يعمل المسؤولون العسكريون الأمريكيون واليابانيون على التحضير لخطة في حال اندلاع حرب لحماية تايوان منذ أكثر من عام، لكن هذه المحادثات لم تجب بعد عن السؤال الأساسي: هل ستنضم اليابان إلى هذه الحرب؟.
هل ستنضم اليابان إلى جانب أمريكا من أجل الدفاع عن تايوان؟
قال أشخاص مطلعون على المناقشات لصحيفة The Wall Street Journal الأمريكية، إن واشنطن حثت طوكيو على دراسة مشاركة الجيش الياباني بأدوار مثل ضرب الغواصات الصينية حول تايوان، لكنها لم تحصل منها على أي التزام.
وهذا التخطيط أحد أهم جوانب رد الولايات المتحدة على تهديدات بكين بالاستيلاء على تايوان بالقوة، إذ تقع اليابان في أقرب نقطة لها من تايوان، على بعد 112,6 كم فقط من الجزيرة التي تتمتع بحكم ديمقراطي، وتستضيف حوالي 54 ألف جندي أمريكي يتركزون في جزيرة أوكيناوا الجنوبية.
وإن تحركت الصين للاستيلاء على تايوان، وتدخلت الولايات المتحدة، مثلما قال الرئيس بايدن إنها ستفعل، فمن المحتمل أن يأتي الرد الأول من هذه القواعد الأمريكية، ولكن بموجب اتفاقية يعود تاريخها إلى الستينيات ستحتاج الولايات المتحدة إلى موافقة اليابان، لكن طوكيو ستتعرض لضغوط لتقديم هذه الموافقة، لأن الرفض قد يقوض التحالف الذي يضمن أمنها.
وحَمْل اليابان على المشاركة المباشرة في القتال سيكون أكثر صعوبة كما تقول "وول ستريت جورنال"، إذ يتحاشى القادة اليابانيون مناقشة أي دور في أي حرب دفاعاً عن تايوان علناً، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن الرأي العام يعارض المشاركة في حرب بشكل عام.
يقول ساتورو موري، أستاذ السياسة في جامعة كيو في طوكيو: "إذا طرحت السؤال هل أنت على استعداد للمخاطرة بحياتك للدفاع عن تايوان؟ على اليابانيين، فأظن أن 90% منهم سيجيبون بـ"لا" عند هذه النقطة".
لماذا تتحفظ اليابان على المشاركة في هذه الحرب؟
تحرص طوكيو على الاستثمار بكثافة في صواريخ كروز طويلة المدى وغيرها من الأسلحة، تحوطاً من ترسانة الصين المتنامية، لكنها تقول إن هذه التعزيزات مخصصة للدفاع عن النفس. وقال رئيس الوزراء فوميو كيشيدا، في زيارة جديدة إلى أوكيناوا: "علينا أن ننفق المزيد على الردع العسكري وقدرات الدفاع للحد من خطر تعرضنا للهجوم".
ووفقاً لدستور اليابان، الذي كتبته الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، يُمنع استخدام القوة لتسوية النزاعات، لكن بموجب قانون أُقر عام 2015 في عهد رئيس الوزراء آنذاك شينزو آبي، بإمكان اليابان استخدام قوتها العسكرية إذا تعرض حليف مقرب لهجوم في مكان قريب، وأصبح وجودها مهدداً.
ووجدت عمليات محاكاة أجراها مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية البحثي في واشنطن، مطلع هذا العام، أن الولايات المتحدة قد تنجح في منع استيلاء الصين على تايوان، إذا دعمها حلفاء مثل اليابان وأستراليا.
وفي معظم سيناريوهات الحرب التي وضعها المركز، تنضم اليابان إلى الولايات المتحدة في القتال، بعد أن تهاجم الصين القواعد الأمريكية على الأراضي اليابانية، وينتج عن ذلك تدمير مئات الطائرات الأمريكية واليابانية. فتهاجم السفن والطائرات اليابانية المتبقية الصينيين في شمال وشرق تايوان، وتساعد في اعتراض سفن الغزو البرمائية الصينية، قبل أن تهاجم الجزيرة بالغواصات اليابانية صعبة الاكتشاف، التي سيكون لها دور حيوي في إغراق السفن الصينية.
هل تُباغت الصين اليابان بالهجوم على القواعد العسكرية الأمريكية فيها؟
يقول بعض المحللين الأمنيين الأمريكيين واليابانيين إن هجوماً صينياً على القواعد الأمريكية في اليابان سيحسم تردد طوكيو على الأرجح، إلا أنه لا يوجد ضمان بأن الحرب ستسير بهذه الطريقة. وأكثر ما يقلق طوكيو من المشاركة في القتال هو خطر التصعيد، مثل أن تشجع الصين حليفتيها روسيا وكوريا الشمالية على مهاجمة اليابان، أو التهديد باستخدام الأسلحة النووية.
على أن الولايات المتحدة ترغب في موقف أكثر وضوحاً من اليابان لتطوير خطة مشتركة لحرب تايوان. ويقول أشخاص مطلعون على المحادثات إن موضوعات البحث تشمل طرق الإمداد ومواقع إطلاق الصواريخ وخطط إجلاء اللاجئين. ويقول هؤلاء الأشخاص إن اليابان لا تمانع دعم الجيش الأمريكي بالوقود والإمدادات الأخرى.
وقال متحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) إن الولايات المتحدة واليابان ملتزمتان بالسلام في مضيق تايوان، وإن الولايات المتحدة ترحب باهتمام اليابان "بتوسيع دورها ومهامها وقدراتها، لأن هذا سيعزز الردع". ورداً على سؤال عن التخطيط لحرب دفاعاً عن تايوان، قال متحدث باسم الحكومة اليابانية إن اليابان والولايات المتحدة لديهما خطط دفاعية مشتركة، لكنه امتنع عن الخوض في تفاصيل أخرى.
اليابان لا تريد العودة إلى ماضيها العسكري
وفي خطاب جمع تبرعات عام 2021، قال نائب رئيس الوزراء آنذاك تارو آسو إن حرباً على تايوان قد تهدد وجود اليابان، وهذا سيبرر مساعدة اليابان في الدفاع عن الجزيرة.
لكن موري من جامعة كيو قال إن غياب نقاش علني في اليابان حول سبب ضرورة دعم طوكيو للدفاع عن تايوان قد يؤدي إلى فوضى سياسية إذا تطورت الأمور إلى الأسوأ. وقال إنه بدون موقف واضح ستواجه الحكومة صعوبة في إدارة التحالف الأمريكي ومخاوف شعبية في الوقت نفسه.
وحذر الخبراء من أن الضوابط المدنية المشددة على الجيش الياباني، التي فُرضت بعد الحرب العالمية الثانية لمنع العودة إلى ماضي البلاد العسكري، قد تبطئ عملية اتخاذ القرار في وقت قد تحدد فيه أيام قليلة مصير تايوان.
وقالت روي ماتسوكاوا، وهي نائبة سابقة لوزير الدفاع الياباني: "الاحتمال المرجح أننا سنقاتل معاً إن استطعنا"، لكنها أضافت أن اليابان لن ترغب في أن تكون في الخطوط الأمامية.