هل تستغني مصر عن الغاز الإسرائيلي؟ تل أبيب وضعت تعجيزات لتجديد العقد والقاهرة تبحث عن بدائل 

عربي بوست
تم النشر: 2025/05/18 الساعة 11:34 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/05/18 الساعة 11:35 بتوقيت غرينتش
بإمكان صواريخ حزب الله بلوغ حقول الغاز الإسرائيلية ووقف إنتاجها/ رويترز

تزامن التوجّه المصري الجديد نحو توقيع عقود طويلة الأجل لتوريد الغاز الطبيعي من قطر، مع ضغوط إسرائيلية لرفع سعر توريدها للغاز القادم منها، رغم استناده إلى أسعار ثابتة وفقاً لاتفاقية 2018.

وتسعى إسرائيل إلى استغلال اعتماد القاهرة عليها في الغاز، وعدم امتلاكها أدوات إنتاج خاصة بها، بإرجائها ضخ 200 مليون قدم إضافية، باشتراط تعديل الأسعار، رغم حاجة مصر الماسّة حالياً للغاز اللازم لمحطات الكهرباء والقطاع الصناعي مع قدوم فصل الصيف.

مع العلم أن فرض الأسعار الإسرائيلية الجديدة لتوريد الغاز على مصر، يعني ضغوطاً أكبر على موازنتها التي تعاني أصلاً من العجز، وتصل فجوتها التمويلية للعام المالي الحالي إلى 3.6 تريليونات جنيه.

هذا الأمر يضع القاهرة أمام أزمة نقد أجنبي لتوفير شحنات غاز عاجلة من جهات أخرى، وسط مآرب سياسية إسرائيلية لم تعد خافية على أحد، مرتبطة بتبعات العدوان على غزة، ورفض مصر تنفيذ الخطة الأمريكية الإسرائيلية بتهجير فلسطينيي القطاع إلى سيناء، وتخفيض تواجدها العسكري فيها.

كيف تراجعت إسرائيل عن اتفاق توريد الغاز لمصر؟

بدأت القصة خلال اجتماع شهدته القاهرة بين وفدين إسرائيلي ومصري لبحث طلب الأخيرة بزيادة كمية الغاز خلال شهري يونيو/حزيران ويوليو/تموز المقبلين، مع قدوم فصل الصيف وتزايد الطلب على الكهرباء.

لكن القاهرة فوجئت بشرط إسرائيلي برفع أسعار الغاز بنسبة 40%، حيث تشتري القاهرة الغاز الطبيعي من إسرائيل بسعر 7.5 دولارات للوحدة الحرارية، ضاربة عرض الحائط بالمؤشرات العالمية التي تؤكد اتجاه الهبوط المتواصل في الأسعار.

قوبل الشرط الإسرائيلي برفض مصري على الفور، وتأجيل المفاوضات إلى اجتماع مقبل لم يُحدّد موعده بعد، فيما تحدثت تقارير عربية عن شكوى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، خلال اجتماعهما الأخير في الرياض، من خطوة إسرائيل، التي علّقت إمدادات الغاز الموجهة لمصر، بزعم حماية منشآتها من الهجمات الصاروخية.

لم يكن التراجع الإسرائيلي عن إمداد مصر بكميات الغاز بالأسعار المتفق عليها الخطوة الوحيدة، فقد تراجعت أيضاً عن اتفاق تم في فبراير/شباط 2024 على زيادة تصدير الغاز لمصر بكمية أكبر بثلاث مرات من الكمية الحالية، أي 4 مليارات قدم مكعب يومياً إضافية لمدة أحد عشر عاماً، ليصل إجمالي الصادرات الإضافية إلى 43 مليار متر مكعب، على أن تدخل الاتفاقية حيز التنفيذ في يوليو/تموز 2025.

بلغة الأرقام، تعتمد مصر على إسرائيل في استيرادها، في المتوسط، مليار قدم مكعب يومياً من الغاز، عقب تراجع إنتاجها من الغاز المحلي إلى 4.4 مليارات قدم مكعب يومياً، وبينما اتفقا سابقاً على استمرار صادرات الغاز بـ4 مليارات قدم مكعب يومياً بدءاً من يوليو/تموز 2025.

كما أن القاهرة وتل أبيب اتفقتا على خطة بناء خط غاز جديد بطول يبلغ 65 كيلومتراً، وكلفة ملياري شيكل، حوالي 545 مليون دولار، وتطوير المحطات القائمة لزيادة إمداداته، وتقليل انقطاع التيار الكهربائي فيها.

لكن التطورات السياسية الأخيرة المتعلقة بحرب غزة أربكت هذه المخططات، في ضوء خلافاتهما المتصاعدة حول تبعات الحرب الجارية على الحدود الشرقية لمصر منذ أكثر من عام ونصف.

تجدر الإشارة إلى أن إسرائيل تستخدم حالياً ثلاثة خطوط أنابيب لتصدير الغاز:

  • خط أنابيب EMG بسعة 5.5 مليارات متر مكعب سنوياً، ويُستخدم للتصدير إلى مصر.
  • خط أنابيب شمال الأردن بسعة 7 مليارات متر مكعب سنوياً، ويُستخدم للتصدير إلى الأردن، واستمرار التصدير لمصر عبر خط أنابيب "فجر".
  • خط أنابيب جنوب الأردن بسعة مليار متر مكعب سنوياً، ويُستخدم للتصدير لمحطات البحر الميت في الأردن.

طغيان الاعتبارات السياسية والأمنية على المكاسب الاقتصادية

بدأت مصر باستيراد الغاز من إسرائيل لأول مرة عام 2020، في صفقة بقيمة 15 مليار دولار لمدة عشر سنوات، حيث يُعدّ الجانب الأكثر محورية في علاقاتهما الاقتصادية، ويتم تصديره من خزّاني "ليفياثان" و"تمار"، معظمه مخصّص للاستخدام المحلي، ونقل بعضه عبر مرافق التسييل المصرية، وإعادة تصديره إلى أوروبا.

وفيما يتراوح الاستهلاك السنوي للغاز في مصر، الدولة الأكثر سكاناً في المنطقة، بين 70–75 مليار متر مكعب، وتُنتج منه 60–63 مليار متر مكعب، فإن استهلاك إسرائيل من الغاز يبلغ 12.7 مليار متر مكعب، وبلغ إجمالي حجم صادراتها منه 9.2 مليارات متر مكعب.

مما يؤكد طغيان الاعتبارات السياسية على الاقتصادية في هذا الملف، فقد كشفت شركة "نتاز" الإسرائيلية المُشغّلة لاحتياطيات الغاز، أن بناء خط الأنابيب الجديد "نيتسانا" ليس مؤكداً بعد، رغم الوعود ببدء بنائه أوائل 2025، لكن عدم الاتفاق بين الشركات المُشغّلة أدى إلى تأخيره.

ووفقاً لتقرير صادر عن شركة "شبكة غاز إسرائيل"، المملوكة للدولة، فإن التأخير يعود، من بين أمور أخرى، إلى عوامل خارجة عن سيطرتها، وقرارات وإجراءات الجهات الحكومية، وضرورة الحصول على موافقات من جهات خارجية، بعد أن وافقت الحكومة في مايو/أيار 2023، قبل اندلاع حرب غزة، على بناء هذا الخط الهادف إلى زيادة صادرات الغاز إلى مصر بـ30%.

ولا يُخفي الإسرائيليون في خطوتهم التعجيزية الجديدة تجاه مصر جملة من التطورات الهامة:

  • رصدهم الدقيق لتبعات ازدياد موجات الحرّ في مصر خلال الآونة الأخيرة، وما سُجّل من أرقام قياسية جديدة في درجات الحرارة يومياً، ما يزيد من تفاقم المعاناة الشعبية للمصريين، وتنامي استيائهم بسبب عجزهم عن تبريد منازلهم، نتيجة انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة بسبب نقص الغاز اللازم لتشغيل توربينات الكهرباء.
  • عدم امتلاك مصر ما يكفي من النقد الأجنبي لشراء الغاز لمحطات توليد الكهرباء، ولذلك تُغلق لساعات طويلة، كما تدرك إسرائيل ذاتها أنه في حال استمرار هذه الظاهرة، فقد تحدث اضطرابات مدنية احتجاجية داخل مصر.
  • ما شهده قطاع الطاقة المصري من تراجع في السنوات الأخيرة، بسبب التقلّبات التي حصلت نتيجة أزمة الدولار، وانخفاض إنتاج الغاز، وتفاقم الوضع الاقتصادي، ما ألحق ضرراً بالغاً به.
  • ما تعانيه المنطقة عموماً من عدم استقرار سياسي ومخاطر جيوسياسية، سواء بسبب الحرب العدوانية على غزة، أو هجمات الحوثيين على الأهداف الإسرائيلية.

تفاعل الضغوط الإسرائيلية مع التطورات الداخلية

بالعودة عاماً واحداً إلى الوراء، فقد شهد مايو/أيار 2024 إمدادات الغاز الإسرائيلي إلى مصر بمتوسط 950 مليون قدم مكعب يومياً، وما لبث أن انخفض في يونيو/حزيران التالي إلى 875 مليون قدم مكعب، ثم زاد الانخفاض مع تصاعد أشهر الصيف في يوليو/تموز وأغسطس/آب.

والتخوّف المصري اليوم أن تتكرر ذات الانخفاضات الإسرائيلية، وفوق كل ذلك شروط رفع الأسعار من جهة، بصورة مفاجئة، ومن جهة أخرى تفاقم درجات الحرارة، ما يزيد من صعوبة الأمور لديها.

وفيما تعتمد مصر بشكل كبير على الغاز الإسرائيلي، فقد انخفضت صادرات الأخيرة منه بـ80% مع اندلاع العدوان على غزة، ما تسبب في زيادة حادة في انقطاع التيار الكهربائي في مختلف أنحاء مصر، ولا يتردد الإسرائيليون في التلميح، وأحياناً التصريح، بأن صادراتهم من الغاز إلى مصر ستتأثر بالتطورات السياسية.

لا سيما في ضوء المطالبات المتكررة منها بالضغط على حماس، والاستجابة لدعواتها بتخفيض تواجدها العسكري في شبه جزيرة سيناء، وفي حال تحقق ذلك، فستعود كميات الغاز المُورّدة كما كانت قبل الحرب، وربما تُزاد وفقاً لما تم الاتفاق عليه في 2023 قبيل اندلاع الحرب.

مع العلم أن تجميد إسرائيل لإقامة خط الغاز الجديد الخاص بزيادة الصادرات إلى مصر، سيحرمها من دخل سنوي يُقدّر بـ150 مليون شيكل لتطوير قطاع الغاز الطبيعي، ومئات ملايين الشواكل من الضرائب والعوائد.

لكن السياسة والاعتبارات الاستراتيجية تطغى هنا على الاقتصاد والمكاسب المالية، في حين أن تخفيض كميات الغاز المصدّرة إلى مصر من شأنه زعزعة أمن الطاقة فيها، وهذه مسألة خطيرة داخلياً، سواء من خلال عدم قدرة الدولة على توفير الكهرباء بانتظام للاقتصاد المحلي، أو عدم قدرتها على الاستمرار في تصدير جزء كبير منها لأوروبا مقابل عملات أجنبية ثمينة وحيوية تُقدّر بمليار دولار سنوياً لخزينتها التي لا تُخفي عجزها المتصاعد.

وفيما اتفقت مصر مؤخراً مع صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي على التخفيف من سداد ديونها الضخمة، إدراكاً منهما للأهمية الكبرى للحفاظ على استقرارها، فقد أتت الخطوة الإسرائيلية في الاتجاه المعاكس، ما يطرح علامات استفهام سياسية وأمنية، بل واستراتيجية، عن تبعاتها المتوقعة.

ابتزاز إسرائيلي لمصر

لا يختلف الإسرائيليون على أن لديهم مصالح كبيرة مع مصر، ولذلك فقد دأبوا على تقاربهما الواسع، وتعزيز تعاونهما الوثيق في المسارين السياسي والأمني، وعلى أعلى المستويات.

لكن العدوان على غزة، ومخاوف مصر من نوايا إسرائيل لدفع القطاع إلى سيناء، أضعفا كثيراً الثقة القائمة، وصولاً إلى زيادة توترهما الأمني والسياسي، الذي بلغ ذروته برفض القاهرة في الأيام الأخيرة اعتماد السفير الإسرائيلي الجديد لديها، وعدم تسمية سفير جديد لها في تل أبيب، عقب حالة التحريض الرسمية التي تشنّها الأخيرة عليها في المحافل الدولية.

واليوم، لا تُخفي القاهرة خشيتها من أن يُشجّع اعتمادها شبه الكامل على الغاز الإسرائيلي، والوضع الاقتصادي المتردي فيها، جهات نافذة في إسرائيل على تبنّي سياسة تستغل هذا الوضع.

على سبيل المثال، لحلحلة الموقف المصري من تهجير الفلسطينيين، ولو مؤقتاً، من قطاع غزة إلى سيناء، بالتزامن مع تسريبات تتحدث عن جهود إسرائيلية لدى بعض الدوائر العالمية لتخفيف، وربما حتى إلغاء، ديون مصر الخارجية مقابل هذا الموقف المأمول.

فيما ألمحت أوساط إسرائيلية إلى تهديدات للرئيس دونالد ترامب بدراسة قطع المساعدات عن مصر، البالغة ملياري دولار سنوياً، منها 1.3 مليار دولار مخصصة للجيش، إذا رفضت استقبال الفلسطينيين من غزة، مما دفع السيسي إلى إلغاء زيارة كانت مقررة إلى واشنطن.

ويتزامن الضغط الإسرائيلي على مصر في موضوع الغاز مع جملة عوامل جعلت الأخيرة تعاني فعلاً من أزمة نقص الطاقة، أهمها:

  • انخفاض إنتاج حقول الغاز المحلية، خاصة حقل "ظُهر"، بأكثر من 40% في 2024 مقارنة بإنتاجه الأقصى المُسجّل في 2021.
  • تزايد ديون مصر لشركات الغاز الأجنبية، مما أدى إلى انخفاض استثماراتها في تطوير حقول الغاز لديها، وأضرّ بالإنتاج المحلي منه.
  • سرقة كميات كبيرة من شبكة الكهرباء، تصل إلى 45% في بعض الأماكن.
  • زيادة استهلاك الكهرباء في مصر، وتضاعفه خلال العقدين الماضيين بسبب النمو السكاني.

خطورة الخطوة الإسرائيلية على مصر تأتي في كونها تتزامن مع سعي الأوروبيين لشراء الغاز غير الروسي، وبالتالي ظهور فرصة مصرية كبيرة لمزيد من الأرباح العائدة عليها من بيع الغاز الإسرائيلي لزبائنها الغربيين، بعد أن تقوم بتسييله وبيعه إليهم.

وقد شكّل عام 2022 عاماً قياسياً لصادراتها من الغاز الطبيعي، من حيث الكم والمال، مستفيدة من ارتفاع أسعاره في الأسواق العالمية عقب حرب أوكرانيا، وبلغت صادراتها منه 8 ملايين طن، جلبت لها 8.4 مليارات دولار.

ولكن حين تُقدم إسرائيل على رفع أسعار الغاز المُباع لمصر من جهة، ومن جهة أخرى تجميد اتفاق زيادة حصّتها من الكميات المُورّدة يومياً، فهنا لم تعد هناك كثير من الشكوك في أن سوق الطاقة الإسرائيلي دخل على خط الضغوط السياسية على القاهرة، لأن هذا المجال يُمثّل بوابة مهمة للخزينة المصرية، التي ما زالت تعيش أزمة كبيرة.

ارتفاع الطلب على الطاقة

يعترف الإسرائيليون أن الخطوات المتتابعة من تل أبيب تجاه القاهرة في قطاع الغاز تُعد تطوراً سلبياً للغاية، لأن من شأنها أن تُقلّص إيرادات كبيرة اعتمدت عليها بشدة في السنوات الأخيرة.

ففي عام 2022، على سبيل المثال، جلبت الصادرات المصرية من الغاز إلى أوروبا وتركيا 8.4 مليارات دولار، وجاءت جميعها كاحتياطي مهم من النقد الأجنبي، فيما استوردت من إسرائيل 5.8 مليارات متر مكعب في العام ذاته.

لكن اندلاع العدوان على غزة، وما سبّبه من أزمات اقتصادية إضافية، في ضوء هجمات الحوثيين على ممرات الشحن في البحر الأحمر، أسفر عن انخفاض العوائد المصرية من قناة السويس بنسبة 40–50%.

كل هذا شكّل ضربةً قاضيةً لأحد مصادر دخلها الرئيسية، عقب إيقاف معظم شركات نقل الغاز الطبيعي المسال عملياتها في المنطقة، بسبب المخاوف من وقوع هجمات، وفضّلت 20% منها القيام برحلة أطول وأكثر أماناً عبر رأس الرجاء الصالح وحول أفريقيا.

تصبّ القرارات الإسرائيلية الحالية تجاه مصر في مجال الغاز مزيداً من الزيت على نار التدهور الجاري، بسبب ثلاثة عوامل، أهمها:

  • الاستهلاك المتزايد للكهرباء في مصر، مع تزايد الطلب عليها،
  • عدم وجود المزيد من اكتشافات حقول الغاز في مياهها البحرية،
  • اتساع رقعة الانقطاعات المنتظمة للتيار الكهربائي في مصر لعدة ساعات يومياً.

ولعل ما يزيد من التأثيرات السلبية للخطوات الإسرائيلية في موضوع الغاز تجاه مصر، أن إجراء مقارنة لمساحتها وعدد سكانها، وما تمتلكه من موارد قليلة نسبياً من النفط والغاز الطبيعي، يجعل قطاع الغاز عنصراً أساسياً في اقتصادها، ويُمثّل مصدراً مهماً للطاقة، وعائدات النقد الأجنبي من الصادرات، ومصدراً للاستثمار الأجنبي، ويعزّز موقعها الاستراتيجي، بجانب قناة السويس وقربها من أوروبا والشرق الأوسط.

في حين أن اضطرار مصر لاستيراد الغاز الإسرائيلي حتى عام 2030 على الأقل، وفق الاتفاقية المبرمة، مثّل خبراً سارّاً للإسرائيليين، بسبب انخفاض إنتاجها المحلي إلى 4.3 مليارات قدم مكعب يومياً من الغاز، بينما يبلغ الطلب اليومي 6 مليارات قدم مكعب.

ويتزايد الرقم خلال فصل الصيف، حيث عاشت مصر أزمة طاقة صعبة في صيف 2024، وتجلّت في انقطاعات متكررة للتيار الكهربائي، مما أبرز أهمية إسرائيل كمورّد للغاز الطبيعي للاقتصاد المصري، مع أن تعاونهما في مجال الطاقة يُمثّل 86% من إجمالي التجارة البينية، وبلغ حجم الصادرات الإسرائيلية من الغاز إلى مصر 7 مليارات شيكل، قرابة 2.5 مليار دولار.

البدائل المصرية المتاحة، والخيارات الإسرائيلية المعروضة

اليوم، مع التدهور الجاري في علاقات القاهرة وتل أبيب، تسعى الأخيرة إلى ممارسة مزيد من الضغوط على الأولى للانسجام معها في ترتيبات "اليوم التالي" في غزة، ويظهر موضوع الغاز واحداً من أهم الروافع الإسرائيلية لابتزاز مصر، ما قد يلفت الأنظار إلى سلسلة من الخطوات الإسرائيلية المرتقبة في قطاع الغاز تجاه مصر، إن تحقق ذلك الانسجام، ومنها:

  • توسيع صادرات الغاز الإسرائيلي إلى مصر بعد تحقق هدف الضغط عليها.
  • تطوير حقل غاز "غزة مارين" البحري كجزء من إعادة إعمارها، تحت قيادة فلسطينية بديلة عن حماس؛ حيث وقّعت مصر والسلطة الفلسطينية مذكرة تفاهم لتطويره، وتُقدَّر كمية الغاز فيه بـ30 مليار متر مكعب، وسينتج ملياري متر مكعب سنوياً، سيتم بيع معظمها لمصر.
  • تعزيز منتدى غاز شرق المتوسط (EMGF) كإطار عمل له تأثير على تشكيل الوضع السياسي والأمني في المنطقة.
  • توسيع التعاون بين إسرائيل ومصر في مجال الطاقات المتجددة.

إن خطورة الإجراءات الإسرائيلية تجاه مصر في موضوع الغاز تتزايد مع انخفاض إنتاجها منه بنسبة 25%، حيث شكّل الربع الثاني من 2024 الأسوأ من حيث الإنتاج منذ 2017، فيما قفز استهلاك الكهرباء في 2024 بنسبة 12%.

حتى وصل الوضع إلى النقطة التي فقدت فيها مصر استقلالها في مجال الطاقة لأول مرة منذ 2018، واضطرت إلى استيراد الوقود بتكلفة مليار دولار شهرياً لتلبية احتياجات شبكة الكهرباء، حيث اضطرت إلى تعليق صادرات الغاز لتلبية احتياجات السوق المحلية، ما يعني فقداناً للعملة الأجنبية التي تحتاجها.

تحميل المزيد