يشهد السودان، منذ منتصف أبريل/نيسان 2023، حرباً بين الجيش السوداني بقيادة قائد مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه محمد دقلو (حميدتي)، أدت إلى حركة نزوح غير مسبوقة في البلاد، بسبب انتشار رقعة المعارك وبوتيرة سريعة، لا سيما في شهري نوفمبر وديسمبر 2023.
10 ولايات من أصل 18 ولاية في السودان، تمثل جبهات القتال الحالية بين الجيش وقوات الدعم السريع، وهي:
- العاصمة الخرطوم (وسط البلاد).
- ولايات إقليم دارفور الخمس (غرب البلاد): شمال دارفور، جنوب دارفور، وسط دارفور، شرق دارفور، غرب دارفور.
- ولايات كردفان الثلاث: شمال كردفان، جنوب كردفان، غرب كردفان.
- ولاية الجزيرة (شرق البلاد).
بالتالي تتركز المعارك في غرب ووسط وشرق البلاد، باستثناء المناطق الشمالية والساحلية.
خريطة السودان وفق حركة النزوح
خلّفت المعارك حتى الآن، أكثر من 12 ألف قتيل، وما يزيد على 7 ملايين نازح ولاجئ، وفقاً للأمم المتحدة.
وقالت المنظمة الدولية للهجرة إن إجمالي عدد النازحين ارتفع إلى أكثر من 7.1 مليون نسمة، وهي "أكبر أزمة نزوح في العالم".
من إجمالي هذا العدد، فإن عدد من لجأوا إلى دول مجاورة، وصل إلى 1.5 مليون شخص، فرّوا من إقليم دارفور، وإقليم كردفان، ومن العاصمة الخرطوم.
أعداد النازحين وأماكن نزوحهم
وفقاً لأرقام النزوح التابعة للمنظمة الدولية للهجرة، فإنه نزح أكثر من 5.5 مليون شخص داخل البلاد منذ أبريل/نيسان 2023.
أفادت بأن أعلى النسب لإجمالي النازحين، كانت في الخرطوم 35%، وجنوب دارفور (13%)، وشرق دارفور (12%)، ونهر النيل (11%)، والجزيرة (9%)، وشمال دارفور (8%).
بحسب تقرير المنظمة، فإن غالبية النازحين داخلياً، نزحوا من الخرطوم، وعددهم 3.5 مليون شخص، وتبلغ نسبتهم 64% من مجموع النازحين داخلياً.
تليها ولاية جنوب دارفور (17%)، وشمال دارفور (9%)، ووسط دارفور (4%)، وغرب دارفور (3%)، وأقل من ذلك في باقي الولايات.
أما خارجياً، فبحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فقد عبر حوالي 1.4 مليون شخص إلى البلدان المجاورة منذ 15 أبريل/نيسان 2023.
بحسب مراسل "عربي بوست"، فإن النازحين غرب البلاد، يتركزون في ولاية شمال دارفور، بين منطقتي الفاشر وأم كدادة، ويعيشون ظروفاً إنسانية صعبة، بعد اضطرارهم للفرار من المعارك التي اندلعت في مناطقهم في ولايات إقليم دارفور المختلفة.
تسلسل المعارك
بدأت الأمور تتسارع ميدانياً في البلاد، منذ إعلان قوات الدعم السريع سيطرتها المفاجئة على مدينة نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور، بعد سحب الجيش حاميته العسكرية من هناك، حيث مقر الفرقة 16، وصولاً إلى فرض نفوذها في ولاية الجزيرة بعد انسحاب الفرقة الأولى مشاة في الجيش أيضاً.
5 ولايات هو مجموع المناطق السودانية التي تمكنت قوات الدعم السريع من فرض سيطرتها عليها على خريطة السودان، من أصل 10، التي تشهد معارك حامية بينها وبين الجيش السوداني.
البداية من العاصمة وغرب السودان
منذ أبريل/نيسان 2023، تندلع الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وكانت محصورة في مناطق محددة، في مقدمتها العاصمة الخرطوم، ومدينة أم درمان وسط البلاد.
استمرت المعارك حتى 14 سبتمبر/أيلول 2023، حين بدأت قوات الدعم السريع بفتح جبهة جديدة في شمال كردفان، والفرقة 22 من الجيش السوداني فيها.
بعدها، شهدت جبهات القتال هدوءاً نسبياً في كل من العاصمة وشمال كردفان، لتبدأ بعدها بشهر، في أكتوبر/تشرين الأول جبهات قتال جديدة، بعيداً عن وسط البلاد.
اتساع دائرة المعارك كان مفاجئاً في أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2023، لتشمل ولايات إقليم دارفور، الذي يمثل غرب البلاد، لتتمكن قوات الدعم السريع من السيطرة على كامل الإقليم، باستثناء ولاية شمال دارفور وعاصمتها الفاشر، التي توجد فيها الحركات المسلحة الموقعة على اتفاقية جوبا للسلام.
29 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بدأ نفوذ قوات الدعم السريع على الأرض، ليكسب مناطق سيطرة لها على خريطة السودان، بعد أن أعلنت سيطرتها على ولاية نيالا في ولاية جنوب دارفور، بعد انسحاب الفرقة 16 منها.
31 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أعلنت قوات الدعم السريع السيطرة على مدينة زالنجي مركز ولاية وسط دارفور، بعد انسحاب الفرقة 21 منها.
1 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، أحرزت قوات الدعم السريع تقدماً كبيراً في ولاية شمال دارفور، وحاصرت عاصمتها مدينة الفاشر، التي باتت المركز الأول في إقليم دارفور للنازحين من الولايات التي سيطرت هذه القوات عليها.
4 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على مدينة الجنينة، مركز ولاية غرب دارفور، بعد انسحاب الفرقة 15 في الجيش السوداني من مقاره وحامياته العسكرية.
20 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، أعلنت كذلك قوات الدعم السريع سيطرتها على مدينة الضعين، مركز ولاية شرق دارفور، بعد انسحاب الفرقة 20.
سقوط غالبية ولايات إقليم دارفور تباعاً بهذا الشكل، وخلال أقل من شهر واحد، أثار جدلاً كبيراً، لا سيما أنه أتى بعد انسحابات الجيش السوداني من حامياته العسكرية ومقاره في غرب البلاد، وإقراره بذلك بعدها، وأنه فتح تحقيقاً في ذلك.
خلال شهر ديسمبر/كانون الأول، شهد ولايتي جنوب كردفان، وغرب كردفان، معارك عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، دون تحقيق الأخيرة انتصاراً على الأرض حتى الآن.
18 ديسمبر/كانون الأول 2023، شهد استمراراً لانسحابات الجيش السوداني، وهذه المرة من مقر فرقته الأولى مشاة في مدينة ود مدني، مركز ولاية الجزيرة وسط البلاد، لتعود المعارك للتتركز وسط البلاد، ولكن هذه المرة باتجاه مناطق شرق البلاد.
محاولة السيطرة على نصف مساحة السودان
بحسب التطورات الميدانية الأخيرة، فإن المعارك في السودان تشتعل على نصف مساحته تقريباً، ما يهدد هذه المساحة من وقوعها بشكل كامل تحت سيطرة قوات الدعم السريع.
خريطة السودان من حيث معارك السيطرة، توضح أن قوات الدعم السريع تحاول أن توصل مناطق نفوذها في إقليم دارفور غرب البلاد، بوسط البلاد، من خلال محاولة السيطرة على إقليم كردفان، لسهولة الإمداد والدعم.
تقع في هذه المنطقة حامية عسكرية للجيش ومقار قديمة لبعثة "اليوناميد" (قوة مختلطة بين الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في دارفور) التي شهدت انسحاب رتل من قواتها العسكرية، خلال الفترات الماضية، بحسب مصادر لـ"عربي بوست"، في تقرير سابق.
توسع الحرب وجبهات القتال
تثير التطورات الميدانية الأخيرة، مخاوف من أن يرتفع العدد الإجمالي للنازحين داخل البلاد أكثر، لا سيما مع توسع سيطرة قوات الدعم السريع إلى ولاية الجزيرة.
الأمر علق عليه المحلل والباحث السوداني أمية أبو فدية في حديثه لـ"عربي بوست"، بأن "ولاية الجزيرة بسبب انفتاحها جغرافياً على كثير من الولايات، فإن سقوطها يجعل العديد من الولايات مهددة بالسقوط أيضاً تحت سيطرة قوات الدعم السريع".
وأفاد بأن هذه الولايات هي:
- ولاية سنار.
- ولاية النيل الأبيض.
- ولاية النيل الأزرق.
- ولاية شمال كردفان.
- ولاية القضارف.
وأكد أنها باتت جميعها مهددة بوجود عمليات عسكرية تستهدفها، في حال لم تستعد القوات المسلحة سيطرتها على ولاية الجزيرة.
ونزوح حوالي 250 إلى 300 ألف شخص من ود مدني والمناطق المحيطة بها بولاية الجزيرة عقب الاشتباكات بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع حول ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة، وفقاً للمنظمة الدولية للهجرة.
وعبّر النائب الجديد لرئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني مالك عقار، الإثنين 25 ديسمبر/كانون الأول 2023، عن "القلق" من توسع دائرة الحرب في ولاية الجزيرة وسط البلاد.
وتوعد رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، في 21 ديسمبر/كانون الأول 2023، بـ"محاسبة كل متخاذل"، عقب إعلان "الدعم السريع" سيطرتها على مدينة ود مدني.
يشار إلى أنه منذ منتصف أبريل/نيسان 2023، خلّفت الحرب أكثر من 12 ألف قتيل، وما يزيد على 7 ملايين نازح ولاجئ، وفقاً للأمم المتحدة.