بكين تتحدى واشنطن.. دليل الأسلحة الصينية الجديدة التي كشف النقاب عنها في أضخم عرض عسكري بتاريخ البلاد 

عربي بوست
تم النشر: 2025/09/07 الساعة 13:33 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/09/07 الساعة 13:38 بتوقيت غرينتش
أسلحة يكشف النقاب عنها لأول مرة.. إليكم دليل الأسلحة الصينية الجديدة التي عرضت في قلب بكين وأثار دهشة العالم - شينخوا

لطالما قلل الغرب من القدرات العسكرية والتكنولوجية الصينية ووصفها بأنها مجرد تقليد بجودة منخفضة للتكنولوجيا الغربية؛ وأن الصين كعادتها تسرق الملكية الفكرية وأي نجاحات لها هي محدودة وقاصرة أمام ما يملكه الغرب. لكن هذه الصورة لم تعد كما كانت عليه في السابق بعد اليوم، فالصين اليوم مُبتكرة ورائدة تكنولوجيًا في مجالات الروبوتات والذكاء الاصطناعي والمركبات الكهربائية وحتى المفاعلات النووية والتكنولوجيا العسكرية المرعبة.

وأكد العرض العسكري الأضخم عالمياً، والذي عُقد في بكين في 3 سبتمبر/أيلول 2025 بحضور أكثر من 100 ألف شخص، أن الصين لم تعد كما السابق، حيث كان الجيش الصيني يحاول دوماً اللحاق بالركب وربما يقلد تصاميم المعدات العسكرية الأمريكية، فالصين الآن تُبدع وتُقود الركب والآخرون يحاولون اللحاق بها في تكنولوجيا الصناعات العسكرية، وهذا يعني أن التوازن العسكري الإقليمي والعالمي، الذي كان لعقود لصالح الولايات المتحدة وشركائها، قد تغير وإلى الأبد.

كان استعراض يوم النصر، الذي يُحيي الذكرى الثمانين لـ"حرب المقاومة الشعبية الصينية ضد العدوان الياباني والحرب العالمية ضد الفاشية"، استعراضاً علنياً للقوة العسكرية الصينية الأحدث عالمياً ورسالة تحدٍ غير مسبوقة للهيمنة الأمريكية، ونظرة خاطفة على مستقبلها، حيث كانت بكين تتردد دوماً في عرض أحدث ترسانتها العسكرية، لكن الآن ترفع السقف عالياً وكذلك الغطاء عن أخطر أسلحتها التي تستطيع تهديد أمريكا والغرب ومصالحهم حول العالم.

واستعرض الزعيم الصيني شي جين بينغ -الذي حضر إلى جانبه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الكوري الشمالي كيم جونج أون و24 زعيماً آخر- ترسانة جديدة متطورة كلياً في عرض عسكري هو الأضخم في تاريخ الصين، كشف النقاب فيه أسلحة نووية تصل قلب أمريكا، وطائرات شبحية يمكن لبكين استخدامها لتحدي النفوذ الأمريكي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. وقال أحد قادة الجيش الصيني بأن الهدف من هذا الاستعراض هو "إظهار قدرة جيشنا الاستراتيجية الهائلة على الردع" و"كسب حروب المستقبل". مضيفاً أن المعدات العسكرية المعروضة صُنعت جميعها في الصين وهي في الخدمة الفعلية، وقد عُرض الكثير منها الآن علناً لأول مرة.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتن والرئيس الصيني شي جين بينغ والزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون ورؤساء الوفود الأجنبية يصلون إلى عرض عسكري بمناسبة الذكرى الثمانين لنهاية الحرب العالمية الثانية، في بكين، الصين، 3 سبتمبر 2025. سبوتنيك

أسلحة يكشف النقاب عنها لأول مرة.. إليكم دليل الأسلحة الصينية الجديدة

افتتح الاستعراض العسكري الأضخم في تاريخ الصين٬ بقوات مشاة تسير على الأقدام، وشارك فيه أكثر من 10 آلاف عنصر. وتملك بكين أكبر جيش عامل في العالم، يُقدَّر بحوالي مليوني جندي٬ رغم أن قدرته في ساحة المعركة لم تُختبر بعد. وشملت التشكيلات المشاركة قوات من "قوة الفضاء السيبراني" و"قوة الفضاء الجوي"، وهما ذراعان جديدان للجيش الصيني أُنشئا عام 2024، في إشارة مسبقة إلى بعض الابتكارات العسكرية المعروضة٬ وفيما يعلي دليل لأحدث الأسلحة التي كشفت بكين عنها النقاب خلال الاستعراض:

1- من أبرز ما تضمّنه المعرض عرض طائرات ستخدم أسطول حاملات الطائرات الصيني المتنامي، والذي يضم حاليًا 4 سفن، ومن المرجح أن تنضم إليه في السنوات القادمة حاملة طائرات عملاقة واحدة -على الأقل- تعمل بالطاقة النووية ، بنفس حجم وقدرة حاملة الطائرات الجديدة من فئة جيرالد فورد التابعة للبحرية الأمريكية.

2- كما كُشف النقاب عن 4 أنواع جديدة من الطائرات المسيرة "الرفيقة" – وهي طائرات خفية بدون طيار مصممة للتحليق إلى جانب الطائرات المأهولة وتقديم دعم قتالي ذاتي. وتُعد الطائرة CH-9 بعيدة المدى الأحدث ضمن سلسلة "كايهونغ"، وهي قادرة على تنفيذ مهام استطلاع ومراقبة وهجوم دقيق. وبحسب الإعلام الرسمي، تستطيع التحليق على ارتفاع يصل إلى نحو 36 ألف قدم والبقاء في الجو لمدة 40 ساعة. وقارن محللون غربيون مستوى هذه الطائرات المسيَّرة بنظيرتها الأميركية MQ-9 Reaper.

جانب من الطائرات المسيرة والمقاتلة التي كشف عنها في الاستعراض العسكري ببكين – شينخوا

3- عُرضت أيضاً 4 أنظمة صاروخية مضادة للسفن بما في ذلك YingJi-19 وYingJi-17 وYingJi-20 هجومية أرضية لم تُشاهد من قبل، بالإضافة إلى غواصة جديدة بدون طيار وطوربيدات جديدة. وقالت وسائل إعلام صينية إن صاروخ YJ-19، هو صاروخ كروز مضاد للسفن يعمل بمحرك نفاث فرط صوتي (سكرامجت)، ويُعتقد أنه سلاح انزلاقي أسرع من الصوت.

4- الصين، التي تُعد رائدة في تكنولوجيا الصواريخ الفرط صوتية، عرضت نماذج جديدة من سلسلة "ينغجي" (YJ)، التي وصفتها وسائل الإعلام الرسمية بأنها "المطرقة الإستراتيجية" للدفاع عن المصالح البحرية للصين. ويتميز صاروخ YJ-19 بفتحات هواء مرئية أسفل مخروط الأنف، تبدو مشابهة لتلك الموجودة في صاروخ كروز فرط صوتي روسي يعمل بمحرك نفاث يُعرف باسم "سكرامجت". ويمكن للأسلحة الفرط صوتية أن تسير بسرعات هائلة لتفادي معظم أنظمة الدفاع الجوي. ويُظهر التصميم الانسيابي لصاروخ YJ-17 أنه قريب من الصاروخ الصيني DF-17 متوسط المدى، الذي يحمل مركبة انزلاقية فرط صوتية تُطلق إلى ارتفاع عالٍ قبل أن تنقض نحو الهدف وهي تناور لتجعل مسارها أقل قابلية للتنبؤ.

6- عرضت الصين طرازً جديداً من الصاروخ الباليستي العابر للقارات DF-5C العامل بالوقود السائل والمكوَّن من مرحلتين، والذي يُعد ركيزة أساسية للردع النووي الصيني. وقال التلفزيون الرسمي إن صاروخ DF-5C يتمتع بمدى عالمي، ما يعني أنه قادر على ضرب أهداف في أي مكان في العالم.

صواريخ DF-5C الباليستي العابر للقارات – رويترز

7- ساهمت المقاتلات والقاذفات الاستراتيجية والمروحيات التي حلقت بتشكيلات منظمة في إضفاء طابع استعراضي على العرض العسكري في بكين. ومن بينها مقاتلة J-35A الشبحية متعددة المهام، التي قارنها بعض المحللين بالمقاتلة الأميركية الشبحية الأغلى في العالم F-35، بقدراتها على القتال جو-جو وضرب الأهداف الأرضية. ويقول خبراء صينيون إن الحرف "A" يشير إلى النسخة البرية، فيما من المقرر أن تتبعها نسخة بحرية.

8- شمل العرض أيضاً عرض المقاتلة J-15 البحرية٬ وتشمل نسخ المقاتلة البحرية الرئيسية للصين J-15 طائرات حرب إلكترونية مطوَّرة محليًا، ونماذج T التي يمكن إطلاقها من حاملات الطائرات باستخدام المقاليع. ويجري اختبار حاملة الطائرات الصينية الأحدث "فوجيان" – أول حاملة مزودة بنظام إقلاع بالمقاليع – مع هذه الطائرات (J-15T).

9- استعرضت بكين أيضاً أسلحة ليزر عالية الطاقة صُممت لاعتراض أهداف مثل الطائرات المسيّرة وصواريخ الكروز. ووصفتها القناة الرسمية، إلى جانب أنظمة المدفعية المضادة للطائرات، بأنها تشكل "مثلثًا حديديًا" قويًا. ووُصفت منظومة LY-1 من قبل المذيعين الرسميين بأنها "سلاح ليزر محمول على السفن" مُخصص للدفاع الجوي البحري، قادر على تنفيذ ضربات دقيقة ومستمرة على الأهداف. وهو مُصمم ليكمل أسلحة الدفاع الجوي الأخرى مثل صواريخ أرض-جو.

سلاح الليزر LY-1 المتطور الذي كشف عنه لأول مرة في بكين – رويترز

10- واصلت البحرية الصينية توسيع قوتها ومدى عملياتها، لتصبح صاحبة أكبر أسطول بحري في العالم من حيث عدد السفن والغواصات، مع إدخال بعض التحسينات عالية التقنية. حيث تملك الصين مركبات جديدة غير مأهولة تحت الماء يمكنها تنفيذ عمليات حربية ضد الغواصات وزرع الألغام. وقال الإعلام الرسمي إن هذه الغواصات المسيَّرة الجديدة التي كشف عنها الاستعراض العسكري٬ قادرة على رصد الأهداف والتعرف عليها بشكل مستقل، ويمكن نشرها سرًا لتنفيذ عمليات حصار.

ماذا تريد الصين باستعراض كل هذه القوة العسكرية؟

  • تُظهر الصين بوضوح رغبتها في بناء مجمع عسكري صناعي محلي بالكامل. وقد أعلنت القيادة الصينية علنًا عن طموحها لبناء جيش عالمي من الطراز الأول بحلول منتصف القرن. وبالطبع، يتطلب هذا أكثر من مجرد التكنولوجيا، وتشير موجة التطهير الأخيرة لكبار الضباط إلى وجود فساد خطير ومشاكل في الأداء داخل جيش التحرير الشعبي الصيني.
  • على الصعيد التكنولوجي، على الأقل، لطالما كانت هناك أدلة كافية على طموح الصين. بدأت الصين تحديثها في أوائل التسعينيات، ومنذ ذلك الحين، شهد جيش التحرير الشعبي الصيني أسرع تحول تكنولوجي لأي قوة عسكرية منذ الحرب العالمية الثانية. وتعزز الاكتشافات الجديدة منذ ديسمبر 2024 هذا التوجه، وينبغي أن تطرح تساؤلاً حول ما إذا كانت طموحات الصين لا تزال تُقلل من شأنها.
  • تقول مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية إن الصين تبني قوةً لتحدي الولايات المتحدة مباشرةً وخلق توازن عسكري عالمي حقيقي. وقد لمست أستراليا قدرات الصين الجديدة في فبراير/شباط عندما أرسلت البحرية الصينية أسطولًا من السفن الحربية للإبحار حول القارة٬ وقد بعث ذلك برسالة مفادها أن القوة العسكرية الصينية أصبحت الآن ذات نطاق جديد.
  • مع ذلك، إذا كان هناك استنتاج عام يمكن استخلاصه من كشوفات الأشهر التسعة الماضية، فهو أن الصين لا تركز فقط على إبراز قوتها العسكرية في المحيط الهادئ، ناهيك عن العالم٬ فكثير من المعدات الجديدة التي نراها ليست مصممة صراحةً لهذا الغرض.
  • ولا شك أن الصين، على مدى العقود القليلة الماضية، قد عززت قدرتها على استخدام القوة العسكرية لمسافات طويلة بشكل كبير. فهي تبني أسطولًا هائلاً من طائرات النقل الجوي الاستراتيجية، مما يسمح لها بنقل الأفراد والمعدات حول العالم بسرعة. ومؤخرًا، بدأت في تنمية أسطولها للتزود بالوقود جوًا؛ ولطالما كان هذا الأسطول سمة أساسية لقدرة الولايات المتحدة على إبراز قوتها الجوية عالميًا. وتمتلك الصين الآن العشرات من السفن الحربية المصممة للعمل في المحيطات المفتوحة (على عكس السفن الساحلية التي تعمل في المياه البنية)، بما في ذلك حاملات الطائرات وسفن التزويد بالوقود لإبقاء الأسطول في البحر.
  • وترى المجلة الأمريكية أنه ينبغي التركيز على طموحات الصين الإقليمية بدلًا من حضورها العالمي. وهذا خبر سيء للغاية بالنسبة لتايوان، لأن الميزان العسكري هناك يميل بشكل صارخ لصالح بكين. وقد تناولت ورقة بحثية حديثة نُشرت في مجلة " الأمن الدولي" ، وهي المجلة الأكاديمية الأكثر اعتباراً في الدراسات الاستراتيجية، اتجاهات بكين نحو هذا الأمر٬ وخلص الباحثان نيكولاس أندرسون وداريل بريس بأن العمود الفقري للقوة العسكرية الأمريكية في آسيا – طائراتها المقاتلة المتمركزة في اليابان وغوام – ستتكبد خسائر كارثية في حال وقوع غزو صيني لتايوان.
  • تُقدّم الورقة نموذجًا للضرر الذي ستُلحقه مخزونات الصين الصاروخية الكبيرة (والآخذة في التزايد) قصيرة ومتوسطة المدى بالقواعد الجوية الأمريكية خلال الثلاثين يومًا الأولى من أي حرب. وتستنتج الورقة أنه حتى في أفضل السيناريوهات، ستخسر الولايات المتحدة 45% من قوتها خلال الشهر الأول. ويجدر التأكيد على أن الورقة تتناول فقط آثار الصواريخ الصينية المُطلقة من قواعد برية؛ ولا تتناول تأثير الضربات الإضافية التي تُشنّها القوات الجوية والبحرية الصينية.
تحميل المزيد