تلقي أزمة البطالة بظلالها على الشباب في مصر، في وقت تعاني فيه البلاد من أزمة اقتصادية متردية، الأمر الذي علّق عليه مصدر في جهاز التعبئة والإحصاء المصري، محذراً من أن الشريحة الأكثر تأثراً في البلاد هي من الحاصلين على شهادات جامعية، في وقت تغلق فيه مشروعات تجارية عدة بينها مصانع وورش منها ما تحول إلى مقاهٍ بسبب غياب مستلزمات الإنتاج والدعم الحكومي.
تناول المصدر أيضاً في حديثه لـ"عربي بوست" أسباب تزايد البطالة في البلاد، من بينها تراجع الجنيه أمام الدولار، الأمر الذي انعكس بشكل مباشر على الشباب الباحثين عن فرص عمل في القطاعين العام والخاص.
"محمد هشام" أحد هؤلاء الشباب الذين يعانون من البطالة، هو شاب مصري حاصل على شهادة جامعية في المحاسبة، فقد عمله مؤخراً بعد مطالبته صاحب العمل بزيادة راتبه تزامناً مع تراجع قيمة الجنيه المصري، الأمر الذي رفضه الأخير، ما اضطر الشاب إلى أن يترك عمله بحثاً عن فرصة أخرى أفضل.
تحدث هشام لـ"عربي بوست" عن حقيقة اصطدامه بواقع سوق العمل المتأثر بالأزمة الاقتصادية في مصر ودخوله إلى صفوف العاطلين عن العمل. فبعد أن غادر عمله، قبل 6 أشهر، لم يكن يعلم أنه سيجد صعوبة أكبر في الحصول على عمل بديل.
روى تجربته وهو يعبر عن حزنه بسبب الحال التي وصلت إليها البطالة في البلاد التي يعاني منها شخصياً، موضحاً أنه مكث في منزله طيلة الفترة الماضية على الرغم من كونه يعمل في مجال المحاسبة، الذي تحتاجه أية مشروعات في القطاع الخاص بمختلف مجالاته.
عمل هشام الذي يبلغ من العمر 30 عاماً ويقيم في العاصمة المصرية القاهرة، مع شركة للمستلزمات الطبية، لكنه وصل إلى طريق مسدودة مع إدارتها، لكنه وجد بعدها أن فرص العمل في القطاع الخاص أضحت صعبة للغاية، لا سيما أن غالبية الشركات والمصانع قررت الاستغناء عن جزء من موظفيها، مع تراجع قدراتها الإنتاجية.
علق كذلك بالقول إن قلة فرص العمل الجديدة وهيمنة الانكماش على السوق بوجه عام، يضع ملايين الشباب أمام مأزق توفير قوت يومهم، مع الارتفاعات المستمرة في الأسعار.
البطالة تنتشر بين الشباب الجامعيين
هشام ليس حالة فردية، فما يعاني منه هو الأمر ذاته بالنسبة لكثير من الشباب الحاصلين على الشهادات الجامعية في البلاد، بحسب مصدر في جهاز التعبئة والإحصاء، الذي أوضح أن مصر تعاني من فجوة كبيرة في زيادة أعداد البطالة، تحديداً ممن حصلوا على شهادات جامعية، الذين ليس لديهم شواغر في سوق العمل.
عن الأرقام المتعلقة بذلك، قال لـ"عربي بوست"، إن معدلات البطالة بين خريجي الجامعات تصل إلى 44% من إجمالي عددهم، بعكس الشهادات المتوسطة والدبلومات الفنية والقائمة بالأساس على الحرف، التي تصل فيها معدلات البطالة بين خريجيها إلى 38%.
أشار أيضاً إلى أن اتجاه الخريجين يكون بالأساس إلى الأعمال البسيطة، التي لا تكون بحاجة إلى مهارات تعليمية متطورة، ويرجع ذلك إلى تراجع جودة التعليم بوجه عام، ما يجعل أنشطة مثل الزراعة وصيد الأسماك تستحوذ على القطاع الأكبر من حجم المشتغلين بنسبة تصل إلى 20% من إجمالي العاملين في قطاعات مختلفة.
تلك الأنشطة بالنسبة للخريجين، تحافظ إلى حد ما على ثباتها بحسب المصدر ذاته، موضحاً أنها لم تتعرض إلى تقلبات استيراد مستلزمات الإنتاج من الخارج، وإن كانت الزراعة تأثرت بعض الشيء، نتيجة توقف عملية استيراد الأسمدة الكيماوية والأعلاف.
أشار المصدر ذاته أيضاً إلى أن ثاني القطاعات التي يعمل بها الخريجون المصريون، تتمثل في الأنشطة التجارية، التي تستحوذ على 15% من إجمالي المشتغلين، وتأثرت كذلك نتيجة انكماش السوق وارتفاع معدلات التضخم، الأمر الذي اضطر بعض المحال والشركات للاستغناء عن بعض العاملين فيها.
القطاع الأكثر تضرراً
أما القطاع الأكثر تتضرراً، فقال المصدر إنه يتمثل في التشييد والبناء، مع توقف غالبية شركات المقاولات الخاصة عن العمل.
وأشار إلى أن ما يقرب من مليون ونصف المليون عامل فقدوا عملهم في هذا القطاع خلال السنوات الثلاث الماضية، من بين إجمالي 3 ملايين عامل يعملون به.
الأمر ذاته أيضاً بالنسبة للعاملين في مجالات النقل والتخزين، التي تراجع أعداد العاملين فيها مع الانكماش الحاصل في الاقتصاد المصري بوجه عام، الذي طال القطاع الخاص على نحو أكبر، وفق المصدر ذاته.
أرقام رسمية عن البطالة
أما عن أرقام البطالة، فقد صدر تقرير مؤخراً عن المركز المصري للدراسات الاقتصادية، أكد تراجع إنتاج الوظائف في القطاع الصناعي بشكل متواصل منذ الربع الثاني من العام المالي الحالي 2022/2023، وانحصر في فنيي الإنتاج، من عمال التشغيل والتعبئة والتغليف في جميع الصناعات التحويلية بلا استثناء.
ذهب التقرير أيضاً إلى استمرار تراجع إنتاج الوظائف في المحافظات الساحلية خصوصاً، لا سيما في مجالات الحرف والتسويق والمبيعات، كما الحال في محافظة دمياط.
في حين تتركز الوظائف بشكل كبير في إقليم العاصمة (القاهرة والقليوبية والجيزة) بنسبة 87%، في حين تراجعت معدلات التوظيف في المناطق الساحلية مع انتهاء فصل الصيف، وتحديداً في محافظات الإسكندرية ومطروح، ولم يقتصر الأمر على الوظائف السياحية فقط في هذه المحافظات، ولكن امتد ليشمل العديد من الوظائف الخدمية.
التسريح من العمل
بالعودة إلى هشام، فقد بدأت مشكلته مع صاحب العمل حينما تراجعت قيمة الجنيه لأول مرة العام الماضي، تحديداً في مطلع شهر مارس/آذار 2022، لافتًا إلى أنه وجد أن راتبه الذي لا يتجاوز 3000 جنيه (100 دولار) لا يكفي لدفع فاتورة المواصلات ووجبة الإفطار التي يتناولها في العمل.
حينما طالب بزيادة في راتبه كانت الشركة التي تمتلك مصنعاً لتصنيع المستلزمات الطبية تواجه مشكلة انكماش السوق، وعدم توفر مستلزمات الإنتاج، وقال: "أصبحنا طرفين نعاني من مشكلات دون أن يتمكن أي منا من أن يقدم تنازلاً للآخر".
أشار كذلك إلى أن المصنع بعد أن غادره، قرر الاستغناء عن نصف العمالة الموجودة لديه، موضحاً: "في غمضة عين، وجد ما يقرب من 50 موظفاً وعاملاً أنفسهم بدون فرصة عمل، في الوقت الذي يستعد فيه المصنع حالياً للإغلاق".
أوضح أن ما حدث في شركته يتكرر أيضاً مع كثير من زملائه الذين أضحوا دون عمل في الوقت الحالي، انتظاراً لما ستؤول إليه الأيام المقبلة، مع حديث الحكومة المصرية المتكرر عن ضخ استثمارات أجنبية جديدة في البلاد، وحل مشكلات دخول مستلزمات الإنتاج المستوردة.
لم يختلف حال هشام عن "إبراهيم محمد"، الذي كان يعمل بأحد مصانع الأثاث الشهيرة في محافظة دمياط، لكنه وجد نفسه من دون فرصة عمل، منذ أن قرر مصنعه الاستغناء عن ثلثي العاملين فيه في شهر سبتمبر/أيلول 2022، مع عدم قدرته على استيراد الأخشاب وغيرها من احتياجات التشغيل من الخارج وفي ظل ندرة الدولار.
تحول الورش والمحال إلى مقاهي
وقال ابراهيم لـ"عربي بوست"، إن المصنع الذي كان يعمل فيه، كان يصدر الأثاث إلى دول عربية عدة، إلا أنه لم يعد قادراً على الإنتاج المحلي، وبالطبع توقفت عملية التصدير، كما أن ورش العمل أغلقت في كثير من المناطق إلى حين اتضاح الصورة بشأن عودة الاستيراد مرة أخرى، في ظل زيادة مضطردة في أسعار الأخشاب، أثرت سلباً على حركة البيع والشراء".
وتوقع أن تتحول كثير من المحال والورش إلى مقاهٍ مثلما كان الوضع قبل سنوات، في ظل عدم اهتمام الحكومة بدعم المصانع المتعثرة.
وأشار إلى أنه فشل في الحصول على فرصة عمل منذ ذلك الحين، وأن أسرته المكونة من 4 أفراد لا تجد في أحيان كثيرة قوت يومها.
وأضاف: "حينما ذهبت إلى أحد البنوك التي تقدم قروضاً ميسرة للمواطنين المحتاجين والمرضى وذوي الإعاقة وغيرهم، فوجئت برفض طلبي، وطالبني الموظفون بالذهاب إلى البنك المركزي في القاهرة باعتباره المسؤول الوحيد عن تقديم تلك القروض، ولكنْ هناك تعنت في تقديم المساعدات للمواطنين الذين لا تتوفر لديهم فرص عمل".
كان إبراهيم ينوي الحصول على القرض لبيع البقالة في أحد الأكشاك الصغيرة بالقرب من منزله، لكن خططه لم تتحقق بعد، كما أن محاولاته للحصول على فرصة عمل أخرى لم تنجح أيضاً في ظل زيادة معدلات البطالة بين أبناء محافظته (دمياط) الذين يعتمدون بالأساس على العمل في ورش ومصانع الأثاث، بالإضافة إلى صيد الأسماك.
انكماش القطاع الخاص
أظهر مسح أخير لمؤسسة "ستاندرد آند بورز جلوبال"، انكماشاً في نشاط القطاع الخاص غير النفطي في مصر للشهر السادس والعشرين على التوالي، خلال شهر يناير/كانون الثاني الماضي، مع تأثر الأعمال سلباً بارتفاع التضخم والنقص المستمر في العملات الأجنبية.
وسجل المؤشر45.5 نقطة في يناير/كانون الثاني 2023، ليتراجع المؤشر من 47.2 نقطة في ديسمبر/كانون الأول 2022، وهو ما عدّه التقرير أقل بكثير من المستوى المحايد عند 50 نقطة، الذي يشير إلى نمو النشاط الاقتصادي.
وكان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، قد أفاد الشهر الماضي بأن "التضخم الأساسي في مصر قفز إلى أعلى مستوى في 5 سنوات عند 21.3%، في ديسمبر/كانون الأول 2022، وانخفض سعر صرف الجنيه المصري بنحو 50%، منذ مارس/آذار 2022، كما أبرمت مصر اتفاقاً مع صندوق النقد الدولي على حزمة تمويلية جديدة بقيمة 3 مليارات دولار في ديسمبر/كانون الأول 2022.
ولفت مصدر برلماني معارض إلى أن مؤشر "غلوبال" الأخير يشير لوجود أزمة كبيرة في ظروف التشغيل والعمل داخل الدولة المصرية، ما يجعل التوقعات كلها تصب في زيادة معدلات البطالة بمعدلات غير مسبوقة خلال الأشهر المقبلة.
أشار في حديثه لـ"عربي بوست" إلى أن استمرار الانكماش لأشهر طويلة مؤشر على أن الدولة تسير باتجاه الركود، وستكون انعكاساته كارثية على القطاع الخاص، في ظل مساعي الحكومة نحو تقليل فاتورة الإنفاق لمواجهة آثار التضخم، لكنها تساهم في تدمير العمالة المصرية التي لن تجد فرص عمل، وسيكون للأمر تبعات اقتصادية واجتماعية وسياسية أيضاً.
عن أسباب زيادة البطالة، أعاد ذلك إلى تذبذب سعر الصرف وزيادة معدلات التضخم، لكنه أشار إلى أنها ليست أسباباً وحيدة للحال التي وصل إليها القطاع الخاص، لأن تدخل الحكومة وإصرارها على منافسة القطاع الخاص والحصول على امتيازات سابقة كان يتمتع بها دون أن تكون تلك المنافسة متكافئة، تسبب في حالة التردي الحالية، التي ساهمت في إغلاق الآلاف المصانع والشركات.
الهجرة مغامرة صعبة
عن خيار الشباب العاطل عن العمل في الهجرة إلى الخارج للحصول على وظيفة، قال خبير اقتصادي لـ"عربي بوست" إن الهجرة مغامرة صعبة للشباب المصري، محذراً من خطورة زيادة الهجرة غير الشرعية جراء ذلك.
وقال إن التسارع في عملية توقف المشروعات الخاصة خلال النصف الثاني من عام 2022، أدى إلى توقف استيعاب السوق لعمالة جديدة، كما أن العديد من الشركات تحاول الآن الاستمرار دون اللجوء إلى التوقف، وتضحي بالعمال، بما يساعدها على البقاء أطول فترة ممكنة.
البعض من الشركات أيضاً، منحت موظفيها إجازات من دون راتب، لحين تحسن الأوضاع، بحسب المصدر النيابي، الذي أشار أيضاً إلى أن دعم المشروعات الصغيرة مطلوب للغاية في هذا التوقيت، حيث إنه لا يحتاج إلى استيراد مستلزمات من الخارج، ومن الممكن أن توفر المشروعات الصغيرة فرص عمل بديلة لملايين الشباب.
وأضاف أن ارتفاع معدلات البطالة انعكس مباشرة على زيادة معدلات الهجرة غير الشرعية ممن يحملون الجنسيات المصرية، سواء كان ذلك عبر السواحل المصرية أو من خلال السواحل الليبية.
لفت كذلك إلى تراجع فرص العمل التي كانت توفرها دول الخليج في السابق، ما يجعل وجهة الشباب حالياً إلى ليبيا، ومنها إلى الدول الأوروبية.
لكنه ذكر أن هناك صعوبة في السفر إلى الخارج، فلم يعد الوضع كما كان في السابق، ما يضغط داخلياً على الدولة المصرية.
أكد أيضاً انتشار سماسرة تهريب الشباب إلى ليبيا على قطاع واسع خلال الأشهر الماضية، ما انعكس على زيادة أعداد المصريين الذين يحاولون عبور البحر المتوسط، وفقاً لتقارير صادرة عن الاتحاد الأوروبي، وذلك عبر السواحل الليبية وصولاً إلى سواحل أوروبا.
في حين أكد تقرير صادر مؤخراً عن المنظمة الدولية للهجرة أن 117156 مهاجراً مصرياً ذهبوا إلى ليبيا بين ديسمبر/كانون الأول 2021 ويناير/كانون الثاني 2022، في حين يشكل المواطنون المصريون ثاني أكبر عدد من المهاجرين في ليبيا، ويمثلون 18٪ من إجمالي المهاجرين.
ولا يسافر جميع المهاجرين الذين يصلون ليبيا إلى أوروبا. ومن المعروف أن بعض المهاجرين المصريين يقيمون في ليبيا لفترات أطول، حيث أفاد 46% من المهاجرين المصريين الذين شملهم الاستطلاع من المنظمة الدولية للهجرة أنهم بقوا في ليبيا لأكثر من عامين.
الأرقام الحكومية وواقع البطالة
تستخدم الشركات البيانات والمؤشرات الصادرة عن حجم انكماش القطاع الخاص للتنبؤ بالتدفقات النقدية، والتخطيط لمستويات التوظيف والميزانية السنوية لها، ومع استمرار الانكماش لأشهر طويلة، فإن ذلك يدعم الاستمرار في تقلص فرص العمل على نحو أكبر خلال الفترة المقبلة، وفقاً للمصدر ذاته.
وأفاد بأن أرقام الحكومة الرسمية لا تعبر بأي حال من الأحوال عن حقيقة ارتفاع معدلات البطالة على الأرض.
إذ أشار آخر إحصاء أعلنه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، قبل شهرين إلى ارتفاع معدل البطالة نحو 7.4% من إجمالي قوة العمل في الربع الثالث من 2022، ارتفاعاً من 7.2% في الربع السابق.
سجل كذلك عدد العاطلين عن العمل 2.25 مليون، بنسبة 7.4% من إجمالي قوة العمل (1.307 مليون ذكر، 943 ألف أنثى) مقابـل 2.151 مليون متعطل في الربع الثاني من 2022 بارتفاع قدره 99 ألف متعطل بنسبة 4.6%، وبارتفاع قدره 39 ألف متعطل عن الربع المماثل من العام السابق بنسبة 1.8%، بحسب الجهاز الحكومي.ووفقاً لاستطلاع أجراه موقع "حابي" المتخصص في الشأن الاقتصادي المصري فإن 63% من خبراء الاقتصاد المشاركين في الاستطلاع توقعوا زيادة معدلات البطالة خلال عام 2023، فيما رجح 31% من المشاركين استقرارها، وتوقع 6% تراجعها.
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة فقط للمعلومات التي نعتقد أنها تستحق النشر والتي تأكدنا من مصداقيتها، لكننا غير قادرين على الحصول عليها بأية طريقة أخرى.نحن ندرك أن العديد من القراء يشككون في مصداقية ودوافع المصادر التي لم يتم الكشف عن أسمائها، لكن لدينا قواعد وإجراءات لمعالجة هذه المخاوف، منها أنه يجب أن يعرف محرر واحد على الأقل هوية المصدر، ويجب أخذ موافقة مسؤول القسم قبل استخدام المصادر المجهولة في أية قصة.
نحن نتفهم حذر القراء، لكن يجب تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو علاقاتها التجارية، وسلامتها.”