قدم موقع "أسباب" للشؤون الاستراتيجية تقريرًا تحليليًا حول أحدث التطورات في التحالفات العسكرية العالمية وتأثيراتها الاستراتيجية، حيث يوضح التقرير أبعاد الشراكات الدفاعية المتنامية بين روسيا وإيران وكوريا الشمالية والصين. وكيف تطور هذا التعاون العسكري الاستراتيجي وتسارع خلال العامين الماضيين، بدءًا من دعم إيران لروسيا بالطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية، وصولًا إلى توقيع روسيا وكوريا الشمالية اتفاقية دفاعية جديدة تنص على تقديم المساعدة العسكرية الفورية إذا تعرض أي منهما للهجوم.
يستعرض التقرير معطيات تؤكد توثيق التعاون العسكري بين القوى المناهضة للنفوذ الغربي، ومساعيها للوقوف في وجه الهيمنة الأمريكية على الساحة الدولية. كما يسلط الضوء على التنسيق المتزايد بين الصين وكوريا الشمالية لمواجهة التوسع العسكري الأمريكي في منطقة شرق آسيا، مما قد يكون مؤشراً على تبلور جبهة دفاعية مشتركة تجمع روسيا والصين وكوريا الشمالية وإيران، في ظل تسارع الحشد العسكري للتحالفات التي تقودها الولايات المتحدة، مع حلفائها في كوريا الجنوبية واليابان والفلبين والهند وأستراليا.
روسيا تستقبل قوات كوريا الشمالية وتربط خطوط الصراع الدولي في أوكرانيا والصين وإيران
يوضح موقع أسباب أن التطور في العلاقات بين روسيا وكوريا الشمالية يأتي بعد أكثر من عامين من بدء إيران إمداد روسيا بطائرات مسيرة قتالية، ثم لاحقا صواريخ باليستية، وهو الأمر الذي يرسل إشارة حاسمة حول مواصلة روسيا بناء شراكات دفاعية مع أطراف تشترك معها في هدف رئيسي هو مواجهة النفوذ الغربي وتقويض الهيمنة الأمريكية على العالم، ولا شك أن خطوات تبلور هذا المحور لا تتطور بمعزل عن جهود الصين الواسعة من أجل ذات الهدف.
دخل التعاون العسكري الاستراتيجي بين روسيا وكوريا الشمالية مرحلة جديدة عقب توقيعهما اتفاقية دفاعية في يونيو/حزيران 2024، وتلزم الاتفاقية الاستراتيجية كلا البلدين بتقديم المساعدة العسكرية الفورية إذا تعرض أي منهما للهجوم. ومن الجدير بالذكر أن العلاقات الروسية الإيرانية قد تشهد قريبا تطورا معتبرا في ظل قرب التوقيع على اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
إن تعزيز الحضور الأمريكي العسكري في شرق وجنوب شرق آسيا، وتعزيز واشنطن للتعاون العسكري مع حلفائها في كوريا الجنوبية واليابان والفلبين والهند وأستراليا، يدفع كلا من الصين وكوريا الشمالية إلى تعزيز التعاون والتنسيق الدفاعي المشترك فيما بينهما، ومع روسيا، مما يعني أننا ربما نشهد الخطوات الأولى لتشكيل جبهة دفاعية مشتركة بين روسيا والصين وكوريا الشمالية وإيران لمواجهة التهديدات من الأحلاف المضادة التي تقودها الولايات المتحدة.
إن تنامي التعاون الروسي مع كل من الصين وكوريا الجنوبية لن يؤثر على ديناميات الصراع في أوكرانيا فقط، ولكنّه ينعكس بصورة مباشرة على الصراع الجيوسياسي الحاد في المحيط الهادئ. ففي سبتمبر/أيلول 2024، نفذت روسيا والصين أحد أكبر التدريبات البحرية منذ الحقبة السوفيتية، بمشاركة 400 سفينة حربية وغواصة وسفينة دعم تحت مسمى مناورات "المحيط 2024"، في بحر اليابان وبحر أوخوتسك. فيما كثفت الصين نشاط سفنها الحربية بداية من عام 2018 في البحر الأصفر وطورت التعاون مع كوريا الشمالية بحيث ارتفع مرور السفن الحربية الصينية ثلاثة أضعاف عام 2018 مقارنة مع عام 2016. وتنفذ الصين مع روسيا مناورات بحرية منذ عام 2012 تحت اسم "البحر المشترك"، في الغالب في بحر الصين الجنوبي والبحر الأصفر.
في المقابل؛ فإن الولايات المتحدة وحلف الناتو سيواصلان تعزيز الشراكة الدفاعية الاستراتيجية مع كوريـا الجنوبية، ضمن استراتيجية غربية تقوم على أن مصالح وأمن شمال الأطلسي وآسيا لم تعد منفصلة، في ظل تنامي العلاقات الروسية الصينية، والآن الروسية الكورية الشمالية. تجري الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية تدريبات سنوية على تعزيز القدرات الدفاعية، تشمل سيناريوهات محاكاة حاسوبية وتمارين إطلاق نار حي، وكان آخرها أغسطس/آب 2024، تحت مسمى مناورات "درع الحرية أولشي" والتي شارك فيها ما يقرب من 19 ألف جندي كوري جنوبي، وقد اشتملت على سيناريوهات الدفاع المدني التي تحاكي هجومًا نوويًا من كوريا الشمالية.
إن التورط المباشر للعسكريين الكوريين الشماليين في الصراع الدائر في شرق أوروبا يرقي كوريا الشمالية من لاعب إقليمي في شرق آسيا إلى لاعب دولي، ويزيد من تعقيد الصراع في أوكرانيا مع اتساع تورط أطراف دولية فيه. خاصة وقد أعربت كوريا الجنوبية عن مخاوفها، وناقش مجلس الأمن القومي مقترحات بشأن توريد الأسلحة إلى أوكرانيا، وهو ما سيمثل تحولاً عن سياستهم السابقة بالامتناع عن الدعم العسكري المباشر، بالرغم من مشاركة سيول في العقوبات الغربية ضد روسيا.
وتخشى كوريـا الجنوبية من أن تحصل كوريا الشمالية على أسلحة وتقنيات متطورة تعزز برنامجها النووي والصاروخي كمكافأة من روسيا مقابل إرسال الجنود، خاصة وقد صرح بوتين بأن الاتفاق بين البلدين قد يؤدي إلى زيادة التعاون العسكري التقني. وهو الأمر الذي قد يفجر الصراع بين الجارتين.
سبق توقيع الاتفاقية وإرسال القوات موافقة الرئيس الكوري الشمالي في قمة فلاديفوستوك في سبتمبر 2023 على توريد صواريخ وذخائر إلى روسيا مقابل مساعدات غذائية ودعم لبرنامج الفضاء لكوريا الشمالية. وأعلنت بيونج يانج شحن نحو 6700 حاوية إلى روسيا، والتي يمكن أن تستوعب أكثر من ثلاثة ملايين طلقة من قذيفة مدفعية عيار 152 ملم أو أكثر من 500 ألف طلقة من قاذفات الصواريخ المتعددة عيار 122 ملم، بحسب وزير الدفاع الكوري الجنوبي السابق ومستشار الأمن القومي الحالي شين وون سيك. ورجحت تقديرات أخرى عدد الحاويات التي أرسلتها كوريا الشمالية بأكثر من 13 ألف حاوية من الإمدادات العسكرية.
ملخص
أكدت وكالة الاستخبارات في كوريا الجنوبية أن كوريا الشمالية أرسلت ما يقرب من 1500 جندي من قوات العمليات الخاصة إلى روسيا أكتوبر/تشرين أول، فيما قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن عدد جنود كوريا الشمالية يبلغ 10 آلاف جندي، ويتوقع أن يكونوا مستعدين لدعم القوات الروسية في الحرب بحلول الشهر القادم. لاحقا؛ أكد وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن أن كوريا الشمالية أرسلت قوات عسكرية إلى روسيا. فيما قال مستشار اتصالات مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي، الأربعاء 23 أكتوبر/تشرين أول: إن هناك 3 آلاف جندي من كوريا الشمالية يخضعون للتدريب في قواعد عسكرية روسية. من جانبه؛ تجنب الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" نفي تلك التقارير، وأرسل رسالة غامضة أقرب للتأكيد الضمني، إذ أجاب على سؤال بشأن صور أقمار اصطناعية قيل إنها تظهر تحركات لقوات كورية شمالية: "الصور أمر خطير.. إذا كانت هناك صور، فهي تعكس شيئا ما".