فعلها إيلون ماسك وغيّر شعار تويتر مودعاً العصفور الأزرق، واختار الشعار الجديد "إكس X"، فماذا يريد تحقيقه؟ وما سر ولعه بحرف إكس X؟ وما فرص نجاحه في تحقيق حلمه القديم؟
كان إيلون ماسك، مالك تويتر منذ أكتوبر/تشرين الأول 2022، قد كشف النقاب، الإثنين 24 يوليو/تموز، عن شعار لمنصة التواصل الاجتماعي تظهر فيه علامة "إكس X" بيضاء اللون على خلفية سوداء، كبديل لرمز الطائر الأزرق المعتاد، شعار تويتر منذ عام 2012.
الرئيسة التنفيذية لتويتر، ليندا ياكارينو، غردت على حسابها قائلة: "إكس X هنا! فلنفعلها". كما نشرت صورة للشعار الجديد انعكست على مقر الشركة في سان فرانسيسكو. ويظهر شعار إكس إلى جانب اسمي ياكارينو وماسك في حسابهما على المنصة، على الرغم من أنه يمكن رؤية الطائر الأزرق الذي يشتهر به تويتر في أنحاء المنصة.
ماذا يريد ماسك تحقيقه من تغيير شعار تويتر؟
على مدى فترة طويلة، عبّر ماسك عن رغبته في إنشاء منصة واحدة تضم كل شيء، التواصل الاجتماعي ومتابعة الأخبار وإجراء المعاملات المالية بأنواعها، والخطوة الأخيرة بشأن تويتر تصبّ في طريق تحقيق هذا الحلم القديم، أي تحويل تويتر إلى منصة شاملة.
وبمجرد كشف النقاب عن الشعار الجديد "X"، هيمن هاشتاغ "وسم" "#وداعاً تويتر" على المنصة مع إشارة إلى الشعار القديم، وقال ماسك في تغريدة إنه يريد أن يغير شعار تويتر، وإنه أجرى استفتاء بين الملايين من متابعيه حول ما إذا كانوا يؤيدون تغيير الألوان المستخدمة في الموقع من الأزرق إلى الأسود.
ونشر ماسك صورة حرف إكس X على خلفية سوداء. وأشار أيضاً إلى "شعار إكس المؤقت" وغرد قائلاً: "قريباً سنودع علامة تويتر التجارية وتدريجياً (سنودع) جميع الطيور". ورداً على تغريدة تتساءل عما سيكون اسم التغريدات تحت الشعار الجديد إكس، أجاب ماسك أنها ستكون "إكسيز".
ما سر العلاقة بين ماسك والرمز X؟
ولا يأتي اختيار ماسك للشعار الجديد من فراغ، فأغنى رجل في العالم سابقاً مولع بالحرف X بشكل لافت، لدرجة أنه أطلق على ابنه المولود عام 2020 اسم Xii ولقبه بـ"إكس X" للاختصار، وذلك بحسب تقرير لصحيفة Daily Mail البريطانية يرصد ولع ماسك بالحرف إكس منذ أكثر من ربع قرن.
ويرمز حرف "إكس X" للدلالة على المجهول في الرياضيات، وفي الوقت نفسه يشتهر ماسك بولعه المستمر باكتشاف المجهول، مثل حبه لاستكشاف كوكب المريخ ومشروع "الشريحة الدماغية" التي يمكن زرعها داخل دماغ الإنسان.
وكان ماسك قد أعلن قبل أسابيع من إتمام صفقة الاستحواذ على تويتر العام الماضي، إن شراء شركة تويتر سيسرع خطواته نحو تحقيق طموحه لصنع "تطبيق كل شيء" يدعى "إكس" خلال فترة تتراوح من 3 إلى 5 سنوات.
وكان ماسك قد اشترى موقع "إكس.كوم" مجدداً من بايبال في 2017، قائلاً إنه يتمتع "بقيمة معنوية" لديه، إذ كان الملياردير الأمريكي قد شارك في تأسيس الموقع ليصبح بنكاً إلكترونياً في 1999، والذي تحول لاحقاً إلى موقع بايبال.
وبينما أُعيدت تسمية اسم الصفحة الرئيسية لتويتر لتصبح "إكس"، فإن نطاق الموقع الإلكتروني لم يتم تفعيله حتى الآن.
وغردت ياكارينو أمس الأحد بأن "إكس هو الحالة المستقبلية للتفاعل غير المحدود الذي يتركز على (الخصائص) السمعية والمقاطع المصورة والتراسل والمدفوعات والخدمات المصرفية، مما يخلق سوقاً عالمية للأفكار والسلع والخدمات والفرص".
كانت ياكارينو، التي كانت رئيسة التسويق بشركة إن .بي. سي يونيفرسال، قد تولت منصب الرئيسة التنفيذية لتويتر في الخامس من يونيو/حزيران الماضي في وقت تحاول فيه منصة التواصل الاجتماعي التعافي من انخفاض عائدات الإعلانات.
فمنذ استحواذ ماسك على تويتر، واجهت الشركة أوقاتا عصيبة تمثلت في تسريح عاملين وانخفاض حاد في عدد المعلنين وإقبال غير مسبوق على تطبيق "ثريدز" الذي أطلقته ميتا رداً على منافستها تويتر.
وغيّر ماسك صورة صفحته الشخصية إلى شعار الشركة الجديد الذي وصفه الملياردير بأنه "حد أدنى من فن الديكور"، وحدّث رابط سيرته الذاتية إلى "إكس.كوم" الذي يعيد التوجيه الآن إلى "تويتر.كوم". وأشار كذلك إلى أنه بموجب الهوية الجديدة للموقع، سيطلق على التغريدات تسمية "إكس".
كان ماسك، بعد استحواذه على تويتر مقابل 44 مليار دولار، قد قام بتغيير اسم الشركة إلى "إكس كورب"، وتحدث أكثر من مرة عن مشروعه القديم المتمثل في تنويع النشاطات التي توفرها تويتر، مع إمكان تقديم خدمات مالية، على غرار منصة "وي تشات" في الصين.
ما فرص نجاح ماسك في مسعاه؟
ينظر ماسك إلى التغيير على أنه "إعادة هيكلة شاملة العلامة التجارية نفسها"، بهدف إبعاد شبح الإفلاس عن تويتر، خصوصا بعد الضغط الهائل الذي سببه إطلاق مارك زوكربيرغ، مؤسس وصاحب شركة ميتا (فيسبوك سابقاً) لتطبيق ثريدز (المشابه لتويتر)، والذي انضم إليه 100 مليون متابع في أول أسبوع من إطلاقه.
لكن ماسك مشهور بأفكاره الإبداعية، وحقق نجاحات كبيرة في شركة سبيس إكس للفضاء، ثم شركة تسلا للسيارات الكهربائية، والتي كان أول موديل من سياراتها يحمل الاسم X أيضاً.
لكن ربما تكون مهمة ماسك الجديدة بشأن منصة إكس (تويتر سابقاً) ليست بالسهولة التي يتوقعها أو يتمناها، بحسب تقرير لشبكة CNN الأمريكية، يلقي الضوء على أن النجاح الذي يحققه ماسك من خلال الانتشار الكبير للغاية لتغريداته على تويتر ليس بالضرورة مؤشراً على نجاح جميع أفكاره.
فتغريدات ماسك التي تعبر عن أفكاره الشخصية تثير تفاعلاً كبيراً، لكنها تتسم بالغرابة والخروج عن المألوف والترويج لنظريات المؤامرة، ومثل هذه التوليفة قد لا تكون مناسبة لنوعية المنصة الشاملة التي يحلم بأن تتحول إلى منافس قوي لتطبيق وي تشات الصيني.
كما أن ما فعله في تويتر، منذ دخل مقر الشركة حاملاً حوض غسيل، من تسريح لأكثر من نصف العاملين في الشركة وإجبار حاملي علامات التوثيق على دفع رسوم شهرية ما أجبر كثير من المشاهير والمؤثرين على هجر تويتر، كلها عوامل دفعت المعلنين إلى وقف إعلاناتهم على تويتر، فانخفضت العائدات بأكثر من النصف.
لكن الرئيسة التنفيذية لتويتر أو "إكس" ترى أن خطوة تغيير العلامة التجارية تمثل "فرصة ثانية"، واصفة الأمر بأنه "نادر سواء في الأمور الشخصية أو في الأعمال التجارية، أن يحظى المرء أو الشركة بفرضة ثانية".
لكن نجاح تلك الفرصة الثانية من عدمه لا يزال أمراً غامضاً بطبيعة الحال، إذ قد يواجه قرار ماسك تغيير اسم تويتر إلى إكس تحديات قانونية، حيث تمتلك شركتا ميتا ومايكروسوفت حقوق ملكية فكرية للمسمى ذاته، بحسب رويترز.
فحرف اللغة الإنجليزية إكس X يستخدم في العلامات التجارية على نطاق واسع، لدرجة أنه مرشح لطعون قانونية – والشركة التي كانت تعرف سابقاً باسم تويتر قد تواجه عقبات مستقبلاً في الدفاع عن هويتها الجديدة إكس.
جوش جيربن، وهو محام متخصص في القضايا المتعلقة بالعلامات التجارية قال لرويترز: "من المؤكد بنسبة 100% أن يرفع أحدهم دعوى قضائية على تويتر بسبب ذلك"، وأضاف أنه أحصى نحو 900 علامة تجارية أمريكية سارية مسجلة باسم إكس في الكثير من الصناعات.
ويحق لمالكي العلامات التجارية – والتي تحمي أشياء مثل الأسماء التجارية والشعارات – رفع دعاوى التعدي على حقوق ملكية العلامة التجارية إذا استخدمت شركة أخرى علامة قد تسبب التباساً لدى المستهلك. وتتراوح الأحكام في مثل هذه الدعاوى بين التعويضات المالية وحظر استخدام العلامة.
وتمتلك مايكروسوفت منذ 2003 علامة تجارية باسم إكس متعلقة بمنصة ألعاب الفيديو إكس-بوكس التابعة لها. كما تمتلك ميتا بلاتفورمز، التي أطلقت في الآونة الأخيرة منصة ثريدز المنافسة لتويتر، علامة تجارية اتحادية مسجلة في 2019 للحرف إكس باللونين الأزرق والأبيض، وتستخدمها في مجالات تشمل البرمجيات ووسائل التواصل الاجتماعي.
الخلاصة هنا هي أن إيلون ماسك، قبل أن يشتري تويتر، كان أغنى رجل في العالم، لكنه منذ أُجبر على إتمام الصفقة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فقد جزءا كبيرا من ثروته ليفقد صدارة قائمة أغنياء العالم، إذ انخفض صافي ثروة ماسك ليقل عن عن 200 مليار دولار، بل دخل العام الحالي بثروة تبلغ 137 مليون دولار فقط ليكون أول شخص في العالم يفقد أكثر من نصف ثروته في غضون أسابيع قليلة.
لكنه سرعان ما استعاد جزءا كبيرا مما فقده، ليبلغ صافي ثروته حاليا أكثر من 241 مليار دولار يوم 25 يوليو/ تموز 2023، بحسب مجلة Forbes الأمريكية، فهل يكون ذلك مؤشرا على تحديه الظروف غير المواتية والتوقعات المتشائمة بشأن منصة "إكس"؟