أوقفت الولايات المتحدة، الثلاثاء 4 مارس/أذار 2025، المساعدات العسكرية لأوكرانيا بعد أيام من السجال بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والأوكراني فولوديمير زيلينسكي في المكتب البيضاوي.
ونقلت وكالة رويترز عن مسؤول أن الولايات المتحدة أوقفت المساعدات وستراجعها للتأكد من أنها تساهم في التوصل إلى حل للصراع.
وذكرت وكالة بلومبرغ الأمريكية وقناة فوكس نيوز أن التوقف سيستمر حتى يقرر ترامب أن قادة أوكرانيا يُظهرون التزاماً بالسلام.
ونقلت فوكس نيوز عن مسؤول في إدارة ترامب قوله: "هذا ليس إنهاءً دائماً للمساعدات، إنه توقف".
وأفادت بلومبرغ بأن جميع العتاد العسكري الأمريكي غير الموجود حالياً في أوكرانيا سيُوقف مؤقتاً، بما في ذلك الأسلحة على متن طائرات وسفن أو التي تنتظر في مناطق العبور في بولندا.
وأضافت أن ترامب أمر وزير الدفاع بيت هيجسيث بتنفيذ الوقف.

وأفادت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية بأن القرار يؤثر على أكثر من مليار دولار من الأسلحة والذخائر في طور الإنتاج والطلب. وقال مسؤولون، تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة المداولات الداخلية، إن قرار التعليق نتج عن سلسلة من الاجتماعات في البيت الأبيض يوم الاثنين بين ترامب وكبار مساعديه في الأمن القومي.
وتأتي هذه التقارير بعد ساعات من تصريح ترامب لصحفيين في البيت الأبيض بأنه لم يناقش تعليق المساعدات العسكرية لأوكرانيا، لكنه أضاف أن زيلينسكي "يجب أن يكون أكثر تقديراً" لدعم واشنطن.
وبعد مرور نحو ثلاث سنوات على الحرب، تعهدت واشنطن بتقديم مساعدات لأوكرانيا بمليارات الدولارات.
وفيما يلي نستعرض أبرز الأسلحة التي قدمتها واشنطن لكييف منذ فبراير/شباط 2022، وما يعنيه قرار تعليق المساعدات وأبرز ردود الفعل على قرار ترامب.
ما هي الأسلحة التي قدمتها أمريكا لأوكرانيا؟
وفق تقارير، قدمت الولايات المتحدة 65.9 مليار دولار من الدعم العسكري لأوكرانيا منذ الغزو الروسي في فبراير/شباط 2022.
وبحسب قائمة قدمتها وزارة الخارجية الأمريكية في 20 يناير/كانون الثاني الماضي، شمل الدعم العسكري الأمريكي لأوكرانيا ما يلي:
الدفاع الجوي:
- نظراً للهجمات الجوية المتواصلة التي تشنها القوات الروسية، أرسلت واشنطن إلى كييف معدات دفاع جوي متطورة بشكل متزايد، بما في ذلك ثلاث بطاريات صواريخ باتريوت أرض-جو. كما قدم حلفاء أوروبيون مثل هذه الأنظمة إلى أوكرانيا، حسبما نشرت صحيفة الغارديان البريطانية.
- وتضمنت الأنظمة الدفاعية الأخرى المدرجة في القائمة الأمريكية 12 صاروخاً من طراز "ناسام"، فضلاً عن أنظمة هوك، وأكثر من 3 آلاف صاروخ مضاد للطائرات من طراز ستينغر.
- ولتحسين فاعلية أنظمة الدفاع الجوي الأوكرانية، تم توفير 21 راداراً للمراقبة الجوية، إلى جانب المعدات التي تدمج منصات الإطلاق والصواريخ الغربية في أنظمة أوكرانيا.
الصواريخ وقذائف الهاون:
- أرسلت واشنطن أكثر من 200 مدفع هاوتزر عيار 155 ملم بالإضافة إلى ثلاثة ملايين طلقة مدفعية، و 72 مدفع هاوتزر عيار 105 ملم ومليون طلقة، وما يزيد على 700 ألف قذيفة هاون.
- وتم تسليم أكثر من 40 قاذفة صواريخ من طراز "هيمار" مثبتة على مركبات مدرعة خفيفة، مع الذخائر المناسبة لها.
- كما قدمت واشنطن لأوكرانيا أكثر من 10 آلاف صاروخ جافلين المضاد للدبابات، والذي أصبح رمزاً للمقاومة الأوكرانية ضد الغزو الروسي في الأسابيع الأولى من الحرب.
- كما تم تسليم أكثر من 120 ألف قطعة سلاح مضادة للمركبات، بالإضافة إلى 10 آلاف صاروخ مضاد للدبابات من طراز "تاو".
- وبالنسبة للأسلحة الصغيرة، تم تزويد الجنود الأوكرانيين بأكثر من 500 مليون طلقة من ذخيرة الأسلحة الصغيرة والقنابل اليدوية.
الدبابات والمروحيات:
- منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، رفضت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) إرسال الطائرات المقاتلة مباشرة إلى كييف، لكن إدارة بايدن السابقة زودت كييف بعشرين مروحية عسكرية من طراز مي-17 ذات التصميم السوفيتي. كما سلمت كييف عدة نماذج مختلفة من الطائرات بدون طيار.
- وبعد تأخيرات طويلة من جانب إدارة بايدن، سلمت واشنطن ما مجموعه 31 دبابة أبرامز، وهي الدبابات الثقيلة الأكثر تقدماً في الولايات المتحدة، بدءاً من يناير/كانون الثاني 2023. كما تم إرسال 45 دبابة من طراز T-72B من تصميم سوفيتي.
- وتشمل قائمة وزارة الخارجية أيضاً 300 مركبة قتالية من طراز برادلي، و1300 ناقلة جنود مدرعة، وأكثر من 5000 مركبة عسكرية من طراز همفي، و300 سيارة إسعاف مدرعة.
- وقدمت واشنطن أكثر من 100 قارب دورية، وأنظمة دفاع ساحلية، وألغام كلايمور، وأنظمة اتصالات عبر الأقمار الصناعية، ونظارات الرؤية الليلية، وأكثر من 100 ألف مجموعة من الدروع الواقية للبدن.
ذخائر حيوية:
- تعود الأرقام المذكورة أعلاه إلى يوم 20 يناير/كانون الثاني، أي قبل ساعات من نهاية رئاسة بايدن.
- ومنذ تولي ترامب منصبه في وقت لاحق من ذلك اليوم، واصلت واشنطن تسليم أوكرانيا ما وصفه مسؤول دفاعي أمريكي بـ "الذخائر الحيوية" التي وافقت عليها الإدارة السابقة، بما في ذلك الأسلحة المضادة للدبابات وقذائف المدفعية.
ماذا يعني قرار ترامب للحرب في أوكرانيا؟
أشارت تقارير أمريكية إلى أن قرار ترامب من شأنه أن يفاقم بشكل كبير الخلاف بين واشنطن وكييف، في لحظة حاسمة من الصراع.
وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن المستفيد المباشر من هذه الخطوة هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. فإذا طال أمد تعليق المحادثات، فيمكنه استغلال الوقت للضغط من أجل تحقيق المزيد من المكاسب الإقليمية. وقد يقرر الامتناع عن أي مفاوضات على الإطلاق، معتقداً أن أي نزاع مطول بين ترامب وزيلينسكي لن يؤدي إلا إلى تعزيز موقفه، سواء على ساحة المعركة أو عندما تبدأ محادثات وقف إطلاق النار.
وأضافت نيويورك تايمز أن تعليق المساعدات يضع الولايات المتحدة في معارضة مباشرة مع حلفائها الرئيسيين في حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وكانت أغلب الدول الأوروبية الكبرى، بقيادة فرنسا وبريطانيا وألمانيا، قد تعهدت بزيادة المساعدات لأوكرانيا في الأيام الأخيرة، واصطفت إلى جانب زيلينسكي في نزاعه مع إدارة ترامب. ولكن هذه الدول ببساطة لا تملك المخزونات الكافية لتعويض الفارق في الأمد القريب، وفق نيويورك تايمز.

وفي السياق، إذا استمر توقف توريد الأسلحة لفترة طويلة، فقد يؤدي ذلك إلى إعاقة القوات الأوكرانية في ساحة المعركة بشكل خطير، وإضعاف يد زيلينسكي في أي محادثات سلام مستقبلية، بحسب صحيفة التايمز البريطانية.
ورأت التايمز أن تعليق المساعدات العسكرية قد يكون خطوة محفوفة بالمخاطر من جانب ترامب. فالرئيس الأمريكي لا يزال يرغب بشدة في نجاح صفقة المعادن النادرة مع أوكرانيا، ولكنه ليس مستعداً لخسارة ماء وجهه ويريد من زيلينسكي الاعتذار عن الخلاف الذي وقع في المكتب البيضاوي يوم الجمعة.
وتوقعت الصحيفة البريطانية أن يمارس البيت الأبيض ضغوطاً على زيلينسكي للتخلي عن مطالبه بالحصول على ضمانات أمنية كجزء من صفقة المعادن التي كان من المفترض أن توقعها الدولتان يوم الجمعة.
وقال مسؤولون ومحللون أمريكيون لصحيفة نيويورك تايمز إن أوكرانيا قادرة على الصمود لعدة أسابيع أو حتى بضعة أشهر بفضل إنتاجها الخاص للأسلحة وتسليم الأسلحة من أوروبا.
ونقلت نيويورك تايمز عن مايكل كوفمان، وهو زميل بارز في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، قوله: "الحقيقة هي أن أوكرانيا أصبحت أقل اعتماداً على الولايات المتحدة في احتياجاتها القتالية اليومية مقارنة بما كانت عليه قبل عام".
ولكن إذا استمر توقف الإمدادات لفترة أطول، فإن أوكرانيا سوف تفقد إمداداتها من بعض الأسلحة المتقدمة، بما في ذلك أنظمة الدفاع الجوي المتقدمة، والصواريخ الباليستية أرض-أرض والمدفعية الصاروخية بعيدة المدى. كما تزود الولايات المتحدة أوكرانيا بالصيانة والدعم الفني.
ما هي أبرز ردود الفعل على قرار ترامب؟
قال الكرملين الروسي، الثلاثاء، إن وقف المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا هو أفضل مساهمة في قضية السلام، لكنه قال أيضاً إن روسيا بحاجة إلى توضيح تفاصيل الخطوة التي اتخذها الرئيس ترامب.
فيما تعرضت السندات الدولية الأوكرانية لانخفاض حاد الثلاثاء بعد قرار ترامب وقف المساعدات العسكرية للبلاد، بحسب ما رصد تقرير لوكالة رويترز.
وأظهرت بيانات تريدويب أن السندات المستحقة في عام 2036 شهدت أكبر انخفاض بتراجعها 1.8 سنت إلى 59.25 سنت للدولار، وهو أدنى مستوى لها في أكثر من شهر.

وكان الرئيس الأوكراني ذكر في مقابلة أجريت الشهر الماضي أن قطع المساعدات العسكرية الأمريكية سيكون بمثابة ضربة مدمرة، لكنه لن ينهي القتال.
وقال زيلينسكي: "إن مساهمة الولايات المتحدة في تعزيز القدرة الدفاعية والأمنية لأوكرانيا تبلغ الآن نحو 30%. ويمكنك أن تتخيل ما قد يحدث لنا بدون هذه النسبة الحاسمة البالغة 30%".
من جانبه، ذكر وزير الدولة الفرنسي المكلف بشؤون أوروبا بنجامين حداد، الثلاثاء، أن قرار الولايات المتحدة تجميد المساعدات لأوكرانيا يعزز موقف روسيا ويجعل تحقيق السلام أكثر صعوبة.
وقال حداد لقناة فرانس 2:"إذا كنت تريد السلام أساساً، هل قرار تعليق إمدادات الأسلحة إلى أوكرانيا يحققه أم يجعله بعيد المنال أكثر؟ بل يجعله بعيد المنال أكثر لأنه لا يعزز إلا من قبضة المعتدي على الأرض، وهي روسيا".