أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الأربعاء 17 سبتمبر/أيلول 2025، اتخاذ إجراء ضد الجماعات اليسارية عقب اغتيال الناشط اليميني تشارلي كيرك، مستهدفاً حركة "أنتيفا"، وهي حركة يسارية لامركزية مناهضة للفاشية، بإعلانها منظمة إرهابية.
وقال ترامب على حسابه على موقع "تروث سوشيال": "يسعدني أن أبلغ العديد من مواطنينا في الولايات المتحدة أنني أصنف منظمة أنتيفا، وهي منظمة يسارية متطرفة مريضة وخطيرة وكارثية، كمنظمة إرهابية رئيسية".
ودعا ترامب أيضاً إلى إجراء تحقيقات مع الأفراد والجماعات التي تموّل أنشطة أنتيفا.
🚨 "I am pleased to inform our many U.S.A. Patriots that I am designating ANTIFA, A SICK, DANGEROUS, RADICAL LEFT DISASTER, AS A MAJOR TERRORIST ORGANIZATION…" – President Donald J. Trump pic.twitter.com/irLHCkrX1n
— The White House (@WhiteHouse) September 18, 2025
ويأتي هذا الإعلان في أعقاب حادثة إطلاق النار التي أودت بحياة كيرك مؤخراً في ولاية يوتا. وبينما وُجّهت تهمة القتل إلى تايلر روبنسون، المتهم بإطلاق النار على كيرك، إلا أن ترامب وحلفاءه ربطوا الحادثة بحركة "أنتيفا" وجماعات يسارية أخرى.
وأشارت المدعية العامة الأمريكية، بام بوندي، والمستشار السياسي الرئيسي لترامب، ستيفن ميلر، إلى أن منظمة Indivisible، وهي شبكة ناشطة تقدمية، ومؤسسات المجتمع المفتوح التي أسسها جورج سوروس، ربما تكون مرتبطة بالتطرف العنيف.
ماذا نعرف عن حركة أنتيفا؟
- حركة "أنتيفا" هي اختصار لعبارة "مناهضة الفاشية"، وظهرت أول مرة في ألمانيا النازية خلال ثلاثينيات القرن العشرين.
- تقوم الحركة على فكرة رئيسية، هي أن "أدولف هتلر والنازيين ما كانوا ليفعلوا ما فعلوه في ألمانيا لو أنهم جوبهوا بردة فعل كافية".
- وتوصف "أنتيفا" بصفات مثل أنها "حركة يسارية"، و"مناهضة للفاشية"، و"نشطاء سياسيون متشددون".
- وبدأت الحركة بتنظيم كوادرها ضد النازيين الجدد في الولايات المتحدة، أواخر سبعينيات وأوائل ثمانينيات القرن الماضي، وخاصة في منطقة الغرب الأوسط.
- وعادة ما يظهر أعضاء الحركة بملابس سوداء، مثل المجموعات "الأناركية" الأخرى، التي ظهرت خلال فترة ألمانيا النازية.
- ويتردد أن الحركة تعقد اجتماعات في دول معينة من وقت إلى آخر، رغم أنها لا تمتلك، وفق المعلن، مقراً وزعيماً محددين.
- وتعارض "أنتيفا" الحركات العنصرية والنازية الجديدة والفاشية الجديدة، وظهرت كحركة مقاومة ضد "اليمين البديل" في السنوات الأخيرة.
- وعلى الرغم من أن قاموس "ميريام وبستر" أشار إلى أن كلمة "أنتيفا" استُخدمت لأول مرة في عام 1946 وتمت استعارتها من عبارة ألمانية تشير إلى معارضة النازية، إلا أن المزيد من الناس بدأوا في الانضمام إلى الحركة في الولايات المتحدة بعد انتخاب ترامب في عام 2016، لمواجهة التهديد الذي يعتقدون أنه يشكله ما يسمى باليمين البديل، وفق ما نقلته صحيفة نيويورك تايمز عن مارك براي، محاضر التاريخ في جامعة روتجرز ومؤلف كتاب "أنتيفا: دليل مناهضة الفاشية".
- وكانت إحدى المجموعات الأولى في الولايات المتحدة التي استخدمت الاسم هي مجموعة "روز سيتي أنتيفا"، التي تأسست عام 2007 في بورتلاند بولاية أوريغون. ولديها عدد كبير من المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تشارك المقالات الإخبارية وتسعى أحياناً إلى الكشف عن هويات ومعلومات شخصية لشخصيات يمينية.
- واكتسبت حركة "أنتيفا" مزيداً من الزخم في عام 2017 بعد سلسلة من الأحداث التي سلّطت الضوء على المتظاهرين المناهضين للفاشية، بما في ذلك إلغاء فعالية لكاتب يميني في جامعة كاليفورنيا، ومواجهتهم للمتظاهرين القوميين البيض خلال أحداث عنف اندلعت بعد تظاهرات نظمها أنصار تفوق العرق الأبيض في مدينة شارلوتسفيل بولاية فيرجينيا.
- ورغم أن خطاب "أنتيفا" الرسمي يشدّد على "مناهضة العنف"، إلا أن أعضاء في الحركة يقولون إنهم يعتبرون العنف والأسلحة "ضروريين للدفاع عن النفس"، بحسب أحاديث لهم مع وسائل إعلام غربية.

من هم أعضائها؟
- يصعب معرفة عدد الأشخاص الذين يعتبرون أنفسهم أعضاءً في الحركة. ويُقرّ أتباعها بأنها حركة سرّية، وليس لها قادة رسميون، وتنتظم في خلايا محلية مستقلة، وفق تقرير نيويورك تايمز.
- ويُنظّم أعضاء حركة "أنتيفا" حملاتٍ ضدّ الأفعال التي يعتبرونها استبداديةً أو عنصريةً أو معاديةً للأجانب.
- ومع أن حركة "أنتيفا" لا تنتمي إلى حركات يسارية أخرى، إلا أن أعضاءها يتعاونون أحياناً مع شبكات ناشطين محليين آخرين يحشدون جهودهم حول القضايا نفسها، مثل حركة "حياة السود مهمة".
- ويسعى أعضاء حركة "أنتيفا" إلى عرقلة فعاليات اليمين المتطرف، ويستخدمون أساليب متنوعة لتحقيق ذلك، منها الصراخ والهتاف وتشكيل سلاسل بشرية لصد المتظاهرين اليمينيين.
- وتشمل تكتيكاتهم مراقبة اليمين المتطرف على منصات التواصل الاجتماعي، كما ينشرون معلومات شخصية عن خصومهم عبر الإنترنت، فيما يُعرف باسم "التشهير الإلكتروني"، وقد أسفرت جهودهم عن فصل بعض مؤيدي اليمين من وظائفهم بعد كشف هوياتهم عبر الإنترنت، وفق تقرير لموقع بي بي سي.
هل تستطيع إدارة ترامب تصنيف الحركة منظمة إرهابية؟
أثار خبراء قانونيون مخاوف بشأن جدوى تصنيف ترامب، مشيرين إلى أن حركة "أنتيفا" هي حركة منظَّمة بشكل فضفاض، بدون قيادة مركزية أو عضوية رسمية، وفق وكالة الأناضول.
وعلاوة على ذلك، تفتقر الولايات المتحدة إلى قانون محدد يسمح بتصنيف الجماعات المحلية كمنظمات إرهابية. وبالتالي، فهي غير مرشحة للإدراج على قائمة وزارة الخارجية للمنظمات الإرهابية الأجنبية.
وتعود أهمية هذا التصنيف إلى مجموعة متنوعة من الأسباب القانونية، وأهمها أن أي شخص في الولايات المتحدة يقدّم الدعم لمنظمة مدرجة في تلك القائمة قد يواجه اتهامات تتعلق بالإرهاب.

ولكن "ليس هناك ما يعادله محلياً"، كما يقول جوشوا جيلتزر، وهو مسؤول سابق رفيع المستوى لمكافحة الإرهاب والمدير التنفيذي المؤسس لمعهد المناصرة والحماية الدستورية في مركز القانون بجامعة جورج تاون.
وكانت هناك دعوات دورية، وخاصة بعد حوادث إطلاق النار الجماعي التي نفّذها المتطرفون البيض، لوضع قانون محلي لمكافحة الإرهاب، ولكن لم يتم إقرار أي قانون.
وعندما سُئلت عن السلطة القانونية التي يتمتع بها الرئيس لتصنيف حركة "أنتيفا" كمنظمة إرهابية، أشارت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كايلي ماكناني، إلى القانون الحالي بموجب القانون الجنائي الأمريكي الذي يحدّد أعمال الإرهاب المحلي والدولي.
لكن تعريف العمل الإرهابي يختلف عن تصنيف مجموعة بأكملها كمنظمة إرهابية.
ما هي أبرز ردود الفعل على إعلان ترامب؟
انتقدت منظمات الحقوق المدنية والديمقراطيون تصرفات إدارة ترامب باعتبارها محاولات لقمع المعارضة السياسية وتقييد حرية التعبير قبل انتخابات التجديد النصفي لعام 2026.
وحذّروا من أن مثل هذه الإجراءات قد تؤدي إلى تآكل الحريات الديمقراطية وربما إساءة استخدام السلطة الفيدرالية لتحقيق مكاسب سياسية.
وحتى الآن، لم يُتخذ أي إجراء قانوني رسمي لتصنيف "أنتيفا" رسمياً كمنظمة إرهابية. ولا يزال الوضع غير مستقر، في ظل نقاشات مستمرة حول تداعيات هذه الخطوة على الحريات المدنية والأمن القومي.
يُذكر أن ترامب كان قد طرح في البداية فكرة تصنيف "أنتيفا" منظمة إرهابية في عام 2020 وسط احتجاجات عنيفة على مستوى البلاد أعقبت مقتل جورج فلويد على يد الشرطة في مدينة منيابوليس.