ترامب يحجب التمويل عن أجهزة أمن السلطة الفلسطينية.. فما هي طبيعة المساعدات، ولماذا كانت تمنح كل هذه الأموال؟
أوقفت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جميع المساعدات المالية لقوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، في إطار تجميد أوسع للمعونات الخارجية، وفقاً لما صرّح به مسؤولون أمريكيون وفلسطينيون.
يأتي هذا القرار في وقت تواجه فيه السلطة الفلسطينية ضغوطاً مالية متزايدة، إذ تمنع إسرائيل تحويل أموال المقاصة إليها، بالإضافة إلى مساعي وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش لاقتطاع جزء من هذه الأموال لتعويض العائلات الإسرائيلية المتضررة خلال الحرب على غزة.
فما طبيعة هذه المساعدات؟ ولماذا تم قطعها؟ وما تأثير ذلك على السلطة الفلسطينية؟
أفادت صحيفة واشنطن بوست بأن الولايات المتحدة أوقفت جميع المساعدات الأمنية للسلطة الفلسطينية بعدما فرضت إدارة ترامب تعليقاً مؤقتاً لمدة 90 يوماً على المساعدات الخارجية. وتشمل هذه المساعدات أموالاً مخصصة من قبل وزارة الخارجية ووزارة الدفاع الأمريكية، والتي يتم تخصيصها عبر مكتب شؤون المخدرات الدولية وإنفاذ القانون التابع لوزارة الخارجية.
بينما ذكر عضو في حركة فتح، تحدث لموقع ميدل إيست آي، أن معظم المساعدات الأمنية للسلطة الفلسطينية تأتي بشكل أساسي من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA)، وحسب آخر المعلومات التي سمعها، لم يغيّروا سياستهم تجاه السلطة الفلسطينية.
ويعود تاريخ دعم الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية من قبل الاستخبارات الأمريكية إلى عام 1996، حيث بدأت الوكالة بتحويل عشرات ملايين الدولارات للأجهزة الأمنية التابعة للسلطة. وفي عام 2005، حصل برنامج دايتون على تمويل سنوي متوسط قدره 100 مليون دولار لدعم تدريب قوات الأمن الفلسطينية.
وبحسب صحيفة واشنطن بوست، فإن الولايات المتحدة قدمت ما يقرب من 1.1 مليار دولار في شكل دعم لقوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية منذ عام 2007، عبر مكتب الشؤون الدولية للمخدرات وإنفاذ القانون، وفقاً لما ذكرته وزارة الخارجية العام الماضي.

بينما ذكر تقرير ميدل إيست آي أن المساعدات المالية الأمريكية للسلطة الفلسطينية تراوحت بين 300 و400 مليون دولار سنوياً بين عامي 2008 و2017، قبل أن تقوم إدارة ترامب بتقليص هذه المساعدات، لكن واشنطن استمرت في تمويل بعض برامج التدريب والإصلاح للقوات الأمنية الفلسطينية.
ويتم إجراء التدريبات والدورات من خلال مكتب منسق الأمن في القدس، والمعروف سابقاً باسم منسق الأمن الأمريكي لإسرائيل والسلطة الفلسطينية، والذي يتألف من اتحاد من الجانبين.
وقال أنور رجب، المتحدث باسم قوات أمن السلطة الفلسطينية، لصحيفة واشنطن بوست: "إن الولايات المتحدة كانت تُعتبر جهة مانحة كبيرة لمشاريع السلطة الفلسطينية، بما في ذلك التدريب الأمني وبرامج تمكين القوات".
تداعيات القرار على السلطة الفلسطينية
يأتي التجميد في توقيت حرج للسلطة الفلسطينية، التي تكافح للحفاظ على قبضتها الأمنية في الضفة الغربية المحتلة والتنافس على حكم غزة بعد العدوان الإسرائيلي. في الوقت نفسه، تضغط الولايات المتحدة لتنفيذ إصلاحات أمنية لضمان السيطرة على الضفة ومنع العمليات المقاومة.
كما تواجه السلطة الفلسطينية أزمة مالية متفاقمة، حيث يمنع الاحتلال تحويل أموال المقاصة، وهي الضرائب التي يدفعها الفلسطينيون على السلع المستوردة من الاحتلال أو من خلال المعابر الحدودية الإسرائيلية، بمتوسط شهري 220 مليون دولار.
ويسعى وزير المالية الإسرائيلي المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، لاقتطاع جزء منها لتعويض العائلات الإسرائيلية المتضررة من الحرب على غزة. منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2021، لم تتمكن السلطة من دفع رواتب موظفيها بالكامل، إذ تتراوح المدفوعات بين 50% و90% من الأجور الشهرية.
بينما قال مسؤول إسرائيلي سابق، إن قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية "لم تتأثر بشكل معنوي" بالتجميد، وإن "مانحين آخرين التزموا بتعويض النقص".
بينما أوضحت كبيرة محللي فلسطين في مجموعة الأزمات الدولية، في موقع ميدل إيست آي، أنه قد يكون من الصعب حساب عدد الدولارات الأمريكية التي تتدفق إلى خدمات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، نظراً لأن تمويلها يتم بشكل سري من قبل الاستخبارات الأمريكية، ومن المحتمل ألا يتأثر هذا التمويل بتجميد المساعدات.
وأضافت: "في الواقع، هذه الأموال أقل من تلك التي ستكون لها تأثير حاسم على الأمن القومي، وهذا يعني التمويل القادم من وكالة المخابرات المركزية (CIA)".
لكن التجميد أدى بالفعل إلى "تقليص بعض التدريبات"، بحسب عقيد مسؤول عن التدريب في معهد التدريب المركزي لقوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، الذي تحدث لصحيفة واشنطن بوست يوم الثلاثاء.
طلب سابق للسلطة الفلسطينية دعمًا إضافياً لمواجهة كتيبة جنين
وفي السياق نفسه، ذكر تقرير أنه، في منتصف ديسمبر/كانون الأول 2023، خلال اجتماع مع مسؤولي الأمن الأمريكيين في وزارة الداخلية الفلسطينية في رام الله، طلبت السلطة الفلسطينية من الولايات المتحدة الموافقة على خطة بقيمة 680 مليون دولار لمدة أربع سنوات لمواجهة كتيبة جنين.

فوفقاً للتقرير، كانت تهدف هذه الخطة إلى دعم تدريب القوات الخاصة للسلطة الفلسطينية وتعزيز إمداداتها من الذخيرة والمركبات المدرعة، خاصة في ظل استهداف السلطة المستمر للمقاومة في مخيم جنين.
ووفقاً لتقرير لموقع أكسيوس الأمريكي، فقد أطلع مساعدو الرئيس الفلسطيني محمود عباس إدارة بايدن ومستشاري الرئيس المنتخب دونالد ترامب مسبقاً على هذه العملية. كما التقى منسق الأمن الأمريكي، الجنرال مايك فينزل، مع رؤساء أمن السلطة الفلسطينية لمراجعة خططهم، فيما قدمت السلطة قائمة بالمعدات والذخيرة التي تحتاجها قواتها الأمنية بشكل عاجل، والتي تتطلب موافقة الاحتلال الإسرائيلي لأي مساعدات عسكرية للسلطة الفلسطينية.
وقد ذكر التقرير أيضاً أن الولايات المتحدة طلبت من إسرائيل الموافقة على شحنة المساعدات العسكرية عندما طُلبت لأول مرة العام الماضي، لكن حكومة الاحتلال الإسرائيلي جمدتها عقب "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.