رغم الاحتفاء الواسع في إسرائيل بخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتهجير الفلسطينيين في غزة، فإن الشكوك حول واقعيتها تزايدت، ولا سيما من المؤسسة الأمنية التي أوعز لها وزير الجيش يسرائيل كاتس بإعداد خطة تتيح لسكان غزة الخروج طوعاً.
وتصطدم خطة ترامب لتهجير سكان غزة برفض فلسطيني وإقليمي ودولي واسع، فلم تلقَ تأييداً إلا من أوساط إسرائيلية، وسط تشكيكات بين أوساط أخرى بجدوى تطبيقها.
واكتفى اليمين الإسرائيلي، بمختلف توجهاته، بالاحتفاء بخطة ترامب، لكن ردود أفعال سياسية وأمنية بارزة تباينت بشأن ماهيتها، مشككة في وجودها أو قابليتها للتطبيق:
زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد قال إنه لم يفهم تفاصيل ما أسماها "قنبلة ترامب بشأن غزة"، لكنه أشار إلى أن ذلك يعبر عن التزامه تجاه إسرائيل.
رئيس الوزراء السابق إيهود باراك قال إنه لا يؤيد الحديث عن الأوهام، ويبدو أنها محاولة لهز الحكام العرب لإجبارهم على تقديم طريقة عملية للتدخل فيما يحدث في غزة.
![الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن/ رويترز](https://arabicpost.live/wp-content/uploads/2025/02/2025-02-04t220331z_1128330216_rc2xncarno6b_rtrmadp_3_usa-israel-scaled.jpg)
يائير غولان، رئيس تكتل "الديمقراطيين" الإسرائيلي، انتقد تصريحات ترامب، قائلاً: "إنها جيدة للعناوين الرئيسية، ولكنها ليست كذلك على أرض الواقع".
عضو الكنيست عن حزب العمل قال إن فكرة نقل الفلسطينيين من غزة "قد تكون كابوساً لإسرائيل".
أما داني أيالون، سفير إسرائيل السابق في الولايات المتحدة، فقال في تصريح نقلته إذاعة "ريشت بيت" العبرية: "ترامب يغير آراءه بناءً على آخر شخص يلتقي به، وآمل ألا يجعل الوضع في الشرق الأوسط أكثر اشتعالاً".
المؤسسة الأمنية تشكك في اجتماع مغلق
ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن مسؤولين في الجيش الإسرائيلي شككوا، خلال اجتماع مغلق شارك فيه وزير الجيش، في خطة ترامب لتهجير سكان غزة وإمكانية تنفيذها.
ورأى المسؤولون الأمنيون أن خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين من غزة تبدو وكأنها شيء أُلقي في الهواء من أجل خلق عناوين تتعلق بالأجندة الداخلية في إسرائيل، وليس أكثر من ذلك.
ويعتقد المسؤولون الأمنيون أن تحقيق خطة ترامب يعتمد على عاملين غير متوفرين حالياً، وهما:
- رغبة الغزيين في الهجرة.
- وجود دولة تستقبلهم.
فيما يقدر الجيش الإسرائيلي أنه لن تكون هناك صعوبة في تمويل إمكانية تهجير الفلسطينيين من غزة، إذا تم جمع الأموال من الدول العربية الغنية أو من المنح الأمريكية.
ورغم الانقسام بين الخبراء الأمنيين بشأن رغبة سكان قطاع غزة في المغادرة، فإنهم يتفقون على أن ليس كل الـ 2 مليون فلسطيني هناك يفكرون بالهجرة.
![عناصر من الجيش الإسرائيلي خلال عمليته البرية في غزة/ رويترز](https://arabicpost.live/wp-content/uploads/2024/05/2023-10-29t123718z_1222308768_mt1eyeim260111_rtrmadp_3_israel-ground-operation-in-gaza-1170x600-1.jpg)
أما الرأي المتشائم في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، فيرى، في المناقشات المغلقة، أن هناك أموراً تجعل من الصعوبة تطبيق الخطة، منها:
- إمكانية وصمها بأنها "ترانسفير".
- الرفض العربي.
- سيطرة حماس على القطاع.
- اعتبار الهجرة "خيانة" في غزة.
وكشفت "يديعوت أحرونوت" أن الاحتلال نفذ سابقاً خطة سرية فشل فيها، حيث شجّع بموجبها 60 ألف فلسطيني من غزة على الهجرة خلال العقد الماضي عبر معبر الكرامة (جسر الملك حسين)، شرط ألا يعودوا للقطاع لعدة سنوات، لكن معظمهم عادوا بسبب عدم تمكنهم من الاستقرار في الدول التي توجهوا إليها.
أما رئيس شعبة الاستخبارات (أمان)، اللواء شلومي بيندر، فقد حذر من أن خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين من غزة قد تشعل الأوضاع خلال شهر رمضان.
فيما قال اللواء احتياط غاي تسور، القائد السابق للقوات البرية، حول قابلية تنفيذ خطة ترامب: "هذه ليست خطة حقيقية، بل مجرد تصريح فارغ. لا تستطيع إسرائيل أن تجعل جيشها يرحّل سكان غزة عبر مصر أو بالسفن".
البيت الأبيض يريد إنقاذ حكومة نتنياهو
الكاتب الإسرائيلي حاييم ليفينسون قال إن البيت الأبيض لم يناقش مصير غزة، بل الحكومة الإسرائيلية، حيث أكمل نتنياهو دائرة تبدو مستحيلة تتعلق بالتهديد الوجودي الذي يشكله وزير المالية بتسلئيل سموتريتش.
وأضاف، في تعليقه على خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين من غزة، أنه لا وجود لها حالياً إلا في ذهن ترامب.
ورأى أن الأمر لا يمكن وصفه بـ"خطة"، فليس لدى ترامب أي أوراق يتعلق بها، كما أنه من الصعب عليه أن يدرك أن هناك أشخاصاً في الشرق الأوسط لديهم "أيديولوجية" مفادها أن "الموت في غزة أفضل من شقة مجانية في العريش مع موقف سيارة وصالة ألعاب رياضية للأطفال في الطابق السفلي".
![رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش/رويترز](https://arabicpost.live/wp-content/uploads/2024/02/111-1.jpg)
واعتبر أن هذه هي طريقة ترامب الكلاسيكية، "إلقاء عنوان رئيسي متفجر ودرامي على أمل أن يتوافق الواقع معه، بدلاً من خلق عناوين من الواقع".
وأكد أن ترامب ونتنياهو من أكثر السياسيين الذين يقدمون وعوداً كاذبة، مشيراً، على سبيل المثال، إلى تهديداته بتدمير "الديكتاتورية" في كوريا الشمالية في البداية، وصولاً إلى المفاوضات و"العناق الحار" مع كيم جونغ أون، وانتهى الأمر بـ"لا شيء".
ورأى أن ترامب وضع تصوراً كبيراً يسهم في جعل شركائه وأصدقائه في العالم العربي:
- الضغط على حركة حماس للاستسلام.
- إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين.
- توقف حماس عن إدارة غزة.
- السماح لتحالف عربي بتولي المسؤولية عن القطاع.
ونوه إلى أنه في الوقت الذي يتحدث فيه ترامب عن إجلاء سكان قطاع غزة، يتحدث مبعوثوه المتنقلون بين الدوحة والرياض عن خطة ضخمة ومفصلة لإعادة الإعمار، من ترتيبات أمنية إلى جداول زمنية لإزالة الركام.
تساؤلات حول خطة ترامب لتهجير سكان غزة
أما الكاتب الإسرائيلي أوري مسغاف، فأكد أنه لن يحصل أي ترحيل من غزة، وأمريكا لن تبني هناك "ريفييرا" لأنه:
- لا توجد خطة ولا عمل تحضيري ولا جدوى.
- لا يوجد من سيقبل في أرضه مليون فلسطيني.
![عودة مئات آلاف النازحين إلى شمال قطاع غزة بعد انسحاب جيش الاحتلال- رويترز](https://arabicpost.live/wp-content/uploads/2025/01/------------.jpg)
فيما تساءل الكاتب الإسرائيلي ألون بيتكاس عدة تساؤلات بشأن خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين من غزة، وهي:
- قانونياً: من يمنح أمريكا سلطة السيطرة على غزة؟
- لوجيستياً: كيف يمكن إعادة توطين مليوني شخص، معظمهم لا يرغبون في المغادرة؟
- سياسياً: من سيدير هذه العملية؟ وخاصة أن معظم الدول العربية رفضت بالفعل الفكرة بشدة.
ورأى أن ما حصل هو أن نتنياهو، من خلال رحلته إلى واشنطن، حصل على "بضعة أيام من الراحة لائتلافه" يستطيع خلالها إقناع أعضائه بأن ترامب أثبت أنه سيسمح لإسرائيل باستئناف الحرب.