أبدى وزير الخارجية الهولندي المستقيل كاسبار فيلدكامب، نهجاً أكثر صرامة تجاه إسرائيل التي كان سفيراً سابقاً لبلاده فيها، وكان من الدبلوماسيين الأوروبيين الأكثر حراكاً ضدها بسبب العدوان المتواصل على قطاع غزة.
لكن سياسة حكومة بلاده تجاه إسرائيل، ورفضها اتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضدها، دفعته ووزراء حزبه إلى الاستقالة من الحكومة، ليتسببوا بأزمة سياسية داخل البلاد.
وأبلغ فيلدكامب برلمان البلاد أنه ينوي تقديم تدابير جديدة رداً على الهجوم الإسرائيلي المخطط له على مدينة غزة وغيرها من المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، لكنه لم يتمكن من تأمين دعم شركائه في الائتلاف.
ومساء الجمعة، وبعد ساعات من المداولات المحمومة في مجلس الوزراء، أعلن فيلدكامب استقالته فوراً، إلى جانب وزراء آخرين من حزبه "العقد الاجتماعي الجديد" من يمين الوسط. وقال إنه "لا يملك ثقة كافية" بأنه سيُمنح "المساحة الكافية في الأسابيع أو الأشهر أو حتى العام المقبل لرسم المسار الذي أراه ضرورياً".

وقد حاول كاسبار فيلدكامب تقديم خطة لفرض حظر وطني على التجارة مع المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية، وذلك بعد التوقيع على بيان مشترك مع 20 دولة أخرى، وصف مصادقة إسرائيل على مشروع استيطاني كبير في الضفة الغربية المحتلة بأنه "غير مقبول ومخالف للقانون الدولي".
من هو كاسبار فيلدكامب؟
- بدأ كاسبار فيلدكامب عمله مسؤولاً عن السياسات في وزارة الخارجية عام 1993.
- شغل منصب سفير هولندا لدى إسرائيل ما بين الأعوام 2011 و2015.
- شغل منصب سفير هولندا لدى اليونان ما بين الأعوام 2015 و2019.
- كان عضواً في مجلس إدارة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية.
- أصبح عضواً في مجلس النواب عام 2023، وركز نشاطه في الشؤون الخارجية والهجرة.
- أدى كاسبار فيلدكامب اليمين الدستورية وزيراً للخارجية في 2 يوليو/تموز 2024، خلفاً لهانكي بروينز سلوت.
- في قمة الناتو عام 2024 التقى نظيره الإسرائيلي يسرائيل كاتس، وتعهد له بأن تضغط بلاده على الاتحاد الأوروبي لإعلان الحرس الثوري الإيراني "منظمة إرهابية".
- خلال حرب روسيا على أوكرانيا، قال إن على هولندا دعم أوكرانيا قدر الإمكان، لاسيما من خلال المساعدات العسكرية، كما دعا إلى التركيز على المخاوف الأمنية في أوروبا الشرقية.
ما هو موقفه من إسرائيل والحرب على غزة؟
خلال فترة عمله كوزير للخارجية، شهد كاسبار فيلدكامب تحولاً في موقفه تجاه إسرائيل، وفي عامه الأول كوزير، اختار على غرار أسلافه نهجاً دبلوماسياً تجاه حكومة نتنياهو.
وقد أكد كاسبار فيلدكامب في المقابلات والمناقشات البرلمانية أن مخاطبة إسرائيل خلف الكواليس، وإدانتها علناً أحياناً، هي أفضل طريقة لتحقيق النتائج.
إلا أن هذا النهج لم يستمر طويلاً، فقد أعلن في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، دعمه لقرار المحكمة الجنائية إصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير جيشه السابق يوآف غالانت، وقد قال إن بلاده ستعتقل نتنياهو إذا دخل أراضيها.

وقد تسبب هذا التصريح من فيلدكامب بغضب إسرائيلي، وإلغاء زيارة له كانت مقررة إلى إسرائيل.
وعندما انتهكت إسرائيل وقف إطلاق النار من جانب واحد في مارس/آذار 2025، واستأنفت قصف غزة المتواصل، بدا التغيير جلياً لدى فيلدكامب.
وفي خطوة هي الأولى من نوعها في بلاده، استدعى السفير الإسرائيلي لأول مرة في أبريل/نيسان 2025، بعد مقتل خمسة عشر عامل إغاثة فلسطينياً على يد الجيش الإسرائيلي.
وفي مايو/أيار 2025، دعا في أوروبا إلى إجراء تحقيق في تعليق اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، معتبراً أن إسرائيل تنتهك القانون الدولي بوقفها المساعدات الإنسانية إلى غزة، ما حوّل هولندا من واحدة من أقل دول الاتحاد انتقاداً لإسرائيل إلى دولة ذات نهج متشدد إلى حد ما.
كما بدأ الاتحاد الأوروبي تحقيقاً في الجرائم الإسرائيلية في غزة بناءً على طلب فيلدكامب، لكنه لم يسفر عن أي نتائج في اجتماعات الاتحاد الأوروبي اللاحقة.
وفي يوليو/تموز 2025، قرر كاسبار فيلدكامب، منع وزيري الأمن القومي إيتمار بن غفير، والمالية بتسلئيل سموتريتش من دخول هولندا، لأنهما يحرضان على العنف ضد الفلسطينيين ودعوا إلى التطهير العرقي في غزة، وتوسيع المستوطنات غير الشرعية.
في المقابل، رد إيتمار بن غفير على قرار منعه من دخول هولندا عبر منشور على منصة X (تويتر سابقاً)، حيث كتب: "حتى لو تم منعي من دخول أوروبا بأكملها، فسأواصل العمل من أجل بلادي، والمطالبة بإسقاط حماس، ودعم مقاتلينا."
وأضاف في لهجة هجومية كعادته: "يبدو أن هولندا ترحب بالإرهاب وتسامح عليه، بينما يُمنع وزير يهودي من إسرائيل من الدخول."
وفي أغسطس/آب الجاري، أعلن فيلدكامب إلغاء تصاريح لتصدير مكونات سفن حربية لإسرائيل، وكتب في رسالة للبرلمان: "بالوضع الحالي في غزة، من المستحيل فعلياً أن يتم منح تصريح لتصدير الأسلحة لإسرائيل، يمكن أن تسهم في أنشطة القوات المسلحة الإسرائيلية في قطاع غزة أو الضفة الغربية".