مسيرة شبحية إسرائيلية تحلق بحرية في سماء إيران.. ماذا نعرف عن امكانيات هذا السلاح السري؟

عربي بوست
تم النشر: 2024/10/24 الساعة 15:13 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/10/24 الساعة 15:20 بتوقيت غرينتش
مقاتلات وطائرات أمريكية تعمل عليها الولايات المتحدة ضمن برامج سرية تحسباً للحروب القادمة، تعبيرية/ sandbox

كشفت وثائق حكومية أمريكية حديثة سربت مؤخراً وتم تداولها، عن قيام مسيرة شبحية غامضة بالتجول بحرية في الأجواء الإيرانية دون رصدها، إذ يتملك هذا النوع من المسيرات قدرات عالية  من التخفي وجمع معلومات استخباراتية بشكل  دقيق والتحليق لمدة طويلة.  

موقع ميدل إيست أي البريطاني أشار في تقرير إلى أن الوثائق كشفت عن امتلاك إسرائيل طائرة "سرية" بدون طيار، و بعيدة المدى تحمل اسم RA-01، قادرة على جمع المعلومات الاستخبارية وتنفيذ الهجمات، ولم يكن معروفًا عنها للعامة.

توضح الوثائق، التي ظهرت على تيليجرام يومي 15 و16 أكتوبر، احتمالية الاستعدادات الإسرائيلية لضربات عسكرية محتملة ضد إيران وتشير إلى وجود برنامج سري للطائرات بدون طيار لم يتم الكشف عنه من قبل الجمهور.

ووفقًا للوثائق المسربة، أجرت القوات الجوية الإسرائيلية عمليات سرية باستخدام هذه المركبات الجوية غير المأهولة المتقدمة للمراقبة بعيدة المدى والخفية. مضيفةً أن تحليل الصور يظهر أن طائرات إسرائيل بدون طيار قادرة على إجراء مهام استخبارات ومراقبة واستطلاع مستمرة فوق إيران وأهداف إقليمية أوسع.

في هذا التقرير، سنتناول ماهية المسيرات الشبحية الأمريكية، وهل لها علاقة بالمسيرات الإسرائيلية التي كشفت عنها التسريبات، ولماذا تلتزم واشنطن الصمت حول قدرات هذه الطائرات واستخداماتها وحتى شكلها، وما هي قدراتها الفعلية؟

في هذا التقرير، سنتناول ماهية المسيرات الشبحية الأمريكية، وهل لها علاقة بالمسيرات الإسرائيلية التي كشفت عنها التسريبات، ولماذا تلتزم واشنطن الصمت حول قدرات هذه الطائرات واستخداماتها وحتى شكلها، وما هي قدراتها الفعلية؟

لماذا هذا مهم؟

تثير هذه الوثائق المسربة مخاوف بشأن خطط إسرائيل المحتملة للعمل العسكري. لطالما حذر قادة الاحتلال الإسرائيليون من أنهم سيسعون لمنع إيران من الحصول على الأسلحة النووية، وهي النقطة التي تكررت في الأشهر الأخيرة في ظل التصعيد في المنطقة.

بالإضافة إلى رحلات المراقبة فوق إيران، تسلط الوثائق الضوء أيضاً على قدرات إسرائيل الأوسع في جمع المعلومات الاستخباراتية في جميع أنحاء الشرق الأوسط. ويوفر برنامج الطائرات بدون طيار غير المعلن لإسرائيل ميزة كبيرة في مراقبة خصومها، حيث توفر الطائرات بدون طيار معلومات استخباراتية في الوقت الحقيقي عن التطورات العسكرية في جميع أنحاء المنطقة.

رغم ذلك، لا يوجد أي معلومات عن إمكانية أو تصاميم هذه الطائرة أو العدد الذي يمتلكه الاحتلال من هذه الطائرة السرية حتى في تلك الوثائق المسربة.

إلا أن موقع The War Zone يشير إلى أن الاسم المسرب للطائرة "RA-01" قد يوفر دليلاً على أصولها. حيث أن حروف "RA" تتماشى مع النظام الأبجدي الرقمي الذي اعتمدته الصناعات الجوية الإسرائيلية (IAI) في تسمية الطائرات بدون طيار في الماضي.

وهي التسمية التي كان يستخدمها مجتمع الاستخبارات الأمريكي للإشارة إلى طائرة شبحية أمريكية بدون طيار تدعى "RQ-170″، والتي تعتبر سرية للغاية ونادراً ما يتم التطرق لها في الإعلام الأمريكي، لكن هذا التشابة في التسمية لا يؤكد بالضرورة أن الإسرائيليين يستخدمون نفس الطائرة أو التسمية لطائرة لنفس السبب.

ما هي المسيرات الشبحية التي يتم إخفاؤها عن العالم؟

منذ نحو عقد، لم يأت ذكر "المسيرات الشبحية" على لسان أحد من مسؤولي الجيش الأميركي، لكن مع تسريبات الوثائق الأمريكية عن المسيرة الإسرائيلية الغامضة، ترجع إلى الأذهان قدرات الطائرة السرية الأمريكية RQ-170 Sentinel التي ظلت طي الكتمان لسنين.

وكانت الولايات المتحدة قد كشفت عن الطائرة لأول مرة قبل عشر سنوات، عندما أقر بعض المسؤولين الأمريكيين بوجود هذه الطائرة لديهم، ومنذ تلك اللحظة ظلت التفاصيل طي الكتمان.

تُعد RQ-170 Sentinel طائرة بدون طيار مصممة للطيران على ارتفاعات عالية ولمسافات طويلة. قامت بتصميمها وتصنيعها شركة Skunk Works، التابعة لشركة Lockheed Martin Corporation، لصالح القوات الجوية الأميركية لأغراض الاستطلاع والتجسس. تُعرف أيضًا باسم "وحش قندهار".

دخلت هذه الطائرة الخدمة في عام 2007، وأجرت أولى رحلاتها السرية من قاعدة قندهار الجوية في أفغانستان. وفي ديسمبر 2009، أعلنت القوات الجوية الأميركية رسميًا عن انضمامها إلى أسطولها. تشير بعض التقارير إلى أن القوات الجوية تمتلك ما بين 20 و30 من هذه الطائرات.

إمكانيات تلك الطائرة وما يميزها؟

تُعدّ المسيرات الشبحية مثل RQ-170 أداة فعّالة لجمع المعلومات الاستخباراتية مع تقليل احتمالات اكتشافها.

لكن بخلاف الطائرات غير الشبحية المخصّصة للاستطلاع، والتي يمكن رصدها بسهولة من قبل الخصوم، تستطيع RQ-170 أن تنفّذ عمليات مراقبة دون أن تُكتشف بسهولة، مما يمنحها ميزة في جمع معلومات دقيقة قبل أن يتاح للخصم الوقت الكافي لإخفاء أو تغيير أنشطته.

 إذ تتمتع RQ-170 بقدرة على التحليق على ارتفاع يصل إلى 50,000 قدم، ويمكنها أن تغطي مساحة واسعة وتقدّم بيانات استخباراتية فورية لمشغليها. 

وتتميز هذه الطائرة بقدرتها على جمع معلومات دقيقة حول تحركات القوات وإجراءاتها التشغيلية والأنشطة الأخرى، وذلك بفضل امتلاكها لعدة أجهزة استشعار متقدمة. تشمل هذه الأجهزة رادارًا نشطًا ممسوحًا إلكترونيًا، وقدرات تصوير بالفتحة الاصطناعية، وقدرات لمؤشر الأهداف المتحركة على الأرض، بالإضافة إلى كرة استشعار كهروضوئية وأجنحة استخبارات إلكترونية.

و هي قادرة على التقاط الصور أو مقاطع الفيديو في الوقت الفعلي التي تم التقاطها بواسطة الكاميرات المحمولة عليها. و يتم ارسال و استرداد البيانات التي توفرها المسيرة ومعالجتها وتخزينها ومراقبتها في محطة التحكم التي صممتها شركة Skunk Works لتتناسب مع متطلبات تلك المسيرة الشبحية.

إذ تم دمج كاميرا كهربائية بصرية أسفل قسم جسم الطائرة الأمامي لالتقاط الصور أو مقاطع الفيديو في الوقت الفعلي لساحة المعركة التي تقوم بمسحها. ويتم التحكم بالطائرة من خلال نظام تحكم ينقل الأوامر إليها عبر رابط بيانات LOS SATCOM.

ورغم أن طائرات RQ-170 ليست خفية تمامًا عن الرادار – إذ لا توجد طائرة شبحية غير مرئية بالكامل – إلا أن قدرتها على تقليل فرص اكتشافها تُمكنها من التحليق بالقرب من الأهداف المكلفة بمراقبتها. مما يعزز من جودة المعلومات الاستخباراتية التي تجمعها، ويمكّنها من البقاء لفترات أطول في المنطقة دون اكتشافها، مما يوفر مستوى متقدمًا من الاستخبارات.

وقد تم نشر المسيرة RQ-170 في باكستان أثناء الغارة على مجمع أسامة بن لادن في مايو 2011. وتم بث التغطية الحية للغارة  ليشاهدها الرئيس الأمريكي آنذاك باراك أوباما بواسطة الطائرة.

تصميم المسيرة  الشبحية RQ-170 Sentinel؟

لا يقدم الموقع الرسمي التابع للقوات الجوية الأمريكية سوى وصف مقتضب للطائرة RQ-170 Sentinel، حيث يكتفي بالإشارة إلى أنها تُشغّل حاليًا من قاعدة كريتش الجوية في نيفادا وتتمتع بقدرة  "غير قابلة للرصد".

ويشير موقع Airforce-technology  إلى أن الطائرة تتمتع بجناحين يبلغ عرضهما 27.43 مترًا وارتفاعها 1.82 مترًا، أنها بجانب مهام المراقبة والاستطلاع، لها دور في الحرب الإلكترونية فوق المناطق المستهدفة.

ويبدو أن تصميم الطائرة يأتي على شكل جناح طائر بدون ذيل، مشابهًا للطائرات RQ-3 Darkstar و P-175 Polecat. كما يشير الموقع إلى أن حوالي 90٪ من هيكل الطائرة مصنوع من مواد مركبة خفيفة الوزن، ما يسهم في تقليل الوزن الإجمالي للطائرة وتحسين أدائها في المهام الموكلة إليها.

كيف يمكن التحكم بها؟

يمكن التحكم في الطائرة RQ-170 Sentinel إما يدويًا من نظام التحكم الأرضي أو عبر الوضع المستقل، الذي يتيح لها تنفيذ المهام تلقائيًا. ولضمان الهبوط الآمن في حال فقدان الاتصال بمحطة التحكم، تم تجهيز الطائرة بنظام الإطلاق والاسترداد التلقائي (ALR).

تعمل RQ-170 بمحرك توربوفان واحد من طراز General Electric TF34 الذي ينتج 9275 رطلاً من الدفع، إذ يولد نسبة دفع عالية وفي نفس الوقت تستهلك وقودًا أقل وتقلل من تكلفة التشغيل.

وتتميز الطائرة بتوربين عالي الضغط ثنائي المرحلة، وتوربينات منخفضة الضغط ذات أربع مراحل، وموقد احتراق حلقي وضواغط تدفق محوري عالية الضغط ذات 14 مرحلة.

أين أماكن انتشارها؟ 

لم تكشف القوات الجوية الأمريكية عن مواقع نشر طائرات RQ-170 Sentinel أو عن توقيت عملياتها بدقة.

إلا أن تقريراً نُشر في عام 2020 على موقع Airforce-technology أشار إلى أنه تم إعادة نشر الطائرة في أفغانستان في أغسطس 2010، حيث تم تزويدها بميزة التقاط الفيديو.

و في وقت سابق، أفادت صحيفة JoongAng Daily الكورية الجنوبية في ديسمبر 2009 أن الطائرة RQ-170 خضعت للاختبار في كوريا الجنوبية، وذلك لتحل محل طائرة الاستطلاع U-2 في قاعدة أوسان الجوية للقيام بمهام مراقبة فوق كوريا الشمالية.

وفي عام 2011، أعلنت القوات المسلحة الإيرانية عن إسقاط طائرة تجسس أمريكية بدون طيار انتهكت حدودها الشرقية.

 وحددت التقارير الإعلامية الإيرانية في ذلك الوقت أن الطائرة التي أُسقطت هي RQ-170 Sentinel، مشيرة إلى تعرضها لأضرار طفيفة وأنها أصبحت في حوزة القوات الإيرانية.

 في البداية، أنكرت السلطات العسكرية الأميركية تعرض المسيرة الشبحية  للاختراق أو الاستيلاء أثناء تحليقها على يد محاربين سيبرانيين إيرانيين، ولكن فيما بعد، اعترف الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالحادثة السيبرانية.

وفي عام 2016، كشف الحرس الثوري الإيراني عن تطوير مسيرة قتالية جديدة تُدعى "سيمرغ" أو "شاهد 171″، استنادًا إلى الطائرة الأمريكية RQ-170 Sentinel التي استولوا عليها في 2011.

مسيرة شبحية إسرائيلية تحلق بحرية في سماء إيران.. ماذا نعرف عن امكانيات هذا السلاح السري؟
المسيرة الإيرانية سيمرغ – ويكيميديا

وفي هذا السياق، قال العميد تومر بار، رئيس أركان القوات الجوية للاحتلال الإسرائيلي، في مقابلة مع صحيفة Defense News: "لقد قاموا بنسخها أكثر أو أقل … لكنني لن أصنفها".

نتيجة لسقوط RQ-170 في أيدي الإيرانيين، ارتفعت من بعدها مسألة الأمن السيبراني للمركبات الأمريكية والحلفاء بدون طيار إلى قمة أولويات البنتاغون، وأصبحت تقنيات التشغيل مثل التشفير متعدد المستويات والحلول عبر المجالات أسواقًا ساخنة في صناعة الطائرات بدون طيار في الولايات المتحدة.

ووفقاً لموقع 1945، يشار إلى أنه ربما تلقت الصين معلومات استخباراتية عن RQ-170 بعد أن وقعت في يد إيران، وهذا ربما يفسر لماذا يحيط الأمريكيون بهذه السرية حول تلك الطائرة.  

فمنذ ذلك الحين، لم يتم الكشف إلا عن القليل عن RQ-170. لكن في عام 2021  التقط مصور مدني صورة لما يبدو أنه RQ-170 جنوب قاعدة إدواردز الجوية.

وفي عام 2022، وفي حادثة تسريب مشابهة لما حدث مؤخرًا حول الطائرة الشبحية الإسرائيلية، كشفت وثيقة عسكرية أمريكية مسربة عن احتمالية قيام طائرات الشبح الأمريكية RQ-170 Sentinel بتنفيذ تسع طلعات جوية على الأقل منذ سبتمبر 2022، لجمع معلومات استخباراتية عن القوات الروسية التي تحتل شبه جزيرة القرم الأوكرانية ومناطق أخرى في منطقة البحر الأسود، وفقاً لتقرير لموقع The War Zone.

ومن الجدير بالذكر أن موقع The War Zone لم يتمكن من التحقق بشكل قاطع ومستقل من صحة الوثيقة التي تذكر رحلات RQ-170.

هل المسيرة RQ-170 هي أحدث ما توصلت إليه أمريكا في طائرات التجسس؟

في الواقع تلتزم القوات الجوية الأمريكية الصمت بشأن طائرات الاستطلاع الاستراتيجية الجديدة، ولكن بعض التقارير تشير إلى أن واشنطن تمتلك طائرة مسيرة شبحية أكثر تطورًا تعرف باسم RQ-180.

ويُقال إنها ربما كانت تحلق منذ سنوات، وربما تكون جاهزة للعمل بأعداد صغيرة وضمن نطاق محدود، وبقدرة على جمع بيانات استخباراتية أفضل في الوقت الفعلي تقريبًا من سابقتها.

 موقع فوربس، ذكر في تقرير له إن هذه الطائرة الشبحية تستطيع تنفيذ مهام لا تستطيع الأقمار الصناعية وطائرات Global Hawk و RQ-170 القيام بها.

إذ تتمتع بجناحين يمتدان إلى 130 قدمًا، مما يسمح لها بالتحليق على ارتفاعات شاهقة وقطع آلاف الأميال، في غضون مهلة قصيرة ومن خلال دفاعات العدو، إذا لزم الأمر.

وأشار التقرير إلى أن طائرة تجسس سرية يعتقد أنها RQ-180 تم تصويرها وهي تحلق فوق الفلبين، مما يعزز الشائعات حول استخدامها في عمليات مراقبة حول الصين، حيث يعتقد أن هذه الطائرة تُدار من إقليم غوام في غرب المحيط الهادئ.

تحميل المزيد