هل زوَّدت شركة صينية إسرائيلَ بطائرات مسيرة؟ هذا ما نعرفه عن “كاميرا المراقبة” التي حوَّلها الاحتلال إلى سلاح فتاك في غزة.

عربي بوست
تم النشر: 2025/07/18 الساعة 12:03 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/07/18 الساعة 12:23 بتوقيت غرينتش
طائرة EVO المسيرة الصينية التابعة لشركة أوتل روبوتكس/موقع الشركة الرسمي

نفت شركة أوتل روبوتكس الصينية ما إذا كانت باعت أو منحت ترخيصاً لجيش الاحتلال الإسرائيلي لاستخدام طائراتها المسيّرة في العمليات العسكرية خلال الحرب على غزة، وذلك في أعقاب التحقيق الذي نشرته مجلة +972 الإسرائيلية، والذي أشارت فيه إلى استخدام الطائرات المسيرة التابعة للشركة الصينية في غزة.

وكشف التحقيق الذي نشرته المجلة الإسرائيلية بالاشتراك مع مجلة لوكال كول، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يستخدم طائرات بدون طيار صينية الصنع من طراز EVO لمراقبة أوامر الطرد والإخلاء في جميع أنحاء غزة.

ونقل التحقيق، الذي جاء تحت عنوان: "كلعبة فيديو: إسرائيل تطبق أوامر الإخلاء في غزة باستخدام طائرات بدون طيار تطلق القنابل اليدوية"، شهادات عن جنود إسرائيليين قالوا إن الطائرات الصينية بدون طيار استخدمت لاستهداف المدنيين عمداً لإجبارهم على مغادرة أماكنهم وسط القصف المتواصل.

جيش الاحتلال
قوات من جيش الاحتلال الإسرائيلي/shutterstock

في هذا التقرير نستعرض عدداً من التساؤلات بشأن ما إذا كانت شركة أوتل روبوتكس بالفعل زودت جيش الاحتلال بطائراتها المسيرة أم لا، وما هي خصائص هذه الطائرات وما إذا كانت قد استخدمت لقتل المدنيين عمداً في القطاع الفلسطيني المحاصر.

هل زودت شركة أوتل روبوتكس إسرائيل بطائرات مسيرة في غزة؟

بحسب تحقيق مجلة +972، استخدم جيش الاحتلال الإسرائيلي أسطولاً من طائرات شركة أوتل روبوتكس المسيرة، صينية الصنع، من طراز EVO لمهاجمة الفلسطينيين في مناطق يسعى لإخلائها من سكانها في غزة.

ووفقاً لمقابلات مع سبعة جنود وضباط خدموا في القطاع، تُشغّل هذه الطائرات المسيرة يدوياً من قبل القوات البرية، وتُستخدم بشكل متكرر لقصف المدنيين الفلسطينيين – بمن فيهم الأطفال – في محاولة لإجبارهم على مغادرة منازلهم أو منعهم من العودة إلى المناطق التي أُخليت.

وأضاف التحقيق أن جنود الاحتلال يستخدمون عادةً طائرات EVO المسيرة، والمخصصة أساساً للتصوير، ويُباع سعرها على موقع أمازون بحوالي 10,000 شيكل (حوالي 3,000 دولار أمريكي).

ومع ذلك، وباستخدام ملحق عسكري يُعرف داخلياً باسم "الكرة الحديدية"، يُمكن تثبيت قنبلة يدوية على الطائرة المسيرة وإسقاطها بضغطة زر لتنفجر على الأرض. واليوم، تستخدم غالبية الشركات العسكرية الإسرائيلية في غزة هذه الطائرات المسيرة.

إسرائيل
آثار القصف الإسرائيلي على خان يونس/الأناضول

ونقل التحقيق عن أحد الجنود الإسرائيليين ممن خدموا في رفح هذا العام، أنه نسّق هجمات بطائرات EVO المسيرة على حيّ من المدينة أمر الجيش بإخلائه.

وأضاف أنه في عدة حالات استهدفت القوات الإسرائيلية الأطفال عمداً. وقال إن الجنود حاولوا قتل طفل يركب دراجة هوائية على مسافة بعيدة منهم.

وخلال ما يقارب الـ 100 يوم من عمل كتيبته هناك، نفّذ جنودها عشرات الغارات بطائرات مسيرة، وفقاً لتقارير يومية اطلعت عليها مجلة +972.

وقال جندي آخر خدم في منطقة النصيرات وسط غزة: "وقعت حوادث عديدة لإلقاء قنابل يدوية من طائرات مسيرة. هل كانت تستهدف مسلحين؟ بالتأكيد لا. بمجرد أن يحدد قائد خطاً أحمر وهمياً لا يُسمح لأحد بتجاوزه، يُعاقب كل من يتجاوزه بالموت".

وقال ضابط شارك في عمليات الإخلاء في خان يونس هذا العام، إن الهدف الرئيسي من هذه الهجمات كان ضمان إخلاء الأحياء، أو بقائها خالية، من الفلسطينيين.

وفي يونيو/حزيران الماضي، حلقت وحدته بطائرة مسيرة فوق منطقة سكنية أمر الجيش بإخلائها الشهر السابق. ووقف الجنود على أطراف المدينة يشاهدون شاشة صغيرة تعرض لقطات مباشرة من الطائرة المسيرة لمعرفة من لا يزال في الحي.

وأضاف الضابط: "كل من يكتشفونه يقتلونه. إذا كان الناس يتجولون هناك، فهذا يُشكل تهديداً". وتابع أن الافتراض هو أن أي مدني بقي في المنطقة بعد أوامر الإخلاء "إما أنه ليس بريئاً أو سيكتشف من خلال القتل أنه كان يتعين عليه المغادرة".

وفي وقت سابق من هذا الشهر، نشر الصحفي الفلسطيني يونس الطيراوي مقطع فيديو حصل عليه لإحدى هذه الطائرات المسيرة وهي تُسقط قنبلة يدوية، والتي استهدفت، حسب قوله، مدنيين في ممر نتساريم شمال غزة.

ويظهر على شاشة جهاز التحكم في الطائرة المسيرة عبارة "جهاز إسقاط كرة حديدية". وبناءً على تصميم الواجهة والصور الإضافية التي راجعتها مجلة +972، فإن هناك أدلة قوية على أن الطائرة المسيرة هي طائرة EVO التابعة لشركة أوتل روبوتكس.

ماذا قالت شركة أوتل روبوتكس؟

رداً على تحقيق مجلة +972، نفت شركة أوتل روبوتكس بيع أو ترخيص طائراتها المسيرة عمداً لاستخدامها من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي. 

وأعربت الشركة في بيان عن "انزعاجها الشديد وقلقها البالغ" إزاء نتائج التحقيق، وزعمت أنها "لم تبع طائرات مسيرة لأي مستخدمين في المنطقة الإسرائيلية، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر الجيش الإسرائيلي أو وزارة الدفاع". 

وأضافت: "نرفض رفضاً قاطعاً أي تلميح إلى أن شركة أوتل روبوتيكس قد مكّنت، عن علم أو إهمال، استخدام طائراتنا المسيرة في عمليات عسكرية أو إلحاق أضرار مدنية".

ومع ذلك، قالت مجلة +972 إن ما نقلته عن أربعة مستوردين إسرائيليين لطائرات أوتل بدون طيار، والمراسلات عبر البريد الإلكتروني المضمنة في عريضة قانونية تم الكشف عنها، والمعلومات من موقع الشركة على الإنترنت، يقوض مصداقية بيان شركة أوتل بأنها لم تكن على علم بالمبيعات للجيش الإسرائيلي واستخدام طائراتها بدون طيار لأغراض عسكرية. 

وقالت المجلة إن الشركة دأبت على بيع منتجاتها في إسرائيل لسنوات عديدة من خلال شركاء محليين معتمدين. وبعد بدء حرب غزة الحالية بفترة وجيزة، أعلنت أوتل أنها "حظرت تماماً جميع العمليات التجارية في منطقة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني". 

لكن عدة شركات إسرائيلية أبلغت مجلتي +972 ولوكال كول أنها استمرت في شراء طائرات أوتل المسيرة، ويبدو أنها زودت الجيش الإسرائيلي بها.

طائرة EVO المسيرة الصينية
طائرة EVO المسيرة الصينية التابعة لشركة أوتل روبوتكس/موقع الشركة الرسمي

وأوضح جيل شاليف، مالك شركة أو آر زد سيستمز، التي وصفها بأنها المستورد الرسمي لمنتجات شركة أوتل إلى إسرائيل، قائلاً: "رسمياً، لا تُجيز الصين بيع الطائرات المسيرة لأغراض عسكرية إلى أي مكان يشهد حرباً". 

وأضاف: "على الصعيد غير الرسمي، لدى أوتل طريقتها الخاصة في السماح بذلك. فهم يتركون قنوات مُحددة للحصول عليها. يمتلك الجيش آلافاً من هذه الطائرات المسيرة. ويستلم الجيش هذه الطائرات بانتظام". وعندما سُئل شاليف عما إذا كانت شركة أوتل على علم بهذه المبيعات، أجاب بالإيجاب. 

وتابع: "ليس هذا فحسب، بل إنني أقدم ضماناً [عند بيع] هذه الطائرات المسيرة"، والذي قال إنه يأتي من الشركة المصنعة في الصين. ورفض الخوض في تفاصيل الطريقة "غير الرسمية" التي تبيع بها أوتل الطائرات المسيرة لشركة أو آر زد سيستمز، واصفاً إياها بأنها "سرية".

فيما صرّح جاد مور، الذي يعمل مستورداً في متجر "عالم الطائرات المسيرة" الإسرائيلي، بأنه من الممكن شراء طائرات أوتل المسيرة "من خلال تجار من دول أخرى". 

وأوضح مور أنه بدأ استيرادها "بسبب الطلب عليها خلال الحرب"، وزعم أن الجيش الإسرائيلي نجح في تجاوز برمجة أوتل الخاصة – المعروفة باسم "الجيوفنسينغ" – التي كانت تمنع طائراتها المسيرة من التحليق في المجال الجوي الإسرائيلي.

ماذا نعرف عن طائرة EVO المسيرة الصينية؟

  • تتميز طائرة EVO المسيرة من إنتاج شركة أوتل روبوتكس الصينية، بمزايا متعددة، منها التصميم خفيف الوزن وسهل الحمل، وسهولة التحكم في التطبيقات، حسب الموقع الإلكتروني للشركة.
  • تُمكّن ميزة التعرف على الأهداف بالذكاء الاصطناعي الطائرة من تحديد الأهداف المختلفة ورسم خرائطها تلقائياً بسهولة.
  • كما يوفر نظام الرؤية الثنائية ثلاثي الاتجاهات، الذي يتجنب العوائق، تجربة طيران آمنة.
  • تتميز الطائرة بنظام محورين، مع كاميرا للضوء المرئي توفر صوراً واضحة ومفصلة، بينما تُساعد كاميرا التصوير الحراري في اتخاذ القرارات أثناء العمليات.
  • تتمتع بقدرة على الطيران لمدة 40 دقيقة، فيما يبلغ نطاق نقل الفيديو الخاص بها 12 كلم.
  • تم تجهيز الطائرة بدون طيار بأجهزة استشعار رؤية واسعة الزاوية في الأمام والخلف والأسفل، مما يضمن سلامة الطيران بشكل موثوق.
  • وفقاً لجنود تحدثوا إلى مجلة +972، فإن الميزة الرئيسية لاستخدام طائرات مسيرة تجارية، مثل طراز EVO، هي أنها أرخص بكثير من نظيراتها العسكرية. كما يمكن إعادة تسليح هذه الطائرات التجارية بسرعة، ويشغلها الجنود على الأرض باستخدام أذرع التحكم، دون الحاجة إلى موافقة مركز قيادة العمليات.
  • أفادت صحيفة غلوبس الإسرائيلية أن جيش الاحتلال طلب آلاف الطائرات المسيرة صينية الصنع، بما في ذلك نماذج من إنتاج شركة أوتل. وفي البداية، استُخدمت هذه الطائرات للاستطلاع: مسح المباني قبل دخول الجنود إليها. ولكن مع مرور الوقت، تلقت وحدات أخرى أجهزة "الكرات الحديدية" من الجيش، وحوّلت الطائرات المسيرة من أدوات استخبارات إلى أسلحة فتاكة.
تحميل المزيد