حالة من الجدل انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي الليبية في أعقاب نشر وزارة العدل في حكومة أسامة حماد (المدعومة من خليفة حفتر) في شرق البلاد خبراً يفيد بإطلاق سراح هانيبال القذافي نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي.
إذ أعلنت وزارة العدل على لسان وزيرها خالد مسعود المدير وفق بيان لها في صفحتها الرسمية على فيسبوك أنها نجحت في مساعيها الخاصة بالإفراج عن هانيبال القذافي المعتقل منذ سنوات في لبنان، لكن بعد ساعات قامت بحذف المنشور.
الحذف السريع للبيان من الصفحة الرسمية لوزارة العدل أثار الجدل، وقد سجل نشطاء ليبيون ذلك في حساباتهم في فيسبوك وتويتر متسائلين حول مصدر هذه الشائعة.
من هو هانيبال القذافي؟
هو أحد أبناء الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، ومتزوج من لبنانية، وكان في زيارة إلى سوريا في عام 2015، لكنه تعرض لعملية اختطاف في مدينة اللاذقية ثم تم نقله إلى لبنان حيث ظل محتجزاً هناك حتى اليوم. وفي تلك الفترة، استجوب القضاء اللبناني نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، وأصدر بحقه مذكرة توقيف بتهمة "كتم المعلومات" المتعلقة بقضية اختفاء الإمام موسى الصدر، الذي فُقد في ليبيا عام 1978.
كان هانيبال قد تم "استدراجه" من سوريا قبل أن يُسلم إلى السلطات اللبنانية، من جهة أخرى، تابع القضاء اللبناني التحقيق في قضية إخفاء الإمام موسى الصدر، حيث اعتبر هانيبال القذافي "مدعى عليه" في هذه القضية، وفقاً لما أوردته مصادر قضائية.
بعد استجوابه، تم إصدار مذكرة توقيف بحقه بتهمة كتم المعلومات، وهو ما أثار غضب عائلة القذافي التي تعتبر أن هذا الاتهام غير منطقي نظراً لكون هانيبال كان طفلاً حين وقع اختفاء الصدر في السبعينيات. في المقابل، كانت ليبيا تنفي دائماً تورطها في اختفاء الصدر، مؤكدة أن الثلاثة غادروا إلى إيطاليا، وهو ما لم تؤكده إيطاليا.
فحص الادعاء
للتأكد من حقيقة ما حدث على صفحة وزارة العدل، راجع "عربي بوست" الصفحة الرسمية لوزارة العدل في حكومة حماد بالفعل ووجد أن البيان ليس موجوداً في الصفحة وأن آخر منشور موجود في الصفحة قد مر عليه أكثر من ثلاثة أيام.
في المقابل كانت تعليقات الليبيين في منصات التواصل الاجتماعي كما هي موضحة:
هنا أيضا منشور حول الأمر:
منشور أخر
هنا منشور أخر حول الأمر:
بداية الإشاعة
كانت بداية الإشاعة من بيان وزارة العدل في حكومة أسامة حماد، وقد تتبع "عربي بوست" حقيقة الإفراج عن نجل الزعيم الليبي السابق، فوجد تصريحاً لشربل الخوري، محامي هانيبال القذافي، الذي أكد فيه أن موكله لم يتم الإفراج عنه.
كما قال في تصريحه أنه "على تواصل دائم مع القذافي، ولم يطرأ أي تغيير على وضعه القانوني منذ العام 2017". وأعرب عن استغرابه لنشر مثل هذه المعلومات دون تأكيد رسمي، رغم ظهور البيان على الصفحة الرسمية لوزارة العدل الليبية.
وفيما يتعلق بإمكانية التوصل إلى اتفاق بين ليبيا ولبنان بشأن الإفراج عن هانيبال القذافي، أشار المحامي الخوري إلى أن "السلطات الليبية تتواصل مع نظيرتها اللبنانية بهذا الخصوص"، لافتاً إلى أن "وزيرة العدل الليبية بحكومة الوحدة الوطنية بطرابلس أجرت مؤخراً اتصالاً مع وزير العدل اللبناني، حيث اتفق الطرفان على التعاون في ملفي اختفاء الإمام موسى الصدر واعتقال القذافي، والعمل على إيجاد حلول للقضيتين".
وجد كذلك "عربي بوست" تغريدات لنشطاء ليبيين تتضمن انتقادات كثيرة لحكومة أسامة حماد بسبب "الإشاعة" التي قامت بترويجها ثم عادت وحذفت منشور "الإشاعة" من صفحة وزارة العدل على فيسبوك.
وكان من هذه التغريدات:
ردود الجانب الليبي
تواصل "عربي بوست" مع أطراف ليبية كثيرة من أجل الوقوف على حقيقة الشائعة وكذلك معرفة مصير هانيبال القذافي في ضوء بيان وزارة العدل بحكومة أسامة حماد.
سالم القنيدي، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي ببرلمان طبرق، المدعوم من خليفة حفتر، قال في اتصال هاتفي مع "عربي بوست" إن البرلمان قام بالتنسيق مع وزارة العدل في حكومة أسامة حماد من أجل التحرك لإنهاء أزمة هانيبال القذافي الممتدة لسنوات في لبنان.
وقال إن هناك مساعي حقيقية وجادة لإخراج هانيبال القذافي من السجن بالتنسيق بين وزارة العدل وبين الحكومة اللبنانية الجديدة، مشيراً إلى أن برلمان طبرق يتابع القضية منذ اللحظة الأولى. وبخصوص احتمالية اقتراب الإفراج عن هانيبال القذافي، قال القنيدي إن الجانب الليبي حصل على "وعد واضح" من جانب لبنان لإنهاء ملف هانيبال القذافي في القريب العاجل.
لكن وبسؤاله حول بيان وزارة العدل، قال القنيدي إن الجانب الليبي "استعجل في فهم رسالة لبنان، التي تضمنت وعداً بإنهاء الملف، ما دفع الجانب الليبي لنشر بيان يتحدث حول الإفراج عن هانيبال القذافي، حسب فهمه لرسالة لبنان".
أما جلال الشويهدي، عضو لجنة "6+6" المشكلة من مجلسي النواب والدولة الليبيين، والبرلماني في مجلس النواب الليبي الموجود في طرابلس، قال كذلك في اتصال هاتفي مع "عربي بوست"، إن كلا من حكومة عبد الحميد الدبيبة وحكومة أسامة حماد مهتمين بقضية هانيبال القذافي وهناك تنسيق بينهما لإنجاز الملف مع الجانب اللبناني.
وأشار إلى أن هانيبال القذافي يتمتع بأهمية كبيرة لأطراف كثيرة داخل ليبيا، خاصة وأنه نجل الزعيم الراحل معمر القذافي ولوجود رموز قديمة من نظام القذافي سواء في حكومة أسامة حماد أو حتى حكومة الدبيبة، فإن ملف هانيبال القذافي موجود على قائمة اهتمام الحكومتين.
في حين قال المحامي والناشط الحقوقي الليبي ناصر الهواري في تصريحات لـ"عربي بوست" إن قضية هانيبال القذافي ما زالت معلقة في لبنان ولم يتم الإفراج عنه، وحسب ما قال إن هانيبال لن يتم الإفراج عنه في الوقت الحالي.
قال كذلك إن هناك أطرافاً كثيرة تتابع قضية هانيبال القذافي منها وزارة العدل بحكومة عبد الحميد الدبيبة وكذلك الفريق السياسي لسيف الإسلام القذافي، وهيئة الدفاع الخاصة بهانيبال القذافي الموجودة داخل لبنان.
في سياق متصل قال مصدر قريب من حكومة الدبيبة، إنه لا جديد في قضية هانيبال القذافي وإن بيان حكومة أسامة حماد "مكذوب"، مشدداً على إن هناك محاولات من الحكومة الليبية لإخراجه من السجن اللبناني.
مشيراً إلى إن وجود هانيبال القذافي "فضيحة للقضاء اللبناني" لأنه ليس له علاقة بالمطلق بالقضية التي تم اختطافه من أجلها وهي قضية اختفاء موسى الصدر، ومن ثم لا علاقة له بهذه القضية ولا يعرف مصيره، خاصة إن هانيبال القذافي ساعتها كان طفلاً.
في المقابل تواصل "عربي بوست" مع مدير الإعلام في مكتب حكومة أسامة حماد، للاستفسار عن "سبب نشر وحذف بيان هانيبال القذافي" لكن لم يرد رد حتى نشر التقرير.