في سابقة من نوعها، أمر وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن الأحد 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بنقل مجموعة حاملة الطائرات "جيرالد آر آر فورد" ومجموعة من القطع البحرية، من بينها مدمرة صواريخ، إلى شرق البحر الأبيض المتوسط كإظهار للدعم الأمريكي لإسرائيل، التي تعرضت لهجوم مباغت من قبل المقاومة الفلسطينية صباح السبت. فماذا وراء تحريك أمريكا لأكبر حاملة للطائرات في العالم باتجاه إسرائيل؟
ما أهداف واشنطن المعلنة من تحريك حاملة الطائرات "جيرالد فورد"؟
كانت مجموعة حاملة الطائرات "جيرالد آر آر فورد" التي تعد الأكبر في العالم، في البحر الأبيض المتوسط منذ يونيو/حزيران الماضي، وذلك كإثبات لـ"الوجود المستمر" للولايات المتحدة في المتوسط، رداً على غزو روسيا لأوكرانيا.
وحتى 2 أكتوبر 2023، كانت مجموعة حاملة الطائرات، تعمل في البحر الأبيض المتوسط بالقرب من إيطاليا، وفقاً لوسائل إعلام أمريكية. وبالإضافة إلى إعادة تموضع المجموعة في شرق المتوسط، يخطط أوستن أيضاً لزيادة فرق سلاح الجو من مقاتلات F-35 وF-15 وF-16 وA-10 التكتيكية في المنطقة، وفقاً لبيان الوزير.
تأتي هذه الحركات بعد أن تحدث أوستن مع الرئيس جو بايدن حول رد الولايات المتحدة على هجوم المقاومة الفلسطينية المباغت على إسرائيل. وقال أوستن في بيانه: "تعزيز موقفنا المشترك، بالإضافة إلى الدعم المادي الذي سنقدمه بسرعة لإسرائيل، يبرز الدعم القوي الذي تقدمه الولايات المتحدة للجيش الإسرائيلي والشعب الإسرائيلي".
وأوضح أوستن أن "هذه الخطوات اتُّخذت لتعزيز موقف القوات المسلحة الأمريكية في المنطقة لدعم جهود الردع الإقليمية"، حسب تعبيره. فيما قال مسؤول أمريكي مساء الأحد إن هذه التحركات "تهدف أيضاً إلى ردع إيران عن استغلال حالة عدم اليقين في المنطقة".
من جانبها، ردت حركة حماس على القرار الأمريكي بالقول إن "استقدام حاملة طائرات للمنطقة لدعم الاحتلال في عدوانه على الشعب الفلسطيني، هو مشاركة فعلية في العدوان على شعبنا، ومحاولة لترميم معنويات الجيش الإسرائيلي المنهارة بعد هجوم كتائب القسام". وأضاف حازم قاسم المتحدث باسم الحركة: "هذه التحركات لا تخيف شعبنا ولا مقاومته التي ستواصل دفاعها عن شعبنا ومقدساتنا في معركة طوفان الأقصى".
ماذا وراء تحريك حاملة الطائرات الأمريكية جيرالد فورد؟
تقول وكالة AP الأمريكية إن الحاملة فورد هي أحدث حاملة طائرات تابعة للبحرية الأمريكية وأكثرها تقدماً. وهي تحمل ما يقرب من 5 آلاف بحّار، بالإضافة إلى طائرات حربية وطرادات ومدمرات، في استعراض "ليس له مثيل للقوة".
ونظراً لذلك، فإنه من المفترض أن تكون فورد جاهزة "للرد على أي شيء"، بما في ذلك منع وصول أسلحة إضافية إلى حماس، والمراقبة بحسب أسوشيتد برس.
ويعكس هذا الانتشار الكبير، بحسب الوكالة، رغبة الولايات المتحدة في "ردع أي توسع إقليمي للصراع". في إشارة إلى تدخل إيراني ضد إسرائيل، أو ربما حزب الله.
من جهتها، ترى مجلة National review الأمريكية أن قدرة قوات البحرية الأمريكية على مساعدة إسرائيل بقرارها تحريك حاملة الطائرات، التي يعادل حجمها 6 هياكل سفن، في البحر المتوسط، يعتبر إنجازاً دبلوماسياً ودعماً معنوياً لإسرائيل.
لكن المجلة تقول إنه "لا توجد قوة فتاكة في العالم أكثر من فورد، التي ستصل بالقرب من شواطئ إسرائيل في الأيام المقبلة، نظراً لامتلاكها الأدوات والبحارة والفرصة لإحداث تغيير عظيم في تأمين المنطقة، وتحذير جيران إسرائيل من أي عمل متهور"، بحسب المجلة.
وفقاً للمجلة، تعد فورد هي الأولى من فئتها، لكن إذا ساءت الأمور بالنسبة لأنظمة السفينة الناشئة، فإن "حياة 4200 بحار وضابط ستكون في خطر".
تحريك حاملة الطائرات كشف عن ضعف إسرائيل من حيث أراد دعمها
في الوقت نفسه، يرى البعض أنه حتى لو كانت نية الأمريكيين إظهار الدعم المعنوي لحليفتهم الصغيرة إسرائيل من خلال هذا التحريك، فإنه أظهر إسرائيل في موقف ضعيف بعد ساعات فقط من شن هجوم عليها، كمثل الطفل الصغير الذي يستنجد بأخيه الأكبر لينتقم له، وأنها لا تستطيع الدفاع عن نفسها أمام فصيل مسلح وليس جيشاً نظامياً.
كما أن هذا التحريك أعطى دعاية مجانية لحركة حماس وهيبة أكبر في المنطقة والعالم، حيث إنها تفوقت على نفسها وأثبت قوتها الاستراتيجية في المنطقة، وأصبح يحسب لها ألف حساب من الجميع، وعلى رأسهم القوة الأولى في العالم، الولايات المتحدة الأمريكية.
في الوقت نفسه، لن يكون هناك أي فائدة فعلية لهذه الحاملة في شرق المتوسط طالما يتطور المشهد العسكري في المنطقة، وإذا تطورت الأحداث ودخلت أطراف أخرى على المعركة، هل تستطيع واشنطن التهور والتضحية بهذه الحاملة التي بلغت تكلفتها نحو 12 مليار دولار، وتعريض طاقمها للخطر من أجل إظهار "دعم معنوي" لإسرائيل؟
ما هي حاملة الطائرات "جيرالد آر فورد"؟
تعتبر "يو إس إس جيرالد آر فورد" عبارة عن سفينة طولها (337 م) وعرضها (78 م) وتم بناؤها خصوصاً لخوض الحروب في القرن الحادي والعشرين، وهي تستوعب أكثر من 75 طائرة.
وتنتشر حول فورد السفن والطائرات التابعة للمجموعة الهجومية لحاملة الطائرات، والتي تتمثل في الغواصات والمدمرات والطرادات وطائرات F/A-18E/F Super Hornets وE-2D Hawkeyes. وخلفها توجد سفن الدعم التابعة لقيادة النقل البحري العسكرية، وهي مجموعة لوجستية يمكنها تزويد السفن المقاتلة بالوقود، وتجهيزها للمدة التي تحتاجها، بحسب المجلة.
ولدى فورد أيضاً أحدث أنظمة الرادار في الأسطول البحري الأمريكي، إذ تمتلك راداراً ثنائي النطاق الجديد، وهو قادر على البحث والتتبع، واكتشاف طائرات وصواريخ العدو، ومن ثم توجيه الصواريخ للاعتراض والمواجهة. وللدفاع عن النفس، فلدى فورد قاذفتا صواريخ من طراز Mk. 29، لكل منها 8 صواريخ ESSM، وقاذفتا صواريخ بإطار متحرك.
وتحتوي فورد أيضاً على 4 أنظمة أسلحة Phalanx Close-In للدفاع ضد الطائرات والصواريخ والسفن الصغيرة، و4 مدافع رشاشة من عيار M2.50. وتعني قدرة فورد الكهربائية السخية أن السفينة يمكنها تركيب أسلحة ليزر للدفاع عن النفس. ومن شأن هذا النظام، الذي يتم تشغيله بواسطة المفاعلات النووية الموجودة بالسفينة، أن يتمتع بإمدادات غير محدودة تقريباً من الذخيرة، مما يزيد بشكل كبير من القدرة الدفاعية للسفينة.