ترامب يحشد لمواجهة عسكرية ضد كاراكاس.. هل تنفجر الأزمة بين أمريكا وفنزويلا؟

عربي بوست
تم النشر: 2025/09/10 الساعة 14:09 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/09/10 الساعة 14:09 بتوقيت غرينتش
الرئيس نيكولاس مادورو، في كاراكاس، فنزويلا - رويترز

في غضون أيام فقط، تحولت الأزمة بين الولايات المتحدة وفنزويلا من خلاف دبلوماسي مألوف ومكرر إلى تحشيد عسكري غير مسبوق في مياه الكاريبي، حيث تعمل إدارة دونالد ترامب بشكل عدواني على تأجيج التوترات مع فنزويلا ورئيسها نيكولاس مادورو، ويبدو أنها تعمل على خلق الظروف التي قد تؤدي إلى مواجهة عسكرية كما تقول الصحف الأمريكية.

ويأتي هذا التصعيد بالتوازي مع تغيير ترامب اسم وزارة الدفاع إلى "وزارة الحرب"، حيث تبع القرار على الفور زيارة مفاجئة من قبل بيت هيجسيث إلى مدمرة حربية أمريكية خارج المياه الإقليمية الفنزويلية في بورتوريكو برفقة رئيس هيئة الأركان المشتركة، وإعلان واشنطن عن مضاعفة المكافأة للقبض على الرئيس مادورو إلى 50 مليون دولار.

ووصل التصعيد ذروته مع إعلان واشنطن عن ضربة صاروخية مدمرة ضد قارب فنزويلي يشتبه في تورطه بتهريب المخدرات يوم الثلاثاء الماضي 2 سبتمبر/أيلول 2025 مما أدى لمقتل 11 شخصاً كانوا على متنه، فيما لم يتم تأكيد أي إثباتات حول الادعاءات الأمريكية، وهي خطوة وصفتها كاراكاس بالعدوان المباشر على سيادتها حيث وقع الهجوم في جنوب البحر الكاريبي وبالتحديد في المياه الدولية قبالة سواحل فنزويلا. ومنذ تلك اللحظة، بدأ التوتر يأخذ منحى متسارعاً وتحشيداً عسكرياً حدودياً متبادلاً لم تعرفه العلاقات بين البلدين منذ عقود.

هل تتدحرج الأزمة بين أمريكا وفنزويلا إلى مواجهة عسكرية؟

  • بعد استهداف القارب الفنزويلي، أدانت جماعات حقوق الإنسان في أمريكا هذا الإجراء ووصفته بأنه "قتل خارج نطاق القضاء وغير قانوني"، انتقد أعضاء الكونغرس الأمريكي القرار، متسائلين عن الأساس القانوني للضربة. وقال آدم سميث، أبرز الديمقراطيين في لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب: "لا سبيل إلى الجزم بأن ما كان على متن هذا القارب يُمثل أي تهديد وشيك للولايات المتحدة بالمعنى العسكري للكلمة".
  • لكن قبل حادثة قصف الطيران الأمريكي للقارب الفنزويلي في المياه الإقليمية بنحو 10 أيام، عملت إدارة ترامب على تأجيج التصعيد مع فنزويلا لدرجة خطيرة، حيث عززت واشنطن القوات البحرية الأمريكية خارج المياه الفنزويلية، ضمن ما أسمتها حربها على عصابات المخدرات، وأعلنت إدارة ترامب الرئيس مادورو "زعيماً إرهابياً" لهذه العصابات، واصفةً حكومته بأنها غير شرعية، وهو ما أثار التساؤل عما إذا كان الهدف النهائي لتصعيد إدارة ترامب هو مجرد مواجهة قوارب تهريب المخدرات، أم حرباً محتملة لتغيير النظام.
  • ووقّع ترامب الشهر الماضي توجيهاً، يُلزم البنتاغون باستخدام القوة العسكرية ضد بعض عصابات المخدرات في أمريكا اللاتينية التي تم تصنيفها كمنظمات إرهابية، ومنذ ذلك الحين، حرّك البنتاغون قطعاً بحرية أمريكية، بما في ذلك سفن حربية، إلى جنوب البحر الكاريبي. وردًا على ذلك، أعلن الرئيس مادورو أنه سينشر 4.5 مليون جندي حول بلاده، وتعهد "بالدفاع عن بحار وسماء وأراضي فنزويلا من أي توغلات".
  • كما صرح مسؤولون أمريكيون بأن مدمرات صواريخ موجهة وصلت إلى المنطقة بالإضافة إلى نشر غواصة هجومية سريعة تعمل بالطاقة النووية. وأضافوا أن السفن الحربية التابعة للبحرية ستستهدف قوارب تديرها عصابات المخدرات لنقل الفنتانيل إلى الولايات المتحدة. وتقول صحيفة "نيويورك تايمز" إن المدمرتان المتجهتان نحو منطقة خارج المياه الإقليمية الفنزويلية هما "يو إس إس جيسون دونهام" و"يو إس إس غريفلي"، وهما سفينتان حربيتان شاركتا مؤخرًا في الحملة ضد الحوثيين في ​​البحر الأحمر.
  • وصرح مسؤول بأن مدمرة ثالثة، هي يو إس إس سامبسون في المحيط الهادئ، ستنضم للحملة. وبحسب الصحيفة، هذه السفن الحربية مجهزة بأكثر من 90 صاروخاً، بما في ذلك صواريخ أرض-جو. وهي قادرة على شن هجمات مضادة للطائرات والغواصات، وإسقاط الصواريخ الباليستية.
  • وتقول الصحيفة إنه لطالما اعترضت البحرية الأمريكية سفنًا يُشتبه في تهريبها للمخدرات في المياه الدولية، وصعدت عليها، مع وجود ضابط خفر سواحل مسؤول مؤقتًا لاستدعاء سلطة إنفاذ القانون. لكن حجم القوات التي ينشرها البنتاغون الآن، إلى جانب أمر ترامب الأخير، يشير إلى أن الإدارة الأمريكية تفكر في إجراءات تتجاوز بكثير عمليات الاعتراض البحري التي تُنفذها سلطات إنفاذ القانون. وفقاً لعدة مسؤولين، تُحاط النوايا العملياتية المحددة للإدارة بتكتم شديد على غير العادة، حتى داخل السلطة التنفيذية. ولا يزال من غير الواضح ما هي المعايير أو قواعد الاشتباك التي تدرسها الإدارة لأي عمليات عسكرية ضد فنزويلا.

ترامب يأمر بنشر طائرات إف-35 الشبحية.. وتوجيه ضربات في قلب فنزويلا

  • بعد أيام من قصف الزورق الفنزويلي وقتل جميع من كانوا على متنه، ذكرت تقارير إخبارية أمريكية يوم السبت 6 سبتمبر/أيلول أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمر بنشر 10 طائرات مقاتلة شبحية من طراز إف-35 في إقليم بورتوريكو خارج المياه الإقليمية الفنزويلية وسط تقرير يفيد بأنه يدرس خيارات لشن ضربات تستهدف عصابات المخدرات العاملة داخل فنزويلا نفسها. 
  • قبل هذا القرار بيوم، اتهمت وزارة الدفاع الأميركية، فنزويلا بتنفيذ خطوة "استفزازية للغاية" بإرسال طائرتين مقاتلتين من طراز إف-16 للتحليق بالقرب من المدمرة الصاروخية الموجهة يو إس إس جيسون دونهام. وحذر ترامب من أن الجيش الأمريكي لديه تفويض بإسقاط الطائرات إذا اعتقد قادة السفن أنها تشكل تهديدًا لسفنهم، قائلاً: "إذا وضعونا في موقف خطير، فسيتم إسقاطهم".
ترامب يوقع على الأمر التنفيذي الذي ينصر على تغيير اسم وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب الأمريكية – رويترز
  • ودافع وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو هذا الأسبوع عن النهج العسكري الذي يتبعه ترامب تجاه ما تسميه واشنطن جماعات "الإرهاب المخدرات". وقال روبيو في حديثه عن عصابات المخدرات أثناء وجوده في المكسيك يوم الأربعاء: "ما سيوقفهم هو عندما تفجرهم، عندما تتخلص منهم.. إذا كنت على متن قارب محمل بالكوكايين أو الفنتانيل متجهًا إلى الولايات المتحدة، فأنت تشكل تهديدًا مباشرًا للولايات المتحدة".
  • الأمور لم تقف عند هذا الحدث، حيث قال وزير الحرب الأمريكي بيت هيجسيث يوم الإثنين 9 أيلول/سبتمبر، لقوات مشاة البحرية الأمريكية على متن سفينة حربية متمركزة في بورتوريكو إن انتشارهم في منطقة البحر الكاريبي "ليس تدريبا" في أحدث إشارة إلى أن واشنطن تنوي تصعيد موقفها العدواني في المنطقة ضد كاراكاس. وقال وزير الحرب للجنود: "ما تفعلونه الآن ليس تدريبًا؛ هذا تمرين حقيقي نيابة عن المصالح الوطنية الحيوية للولايات المتحدة الأمريكية لإنهاء تسميم الشعب الأمريكي". وصافاً الرئيس الفنزويلي بـ"ديكتاتور المخدرات". 

كيف ردت فنزويلا على التصعيد الأمريكي؟

  • ردّ الرئيس نيكولاس مادورو على الضربة الأمريكية بخطوات تصعيدية، أبرزها نشر عشرات آلاف الجنود على الحدود وتوجيه خطاب ناري تحدث فيه عن "الدفاع عن سيادة البلاد مهما كلف الأمر". ولم يكتف مادورو بالخطاب العسكري، بل لجأ أيضًا إلى الرمزية السياسية، بإعلانه بدء احتفالات عيد الميلاد في أكتوبر، في محاولة لرفع معنويات الداخل وتخفيف وطأة الأزمة على الشارع الفنزويلي.
  • إقليمياً، لم يتأخر صدى الأزمة في الوصول إلى الجوار. فقد أعلنت البرازيل وكولومبيا رفضهما لأي تدخل عسكري أمريكي في فنزويلا، معتبرتين أن التصعيد يهدد استقرار القارة بأكملها. وبينما يتبادل الطرفان الأمريكي والفنزويلي الرسائل العسكرية والسياسية، تتزايد المخاوف من انزلاق الوضع إلى مواجهة مفتوحة قد تمتد آثارها إلى ما هو أبعد من حدود فنزويلا.
  • وأعرب الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا عن قلقه إزاء الحشد البحري الأمريكي خلال خطاب افتراضي في قمة البريكس يوم الاثنين، قائلاً: "إن وجود القوات المسلحة لأكبر قوة في البحر الكاريبي يشكل عامل توتر".
الحشد العسكري البحري الأمريكي في الكاريبي – رويترز
  • من جهته، قال وزير الخارجية الفنزويلي إيفان جيل في مقابلة نادرة مع شبكة CNN إن فنزويلا لا تسعى إلى مواجهة عسكرية مع الولايات المتحدة أو أي فاعل إقليمي آخر،  وقال جيل: "نحن لا نراهن على الصراع، ولا نريد الصراع". لكن رغم استبعاده التصعيد العسكري قال وزير الخارجية الفنزويلي إن بلاده مستعدة لردع أي تهديد محتمل.
  • وقال الوزير: "نحن مستعدون لردع أي انتشار ولدينا تصميم واضح على الدفاع عن وطننا"، ورفض جيل الاتهامات من إدارة ترامب بأن مادورو هو زعيم كارتل المخدرات أو أنه يرأس عمليات تهريب المخدرات المزعومة في جميع أنحاء القارة. وقال جيل "من غير الصحيح على الإطلاق أن تكون للدولة الفنزويلية أو قادتها أي علاقة على الإطلاق بتجارة المخدرات"، عازيا هذه الاتهامات إلى جماعات سياسية في الولايات المتحدة تسعى للضغط على حكومة مادورو.
  • في النهاية، قال جيل إن أي حل للتوترات الحالية بين الولايات المتحدة وفنزويلا يجب أن يكون سياسيًا، مؤكدًا أن الحوار هو السبيل الأمثل للمضي قدمًا. كما كرر تصريحات مادورو حول وجود قنوات اتصال "متضررة" لكنها مفتوحة. وأضاف: "بعد إرسال ثماني سفن مدمرة للمنطقة، فليسأل الأمريكيون أنفسهم إن كان الأمر يستحق العناء. نحن لن نستسلم، سنواصل هنا، نحكم، نتقدم، نبني بلدنا بسعادة".
تحميل المزيد