أمريكا تنشر نظاماً صاروخياً يهدد قلب الصين.. ما صاروخ تايفون الذي صُمم لاعتراض الأسلحة “الفرط صوتية”؟

عربي بوست
تم النشر: 2025/03/26 الساعة 12:04 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/03/26 الساعة 12:04 بتوقيت غرينتش
تُظهر هذه الصورة التي نشرها الجيش الأمريكي قاذفة صواريخ تايفون وهي تصل إلى الفلبين - الجيش الأمريكي

في خطوة تصعيدية من الولايات المتحدة، تُبرز التوترات المتزايدة مع الصين في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، نشرت الولايات المتحدة مؤخراً نظام صواريخ "تايفون" على جزيرة لوزون في الفلبين. حيث يتميز هذا النظام بقدرته على ضرب أهداف تصل إلى 2000 كيلومتر، مما يجعله قادراً على الوصول إلى مراكز عسكرية وتجارية حيوية في الصين. 

أثارت هذه الخطوة استياءً شديدًا من بكين، التي اعتبرتها تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي، ويأتي هذا التطور في وقت تسعى فيه واشنطن لتعزيز وجودها العسكري في المنطقة بزعم "مواجهة التوسع الصيني"، مما يزيد من تعقيد العلاقات بين القوتين العظميين ويضع حلفاء الولايات المتحدة في موقف حساس.

أمريكا تثير غضب الصين.. والسبب نشر نظام تايفون الصاروخي في الفلبين

  • للمرة الأولى منذ الحرب الباردة، ينشر الجيش الأمريكي نظام صواريخ بري بهذا المدى البعيد خارج حدوده، والمكان هو الفلبين، والهدف هو تهديد الصين وردعها.
  • تقول صحيفة "وول ستريت جورنال" إن نشر نظام صاروخي أمريكي جديد في الفلبين يضع المراكز العسكرية والتجارية الصينية الرئيسية في مرمى الاستهداف السهل ويمنح الرئيس ترامب اختبارًا مبكرًا لالتزامه بردع الصين ضد حلفاء الولايات المتحدة في آسيا. في العام الماضي، نقل الجيش الأمريكي نظام صواريخ تايفون، القادر على إطلاق صواريخ يصل مداها 2000 كيلومتراً، إلى قاعدة في جزيرة لوزون شمال الفلبين. 
  • يقول خبراء عسكريون إن نشر صواريخ تايفون هي جزء من عملية إعادة تموضع استراتيجي أوسع نطاقاً من جانب الجيش الأميركي في سعيه لمواجهة الحشد الضخم الذي تقوم به بكين للصواريخ المتوسطة والطويلة المدى في المحيط الهادئ. 
  • وفي حالة نشوب صراع مع الصين، فإن أنظمة الصواريخ الأرضية مثل تايفون قد تكون محورية في الدفاع عن حلفاء الولايات المتحدة الرئيسيين مثل الفلبين، التي دخلت في صدام مع الصين بسبب مطالبات بكين بكل بحر الصين الجنوبي تقريبا، وجزيرة تايوان، التي هددت بكين بالسيطرة عليها بالقوة إذا لزم الأمر. وردت الحكومة الصينية على نشر صواريخ تايفون بقلق، ووبخت الولايات المتحدة والفلبين لتأجيج ما وصفته بسباق التسلح.
  • تقول الصحيفة الأمريكية إن صواريخ تايفون، التي نُقلت إلى الفلبين خلال أواخر عهد إدارة بايدن ونشرت الآن، برزت كاختبار حاسم في ظل مخاوف حلفاء الولايات المتحدة من استعداد إدارة ترامب للدفاع عنهم في صراع مع الصين. ومن شأن زيارة وزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيث إلى الفلبين واليابان هذا الأسبوع أن يكشف أكثر عن استراتيجية الإدارة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
تظهر الصورة التي قدمها الجيش الأمريكي في 2024 قاذفة صواريخ تايفون تطلق صاروخ SM-6 في تدريب في نيو مكسيكو – الجيش الأمريكي
  • وقبل عام، نقل الجيش الأمريكي منظومتي صواريخ تايفون، ومركز عمليات، ومركبات دعم، إلى جزيرة لوزون بدعوى "إجراء مناورات عسكرية مشتركة بين البلدين". وأعلن الجيش، أنه يرغب في اختباره في مناخ منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحار والرطب. ولكن لاحقاً، أعلن الجيش الأمريكي تمديد فترة النشر لأجل غير مسمى. ومنذ ذلك الحين، أعرب القادة الفلبينيون عن رغبتهم في شراء منظومات صواريخ تايفون لجيشهم، ويجري حالياً تدريب قوات البلاد على استخدامها من قبل الأمريكيين بحسب "وول ستريت جورنال".
  • وعلى الرغم من القيمة العسكرية المباشرة لهذا النشر الذي تحاول واشنطن التقليل من أمره، إذ تحتوي بطارية تايفون الكاملة على أربعة قاذفات، كان رد فعل بكين قوياً. حيث طالبت وزارة الخارجية الصينية بإزالة منظومات تايفون وهددت باتخاذ إجراءات انتقامية. وصرحت الوزارة في فبراير/شباط الماضي قائلةً: "لن تقف الصين مكتوفة الأيدي عندما تتضرر مصالحها الأمنية أو تتعرض للتهديد".
  • كما استنكرت روسيا، الحليف الوثيق للصين، هذه الخطوة وهددت "برد مشترك مع بكين إذا تم نشر تايفون في اليابان". فيما شبّه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نشر هذه الصواريخ بقاذفات صواريخ بيرشينغ 2 في ألمانيا الغربية عام 1983، وهي خطوة فسّرها القادة السوفييت آنذاك على أنها تحضير لضربة استباقية غربية على الاتحاد السوفييتي.

ما هي صواريخ تايفون الأمريكية.. وما قدراتها التي تهدد الصين؟

  • تايفون متوسط ​​المدى (MRC) هو نظام صاروخي متحرك يُطلق من الأرض، طُوّر لتزويد الجيش الأمريكي بقدرات هجومية بعيدة المدى مُحسّنة. صُمم النظام لسد الفجوة بين أنظمة الصواريخ قصيرة المدى وأنظمة الهجوم بعيدة المدى، مما يسمح بدقة الاستهداف في البيئات شديدة التحصين والمتنازع عليها. يتميز نظام تايفون الذي تصنعه شركة لوكهيد مارتن، بتصميم معياري يسمح له بإطلاق أنواع مختلفة من الصواريخ، بما في ذلك صواريخ SM-6 وتوماهوك (Tomahawk).
  • في ديسمبر 2022، سلمت شركة لوكهيد مارتن بنجاح أول بطارية صواريخ تايفون MRC للجيش الأمريكي، ودخلت هذه المنظومة الخدمة في عام 2023. ومن المتوقع أن يلعب نظام تايفون دورًا حيويًا في مواجهة أنظمة الدفاع المتطورة للعدو، مثل أنظمة الصواريخ أرض-جو وشبكات الدفاع الجوي المتكاملة. وفي عام 2024 تم نشر أول قاذفة من تايفون في شمال لوزون، بالفلبين. 
  • صُمم نظام تايفون للعمل في سيناريوهات برية وبحرية، وهو قادر على إطلاق أنواع متنوعة من الصواريخ، مما يجعله قابلاً للتكيف مع الاحتياجات المستقبلية.
  • تستطيع منظومة صواريخ تايفون إطلاق نوعين من الصواريخ، حيث يبلغ مدى صواريخ توماهوك المزوّدة برؤوس حربية تقليدية حوالي 2000 كيلومتراً مما يجعلها تهدد معظم مناطق جنوب شرق الصين، بالإضافة إلى بحر الصين الجنوبي ومضيق تايوان. وفي حال غزو الصين لتايوان، يمكن لهذه الصواريخ استهداف أنظمة الدفاع الجوي والرادار على الساحل الصيني، بالإضافة إلى مراكز التحكم والقيادة العسكرية الصينية في قوانغتشو ونانجينغ.
  • ويُمكن لصاروخ ستاندرد 6، أو إس إم-6، قصير المدى استهداف السفن والطائرات الصينية أو غيرها من السفن والطائرات المعادية، واعتراض صواريخ كروز والصواريخ الباليستية المُطلقة على المصالح الأمريكية.
يُظهر الجيش الأمريكي إطلاق صاروخ توماهوك من النظام متوسط ​​المدى تايفون – الجيش الأمريكي
  • صرح مسؤولون عسكريون أمريكيون بأن تايفون هو الصاروخ الوحيد في الترسانة الأمريكية القادر على اعتراض الصواريخ الأسرع من الصوت (الفرط صوتية) التي تختبرها كل من الصين وروسيا، على الأقل في مراحلها الأخيرة. 
  • يُركّب صاروخ تايفون على مقطورات على ظهر شاحنات، وهو سهل النقل نسبيًا، بما في ذلك على طائرات النقل العسكرية. بالمقارنة مع منصات إطلاق الصواريخ على متن السفن، يصعب رصد أنظمة الصواريخ الأرضية وتدميرها في المراحل المبكرة من الصراع. في المستقبل، قد تنشر الولايات المتحدة صاروخ تايفون في مواقع بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ أو تبيعه لحلفائها هناك، اعتقاداً بأن ذلك سيترك الخصوم في حيرة من أمرهم بشأن المكان الذي يمكن أن تُضرب منه.

هل يؤدي نشر هذه الصواريخ لاندلاع حرب بين أمريكا والصين؟

  • تقول "وول ستريت جورنال"، إن نشر منظومة صواريخ تايفون في الفلبين كان اعترافًا بالأهمية الاستراتيجية المتزايدة للفلبين بالنسبة للأمريكيين. وقد وسّع رئيس الفلبين فرديناند ماركوس الابن، نطاق وصول القوات الأمريكية إلى القواعد العسكرية خلال السنوات الأخيرة، وعززت السفن والطائرات الفلبينية تواجدها في بحر الصين الجنوبي، وهو ممر رئيسي لنحو ثلث التجارة البحرية العالمية. 
  • وحتى الآن، امتنعت دول حليفة أخرى للولايات المتحدة في آسيا، بما في ذلك اليابان، عن استضافة الصواريخ الأميركية القادرة على ضرب الصين، ولكنها تعمل على تطوير قدراتها الخاصة المماثلة. 
  • وترى إدارة ترامب أيضاً أن منظومة تايفون تشكل عنصرًا أساسيًا في استراتيجيتها في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وهي تستخدمها كورقة مساومة مع الصين. وقال دان دريسكول، وزير الجيش الأمريكي في منشور على X في وقت سابق من هذا الشهر: "لقد أثبتنا التأثير الرادع لصواريخ MRC من خلال نشرها الديناميكي في الفلبين، ونتطلع إلى جميع فرص وعروض القوة المستقبلية!"، مستخدماً اختصار الاسم التقني للجيش لـ Typhon، وهو يعني "القدرة متوسطة المدى". 
صورة قدّمها الجيش الأمريكي تُظهر جنودًا أمريكيين وفلبينيين يعملون على معدات تايفون في جزيرة لوزون شمال الفلبين. الصورة: الجيش الأمريكي.
  • لكن يحذر محللون من أن نقل مثل هذه الأنظمة الصاروخية الأميركية القوية بالقرب من الصين سيهدد باندلاع دوامة من التصعيد، وربما عن طريق الصدفة، يهدد بحرب طاحنة بين قوتين نوويتين عظميين مثل أمريكا والصين.
  • وقالت جينيفر كافاناغ، مديرة التحليل العسكري في "أولويات الدفاع"، وهي مؤسسة فكرية مقرها واشنطن، "إن مجرد وجود النظام الصاروخي في الفلبين سيتسبب في مخاطر التصعيد، وهذا قبل أن تفكر حتى في ما يحدث إذا استخدمت النظام في حرب ما". 
  • تبنى بعض كبار المسؤولين الذين عينهم ترامب آراءً مماثلة، ومنهم أندرو بايرز، نائب مساعد وزير الدفاع لشؤون جنوب وجنوب شرق آسيا، الذي فضّل علاقة أقل إثارة للجدل مع بكين. قبل توليه منصبه، اقترح بايرز سحب القوات الأمريكية من الفلبين مقابل قيام خفر السواحل الصيني بتسيير دوريات أقل في المناطق المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي. وقال ماركوس نفسه إنه سيزيل نظام تايفون إذا أوقفت الصين اعتداءاتها في بحر الصين الجنوبي.
  • لكن في أعقاب محادثات ترامب مع بوتين بشأن أوكرانيا، برزت مخاوف في الفلبين من أن تصبح طائرة تايفون جزءًا من صفقة بين ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغ. وصرح ريتشارد هيداريان، المحاضر في الدراسات الدولية بالمركز الآسيوي بجامعة الفلبين، بأن مثل هذه الصفقة قد تُضحي بمصالح الحليف الأمريكي الأصغر. وقال "إن ما تفعله الفلبين بصواريخ تايفون وما ستفعله إدارة ترامب حيال ذلك يحدد كيف ستسير لعبة الردع في الأشهر والسنوات المقبلة".
تحميل المزيد