ساعات تفصله عن الفوز.. لماذا يدعم غالبية اليهود المسلم زهران ممداني لمنصب عمدة مدينة نيويورك؟

عربي بوست
تم النشر: 2025/11/01 الساعة 11:10 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/11/01 الساعة 11:17 بتوقيت غرينتش
زهران ممداني/وكالة رويترز

بينما لا يفصلنا سوى ثلاثة أيام عن انتخابات عمدة مدينة نيويورك الأمريكية، تبدو فرص المرشح الاشتراكي المسلم، زهران ممداني، في الفوز هي الأقرب، خاصةً بعدما أظهرت آخر استطلاعات للرأي تقدمه بفارق كبير عن منافسيه، وسط تأييد يحظى به حتى بين المجتمع اليهودي، الذي شارك بعض أفراده في حملة ممداني الانتخابية.

وتُشكّل مدينة نيويورك وحدها أكثر من 40% من سكان ولاية نيويورك، ويتجاوز حجم اقتصادها 2.3 تريليون دولار، أي أكبر من اقتصاد كندا، وتمثل حوالي 9% من إجمالي اقتصاد أمريكا.

وتشهد المدينة، التي تحتضن أكبر جالية يهودية خارج إسرائيل، يبلغ تعدادها مليون نسمة، منافسة كبيرة بين مرشحين داعمين لتل أبيب، وفي مقدمتهم الحاكم الحالي للمدينة إريك أدامز، والحاكم السابق أندرو كومو، من جهة، وبين ممداني المسلم الداعم لفلسطين من جهة أخرى.

ويتبنّى ممداني (34 عاماً)، الذي هاجمه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، منذ فوزه في الانتخابات التمهيدية لمنصب عمدة نيويورك، سياسات جريئة تهدف إلى جعل المدينة أكثر عدلاً وقدرة على الاستيعاب، من بينها: توفير النقل العام مجاناً، وتجميد زيادات الإيجارات في الشقق الخاضعة للرقابة، وفرض ضرائب أعلى على ذوي الدخول المرتفعة، فضلاً عن مواقف مؤيدة للقضية الفلسطينية وداعمة لحملة مقاطعة الشركات الإسرائيلية.

ولم يقتصر هجوم ترامب على ممداني على الهجوم اللفظي، حيث وصفه بأنه "شيوعي مهووس تماماً"، وأن "جميع الحمقى يدعمونه"، بل امتد ذلك أيضاً إلى حد التهديد بقطع التمويل الفيدرالي عن مدينة نيويورك، والذي يمثل 6.4% من ميزانيتها، إذا فاز ممداني في الانتخابات، وهو ما يشكّل خطراً على المدينة، وفق مجلة الإيكونوميست البريطانية.

ما هي فرص فوز زهران ممداني وفقاً لاستطلاعات الرأي؟

أظهرت استطلاعات رأي عديدة، نُشرت نتائجها مؤخراً، تقدم ممداني، المهاجر الذي ينحدر من أصول أوغندية، بفارق لا يقل عن 10 نقاط أمام منافسه الرئيسي المستقل، أندرو كومو.

ووفقاً لإحصاء أجرته كلية "إيمرسون" نُشر الخميس الماضي، حصل ممداني على نسبة تأييد بلغت 51%، مقابل 25% لمنافسه كومو، و21% للمرشح الجمهوري كورتيس سليوا.

ووفق هذا الإحصاء، ارتفعت نسبة تأييد ممداني بين الناخبين السود منذ سبتمبر/أيلول من 50% إلى 71%، في حين انخفضت نسبة كومو بينهم عشر نقاط.

وحافظ ممداني على دعم الشباب، إذ يؤيده 69% من الناخبين تحت سن الخمسين، مقارنة بـ37% من الناخبين فوق سن الخمسين، بينما يحظى كومو بدعم 31%، وسليوا بـ28%.

وأظهر استطلاع لمركز "مارست" تقدّم ممداني بفارق 16 نقطة عن كومو، بنسبة 48% مقابل 32%، بينما حلّ سليوا في المرتبة الثالثة بنسبة 16%.

وأشار استطلاع "كوينيبياك"، الصادر الأربعاء الماضي، إلى تمكن كومو من تقليص الفارق مع ممداني من 20 نقطة إلى 10 نقاط فقط، ليحصل على 33% مقابل 43%.

وبين الناخبين اليهود، أظهر استطلاع أجرته شركة "زينيث" للأبحاث تفوّق ممداني على منافسيه الأربعة مجتمعين، بنسبة 50% من الأصوات.

وأظهر الاستطلاع تأييد 43% من الناخبين اليهود في مدينة نيويورك التصويت لممداني، وترتفع هذه النسبة إلى 67% بين الناخبين اليهود الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و44 عاماً، بحسب موقع تايمز أوف إسرائيل.

لماذا يدعم غالبية اليهود ممداني؟

أوضح العديد من أفراد المجتمع اليهودي في مدينة نيويورك أسباب تأييدهم لممداني، والتي تشمل رغبتهم في الحصول على مستوى معيشي أفضل بفضل البرامج التي يتبناها، بجانب قلقهم إزاء المرشح المستقل كومو وآخرين ممن يروّجون لروايات بشأن معاداة ممداني للسامية لكسب أصوات الناخبين.

ورفضت الجماعات الأكثر تقدمية والجماعات الناشطة اليهودية هجمات كومو ضد ممداني، وفق تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية.

وقالت إيلين ليبمان، مؤسسة جماعة كولوت تشاينو في بروكلين، التي استضافت ممداني في فعالية انتخابية: "لقد فوجئتُ بأن الحاخامات الذين يدافعون عن العدالة يخشون تولّي ممداني منصب عمدة المدينة. أخشى أن يكون ذلك بسبب كونه مسلماً".

وشكّل بعض مؤيدي ممداني من اليهود مجموعة فرعية داخل قاعدة دعمه، وأطلقوا على أنفسهم اسم "اليهود من أجل زهران"، وفق تقرير لموقع ميدل إيست آي البريطاني.

وتتألف المجموعة من أفراد وأعضاء في منظمات مثل "اليهود من أجل العدالة العرقية والاقتصادية" و"الصوت اليهودي من أجل السلام"، والتي حشدت جهودها لإشراك مجتمعاتها، فضلاً عن سكان نيويورك بشكل عام، في دعم ممداني.

وقال جاكوب بلومفيلد، الناشط اليهودي الذي انضم إلى الحملة، لموقع ميدل إيست آي، إنه يدعم ممداني إيماناً منه بأن "كل فرد في مجتمعنا يستحق الحصول على مستوى معيشي أساسي: سكن، رعاية صحية، تعليم، مواصلات، طعام صحي، وأمان".

وأعرب بلومفيلد عن مخاوفه من أن "تلك اللبنات الأساسية للحياة المستقرة أصبحت بعيدة عن متناول الكثيرين، مع وجود المزيد من الناس يكافحون من أجل الاحتفاظ بها، بما في ذلك سكان نيويورك الذين كانوا يشغلون وظائف كانت تُعد بمثابة وظائف ثابتة للطبقة المتوسطة قبل ثلاثين عاماً".

وعن دعم الشباب اليهود لممداني، قال بلومفيلد إن هذا الدعم مدفوع باعتقادهم بأن إسرائيل لا تمثلهم، ولأنهم – كغيرهم من الفئات السكانية – لديهم نفس المخاوف بشأن القدرة على تحمّل تكاليف المعيشة في المدينة.

وأضاف أن "إسرائيل تزعم أنها تمثل اليهود في كل مكان من أجل حشد التأييد لأفعالها الشنيعة، في حين يهاجم المسؤولون الإسرائيليون اليهود الأمريكيين، ولا يُسمح لليهود غير الأرثوذكس من الخارج بممارسة دينهم بحرية في إسرائيل".

وأضاف أن "اليهود المناهضين للصهيونية يشعرون بالحاجة إلى التحدث ضد القتل، والغزو، وتدمير البيئة، والمجاعة، والتهجير، وكل أنواع الفظائع التي ترتكب باسمهم".

من جانبه، قال الممثل مات كيتاي، البالغ من العمر 36 عاماً، والذي شارك أيضاً في حملة انتخابية لصالح ممداني:"أنا أؤمن بزهران. أحب مبادئه، وأفكاره، وحماسه. كل ما يريده حقاً هو أن يصبح عمدة مدينة نيويورك. من النادر أن تجد شخصاً يسعى فقط لجعل المدينة التي يحبها مكاناً أفضل. لا أرى ذلك في أي سياسي آخر".

وأعرب كيتاي عن قلقه إزاء المرشح المستقل كومو، مضيفاً: "إن جميع مظاهر الإسلاموفوبيا التي رأيتها والحديث عن معاداة السامية يجعلني أشعر بأمان أقل كيهودي لأنهم يروجون لهذه المفاهيم والأفكار التي لا تتطابق مع الواقع".

وقال: "في الواقع، خطاب أندرو كومو هو ما يُقلل من أمان الناس. إنه يُشدد على فكرة معاداة السامية، ويجعلها أكثر بروزاً. أشعر أن زهران سيفعل الكثير للمجتمع اليهودي ولنيويورك، مما سيجعلنا نشعر بأمان أكبر". 

وفي السياق، اعتبر الكاتب الصحفي، إسبيريتو-بلومفيلد، المقيم في نيويورك، أن الانقسام الجيلي بين المجتمع اليهودي بشأن إسرائيل كان السبب وراء الدعم اليهودي لممداني.

وقال: "إنهم (كبار السن) لديهم وجهة نظر قديمة بشأن إسرائيل، وسيكون من الصعب التخلص منها، أو عدم اعتبار ذلك تهديداً لسلامتك الشخصية، بغض النظر عن مكان وجودك في العالم".

ولا يعتقد إسبيريتو بلومفيلد أن ممداني معادياً لإسرائيل. وقال إن كومو "يتصرف وكأنه يهودي"، رغم أنه ليس كذلك. 

يذكر أنه من بين حوالي مليون يهودي يعيشون في مدينة نيويورك وضواحيها، ينتمي ما يقرب من خُمسهم إما إلى اليهود المتشددين، الذين يتركزون في بروكلين ويميلون إلى التصويت للجمهوريين، أو إلى اليهود الأرثوذكس المعاصرين، الذين يندمجون أكثر في الحياة العلمانية ويميلون إلى توزيع أصواتهم بين الحزبين الرئيسيين. 

أما الناخبون اليهود الآخرون – المحافظون، والإصلاحيون، وغير الطائفيين، والعلمانيون – فيميلون إلى دعم الديمقراطيين بأغلبية ساحقة، وفق تقرير الغارديان.

تحميل المزيد