قوة حفظ سلام أم وصاية جديدة على غزة؟ كل ما تريد معرفته عن المشروع الذي ترغب واشنطن في تمريره عبر مجلس الأمن

عربي بوست
تم النشر: 2025/11/04 الساعة 13:34 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/11/04 الساعة 13:42 بتوقيت غرينتش
تريد أمريكا فرض السلام بغزة عبر مجلس الأمن/ عربي بوست

تصطدم خطة ترامب بشأن قطاع غزة، بمعضلة جديدة بعد تقديم الولايات المتحدة مشروع قرار في مجلس الأمن، يقضي بإنشاء قوة دولية في غزة لمدة عامين على الأقل، هدفها "فرض السلام"، ما يتنافى مع الرؤية العربية والإسلامية بشأن طبيعتها ومهام صلاحياتها.

وجاء تقديم مشروع القرار الأمريكي إلى مجلس الأمن، بالتزامن مع مسار آخر لترتيب الوضع في غزة من خلال اجتماع وزاري عقد في إسطنبول بمشاركة وزراء من إندونيسيا وباكستان وقطر والسعودية والإمارات والأردن، بشأن المهام والتشكيلة المتوقعة لقوة الاستقرار الدولية.

وتنص خطة ترامب بشأن قطاع غزة، على أن الولايات المتحدة مع شركائها العرب والدوليين ستعمل على إنشاء قوة استقرار دولية مؤقتة للانتشار في قطاع غزة.

وبحسب الخطة، فإن القوة الدولية المؤقتة ستتركز مهامها على:

  • تدريب ومساندة قوات شرطة فلسطينية في غزة.
  • تأمين المناطق الحدودية مع قوات الشرطة الفلسطينية المدربة حديثاً.
  • منع دخول السلاح إلى غزة.
  • تسهيل الدخول السريع والآمن للبضائع لإعادة بناء وتنشيط غزة.
  • تسليم المناطق التي سينسحب منها الجيش الإسرائيلي تدريجياً.

ما هي بنود مسودة المشروع الأمريكي بشأن القوة الدولية بغزة؟

نشر موقع "أكسيوس" تفاصيل مسودة المشروع الأمريكي بشأن القوة الدولية بغزة، ونقل عن مسؤول أمريكي أن قوة الأمن الدولية ستكون "قوة إنفاذ"، وليس قوة حفظ سلام.

وقال مسؤول أمريكي لـ"أكسيوس"، إن مشروع القرار سيكون أساساً للمفاوضات خلال الأيام المقبلة بين أعضاء مجلس الأمن الدولي، بهدف التصويت على تشكيل القوة الدولية في الأسابيع المقبلة، ونشرها في غزة بحلول يناير/كانون الثاني 2026.

مجلس الأمن الدولي/ رويترز
مجلس الأمن الدولي/ رويترز

ويتضمن مشروع القرار الأمريكي بشأن مهام القوة الدولية بغزة:

  • تأمين حدود غزة مع إسرائيل ومصر، وحماية المدنيين والممرات الإنسانية.
  • تدريب قوة شرطة فلسطينية جديدة، وشراكتها في هذه المهمة.
  • العمل على استقرار البيئة الأمنية في غزة من خلال ضمان عملية نزع السلاح، بما في ذلك تدمير البنية التحتية العسكرية والهجومية ومنع إعادة بنائها.
  • نزع الأسلحة بشكل دائم من الجماعات المسلحة غير الحكومية.
  • القوة الدولية ستكون مخولة "باستخدام جميع التدابير اللازمة لتنفيذ ولايتها بما يتفق مع القانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي".

وبحسب "أكسيوس"، فإن هذا التفويض يتضمن نزع سلاح حركة حماس، إذا لم تفعل المجموعة أو العناصر داخلها ذلك طواعية.

وينص المشروع الأمريكي أيضاً على أن القوة الدولية ستتولى "مهام إضافية قد تكون ضرورية لدعم اتفاق غزة".

ويشير الموقع الأمريكي إلى أن القوة الدولية في غزة ستمارس مهامها الأمنية خلال فترة انتقالية ستنسحب خلالها إسرائيل تدريجياً من مناطق إضافية بالقطاع، وإلى حين إجراء السلطة الفلسطينية إصلاحات تمكنها من السيطرة على غزة.

هل ينسجم مشروع القرار الأمريكي بمجلس الأمن مع مطالب الاحتلال؟

قالت المتحدثة باسم الحكومة الإسرائيلية بيدر وسيان، الإثنين 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2025، إن تل أبيب تعمل من أجل سيطرة أمنية شاملة على قطاع غزة، مشيرة إلى أن تفاصيل القوة الدولية بغزة ما زالت قيد البحث.

فيما ذكر موقع "i24" أنه من وجهة نظر إسرائيل التي أجرى كبار مسؤوليها محادثات مع الإدارة الأمريكية بشأن هذه القضية، فإن مشروع القرار يميل نحو مطالبها.

وأشار إلى أن سلطة هذه القوة لا تستند إلى "المادة السابعة" (أي ليست يونيفيل في غزة)، وسوف تتعامل مع نزع السلاح من القطاع.

كما نقلت صحيفة "هآرتس" عن مصدر أن مسودة الاقتراح الأمريكي للأمم المتحدة تتناول العديد من مطالب إسرائيل، وقد تم التنسيق معها مسبقاً، مؤكداً أن قوة الاستقرار الدولية ستنفذ هذا الاقتراح لنزع السلاح من القطاع.

صورة تجمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو/ رويترز
صورة تجمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو/ رويترز

فيما قالت صحيفة "معاريف"، إن إسرائيل لم تصدر رداً رسمياً حتى الآن، لكنها ستؤكد أنها لن تقبل بقوة تشمل دولاً ساعدت حركة حماس في السابق، أو وقفت ضدها في المؤسسات الدولية.

ما موقف الدول العربية والإسلامية من "فرض السلام" بغزة؟

لم تعقّب أيّ من الدول العربية والإسلامية حتى كتابة التقرير على الطرح الأمريكي الجديد، إلا أن الكشف عن تفاصيله جاء متزامناً مع اجتماع عقدته دول عربية وإسلامية، الإثنين 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2025، في إسطنبول، بشأن قوة الاستقرار الدولية، والمرحلة الثانية من خطة ترامب.

وشارك في الاجتماع سبع دول، وهي: تركيا، والسعودية، وقطر، والأردن، والإمارات، وباكستان، وإندونيسيا.

وفي ختام الاجتماعات، قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، إن الدول التي ستشارك بقطاع غزة ستقرر ما إذا كانت سترسل قوات أم لا، وفقاً لطبيعة المهام والصلاحيات الموكلة لها.

وأكد فيدان أن الدول المجتمعة متفقة على أن هذا المسار يجب أن يُدار بتنسيق بين الوسطاء والطرف الفلسطيني، مشيراً إلى أنه يجري حالياً مباحثات ودراسات متعددة.

وتشدد الدول العربية والإسلامية السبع، بحسب فيدان، على أن الموضوع الأساسي الذي تؤكد عليه هو إنشاء قوة تستمد شرعيتها من قرار يصدر عن مجلس الأمن، يحدد مهامها وإطار عملها.

وأوضح فيدان أنه إذا كان تعريف مهام قوة الاستقرار الدولية يتعارض مع مبادئ الدول وسياستها، فسيكون من الصعب عليها إرسال قوات.

اجتماع وزراء سبع دول عربية وإسلامية بشأن غزة في إسطنبول/ رويترز
اجتماع وزراء سبع دول عربية وإسلامية بشأن غزة في إسطنبول/ رويترز

ويتوافق هذا الطرح مع ما وقّعت عليه الدول ذاتها في "إعلان نيويورك" الذي ترأسته فرنسا والسعودية، والذي ينص على تأييد نشر بعثة دولية مؤقتة لتحقيق الاستقرار في غزة، ولكن بشروط، وهي:

  • بناءً على دعوة من السلطة الفلسطينية، وتحت رعاية الأمم المتحدة ووفقاً لمبادئها.
  • منحها تفويضاً من مجلس الأمن، وبدعم إقليمي ودولي.
  • تتركز مهامها على توفير الحماية للسكان الفلسطينيين، ودعم نقل مسؤوليات الأمن الداخلي إلى السلطة الفلسطينية.
  • دعم بناء قدرات الدولة الفلسطينية وقواتها الأمنية.
  • تقديم ضمانات لكل من فلسطين وإسرائيل، بما يشمل مراقبة وقف إطلاق النار، ومراقبة تنفيذ اتفاق سلام مستقبلي.

وبحسب صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، فإن تركيا ومصر والأردن تُعد من الدول المرشحة للمشاركة في القوة الدولية، لكن لكل منها شروطها.

وأشارت إلى أن تركيا صرحت أكثر من مرة بأنها لن تفكر في المشاركة إلا إذا كان التفويض متماشياً مع سياستها الوطنية.

وفي تصريحات سابقة، شدد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، على أن مهمة القوة ومجلس السلام المقترح يجب أن تكون تقديم الدعم للفلسطينيين لإدارة شؤونهم بأنفسهم، وأضاف أنه "لن يكون مقبولاً أن يدير الأجانب غزة".

وأضاف في مقابلة مع "ذا ناشونال"، أنه يجب أن تكون المهمة حفظ السلام، وليس فرض السلام.

فيما قال العاهل الأردني عبد الله بن حسين، لشبكة "بي بي سي"، إن الدول سترفض أن يُطلب منها "فرض السلام" في غزة إذا نشرت قواتها في القطاع.

وتابع بالقول: "حفظ السلام يعني دعم قوات الشرطة المحلية، أي الشرطة الفلسطينية، التي يرغب الأردن ومصر في تدريب أعداد كبيرة منها، لكنّ ذلك الأمر يستغرق وقتاً. أما إذا أصبحنا نجوب غزة في دوريات مسلحة، فهذا وضع لا ترغب أي دولة في الانخراط فيه".

ما موقف الفلسطينيين من مشروع القرار؟

في مواقف سابقة، أكدت حركة حماس رفضها لأي خطط تتعلق بإدخال قوات أجنبية في غزة، وفي ردها على خطة ترامب، فإنها تجنبت التعليق على مسألة نشر القوات، مشددة على أن مثل هذه القضايا مرتبطة بموقف وطني جامع، واستناداً إلى القوانين والقرارات ذات الصلة، ويتم مناقشتها من خلال إطار وطني فلسطيني جامع.

وبحسب مصدر لـ"عربي بوست"، فإن حركة حماس ترفض فكرة نزع سلاحها، لكنها تؤيد آلية تتعلق بضبطه خلال المرحلة المقبلة وبتوافق فلسطيني داخلي.

ولم تصدر الفصائل الفلسطينية، حتى كتابة التقرير، موقفها تجاه مشروع القرار الأمريكي، لكن المبادرة الوطنية الفلسطينية أكدت أن صيغته أشبه بفرض وصاية أجنبية، ليس فقط على قطاع غزة، بل وعلى السلطة الفلسطينية نفسها.

تحميل المزيد