يتصاعد التصادم الكامن بين الهدفين الرئيسيين من الحرب على قطاع غزة. إذ ترغب إسرائيل في تجريد حماس من قدراتها التنظيمية والعسكرية، لكنها في الوقت نفسه تريد تهيئة الظروف لإطلاق سراح المدنيين والجنود الذين تحتجزهم حماس. ويزعم جيش الدفاع الإسرائيلي أنه قادر على تحقيق كلا الهدفين، وأنه كلما أتيح له مزيد من الوقت لزيادة الضغط العسكري على حماس، زادت احتمالات أن تبدي حماس بعض المرونة في مفاوضات إطلاق سراح الرهائن.
لكن في ضوء ذلك، تدرك هيئة الأركان العامة للجيش أن الوقت أصبح الآن عنصراً حاسماً. إذ تتزايد إدانة الغرب على الأعداد الكبيرة من الضحايا بين المدنيين الفلسطينيين في الهجوم البري الذي يشنه الجيش الإسرائيلي، وتتزايد الضغوط الأمريكية على إسرائيل للحد من عملياتها في شمال قطاع في ظرف أسابيع، كما يقول تقرير لصحيفة Haaretz الإسرائيلية.
هآرتس: إسرائيل تناقض نفسها بالأهداف المعلنة من الحرب على غزة
تقول الصحيفة العبرية إن الهجوم البري يُنفَّذ بوتيرة بطيئة نسبياً حتى الآن، في محاولة لتقليل الخسائر والمخاطر التي يتعرض لها قوات الجيش الإسرائيلي. والآن بعد أن عملت فرق قتالية في قلب مدينة غزة، هناك محاولة لصنع أي النتائج العسكرية قبل أن يجبر جيش الدفاع الإسرائيلي على التوقف في عمليته المدمرة.
ولا يقتصر الجدل على توقيت تقييد الهجوم البري في شمال قطاع غزة فحسب، وإنما على إمكانية التوصل إلى وقف مؤقت لإطلاق النار يسمح بإطلاق سراح الرهائن، بحسب هآرتس.
وعلى الطرف الآخر داخل جهاز الأمن، يوجد المسؤول عن الأسرى والمفقودين، اللواء (احتياط) نيتسان ألون الذي يشارك في جميع اجتماعات مجلس وزراء الحرب. ويعمل تحت قيادته آلاف من أفراد الاستخبارات والعمليات من الجيش الإسرائيلي وهيئات أخرى، ويركزون حصراً على الجهود الرامية إلى إعادة الرهائن. والشخص الرئيسي المسؤول عن هذه المفاوضات، والذي يعمل بالتنسيق مع ألون ويتبع رئيس الوزراء، هو رئيس الموساد ديفيد بارنيا.
وقد يتصادم المجهود العسكري مع السياسي قريباً. إذ ربما يضطر الساسة إلى تقرير طريقة المضي قدماً، في حين يخشى الجيش أن يتوقف الهجوم لأجل التوصل إلى اتفاق، ثم يجد بعد ذلك صعوبة أكبر في استئناف الهجمات على مستوى القوة المطلوبة لضرب حماس.
وذكر محلل الشؤون الأمنية ديفيد إغناتيوس في صحيفة واشنطن بوست يوم السبت 11 نوفمبر/تشرين الثاني أن صفقة الرهائن تتشكل بوساطة قطرية. وهذه الصفقة ستتضمن إطلاق سراح أكثر من 100 شخص، من ضمنهم عمال وسائحون وإسرائيليون مزدوجو الجنسية، وكذلك نساء وأطفال، مقابل إطلاق سراح عدد مماثل من النساء والقاصرين الفلسطينيين المسجونين في إسرائيل.
صعوبات في تمرير صفقات لتبادل الأسرى
وقال إغناتيوس إن المفاوضات متوقفة في الوقت الحالي لأن إسرائيل تطالب حماس أولاً بالإفراج عن الرهائن الذين تحتجزهم. والصعوبة الأخرى تكمن في أن بعض الرهائن محتجزون لدى منظمات أخرى، مثل الجهاد الإسلامي. وقالت مصادر قطرية لإغناتيوس إن جهود تحديد مواقع جميع الرهائن ستستغرق أياماً على الأقل. وقال القطريون نقلاً عن حماس إن الحركة لم تأسر إلا جنوداً من الجيش الإسرائيلي فقط، بينما أُسر الباقون على يد بعض من سكان غزة الذين دخلوا المستوطنات على طول الحدود.
ووفقاً لتقرير صحيفة واشنطن بوست، تواجه قطر صعوبات في تمرير الصفقة. ففي بداية الحرب، جرت محادثات غير مباشرة مع قادة حماس الذين يقيمون خارج غزة، وأغلبهم في قطر، إلا أن القصف الإسرائيلي عطّل استقبال إشارات الهواتف المحمولة في قطاع غزة. وفي السابق، كان الرد على كل مقترح يأخذ ساعتين إلى ثلاث ساعات، أما في الوقت الحاضر، فقد يستغرق الرد قرابة 48 ساعة وربما أكثر.
نتنياهو يحاول تحميل قادة الجيش مسؤولية الفشل
وفي خضم المعركة، ومحاولة تحصيل ثمن من حماس، يكاد النقاش يكون منعدماً بين الساسة أو في الجيش الإسرائيلي حول ما يمكن توقعه في غزة حين تتغير طبيعة القتال، فضلاً عن انتهاء الحرب.
ويبدو أن الاهتمام الأول للجيش هو عدم كبحه في عملياته، وذلك في محاولة لمحو بعض الانطباعات عن فشله الذريع في 7 أكتوبر/تشرين الأول كما تقول صحيفة هآرتس.
والساسة الإسرائيليون بدورهم لا تشغلهم هذه القضايا، وذلك لأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو منشغل بالتحضيرات لحملة تُلقي مسؤولية الفشل على الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام الشاباك.