“نتنياهو ظل يعدنا لسنوات بحمايتنا وعليه أن يرحل”.. هل يدرك الإسرائيليون ما ورطهم به “الملك بيبي”؟

عربي بوست
تم النشر: 2023/12/10 الساعة 10:30 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/12/10 الساعة 10:32 بتوقيت غرينتش
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو/ جيتي

عرف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أو "الملك بيبي"٬ دائماً كيف يخدع ويستغل المواقف ويخرج من المواقف المعقدة، لقد هندس الواقع حسب احتياجاته، بينما كان يسخر من معارضيه. وقد ميّزته هذه الصفة المراوغة طوال السنوات الـ13 الأخيرة من منصبه، كما يقول الكاتب في صحيفة Walla الإسرائيلية يهودا شاروني، لكن اليوم "يجب عليه أن يرحل بعد انهيار نظرياته الخادعة وفشله في حماية حياة الإسرائيليين".

كيف يخدع نتنياهو الجمهور الإسرائيلي؟

يقول شاروني في موقع "واللا" العبري: غالباً ما يستمد نتنياهو مفاهيم من عالم "الحياة" ليضع الأمور في نصابها ويتجنَّب الأحداث القوية التي قد تضر بمستقبله السياسي. ومن المثير للدهشة أنه يُواصل الخداع، حتى في خضمّ حرب غزة والأحداث التالية لـ7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. 

الأخطاء واللوم والاعتذارات التي تلت ذلك لم تعد مجدية، لقد انتهى السحر وذهبت معه ثقافة التواصل البصري والكذب. 

"هذه هي الحياة"، رد نتنياهو على ظروف مقتل المستوطن الإسرائيلي يوفال كاسلمان، في الهجوم الذي وقع في القدس على يد الجيش الإسرائيلي، لمجرد الاشتباه به بأنَّه مُنفذ عمليةٍ فلسطينيّ، دون أن يعرف حقيقة ما حدث هناك، كانت تلك وفاةً لم تستدعها ضرورة. 

وفقاً لنتنياهو، فإن التصحيح الذي جاء متأخراً كالعادة هو بمثابة اعتذار، بعد أن هاجم قيادات الجيش الإسرائيلي والمؤسسة الأمنية في خضم الحرب، وحمّلهم وحدهم مسؤولية الفشل أمام حماس. 

نتنياهو
رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو – رويترز

"لن يفتقر أحد إلى المال"

خلال مؤتمر صحفي هذا الأسبوع، أشار نتنياهو مرةً أخرى إلى ما يسميه الحياة والكراهية الحرة، ورداً على سؤال عن الأزمة الاقتصادية والتمويل الحكومي التي تورطت البلاد بها٬ قال: "المسألة أصبحت شعبوية، والنقاش مشبع بالكراهية غير المبررة، لن يفتقر أحد إلى المال". 

وحين يزعم نتنياهو أن أحداً لن يفتقر إلى المال فهو متأكد من أن إسرائيل مصنع أمريكي لطباعة الدولارات، يعمل 24 ساعة في اليوم لـ7 أيام في الأسبوع. والحجة القائلة بأنه "لا أحد سيفتقر إلى المال" قد تكون صحيحة بالنسبة للمتدينين الأرثوذكس، يقول شاروني في موقع "واللا". 

لكن في موازنة 2024 ستشعر إسرائيل بنقص المال، وسوف ينعكس الانخفاض في الدخل المتاح أيضاً في زيادة الضرائب. وحين ردّ نتنياهو على تقرير مراقب الدولة، في فبراير/شباط 2015، حول الفشل المشين في خفض أسعار المساكن، قال: "نتحدث عن أسعار المساكن وتكاليف المعيشة، لكنني لا أنسى الحياة نفسها". ومنذ ذلك الحين ارتفعت أسعار المساكن عشرات بالمئة، وأصبحت "الحياة نفسها" موتاً لآلاف العائلات التي قُتل ذووها في أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول. 

"لقد سئم الإسرائيليون نتنياهو ووعوده"

يقول الكاتب الإسرائيلي٬ لقد سئم الإسرائيليون نتنياهو والوعود الانتخابية الفارغة التي يقدمها لتحسين "نوعية الحياة" مثل التعليم المجاني من سن 0 إلى 3 سنوات، وخفض أسعار الفائدة على الرهن العقاري، وتجميد الضرائب العقارية وأسعار المياه والكهرباء. لم يحدث شيء من كل هذه الوعود المتدفقة. 

وبغض النظر عن محاكمته، وحتى لو تعثر في الإصلاحات الاقتصادية، وحتى لو فشل في التزاماته بخفض أسعار المساكن وخفض تكاليف المعيشة، يجب على نتنياهو أن يتنحى ويرحل. إن لم يكن اليوم فغداً، وإن لم يكن غداً فبعد غد. 

لقد فشل نتنياهو في المهمة المقدسة المتمثلة في الحفاظ على "الحياة نفسها"، لقد ادَّعى نتنياهو قبل الانتخابات الأخيرة أن العقد المقبل سيكون الأكثر هدوءاً على إسرائيل، لكن الأحداث لا تبرهن ذلك على الإطلاق، على "بيبي" أن يرحل.

"على نتنياهو أن يستقيل٬ ويمكن لواشنطن أن تساعده في ذلك"

في السياق٬ يقول الكاتب الأمريكي اليهودي دانيال بنيامين في مقال نشرته مجلة The Atlantic الأمريكية، إن فكرة أن نتنياهو قادر على توفير الأمن للإسرائيليين بينما يدفع بالقضية الفلسطينية إلى مستقبلٍ غير مُحدد، تلك الفكرة التي ظل يرددها لسنوات طويلة٬ فقدت كل مصداقيتها.

وبعد يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول٬ يجب على الأمريكيين مساعدة الإسرائيليين على رؤية طريقهم نحو استيعاب فكرة إنشاء دولة فلسطينية، لكن قبل ذلك يتعين على نتنياهو أن يرحل. ويجب على إدارة بايدن أن تساعده في ذلك وتقدم للإسرائيليين طريقة معقولة للمضي قدماً بمجرد رحيله.

ويضيف الكاتب أن نتنياهو يجسِّد فكرة أن إسرائيل قادرة على إدارة المشكلة الفلسطينية دون تقديم تنازلات جدية لتطلعاتهم الوطنية. بل لقد دفعه ذلك إلى الحفاظ على غزة باعتبارها جيباً تابعاً لحماس، من أجل إثبات أنه لا يمكن الثقة بالفلسطينيين، ومن أجل تقويض مصداقية السلطة الفلسطينية، وبالتالي تبرير ادعاء إسرائيل بأنها ليس لديها شريك للسلام لإقامة حلول معها. 

الاحتلال غزة أمريكا مساعدات لإسرائيل
الرئيس الأمريكي جو بايدن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال زيارته الأخيرة لإسرائيل/رويترز

ويردف الكاتب: بالنسبة لتدخل الولايات المتحدة، فإن الحقيقة هي أن الولايات المتحدة تتدخل عادةً في سياسات دول الشرق الأوسط، وإسرائيل ليست استثناءً. وفي الآونة الأخيرة، حاولت الولايات المتحدة تعطيل ائتلاف نتنياهو من خلال الترويج لفكرة التطبيع الجذابة بين إسرائيل والمملكة السعودية. ولأن السعوديين كانوا سيطلبون بعض التسوية مع الفلسطينيين، فإن نتنياهو كان سيضطر إلى الاختيار بين شركائه الحاكمين في اليمين المتطرف، الذين لن يتخلوا أبدا عن رغبتهم في ضم الضفة الغربية، وإقرار العلاقات الدبلوماسية مع أكبر قوة عربية في المنطقة. 

لكن الكاتب لفت إلى أن العلاقات الأمريكية الإسرائيلية مُتبادَلة في هذا الصدد. لم يشعر نتنياهو نفسه بأي وخز الضمير بشأن التدخل في السياسة الأمريكية -وعلى الأخص في خطابه أمام جلسة مشتركة للكونغرس الأمريكي، التي سخر فيها من الاتفاق النووي الإيراني الذي أبرمه الرئيس باراك أوباما. 

مشيراً إلى أن نتنياهو إذا ظل في منصبه لفترة أطول، فإن البديل لحل الدولتين سوف يكون مضاعفة الجهود لتحقيق حلم إسرائيل الكبرى. وهذا من شأنه أن يستلزم إفقار الفلسطينيين وطردهم في نهاية المطاف من الضفة الغربية وغزة وهو الهدف الذي يسعى المستوطنين بالفعل إلى تحقيقه من خلال العنف ومصادرة الأراضي الفلسطينية. 

في النهاية٬ وكقاعدة عامة، لا يغير الناخبون قادتهم في منتصف الحرب. وفي هذه الحالة، من الأفضل للإسرائيليين أن يقدموا استثناءً. ومع انخفاض معدلات التأييد إلى أدنى مستوياتها تاريخياً، أصبح نتنياهو الآن، من الناحية السياسية، رجلاً ميتاً يمشي على قدميه، حتى أن الكثير من أعضاء حزبه متشككون بشأن مستقبله. ومع ذلك، يمكن لفنان الهروب العظيم في السياسة الإسرائيلية -كما يصفه الكاتب الأمريكي في مجلة The Atlantic- أن يقود ائتلافاً يمينياً متطرفاً لسنوات إضافية في منصبه٬ إذا ما تدخلت واشنطن.

تحميل المزيد