تمكين السلطة الفلسطينية من غزة واعتراف الفصائل بإسرائيل.. تفاصيل رؤية حملها وزير الخارجية المصري لواشنطن

عربي بوست
تم النشر: 2025/02/10 الساعة 20:50 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/02/11 الساعة 08:28 بتوقيت غرينتش
وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو يلتقي وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي في وزارة الخارجية بواشنطن، الولايات المتحدة، 10 فبراير/شباط 2025. رويترز/

كشفت مصادر دبلوماسية لـ"عربي بوست" أن وزير الخارجية المصري، السفير بدر عبدالعاطي، حمل خلال زيارته لواشنطن مجموعة من الرسائل تؤكد معارضة مصر لتصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة.

وقالت المصادر نفسها إن عبدالعاطي أكد أن القاهرة ترفض مساعي التهجير، إلى جانب التمسك بالسلام مع إسرائيل، وضرورة البحث عن أفق سياسي لا يطال عملية التهجير، بما في ذلك بقاء الوضع على ما هو عليه الآن في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وطالب الوزير المصري، خلال زيارته للولايات المتحدة الأمريكية، تل أبيب بالالتزام بالهدنة الموقعة مع حركة حماس، والمضي قدماً في تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار.

وجاءت زيارة عبدالعاطي لواشنطن بعد 24 ساعة من إعلان مصر استضافتها قمة عربية طارئة لبحث التطورات "الخطيرة" فيما يتعلق بملف القضية الفلسطينية، وفق بيان لوزارة الخارجية المصرية.

وحسب مصادر "عربي بوست"، فإن وزير الخارجية المصري سيتطرق، من خلال زيارته لواشنطن، إلى المواقف العربية الرافضة لما يطرحه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من حلول مستقبلية لقطاع غزة.

مقترحات مصرية

وقال مصدر دبلوماسي بالخارجية المصرية لـ"عربي بوست" إن زيارة عبدالعاطي تستكشف آفاق المرحلة المقبلة، وتركز على المواقف المصرية والعربية الحاسمة لرفض مخططات التهجير القسري أو الطوعي.

كما أن عبدالعاطي ذكر، خلال زيارته، بأهمية العلاقات الاستراتيجية بين الدول العربية، وفي مقدمتها مصر، من جهة، والولايات المتحدة من جهة أخرى، وهي رسائل تهدف إلى التأكيد على أن الولايات المتحدة ستكون أيضاً خاسرة في حال أصرت على مواقفها.

وأضاف المصدر ذاته أن الوزير المصري سيؤكد رفض القاهرة استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأي مناطق في قطاع غزة، بما فيها محور فيلادلفيا، والتأكيد على أن نتنياهو فشل في كسر إرادة الشعب الفلسطيني بجرائم الإبادة التي ارتكبها.

كما أن القاهرة تؤكد على أهمية عدم الفصل بين جرائم الاحتلال وبين الدعم الأمريكي، الذي يعد خروجاً عن طبائع الأمور وكذلك عن مبادئ الأمم المتحدة، وإلا ستكون لذلك تداعيات خطيرة على منطقة الشرق الأوسط، ويمهد لموجات من العنف ستضر بالمصالح الأمريكية في المنطقة.

وشدد المصدر ذاته على أن وزير الخارجية المصري سيعمل على تفكيك أهداف الولايات المتحدة وإسرائيل من مسألة التهجير، ومحاولة البحث عن نقاط وسط يمكن القبول بها على المستوى العربي، وكذلك يقبل بها الفلسطينيون.

وفي مقدمة هذه النقاط، وضعية الدولة الفلسطينية في حال الانتقال إلى السلام، وما إذا كان من الممكن أن تقبل الولايات المتحدة بدولة لا تشكل تهديداً على إسرائيل، أو إرجاء الحديث عن السلام الشامل والتركيز حالياً على إعادة إعمار قطاع غزة بما يساهم في استمرار وضعية الضفة وغزة.

وأشار إلى أن مصر لديها رؤية بشأن تمكين السلطة الفلسطينية من قطاع غزة، والبحث عن حلول يمكن بمقتضاها رسم خارطة طريق فلسطينية مستقبلية تبدأ بإنهاء الانقسام، ثم إجراء الانتخابات على مستويات مختلفة، على أن تعترف جميع الفصائل بإسرائيل في مقابل اعتراف إسرائيلي بالدولة الفلسطينية.

كما أكد الرفض المصري لأن يحقق اليمين الإسرائيلي المتطرف مكاسب سياسية عبر خطط يطرحها الرئيس الأمريكي، بخاصة أن الحكومة الحالية لم تتمكن من تحقيق هذه المكاسب عبر الحرب.

وكان عبدالعاطي أول من بادر بإعلان موقف مصر من مقترح ترامب بشأن استقبال مصر والأردن مواطنين من غزة، معلناً حينها رفض القاهرة لهذه المبادرة، وداعياً إلى "أهمية المضي قدماً في مشاريع التعافي بقطاع غزة، من دون أن يغادره الفلسطينيون".

وأجرى وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، اتصالاً بالوزير المصري قبل أيام، أعرب خلاله عن "تقديره" للدور الذي تلعبه مصر في الوساطة، وأشاد بمساعيها لتأمين الإفراج عن الرهائن وتحقيق وقف إطلاق النار، بالإضافة إلى استمرار تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة.

رفض قاطع للتهجير

من جهته، أكد مصدر دبلوماسي مصري آخر لـ"عربي بوست" أن عبدالعاطي سيؤكد للإدارة الأمريكية أن خططها غير قابلة للتنفيذ على أرض الواقع، بعدما أبدى الشعب الفلسطيني تمسكاً وشجاعة على الأرض، عكسته مسيرات العودة.

وحسب المصدر نفسه، فإن الموفد المصري سيعمل على إنقاذ الهدنة من الفشل، والتأكيد على الالتزام ببنودها ومراحلها الثلاث، بعد أن بذلت الدبلوماسية المصرية والأمريكية والقطرية جهوداً للتوصل إليها، وتقديم ما يثبت إصرار إسرائيل على إفشالها، مع تعنتها في إدخال المساعدات الإنسانية، كالوقود والدواء ومعدات البناء الثقيلة والكرفانات المطلوبة لإيواء أهالي القطاع.

وتتزامن زيارة عبدالعاطي مع إعلان أبو عبيدة، المتحدث العسكري باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، تأجيل تسليم الأسرى الإسرائيليين، الذين كان من المقرر الإفراج عنهم يوم السبت، حتى إشعار آخر، بسبب خروقات الاحتلال.

تصور مصري

وذكر المصدر المصري ذاته أن مصر ستقدم تصوراً مبدئياً بشأن مبدأ حل الدولتين، والتأكيد على وجود دعم أوروبي ودولي وأممي لهذا التوجه في الفترة الراهنة.

كما أن القاهرة، حسب مصدر "عربي بوست"، ستؤكد ضرورة الحفاظ على السلام مع إسرائيل، وعلى الجانب الآخر، ستلوح بإمكانية تقليص التعاون الأمني والاستخباراتي مع دولة الاحتلال، وصولاً إلى إمكانية تجميد الاتفاقية.

وسيؤكد وزير الخارجية أهمية استمرار المساعدات الأمريكية لما يخدم مصالح البلدين، لكن في حال قررت الولايات المتحدة من جانبها حجبها، فإن القاهرة ستؤكد أنها لن تتأثر بذلك، بل إنها لا تعتبر المعونة ورقة ضغط من الأساس، لضعف تأثيرها.

وشدد المصدر ذاته على أن وزير الخارجية أجرى اتصالات على مستوى وزراء الخارجية العرب خلال الأيام الماضية، قبل الإعلان عن انعقاد قمة عربية طارئة في القاهرة هذا الشهر.

وبالتالي، استطاع تكوين رأي موحد حول مواقف هذه الدول من قضية التهجير، وسيبعث برسالة مفادها أن القمة العربية ستتخذ قراراً موحداً بشأن رفض التهجير كخطوة أولى، وقد تتبعها خطوات أخرى في حال الإصرار الأمريكي والإسرائيلي على الخطوة.

وأوضح أن مصر ستؤكد أنها قادرة على المضي قدماً نحو إعادة تعمير القطاع في وقت قياسي، وبالتعاون مع الشركاء الإقليميين، بما في ذلك الأمم المتحدة، وسيكون ذلك انطلاقاً من عقد مؤتمر للسلام تستضيفه القاهرة في 25 يونيو/حزيران المقبل.

كما أن الوزير، خلال زيارته، سيحرص على تبيان أسس العلاقات المصرية-الأمريكية في هذه المرحلة، ومحاولة إبعادها عن حالة التماهي الأمريكي مع الموقف الإسرائيلي المتطرف، والتأكيد على أهمية تطويرها بما يجعلها تمضي في اتجاه معاكس، بعد أن شهدت قبل عقد تقريباً حالة من الفتور جراء موقف إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما من الأوضاع السياسية في مصر.

تحركات دبلوماسية عربية

فيما يؤكد دبلوماسي مصري، وأحد أعضاء المجلس المصري للشؤون الخارجية، أن زيارة عبدالعاطي تعد مقدمة لما سيقوله العرب للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، سواء من خلال لقاء العاهل الأردني عبدالله الثاني أو ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وكذلك لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي، التي ستسبقها زيارة لوزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إلى منطقة الشرق الأوسط، والتي ستشمل مصر.

ومن خلال هذه الزيارة، سيحاول وزير الخارجية المصري إقناع الإدارة الأمريكية بأن العديد من المشروعات التي تم تقديمها في السنوات الماضية تخدم فقط المشروع الإسرائيلي، بما فيها صفقة القرن، التي فشلت لأنها تبحث فقط عن مصالح إسرائيل دون أن تراعي أمن شعوب المنطقة.

مبادرة مصرية

ولفت المصدر ذاته إلى أن العديد من المقترحات دارت في الأوساط الدبلوماسية قبل سفر وزير الخارجية إلى واشنطن، بينها فكرة تقديم القاهرة مبادرة أمن إقليمية، تشارك فيها الدول العربية وإسرائيل، وتتضمن إنشاء دولة فلسطينية تقوم على أسس التعاون المشترك، بما يشبه منظومة الأمن الأوروبية.

وحسب المصدر نفسه، تتضمن هذه المبادرة مجموعة من المبادئ، بينها احترام الحدود، ورفض الاحتلال، واحترام سيادة الدول، والتعايش في أمان وسلام وفقاً لقواعد القانون الدولي، وغيرها من المبادئ التي تتيح الفرصة لشعوب المنطقة للانطلاق نحو التنمية بدلاً من الحروب.

وتابع: "إن مدخل هذا المقترح هو أن الولايات المتحدة، الداعمة لإسرائيل، يمكن أن تحقق مكاسب اقتصادية هائلة من التنمية في المنطقة، والعكس، ففي حال انزلاق الأوضاع إلى الفوضى، فإن مصالحها ستُهدد بشكل مباشر، بخاصة في حال زعزعة أمن الخليج أو استمرار الاضطرابات في منطقة البحر الأحمر، بما ينعكس على الخسائر التي تعرضت لها قناة السويس وتضرر حركة التجارة بشكل عام".

رسائل مصرية إلى واشنطن

وبحسب المصدر ذاته، فإن الرسائل المصرية ستتضمن ضرورة أن تتبنى الولايات المتحدة مواقف واضحة ورصينة، لا ينتج عنها التعدي على حقوق الدول العربية، التي طالها الكثير من التطرف الإسرائيلي، بعدما تضررت إلى حد كبير مقدرات المنطقة، بسبب تراجع الالتزام الأمريكي والإسرائيلي بقواعد القانون الدولي.

وقال المصدر نفسه لـ"عربي بوست" إن عبدالعاطي سيذكر أن التطرف الإسرائيلي أضر بعملية السلام، وجمّد مبادرة السلام العربية المتوافق عليها في العام 2002، والتأكيد على أن حل الدولتين هو المسار الوحيد الذي يمكن الالتفاف حوله، وأن الطريق يبدأ من ضمان تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار.

وأوضح أن رسائل عبدالعاطي ستتضمن أيضاً التذكير بأن القاهرة ستظل عنصراً يحفظ أمن المنطقة، وهو ما يخدم المصالح المصرية في المقام الأول، لكنه أيضاً يضمن المصالح الأمريكية، مع أهمية استمرار العلاقات على قدر كبير من الاحترام المتبادل، مع إيجاد حل نهائي للقضية الفلسطينية، والانطلاق نحو حلحلة باقي أزمات المنطقة.

موقف مصر من خطة ترامب

وطرح ترامب الأسبوع الماضي، خلال استقباله في البيت الأبيض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فكرة غير مسبوقة، تقضي بأن تتولى الولايات المتحدة زمام الأمور في غزة بهدف إعادة إعمارها وتطويرها اقتصادياً، بعدما يتم نقل سكان القطاع إلى مصر والأردن.

وخلال مكالمة بين الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ونظيره الأمريكي، أكد الأول أن "المجتمع الدولي يعوّل على قدرة الرئيس ترامب على التوصل إلى اتفاق سلام دائم وتاريخي".

كما وعد بذلك من قبل، وكان السيسي قد تناول خلال مكالمته مع ترامب "الشراكة الاستراتيجية الوثيقة بين البلدين، والرغبة المشتركة في دفع علاقات التعاون الثنائية في مختلف المجالات".

وتشير مؤسسة "الدفاع عن الديمقراطيات" (حقوقية) إلى أن الرفض المصري لمقترح ترامب له دلالات واضحة، ففي مايو/أيار 2024، انضمت مصر إلى دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية.

"والآن، مع رفض مصر لخطة ترامب لإعادة توطين سكان غزة مؤقتاً، يتعين على القاهرة أن تشرح موقفها".

علامات:
تحميل المزيد