود لشهري 11 و12 من عام 2023، وشهر 1 من عام 2024، استبدلت الوزارة كلمة إسرائيل، بكلمة "أُخرى"، وقال مصدر في وزارة الزراعة الأردنية لـ"عربي بوست" فضّل عدم كشف اسمه، إن استبدال "إسرائيل، بكلمة أخرى، جاء خشية ردة الفعل الشعبي الأردني الغاضب من التصدير لإسرائيل".
تُظهر وثيقة من وزارة الزراعة الأردنية، أن مجموع ما تم تصديره من الأراضي الأردنية خلال شهر ديسمبر/كانون الأول 2023 إلى الجهة المُسماة "أخرى"، 6632 طناً عبر مركز زراعي المعبر الشمالي، والمنتجات المُصدرة 6، وهي الباذنجان، والطماطم، والخيار، والفلفل، والكوسا، واليقطين.
عند النظر إلى قاعدة البيانات الرسمية الإسرائيلية، فإن إسرائيل استوردت من الأردن خلال ديسمبر/كانون الأول 2023، 6554 طناً، وما استوردته كان الأنواع الستة المذكورة أعلاه في الوثيقة الرسمية الأردنية.
لننظر إلى هذه الوثيقة (المنشورة أعلاه) ومصدرها وزارة الزراعة الأردنية، والتي تتحدث عن صادرات الأردن في شهر 12 من عام 2023، وتذكر الوثيقة أنه تم تصدير 63 طناً من الباذنجان إلى جهة مُسماة "أخرى"، وبالنظر إلى قاعدة البيانات الرسمية الإسرائيلية، نجد أن إسرائيل استوردت 65 طناً من الباذنجان من الأردن، في الفترة بين 10 ديسمبر/كانون الأول 2023 و3 يناير/كانون الثاني 2024.
كذلك تذكر وثيقة وزارة الزراعة الأردنية، أن صادرات الخيار خلال شهر 12 من عام 2023 إلى الجهة المُسماة "أخرى" وصلت إلى 3095 طناً، وفي قاعدة البيانات الإسرائيلية الرسمية، فإن ما استوردته إسرائيل من الخيار من الأراضي الأردنية خلال شهر 12 من عام 2023، هو 3172 طناً.
وعلم "عربي بوست" من مصدر في وزارة الزراعة الأردنية -طلب عدم ذكر اسمه- أن هناك نحو 200 جهة تعمل في استيراد وتصدير الخضراوات والفواكه من وإلى السوق الأردنية، فيما تبرز أسماء 4 شركات في مجال تصدير الخضار لإسرائيل.
وكانت حسابات إسرائيلية قد نشرت على شبكات التواصل الاجتماعي في ديسمبر/كانون الأول 2023، صوراً أظهرت صناديق من الكوسا القادمة إلى إسرائيل من الأردن، وتظهر على الصناديق ملصقات تُشير إلى اسم مؤسسة رائد الهمشري التجارية. ولم تعلّق المؤسسة على الصور التي نشرها إسرائيليون، كما تعذر تواصلنا معها بسبب توقف موقعها الإلكتروني وغياب أي جهة متاحة للتواصل مع المسؤولين فيها.
ومنذ بدء الحرب على غزة، شهدت كل من تركيا والأردن مطالبات واسعة بوقف العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل، وشهد البلدان في مرات عدة احتجاجات واسعة منددة بالاحتلال ومناصرة لغزة، إضافة لحملات مقاطعة واسعة.
وأمام موجة غضب شعبي، صدرت مواقف رسمية علّقت على التجارة المستمرة بين الدولتين وإسرائيل خلال الحرب، فوزير الزراعة الأردني، خالد الحنيفات، قال إن "موضوع تصدير الخضار والفواكه من الأردن إلى إسرائيل يعود للقطاع الخاص وليس مرتبطاً بالقطاع العام، وليس للحكومة أي مكنة قانونية عليه"، بحسب تعبيره.
كذلك أشار الحنيفات، في تصريحات بثها تلفزيون المملكة، إلى أنّ وزارة الزراعة "لا تشجع على التصدير لإسرائيل، لكنّها في الوقت نفسه لا يمكنها منع القطاع الخاص".
تواصل "عربي بوست" مع الأمين العام لوزير الزراعة محمد الحياري، وبعد سؤاله: لماذا لم توقف الوزارة الشركات التي تصدّر لإسرائيل؟ ولماذا لم توقف العمل باتفاقية زيادة الصادرات من الخضراوات إلى إسرائيل؟ ليجيب بالقول: "تصريحات وزير الزراعة غطت هذه التفاصيل".
على المستوى التركي، أعلن وزير التجارة التركي عمر بولاط، في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، عن انخفاض التبادل التجاري بين بلاده وإسرائيل إلى أكثر من 50% منذ بدء الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وفي يناير/كانون الثاني 2024، أزالت تركيا إسرائيل من قائمتها للدول المستهدفة للتصدير، وقالت صحيفة "غلوبس" الإسرائيلية، إن "تركيا بهذا القرار ستتوقف عن دعم الشركات التي تعمل مع إسرائيل، وإن القرار يبعث، كذلك، برسالة إلى الشركات التركية مفادها أنها إذا تاجرت مع إسرائيل، فإن الدولة لن تساعدها، كما أن القرار يعني توقف دعم وزارة التجارة التركية للمؤتمرات المشتركة مع إسرائيل".
على الرغم من هذا الموقف الرسمي التركي، إلا أن بيانات وزارة الزراعة الإسرائيلية تؤكد أن شركات في تركيا أرسلت شحنة من الخضراوات إلى إسرائيل، بتاريخ 8 فبراير/شباط 2024.
وفيما تتوافد منتجات الخضار والفواكه إلى إسرائيل من دول عدة حول العالم، تزداد معاناة السكان في غزة من المجاعة التي تنتشر بين سكانها، بسبب حصار إسرائيل للقطاع، وإدخال كميات قليلة للغاية من المساعدات.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تسببت الحرب الإسرائيلية على غزة، باستشهاد أكثر من 29 ألف شخص، وإصابة ما لا يقل عن 69 ألف شخص.