تتزايد وتيرة الانتقادات للدعم الذي تقدمه مدينة نيويورك الأمريكية لإسرائيل، خاصة ما يرتبط بهذا الدعم بالحرب على غزة، حيث كشفت تقارير أن المنطقة الصناعية المملوكة للمدينة الأبرز في ولاية نيويورك تؤجر مساحة لشركتين تقدمان دعماً عسكرياً لجيش الاحتلال.
يأتي ذلك بينما تستعد مدينة نيويورك، التي تشكل وحدها أكثر من 40% من سكان ولاية نيويورك، والتي تحتضن أكبر جالية يهودية خارج إسرائيل، لانتخاب عمدة المدينة في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وهي الانتخابات التي تشهد منافسة كبيرة بين مرشحين داعمين لإسرائيل، وفي مقدمتهم الحاكم الحالي للمدينة إريك أدامز، والحاكم السابق أندرو كومو، والمرشح الاشتراكي المسلم الداعم لفلسطين، زهران ممداني.
وكشف استطلاع للرأي أجرته صحيفة نيويورك تايمز بالتعاون مع صحيفة سيينا عن تصدر ممداني السباق على رئاسة مدينة نيويورك بتأييد 46% من الناخبين المحتملين في سباق يضم 4 مرشحين.
ويتسق هذا الدعم لممداني مع ما كشفه ذات الاستطلاع أيضاً من أن 44% من الناخبين المسجلين في مدينة نيويورك يتعاطفون أكثر مع الفلسطينيين، مقارنة بنسبة بلغت 26% أعربت عن تعاطفها أكثر مع إسرائيل.
وخلال العامين الماضيين، وبينما كانت إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة، تعددت مظاهر الدعم الذي قدمته مدينة نيويورك للاحتلال الإسرائيلي، وشمل ذلك دعماً اقتصادياً وأمنياً وتشريعياً استهدف حتى حملات المقاطعة التي دعت إلى مقاطعة الشركات التي تدعم تل أبيب.
اقرأ أيضاً
كيف دعمت مدينة نيويورك الاحتلال الإسرائيلي؟
1- شراء السندات الإسرائيلية
- لدى مدينة نيويورك سجل يمتد لخمسين عاماً من استثمار صناديق التقاعد في السندات الإسرائيلية حتى عام 2023.
- وتشمل صناديق التقاعد في مدينة نيويورك خمسة صناديق، بما في ذلك نظام تقاعد موظفي نيويورك، وصندوق معاشات إطفاء مدينة نيويورك، وصندوق معاشات شرطة مدينة نيويورك، ونظام تقاعد معلمي مدينة نيويورك، ونظام تقاعد مجلس التعليم في مدينة نيويورك.
- وتبلغ قيمة الأصول الإجمالية لصناديق التقاعد في المدينة 289 مليار دولار.
- وطالب المرشح ممداني بوقف استثمارات صناديق التقاعد الخاصة بمدينة نيويورك في السندات الإسرائيلية بسبب انتهاكات الاحتلال للقانون الدولي.
- وخلال مقابلة مع برنامج "ذا بوينت" على قناة سي بي إس نيويورك، قال ممداني:"أعتقد أنه لا ينبغي لنا أن يكون لدينا صندوق يستثمر في انتهاك القانون الدولي".
- ويستثمر صندوق التقاعد في مدينة نيويورك 315 مليون دولار في الشركات والعقارات الإسرائيلية.
2- اتفاقية "شراكة دائمة" مع إسرائيل
- وبجانب الدعم الاقتصادي، أعلن مكتب عمدة مدينة نيويورك في أغسطس/آب الماضي عن التوقيع على إعلان نوايا لإنشاء المجلس الاقتصادي لمدينة نيويورك وإسرائيل، وهو مبادرة مشتركة تهدف إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية وتشجيع الابتكار بين الحكومتين.
- وبموجب الإعلان، سيُسهّل المجلس الشراكات التجارية بين مدينة نيويورك والشركات الإسرائيلية، ويدعم الشركات الإسرائيلية التي تسعى إلى ترسيخ وجودها في مدينة نيويورك، ويعزز التعاون في القطاعات التكنولوجية الرئيسية، بما في ذلك الابتكار البيئي، وعلوم الحياة، والذكاء الاصطناعي، وينسق المشاركة في مؤتمرات الأعمال والتكنولوجيا الرئيسية.
- وقال إريك آدامز، عمدة مدينة نيويورك، لوكالة الأنباء اليهودية إن المجلس "يعكس الشراكة الدائمة بين حكومتينا".
- وأضاف آدامز: "إسرائيل ليست فقط واحدة من أقرب الشركاء الدوليين لمدينة نيويورك، بل هي أيضاً حليف اقتصادي رئيسي، مع أولويات مشتركة في القطاعات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا، والابتكار المناخي".
- وتابع: "ولهذا السبب، وبينما اختار البعض الابتعاد عن هذه العلاقة المهمة، فإننا نتجه نحو ذلك من خلال إطلاق أول مجلس اقتصادي من نوعه بين مدينة نيويورك وإسرائيل لتعزيز العلاقات، وتبادل الأفكار، ومساعدة الشركات الناشئة الإسرائيلية على تأسيس مقر لها هنا في مدينة نيويورك".
- وقالت وكالة الأنباء اليهودية إن تشكيل المجلس هو دليل آخر على الدعم الذي تتلقاه إسرائيل من إريك آدامز، الذي يترشح لإعادة انتخابه كمستقل، والذي يعتبره كثيرون الأكثر تأييداً لإسرائيل من بين المرشحين الحاليين.
3- تأجير مساحات خاصة لشركات عسكرية داعمة للاحتلال
- وبينما تسوّق مدينة نيويورك حوض بروكلين البحري كمركز اقتصادي للشركات الصغيرة المملوكة للأقليات والنساء، فإن المنطقة الصناعية المملوكة للمدينة تؤجر أيضاً مساحة لشركتين توفران طائرات بدون طيار، وترخصان تكنولوجيا التمويه التي يُزعم أن جيش الاحتلال يستخدمها، بحسب تقرير لموقع ذا إنترسبت الأمريكي.
- وقبل عدة أيام، طالب محتجون داعمون لفلسطين بإخلاء مقر الشركتين من المنطقة الصناعية المملوكة لولاية نيويورك.
- وأفاد موقع ذا إنترسبت أن إحدى هاتين الشركتين، وهي شركة "إيزي إيريال"، تُنتج أنظمة طائرات استطلاع صغيرة وأجهزة تحكم بها، ويديرها إيدو غور، وهو جندي مخضرم في سلاح الجو الإسرائيلي.
- وفي منشور على لينكدإن العام الماضي، نشرت "إيزي إيريال" منشوراً لأحد مستثمريها، وهو صندوق كافاريت فينتشرز الإسرائيلي، والذي ذكر أن الشركة لعبت "دوراً محورياً" في تلبية متطلبات إسرائيل لحربها على غزة.
- أما الشركة الأخرى، وهي شركة كراي بريسيجن، فقد أقرت في دعوى قضائية بأن أنماط تمويه "مولتي كام" المسجلة باسمها قد استخدمها جيش الاحتلال الإسرائيلي، ويذكر موقعها الإلكتروني لمنتجات التمويه اسم شركة المعدات التكتيكية الإسرائيلية "أجيليت" كشريك، والتي تُعلن عن استخدام الجيش الإسرائيلي لها.
- وكشفت تقارير العام الماضي أن شركة كراي زوّدت جيش الاحتلال الإسرائيلي بالمعدات.
4- تشريع قانوني يستهدف حملة مقاطعة إسرائيل
- ومنذ ما يقرب من 10 سنوات، اعتمدت مدينة نيويورك أمراً تنفيذياً (أصدرته ولاية نيويورك في عام 2016 ولا يزال ساري المفعول) يُلزم جهات الولاية بعدم الاستثمار أو المشاركة في المؤسسات التي تدعم حملة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات (BDS).
اقرأ أيضاً
ما هي أبرز مواقف ممداني من إسرائيل؟
في المقابل، يتبنى زهران ممداني، الذي هاجمه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، منذ فوزه في الانتخابات التمهيدية، مواقف مؤيدة للقضية الفلسطينية وداعمة لحملة مقاطعة الشركات الإسرائيلية.
وتشمل أبرز مواقف ممداني الداعمة لفلسطين والمناهضة لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، اليمينية، ما يلي:
1- الدعوة لمقاطعة إسرائيل
- خلال عامه الأخير في الجامعة، دعا ممداني إلى مقاطعة المؤسسات الأكاديمية والثقافية الإسرائيلية، كما أثار غضب رئيس الجامعة بمقال نُشر طالب فيه الجامعة بقطع علاقاتها مع إسرائيل.
- وفي كل مناسبة، لا يتردد ممداني في إعلان دعمه لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات من إسرائيل وفرض عقوبات عليها.
- وفي منشور على منصة إكس في مايو/أيار 2021، انتقد ممداني السياسيين الأمريكيين قائلاً: "المسؤولون المنتخبون الذين ندفع رواتبهم من ضرائبنا يذهبون في رحلات إلى إسرائيل بدلاً من تمثيلنا".
- وفي 8 سبتمبر/أيلول الجاري، طالب ممداني، في مقابلة تلفزيونية، بوقف استثمارات صناديق التقاعد الخاصة بمدينة نيويورك في سندات إسرائيل بسبب انتهاكات الاحتلال للقانون الدولي.
- كما رفض سابقاً التوقيع على قرار لمجلس ولاية نيويورك يعترف بالذكرى 77 لتأسيس دولة إسرائيل.
2- اعتقال نتنياهو
- دعا ممداني مراراً وتكراراً إلى اعتقال نتنياهو عند قدومه إلى مدينة نيويورك، تنفيذاً لمذكرة الاعتقال الصادرة بحقه من المحكمة الجنائية الدولية لارتكابه جرائم حرب.
- وقال بهذا الصدد: "لو كنت عمدة، لكانت نيويورك اعتقلته. هذه مدينة تتبنى قيماً متوافقة مع القانون الدولي، ويجب أن تكون تصرفاتنا متسقة مع هذه القيم".
3- وصف الحرب على غزة بالإبادة الجماعية
- ومع بدء الإبادة الجماعية التي ترتكبها تل أبيب في قطاع غزة، انتقد ممداني إسرائيل بشدة في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، قائلاً: "إعلان (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو الحرب، وقرار الحكومة بقطع الكهرباء عن غزة، ودعوات أعضاء الكنيست لنكبة جديدة، ستؤدي إلى المزيد من العنف والمعاناة".
- وبدون مواربة، وصف ما يحدث في غزة بـ"الإبادة الجماعية"، وطالب بوقف الدعم للشرطة المتعاونة مع جيش الاحتلال الإسرائيلي.
4- تبني تشريعات مناهضة للمستوطنات الإسرائيلية
وباعتباره عضواً في الجمعية التشريعية في نيويورك، تقدّم بمشروع قانون يمنع الجمعيات الخيرية المسجّلة في الولاية من التبرع إلى منظمات تشارك في دعم المستوطنات الإسرائيلية، أو من يُشتبه بأنها تدعم انتهاكات في الضفة الغربية.
5- تدشين مبادرة لدعم المقاطعة الأكاديمية لإسرائيل
وخلال حملته الانتخابية، دعا ممداني إلى مقاطعة معهد كورنيل للتكنولوجيا في جزيرة روزفلت في مدينة نيويورك بسبب ارتباطه بمعهد تخنيون الإسرائيلي، معتبراً أن بعض الأبحاث أو الشراكات يمكن أن تدعم الصناعات العسكرية الإسرائيلية.