من هم المتضررون من قرار ترامب؟.. هكذا ستنعكس خطوة تعليق المساعدات الأمريكية على هذه الدول

عربي بوست
تم النشر: 2025/01/29 الساعة 11:32 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/01/29 الساعة 11:39 بتوقيت غرينتش
لاجئون سوريون في إحدى مخيمات اللجوء بتركيا/رويترز

لا تزال أصداء قرار الرئيس دونالد ترامب، بتعليق المساعدات الأمريكية التي تقدمها بلاده لمدة 90 يوماً تتردد في أرجاء العالم، وباتت العديد من المشاريع التنموية العالمية التي تشمل قطاعات عدة صحية وتعليمية وإغاثية مهددة بالتوقف، خاصة ما يتعلق منها بمنطقة الشرق الأوسط.

وكانت مذكرة لوزارة الخارجية الأمريكية اطلعت عليها وكالة رويترز، الجمعة، أظهرت أن قرار تعليق المساعدات الخارجية الذي أمر به ترامب لمدة 90 يوماً ينطبق على المساعدات الجديدة والقائمة، لكنه يشمل إعفاءات للتمويل العسكري لإسرائيل ومصر.

ما الذي تضمنه قرار ترامب بشأن المساعدات الأمريكية؟

أمر ترامب بعد ساعات من توليه منصبه في الرابع من يناير/كانون الثاني 2025 بتعليق برامج المساعدات الخارجية في المجال التنموي لحين تقييم مدى كفاءة هذه المساعدات واتساقها مع سياسته الخارجية.

لكن لم يتضح حتى الآن نطاق هذا القرار ولا التمويل الذي يمكن خفضه نظراً لأن الكونغرس هو الذي يحدد ميزانية الحكومة الاتحادية في الولايات المتحدة.

وتنص المذكرة الموقعة من وزير الخارجية الجديد، ماركو روبيو، على أنه يجب بشكل فوري على كبار المسؤولين "أن يضمنوا، إلى أقصى حد يسمح به القانون، عدم تخصيص أي التزامات جديدة فيما يتعلق بالمساعدات الأجنبية" إلى أن يتخذ روبيو قراراً بعد دراسة الأمر.

وتشير المذكرة إلى صدور قرارات وقف العمل بمنح المساعدات الأجنبية الحالية على الفور لحين مراجعتها من جانب روبيو.

المساعدات الأمريكية
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب/رويترز

وجاء في المذكرة أن روبيو هو من سيتخذ "القرارات المتعلقة باستمرار البرامج أو تعديلها أو إنهائها" بعد مراجعة تستغرق 85 يوماً. ويحق لروبيو حتى ذلك الحين منح إعفاءات.

وأظهرت المذكرة أن روبيو منح بالفعل إعفاءات فيما يتعلق بتقديم "تمويل عسكري خارجي لإسرائيل ومصر، إلى جانب النفقات الإدارية، بما فيها الرواتب، الضرورية لإدارة التمويل العسكري الخارجي".

كما منح روبيو إعفاء آخر للمساعدات الغذائية الطارئة. ويأتي هذا وسط زيادة في المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) حيز التنفيذ منتصف هذا الشهر، بالإضافة إلى أزمات جوع في مناطق أخرى حول العالم منها السودان.

ما هي المساعدات الخارجية الأمريكية؟

المساعدات الخارجية الأمريكية هي المساعدات التي تقدمها حكومة الولايات المتحدة لدعم الدول الأخرى، وتندرج هذه المساعدات الخارجية ضمن ثلاث فئات أساسية:

  • المساعدات الإنسانية (الغذاء، الرعاية الطبية، المأوى، الأمن) لإنقاذ الأرواح من الكوارث الطبيعية والبشرية.
  • المساعدات التنموية التي تعمل على تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للدول والمجتمعات.
  • تمويل أمني يساعد على تعزيز القوات العسكرية والشرطة وقوات الأمن الأخرى في بلد ما.

وتشمل الدول المتلقية للمساعدات الخارجية الأمريكية البلدان النامية والبلدان ذات الأهمية الاستراتيجية للولايات المتحدة والبلدان التي شهدت حروباً. وتعتمد الولايات المتحدة على وكالات حكومية عدة لتقديم هذه المساعدات، وفي مقدمتها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية "USAID" ووزارة الخارجية، اللذان يشرفان على 90% من حجم هذه المساعدات، وفق تقرير لصحيفة واشنطن بوست.

ما هو حجم الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي المخصص للمساعدات الخارجية؟

تاريخياً، بلغت المساعدات الخارجية ذروتها عند 3% من الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي خلال برنامج خطة مارشال لإحياء أوروبا في أعقاب نهاية الحرب العالمية الثانية. وبعد ذلك، تراوحت من 1% إلى أقل قليلاً من 0.5% خلال معظم فترة الحرب الباردة. وفي العقود الأخيرة، تراوحت في نطاق أقل من 0.33% من الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي.

وفي عام 2023، قدمت الولايات المتحدة مساعدات خارجية بقيمة 60.4 مليار دولار، أو 1% من ميزانية الولايات المتحدة.

الكونغرس يصوّت لوقف تمويل الأونرو الهجوم الانتقامي الإيراني على إسرائيل
الكونغرس الأمريكي/رويترز

ما هي الدول التي تحصل على أكبر قدر من المساعدات؟

تصدرت أوكرانيا قائمة تضم نحو 180 دولة تلقت مساعدات من الولايات المتحدة في عام 2023، بما يقرب من 17.2 مليار دولار.

وفي المرتبة التالية جاءت إسرائيل، التي تشن حرباً على غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث حصلت على 3.3 مليار دولار. وفي المرتبة الثالثة جاءت الأردن بـ 1.69 مليار دولار، وفي المرتبة الرابعة جاءت مصر (1.5 مليار دولار)، تليها إثيوبيا (1.46 مليار دولار)، والصومال (1.18 مليار دولار)، ونيجيريا (1.02 مليار دولار).

ما هي تداعيات قرار ترامب بتعليق المساعدات الخارجية؟

أولاً: الشرق الأوسط والدول العربية

أثار قرار ترامب تعليق تقديم مساعدات بلاده الخارجية تفاعلاً ومخاوف لدى فئات عربية مرتبطة بالمنح التي تقدمها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، لا سيما في مجال التعليم.

ونقلت وكالة الأناضول عن متخصصين في الشؤون الأمريكية، أن قرار ترامب قد يزيد من الأعباء والأضرار لدى شرائح عديدة بالمنطقة العربية المتأثرة اقتصادياً، خاصة مع توقع خفض كبير لتلك المساعدات على النحو التالي:

الأردن: مصادر مطلعة كشفت لموقع رؤيا الإخباري الأردني، أن قرار تجميد تقديم مساعدات جديدة شمل المساعدات التي تقدمها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في الأردن، والتي قد تشمل المواد الغذائية، المياه، والمأوى، والرعاية الصحية، والبيئة والتعليم، وغيرها.

وأشارت المصادر في تصريحات، الأحد، إلى أن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية "أبلغت الجهات التي تتعامل معها أنها أوقفت التمويل حالياً لحين مراجعة كل تمويل جديد أو تمديده والموافقة عليه بما يتماشى مع أجندة الرئيس (دونالد) ترامب".

وكشفت عن وقف عمل موظفي المشاريع الممولة من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في الأردن، فور إعلان تعليق المساعدات الأمريكية الخارجية والتي شملت المملكة.

وقالت المصادر إن العاملين في هذه المشاريع يوقعون عقودهم مباشرة مع الوكالة الأمريكية وهي المسؤولة عن دفع رواتبهم الشهرية، وتنتهي أعمالهم مع انتهاء المشاريع أو قرار تجميد تمويل هذه المشاريع.

الحدود مع الأردن
الحدود بين الأردن وفلسطين المحتلة/الأناضول

العراق: بدورها، كشفت وسائل إعلام عراقية، الاثنين، أن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، أوقفت جميع مشاريعها ومساعداتها المقدمة إلى العراق، بما في ذلك "منظمات مدنية وحكومية" وذلك تطبيقاً لقرار الولايات المتحدة بوقف فوري للمساعدات الخارجية.

مصر: على مدار الاثنين والثلاثاء، نقلت وسائل إعلام مصرية، شكاوى طلاب مصريين مستفيدين من منح الوكالة الأمريكية، وسط تصدّر مقاطع متلفزة ومنشورات بمنصات التواصل تعرب عن تضررهم من تجميد المنح، وذلك تحت وسوم (هاشتاغ): #أنقذوا_مستقبلنا، و #أزمة_طلاب_المنحة.

وفيما لم يصدر تعليق من الوكالة الأمريكية للتنمية بالقاهرة، نقلت صحيفة الشروق المصرية عن مصدر مسؤول بوزارة التعليم العالي المصرية، قوله: "نعكف على دراسة الوضع حالياً للحفاظ على مصالح الطلاب والمشروعات البحثية المتضررة".

ونقلت الصحيفة المصرية عن أحد المتضررين قوله إنه تم تبليغه وآخرين أن "إدارة الوكالة من واشنطن أرسلت بريداً إلكترونياً فورياً بتعليق كافة المنح لدول من بينها مصر وذلك لمدة 90 يوماً، وأنه على الطلاب تحمل نفقات المنح في المؤسسات التعليمية، أو العودة إلى فرصهم الدراسية الحكومية قبل المنح".

وتحت الوسوم، تحدث متضررون، منهم إيمان سعد وأحمد ممتاز، عبر حسابات تحمل الأسماء ذاتها بمنصة فيسبوك بعبارات متشابهة عن مخاوفهم من القرار.

وأشاروا أن القرار "يتأثر به آلاف الطلاب والموظفين والمستفيدين في مصر، ويضع مستقبلهم على المحك، ويمسّ بحياتهم التعليمية ومشاريع حيوية في القرى والمحافظات وبمصدر رزق موظفين يعملون في تلك البرامج".

سوريا: وفي شرق سوريا، أوقفت منظمات الإغاثة الممولة من الولايات المتحدة والتي تقوم بتوصيل خدمات الغذاء والمياه والصرف الصحي إلى مخيم للاجئين يضم 40 ألف شخص عملياتها في غضون دقائق من صدور القرار يوم الجمعة، حسبما قال ثلاثة عمال إغاثة. 

ويكتظ مخيم الهول بعائلات مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وغيرهم ممن اجتاحتهم الفوضى في شمال شرق سوريا خلال الحملة العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش. وقال عمال الإغاثة إن قطع المساعدات التي تمولها الولايات المتحدة من شأنه أن يشجع المتعاطفين مع التنظيم على تجنيد أفراد لقضيتهم.

المهاجرون السوريون
اللاجئون السوريون في لبنان/ الأناضول

ثانياً: وكالات الأمم المتحدة

وبينما لم يمضِ على قرار ترامب بتعليق المساعدات الخارجية أسبوعٌ واحد، فقد  بدأت وكالات الأمم المتحدة في تقليص عملياتها الإغاثية العالمية، حسب ما نشرته صحيفة الغارديان البريطانية.

وأرسل فيليبو غراندي، رئيس مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، المسؤولة عن تقديم المساعدة لـ 122 مليون شخص نزحوا قسراً من ديارهم في 136 دولة، رسالة بالبريد الإلكتروني إلى الموظفين يأمر فيه بفرض قيود فورية على الإنفاق، بما في ذلك تأخير لمدة 90 يوماً في طلب الإمدادات الجديدة باستثناء حالات الطوارئ، وتجميد التوظيف والعقود، ووقف جميع الرحلات الجوية الدولية، حيث تحاول الوكالة التكيف مع تجميد التمويل الأمريكي.

ورغم زعم وزير الخارجية الأمريكي روبيو أن تجميد المساعدات الأمريكية لن يؤثر على المساعدات الإغاثية التي تشمل "الأدوية الأساسية والخدمات الطبية والغذاء والمأوى ومساعدات المعيشة والإمدادات"، وأنها تركز على برامج المساعدات التي تشمل الإجهاض وتنظيم الأسرة أو "أيديولوجية النوع الاجتماعي"، إلا أن التأثير الأولي لتجميد المساعدات أدى على الفور إلى خفض المساعدات الإنسانية على نطاق واسع وفي مختلف أنحاء العالم.

وقال غراندي إن أغلب وكالات الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية الأخرى تأثرت. وفي رسالته الإلكترونية الموجهة إلى جميع الموظفين، قال غراندي: "يتعين علينا أن نتحرك بحذر شديد خلال الأسابيع القليلة المقبلة للتخفيف من تأثير حالة عدم اليقين بشأن التمويل على اللاجئين والنازحين، وعلى عملياتنا وعلى فرقنا".

وقدمت الولايات المتحدة  2.49 مليار دولار كتمويل للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وفقاً لأحدث الأرقام لعام 2024 – وهو ما يمثل خمس ميزانية الوكالة الإجمالية.

مقر الأمم المتحدة/الأناضول

ثالثاً: البرامج التنموية للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية

حذر مسؤولون حاليون وسابقون في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية من أن أوامر وقف العمل التي صدرت في مختلف أنحاء العالم قد تعرض ملايين البشر لخطر الموت، وخاصة إذا اقترنت بكارثة طبيعية مثل الزلزال أو الفيضانات.

ونقلت صحيفة الغارديان عن أحد كبار المسؤولين السابقين في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، في إشارة إلى مدينة كوكس بازار في بنغلاديش يعيش فيها أكثر من مليون لاجئ من الروهينغا: "إذا ضرب إعصار استوائي كوكس بازار غداً، فكيف ستنقذ كل هؤلاء الناس، وكيف ستعيد البناء إذا صدر أمر بوقف العمل؟، هل يمكن أن يظل الناس هناك لمدة 90 يوماً وينتظرون ما سيحل بهم؟".

وتشمل البرامج التنموية التي تشملها المساعدات الخارجية الأمريكية برامج مخصصة  للطوارئ وحفظ والسلام والأمن ومجالات الصحة العامة وحماية البيئة.

وأفاد تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية أن قرار تعليق المساعدات الخارجية سيؤثر بالسلب على برامج من بينها مكافحة الإرهاب في الصومال، وعلاج فيروس نقص المناعة البشرية في أوغندا، ومكافحة المخدرات في كولومبيا، وبرامج دعم اللاجئين من ميانمار، والذين يتواجدون في تايلاند، والتي تشمل الرعاية الصحية ودعم المعاقين وتزويد مبتوري الأطراف بأخرى اصطناعية.

وقالت جماعات الإغاثة إن القرار يمنعهم أيضاً من توزيع الإمدادات المنقذة للحياة، مثل لقاحات الطفولة المبكرة أو الناموسيات للوقاية من الملاريا، التي اشتروها بالفعل بأموال أمريكية.

تحميل المزيد