رجل الرسوم الجمركية يُهدّد العالم.. 6 توجهات اقتصادية تقلب الموازين في ولاية ترامب الثانية

عربي بوست
تم النشر: 2025/01/22 الساعة 13:59 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/01/22 الساعة 14:12 بتوقيت غرينتش
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب/رويترز

لا تزال الأسواق العالمية تعيش حالة من الترقب بعد يومين من بدء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ولايته الثانية، خاصة في ظل التهديدات التي أطلقها خلال حملته الانتخابية بفرض رسوم تجارية وتعريفات جمركية على واردات بعض الدول، من بينها كندا والمكسيك بنحو 25%.

كما تعهد بفرض رسوم جمركية على الواردات الأوروبية دون تقديم مزيد من التفاصيل.

وقال ترامب، الثلاثاء، إن إدارته تناقش فرض رسوم جمركية بنسبة 10% على السلع المستوردة من الصين في أول فبراير/ شباط المقبل.

ومع ذلك، أدى الافتقار إلى الوضوح بشأن خطط الرئيس الأمريكي بشأن الرسوم الجمركية إلى إبقاء الأسواق المالية في حالة من عدم اليقين، وفق تقرير لوكالة رويترز.

حرب تصريحات بين ترامب وبايدن
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب/رويترز

وبينما لم يفرض ترامب أي رسوم تجارية جديدة في اليوم الأول من ولايته الثانية، كما كانت تخشى الأسواق، لكن الرئيس الأمريكي وضع المخطط الرسمي لسياسته التجارية ضمن شعار "أمريكا أولاً". 

ودعت مذكرة رئاسية تتعلق بأجندة ترامب التجارية الوكالات الفيدرالية إلى إعادة النظر في "الممارسات التجارية غير العادلة" وتحديد "المتلاعبين بالعملة".

كما تم وضع الاتفاقيات التجارية مع الصين وكندا والمكسيك وجميع الشركاء الآخرين قيد المراجعة، وفق تقرير نشرته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية. 

ونستعرض في هذا التقرير 6 نقاط أساسية تعكس أجندة ترامب التجارية في ولايته الثانية حتى الآن.  

1- تعهدات حازمة بفرض الرسوم الجمركية عاجلاً وليس أجلاً

لم يذكر ترامب الرسوم الجمركية إلا ثلاث مرات في خطاب تنصيبه، الأمر الذي هدأ المستثمرين والشركاء التجاريين الذين كانوا يتوقعون فرض الرسوم الجمركية في "اليوم الأول". 

ولكنه حدد خططاً لإنشاء مصلحة الضرائب الخارجية لجمع الرسوم الجمركية، وهو ما يشير إلى خطط جادة لزيادة الإيرادات من التجارة. 

ونقلت فايننشال تايمز عن جوش ليبسكي، المدير الأول في مؤسسة أتلانتيك كاونسل البحثية، أن قرارات التعريفات الجمركية من المرجح أن تتأخر، ولكن لن يتم التخلي عنها. 

وأضاف: "كان الرئيس قلقاً بشأن رد فعل السوق يوم الثلاثاء ولم يكن يريد أن يفسد ذلك يومه الأول". 

وقد وفرت مذكرة الرئيس التجارية إطاراً للأجندة الجديدة، وأعلنت عن مراجعة ممارسات التجارة غير العادلة، وأسباب العجز التجاري الأمريكي، وما إذا كان المنافسون يتلاعبون بالعملات ويفرضون ضرائب غير عادلة على الأعمال التجارية الأمريكية. 

كما صعّد ترامب من حدة خطابه وهدد مراراً وتكراراً بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على الواردات الكندية والمكسيكية، على الرغم من اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين. 

وعندما سُئل عن احتمال فرض رسوم جمركية شاملة على أي شخص يتعامل تجارياً مع الولايات المتحدة، قال الرئيس: "قد نفعل ذلك. لكننا لسنا مستعدين لذلك بعد". 

وحذر ليبسكي من أن "ما شهدناه خلال ولاية ترامب الأولى يدفعنا إلى التوقع بفرض الرسوم الجمركية عاجلاً وليس آجلاً"، مضيفاً أن الإدارة لم يكن لديها فريق اقتصادي كامل خلال الولاية الأولى، وأرادت إرساء أسس قانونية متينة لأي تحركات.  

تصدير السلع والتكنولوجيا العسكرية إلى إسرائيل
رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو/ رويترز

2- التركيز على الجيران أولاً

يبدو أن ترامب يعطي الأولوية للإجراءات ضد أقرب شركاء الولايات المتحدة التجاريين، حيث قال إنه يستعد لفرض رسوم جمركية على كندا والمكسيك ليتم تطبيقها عتباراً من الأول من فبراير/شباط. 

ولم يتردد ترامب في استهداف حلفاء الولايات المتحدة في ولايته الأولى، خاصة الحلفاء الأوروبيين، مستشهداً بمخاوف الأمن القومي لفرض رسوم جمركية على واردات الصلب والألومنيوم. 

ولكن من خلال التحدث علناً ​​عن كندا، يقول المحللون إنه يشير إلى أن أي دولة ليست في مأمن من "رجل الرسوم الجمركية". 

وقد أمرت مذكرة الرئيس التجارية بمراجعة العلاقات التجارية مع كندا والمكسيك بحلول الأول من أبريل/نيسان. ومن المقرر بعد ذلك أن تبدأ الاستعدادات لإجراء مراجعة شاملة لاتفاقية التجارة بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا في يوليو/تموز 2026. 

ومن بين الأولويات التي أبرزتها مذكرة الرئيس التجارية تصميم ترامب على خفض "الهجرة غير القانونية وتدفقات الفنتانيل"، وخاصة من المكسيك وكندا. 

وتعتمد العديد من سلاسل التوريد للشركات المصنعة الأمريكية، وخاصة شركات صناعة السيارات، على العمليات في البلدان الثلاثة، وقد تمارس هذه الشركات ضغوطاً على ترامب لسحب تهديداته. 

وقال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، الثلاثاء، إن بلاده تأخذ مقترحات ترامب "على محمل الجد" وسترد إذا تم فرض رسوم جمركية، في حين قالت رئيسة المكسيك كلوديا شينباوم إنها ستركز على "المراسيم بدلاً من الخطاب".  

الرئيس الصيني شي جين بينغ/ رويترز

3- مراجعة شاملة للعلاقات التجارية، بما في ذلك مع الصين 

تغطي أجزاء أخرى من سياسة الرئيس التجارية الوسائل اللازمة لتمكين التحول الشامل في تعاملات واشنطن مع شركائها التجاريين. 

وقالت كيلي آن شو، الشريكة في شركة هوجان لوفيلز للمحاماة ومستشارة ترامب التجارية السابقة: "لا أتوقع تعديلات هامشية، بل مراجعة شاملة لمجموعة كاملة من الأدوات التجارية والاقتصادية التي تؤدي إلى اتخاذ إجراءات مهمة". 

وتشمل مجموعة المبادرات الواسعة النطاق التي أطلقتها المذكرة الرئاسية التجارية التحقيق في التلاعب بالعملة. وكان ترامب قد اتهم الصين في السابق بخفض قيمة الرنمينبي لتعزيز قيمة صادراتها. 

ووجه الرئيس أيضاً ممثله التجاري، جيميسون جرير، بمراجعة الصفقات التجارية الأمريكية، بما في ذلك الاتفاقية المحدودة التي تم التوصل إليها خلال إدارة ترامب الأولى، والتي كانت تهدف إلى تعزيز الصادرات إلى الصين. 

وتتضمن عدة أقسام من المذكرة توجيهات لمسؤولين اقتصاديين أمريكيين مختلفين للتحقيق في العلاقات الاقتصادية بين واشنطن وبكين على نطاق أوسع، بما في ذلك مراجعة التعريفات الجمركية الحالية على السلع الصينية. 

وطُلب من الممثل التجاري جرير أيضاً تحديد الصفقات الجديدة المحتملة مع توفير قدر كبير من الوصول إلى السوق "للعمال والمزارعين ومربي الماشية ومقدمي الخدمات وغيرهم من الشركات الأمريكية"، مما يشير إلى أن إدارة ترامب الثانية قد تكون منفتحة على صياغة اتفاقيات تجارية جديدة. 

4- تسليح التجارة لتحقيق غايات مختلفة 

ربط ترامب الرسوم الجمركية بأهداف سياسية أخرى، إلى جانب خفض العجز التجاري. 

ووعد ترامب بفرض رسوم على منتجات الاتحاد الأوروبي ما لم يشتر أعضاء الكتلة المزيد من النفط والغاز الأمريكيين. واقترح ترامب أيضاً أن الرسوم الجمركية على الصين قد تتوقف على اتفاق بشأن ملكية تيك توك. 

وقال إنه سيفرض رسوماً على الواردات الصينية تصل إلى 100% إذا فشلت بكين في الاتفاق على صفقة لبيع ما لا يقل عن 50% من التطبيق لشركة أمريكية. 

وقالت أناهيتا توماس، رئيسة التجارة الدولية بشركة المحاماة بيكر ماكنزي في ألمانيا، إن ترامب يستخدم التهديدات بالرسوم الجمركية لتعظيم نفوذه. 

وقالت: "لا أعتقد أنه يماطل، لكنه يستخدم ذلك كأداة للتفاوض". وأضافت "الآن سوف تعرف كل دولة التنازلات التي يتعين عليها تقديمها حتى تكون على علاقة طيبة". 

وقالت توماس إن التهديدات تنطوي على أضرار جانبية. وأضافت أن "الرسوم الجمركية من شأنها أن تؤدي إلى التضخم"، مضيفة أن ترامب "لا يريد أن يفعل شيئاً له تأثير سلبي على التضخم".  

الدولار رويترز
الدولار/ رويترز

5- التعريفات الجمركية "العالمية" والتداعيات العالمية

ارتفعت الواردات الأمريكية من دول مثل فيتنام والمكسيك خلال ولاية ترامب الأولى. ويعكس هذا اتجاه الشركات المصنعة الصينية إلى تجاوز الرسوم الجمركية الأمريكية من خلال التصدير إلى أمريكا عبر دول ثالثة. 

وقد أدرك فريق ترامب التجاري هذا الأمر. فقد دعت مذكرة ترامب التجارية إلى النظر في تعديلات إضافية للتعريفات الجمركية لمواجهة ظاهرة التصدير"عبر دول ثالثة". 

وتطلب المذكرة من المسؤولين النظر في ما إذا كان من الممكن استخدام "تعريفة تكميلية عالمية" لمعالجة العجز التجاري السنوي "الكبير والمستمر" في الولايات المتحدة. 

وهذا يشير إلى أن شيئاً مشابهاً للتعريفة العالمية التي وعد بها ترامب أثناء حملته الانتخابية قد يظهر. 

وقد تؤدي تهديداته أيضاً إلى تحفيز دول أخرى على زيادة التجارة فيما بينها. فمنذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، نجح الاتحاد الأوروبي في إبرام اتفاقيات مع مجموعة ميركوسور التي تضم دول أمريكا الجنوبية والمكسيك، في حين استأنف المحادثات مع ماليزيا بعد توقف دام أكثر من عقد من الزمان. 

6- قلق أوروبي بشكل خاص

يخشى الأوروبيون، على وجه الخصوص، أن تؤدي عودة ترامب إلى الرئاسة إلى كارثة اقتصادية جديدة للعلاقات بينهم. 

وقد توجه الرسوم الجمركية المتجددة التي يهدد ترامب بفرضها ضربة قوية لاقتصادات دول الاتحاد الأوروبي، الذي وصفه ترامب بـ"الصين الصغيرة، خصوصاً في قطاعات مثل الصلب والألمنيوم والسيارات. 

واقتراح ترامب بفرض رسوم بنسبة 100% على جميع المركبات المستوردة يعد بمثابة "ضربة موجعة" لدول ذات صناعات سيارات كبرى. 

فوفقاً لدراسة نشرتها كلية لندن للاقتصاد، فبالرغم من أن التعريفة الجمركية بنسبة 100٪ على المركبات تستهدف بشكل خاص المركبات الكهربائية الصينية، إلا أن ألمانيا من المرجح أن تعاني من ضربة اقتصادية، فالولايات المتحدة هي الوجهة الأولى لصادرات ألمانيا، في حين أنها خامس أكبر سوق للصادرات الفرنسية.

إلى جانب ذلك، يتوقع بعض المحللين أن يعمد ترامب إلى تكثيف الضغط على الاتحاد الأوروبي لمواءمة سياساته تجاه الصين، بل وربما لحثّه على الانفصال الاقتصادي الكامل عن بكين. وفي هذا السياق، ذكرت مجلة بوليتيكو أن كبار المسؤولين التجاريين الأوروبيين أبلغوا سفراء الاتحاد الأوروبي استعدادهم للرد على أي نزاعات تجارية محتملة قد يثيرها ترامب إذا لزم الأمر.

البرلمان الأوروبي (أرشيف)/ الأناضول
تحميل المزيد