أسطول الصمود يربك إسرائيل.. سوابق الاحتلال مع قوافل كسر الحصار يصعب تكرارها هذه المرة، لماذا؟

عربي بوست
تم النشر: 2025/09/24 الساعة 13:43 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/09/24 الساعة 13:50 بتوقيت غرينتش
أسطول الصمود هو أكبر حشد بحري دولي يتجه إلى غزة/ الأناضول

تواجه إسرائيل معضلة في التعامل مع "أسطول الصمود" الضخم المتجه نحو قطاع غزة، ورغم أن لديها سوابق في تعاملها العنيف مع أساطيل بحرية حاولت الوصول إلى غزة، إلا أنها تواجه معضلة حقيقية في التعامل مع هذا الأسطول.

يأتي ذلك في الوقت الذي تتعرض فيه إسرائيل لـ"عزلة سياسية" غير مسبوقة، في ظل تصاعد المطالب الدولية، ما فيها من دول حليفة لها، بوقف الحرب المتواصلة منذ عامين على غزة.

ما هو أسطول الصمود؟

  • أسطول الصمود العالمي، هو مبادرة مدنية جماعية بحرية تنظمها شبكة من الحركات الشعبية والمنظمات الدولية بهدف كسر الحصار البحري المفروض على قطاع غزة وخلق ممر إنساني بحري آمن لإيصال الدعم والرأي العالمي إلى هناك.
  • ويقول القائمون على المبادرة إنها رسالة مدوية ضد الصمت الدولي والجمود السياسي، وتأكيد على أن الصمود للشعب الفلسطيني هو مسؤولية جماعية للضمير الإنساني العالمي.
  • يتألف الأسطول من عشرات السفن الصغيرة التي تحمل نشطاء ومساعدات إنسانية، ويقف خلفه "الحركة العالمية نحو غزة"، و"تحالف أسطول الحرية"، و"أسطول الصمود المغاربي"، و"المبادرة الشرق آسيوية (صمود نوسانتارا)".
  • نهاية سبتمبر/أيلول 2025، انطلقت قافلة سفن ضمن الأسطول من ميناء برشلونة الإسباني، تبعتها قافلة أخرى فجر 1 سبتمبر/أيلول 2025، من ميناء جنوى شمال غرب إيطاليا.
  • في 7 سبتمبر/أيلول 2025، بدأت السفن القادمة من إسبانيا وإيطاليا بالوصول إلى سواحل تونس.
بعض السفن المشاركة ضمن أسطول الصمود/ الأناضول
بعض السفن المشاركة ضمن أسطول الصمود/ الأناضول
  • في 17 سبتمبر/أيلول 2025، أبحرت 13 سفينة من أصل 23 سفينة مغاربية من تونس باتجاه قطاع غزة.
  • في 19 سبتمبر 2025، اكتمل تجمع الأسطول قبالة سواحل جزيرة صقلية الإيطالية بعد التحاق السفن التونسية والإيطالية معاً ليبلغ عددها 44 سفينة خرجت من الموانئ الإيطالية والتونسية.
  • وفي 20 سبتمبر/أيلول 2025، أعلن الأسطول المغاربي مغادرته ميناء بورتو باولو في صقلية متجهاً إلى غزة.
  • وفي 23 سبتمبر/أيلول 2025، تجمعت أكثر من 50 سفينة في عرض البحر الأبيض المتوسط ضمن المياه الإقليمية جنوب لبنان، في انتظار انضمام 6 سفن أخرى قادمة من جزيرة كريت اليونانية.
  • ويحمل "أسطول الصمود" على متن سفنه نحو ألف ناشط من دول عدة من مختلف أنحاء العالم، بينهم برلمانيون.

ويُقدّر القائمون على الحملة أن تصل سفن "أسطول الصمود" قبالة سواحل غزة خلال أيام قليلة، وبالتحديد في 29 سبتمبر/أيلول 2025.

ماذا فعلت إسرائيل للحيلولة دون تحرك سفن "أسطول الصمود"؟

  • حاولت إسرائيل عرقلة "أسطول الصمود" مع بدء انطلاقه، فيما هددت بمنع دخول ما سمّته منطقة قتالية نشطة.
  • قال بيان لوزارة الخارجية الإسرائيلية، إن تل أبيب لن تسمح بخرق الحصار البحري "القانوني"، متهمة حركة حماس بتنظيم رحل الأسطول خدمة لأغراضها.
  • إلى جانب عرض وزيرَي الأمن القومي إيتمار بن غفير خطة شملت المصادرة الفورية للسفن المشاركة في الأسطول، وتحويلها إلى ملكية شرطة الاحتلال، وسجن النشطاء في ظروف مشابهة للأسرى الفلسطينيين داخل سجني كتسيعوت والدامون لفترة طويلة، عملت إسرائيل على ترهيب المشاركين في الأسطول.
  • في 1 سبتمبر/أيلول 2025، أجرت البحرية الإسرائيلية تدريبات بحرية بالتعاون مع فرقة غزة، حيث جربت قواتها "عدة سيناريوهات قتالية"، ما اعتُبر تحضيراً لهجوم محتمل على الأسطول.
  • في 10 سبتمبر/أيلول 2025، زعمت وزارة شؤون الشتات الإسرائيلية، أن "أسطول الصمود" مرتبط بحركة حماس، ويخدم غطاء متطرفاً، وليس مبادرة إنسانية.
  • المساعي الإسرائيلية في عرقلة سفن "أسطول الصمود" لم تتوقف عند هذا الحد، بل وصل الأمر إلى اتباع أسلوب جديد، وهو استخدام القوة ضدها خارج "مياهها الإقليمية".
  • في ليلة 9 سبتمبر/أيلول 2025، تعرضت سفينة (Familia Madeira) لهجوم بطائرة مسيّرة قبالة السواحل التونسية، ما تسبب في اشتعال حريق قصير على متنها.
  • في الليلة التالية، وقع هجوم مماثل بواسطة طائرة مسيّرة على سفينة أخرى تابعة للأسطول في ميناء سيدي بوسعيد التونسي، وهي السفينة البريطانية "ألما".
  • في 24 سبتمبر/أيلول 2025، أعلن "أسطول الصمود" وقوع 12 انفجاراً في 9 سفن تابعة له، جراء استهدافها بواسطة طائرات مسيّرة.

* كما تعرضت سفن "أسطول الصمود" لتشويش مجهول للاتصالات.

وفي بيان له بعد الهجوم الأخير على السفن، قال أسطول الصمود العالمي، عبر منصة (إكس)، إن إسرائيل صعّدت هجماتها الخطيرة على الأسطول قبل أيام من وصوله إلى غزة.

وحذّر البيان من أن الانفجارات وهجمات الطائرات المسيّرة الكثيفة وتشويش الاتصالات، تنذر بهجوم إسرائيلي محتمل.

وعقب الهجوم، أدانت إيطاليا بشدة الاعتداء على أسطول الصمود العالمي، وأعلن وزير الدفاع غويدو كروسيتو، إرسال فرقاطة متعددة الأغراض التابعة للبحرية الإيطالية "فاسان"، المتواجدة شمال جزيرة كريت، إلى المنطقة لمساعدة مواطنيها.

لماذا تواجه إسرائيل معضلة هذه المرة في التعامل مع الأسطول؟

تواجه إسرائيل معضلة حقيقية بشأن آلية التعامل مع "أسطول الصمود" البحري، الذي يُعد الأكبر منذ حصار قطاع غزة، فإلى جانب عدد السفن الكبير، والشخصيات المشاركة فيه، فإن الحدث يأتي في الوقت الذي تشهد فيه تل أبيب المزيد من العزلة الدولية، و"تسونامي سياسي" من دول حليفة أعلنت مؤخراً الاعتراف بدولة فلسطينية.

أولاً: حجم الأسطول

تُعد هذه أول مرة يبحر فيها هذا العدد من السفن مجتمعة نحو قطاع غزة، مقارنة بالحالات السابقة التي شملت عدداً قليلاً جداً من السفن.

وتصف القناة 12 العبرية أن إسرائيل تستعد لاحتمال نشوب صراع بحري معقد، قد يشكل تحدياً كبيراً للجيش الإسرائيلي.

وأوضحت أنه على غير العادة، تواصلت إسرائيل مع منظمي الأسطول، وعرضت عليهم الرسو في ميناء عسقلان، وتفريغ المساعدات الإنسانية، ليتم نقلها إلى قطاع غزة عبر الآليات المتبعة، وذلك لمنع التصعيد في الساحة البحرية.

لكن منظمي "أسطول الصمود" رفضوا العرض الإسرائيلي، وأعلنوا عزمهم مواصلة الرحلة مباشرة إلى غزة.

من إبحار سفن أسطول الصمود من تونس باتجاه غزة/ الأناضول
من إبحار سفن أسطول الصمود من تونس باتجاه غزة/ الأناضول

وبحسب القناة 12 العبرية، فإن قلقاً بالغاً يسود في إسرائيل إزاء احتمال اضطرار الجيش الإسرائيلي للسيطرة على عشرات السفن في وقت واحد، وهو وضع قد يؤدي إلى فقدان السيطرة، بل وحتى قد يتحول إلى حادث دولي.

ثانياً: يتزامن مع لقاء نتنياهو وترامب

ويراقب الجيش الإسرائيلي تقدم الأسطول، وتُقدّر إسرائيل حالياً وصوله مطلع الأسبوع المقبل، وربما يكون ذلك قريباً من موعد لقاء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مع الرئيس الأمريكي في البيت الأبيض، ما يزيد من الحساسية السياسية المحيطة بهذا الحدث.

ثالثاً: إسرائيل تتعرض لـ"تسونامي سياسي"

وإلى جانب حجم "أسطول الصمود"، والإحراج الذي قد يتعرض له نتنياهو خلال لقائه ترامب، يتزامن وصول "أسطول الصمود" إلى سواحل قطاع غزة مع أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.

كما أن الحدث يأتي بالتزامن مع "الهزيمة النكراء" التي منيت بها إسرائيل في ختام مؤتمر الاعتراف بدولة فلسطينية في نيويورك، حيث وجدت نفسها مجبرة أمام الدخول في تحدٍّ خطير مع 153 دولة تعترف باستقلال الشعب الفلسطيني وحقه في دولته، بحسب صحيفة "يديعوت أحرونوت".

وبالتالي، يخشى الإسرائيليون من أن مواجهة مئات المتضامنين في عشرات السفن المتجهة إلى ساحل قطاع غزة قد تتسبب بغضب شعبي ورسمي عالمي، في ظل العزلة الدولية التي تواجهها بسبب حرب غزة.

كيف تعاملت إسرائيل مع أساطيل أخرى؟

وهذه ليست المرة الأولى التي تبحر فيها سفن دولية باتجاه ساحل قطاع غزة، وخلال الحرب المستمرة على قطاع غزة، كانت هناك محاولتان أسفرتا في النهاية عن سيطرة إسرائيلية على السفن، واعتقال وترحيل النشطاء المشاركين فيها.

الهجوم الإسرائيلي على سفينة
الهجوم الإسرائيلي على سفينة "مافي مرمرة" التركية التي قادت "أسطول الحرية" نحو قطاع غزة عام 2010/ haaretz
  • في يوليو/تموز 2025، أبحرت سفينة "حنظلة" من ميناء سيراكوزا الإيطالي، لكن قوات الاحتلال، قبل دخولها سواحل قطاع غزة، قامت بالسيطرة عليها واعتقال 21 ناشطاً كانوا على متنها وترحيلهم لاحقاً إلى بلدانهم.
  • في يونيو/حزيران 2025، استولى جيش الاحتلال على السفينة "مادلين" ضمن "أسطول الحرية" في المياه الدولية، واعتقل 12 ناشطاً كانوا على متنها، قبل ترحيلهم إلى بلدانهم.
  • في مايو/أيار 2025، تعرضت سفينة "الضمير" لهجوم بطائرة مسيّرة إسرائيلية في محيط جزيرة مالطا، أثناء محاولتها الإبحار نحو غزة، ما أدى إلى ثقب في هيكل السفينة واندلاع حريق في مقدمتها.
  • في سبتمبر/أيلول 2016، انطلق أسطول نسائي يضم 20 امرأة من برشلونة، لكن البحرية الإسرائيلية أوقفت السفينة على بعد 22 كيلومتراً من سواحل قطاع غزة، واعتقلت جميع من كانوا على متنها، قبل ترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية.
  • في يونيو/حزيران 2015، قام جيش الاحتلال بالسيطرة على سفينة "ماريان" السويدية، والتي كانت ضمن "أسطول الحرية 3" الذي يتكون من خمس سفن، وبينما عادت السفن الأخرى أدراجها، قام الاحتلال بسحب "ماريان" إلى ميناء أسدود، واعتقال كل من كان على متنها، قبل ترحيلهم على دفعات.
  • في يوليو/تموز 2011، تمكنت سفينة "الكرامة" الفرنسية، والتي كانت ضمن "أسطول الحرية 2" الذي لم تتمكن سفنه من الإبحار، من الوصول إلى قبالة سواحل قطاع غزة، قبل اعتراضها من البحرية الإسرائيلية، واعتقال 16 ناشطاً كانوا على متنها قبل ترحيلهم.
  • وفي مايو/أيار 2010، تعرضت سفينة "ما في مرمرة" التركية، والتي كانت ضمن "أسطول الحرية 1″، والذي كان أول أسطول بحري يبحر نحو سواحل قطاع غزة، للاعتداء من جيش الاحتلال، ما أسفر عن استشهاد 10 مواطنين أتراك، وإصابة 56 آخرين، وتعرض الناشطين للحبس والتعذيب والاستجواب ومصادرة ممتلكاتهم، إلى جانب مصادرة السفينة.
تحميل المزيد