بعد انقشاع المعلومات والتحقيقات التي يجريها جيش الاحتلال الإسرائيلي حول عملية الحدود المصرية، التي قتل فيها الجندي بالجيش المصري محمد صلاح 3 جنود إسرائيليين في مدةٍ بلغت 5 ساعات، هل يمكن منع وقوع حوادث مماثلة في المستقبل؟
عملية محمد صلاح والثغرات الأمنية الإسرائيلية
هذا السؤال طرحته صحيفة The Jerusalem Post الإسرائيلية بعد قرار الجيش يوم الثلاثاء، 13 يونيو/حزيران 2023، تحميل قائد الفرقة 80 العسكرية العاملة على الحدود مع مصر مسؤولية مقتل جنود إسرائيليين في هذه العملية.
وأضافت الصحيفة: لنطرح السؤال بطريقة أخرى: هل السياسات والتغييرات التكتيكية وتوبيخ الضباط الذي نتج عن التحقيق الحالي، سيؤدي إلى تحسين أداء جيش الاحتلال الإسرائيلي، وتطويره بما يكفي لتجنب المُهاجمين المماثلين القادمين؟ تقول الصحيفة: الإجابة ليست واضحة، سواء بالسلب أو الإيجاب.
وتضيف: إذا كنتم تصدقون الجيش الإسرائيلي في أن السبب الرئيسي -أو ضمن الأسباب الرئيسية- في الإخفاق الأمني، هو ثغرة في السياج الحدودي والفشل في تنبيه أفراد حرس الحدود بالجيش الإسرائيلي بوجودها، فإذن قد تُحل المشكلة بسد الثغرة.
لا يزال التهريب يُمنح الأولوية على الهجمات المسلحة الأكثر ندرة
بيد أن الجيش الإسرائيلي أشار إلى مشكلة رئيسية أخرى: صعوبة تدريب حرس الحدود على المشكلات الأمنية المتعلقة بكلٍ من "التهريب والإرهاب". وهذه مشكلة حلها أصعب، إن لم يكن مستحيلاً.
تقول جروزاليم بوست، إن الجيش الإسرائيلي ألقى القبض على مهربين وصادر البضائع المهرَّبة 75 مرة تقريباً في 2022، وأوقف محاولات تهريب أكثر من 500 مرة، وصادر مخدرات تبلغ قيمتها حوالي 160 مليون شيكل (حوالي 44.3 مليون دولار).
في عام 2023، ضبط الجيش الإسرائيلي حتى منتصف العام حوالي 40 محاولة تهريب، ومنع ما يقرب من 230 محاولة تهريب، وصادر مخدرات بلغت قيمتها 575 مليون شيكل تقريباً (159.22 مليون دولار).
فضلاً عن أن الجيش الإسرائيلي قال إن هناك انخفاضاً بنسبة 75% في عدد محاولات التهريب التي لم تُوقف، عند مقارنة عام 2023 بعام 2019.
يبدو كل هذا "عظيماً". لكنه يشجع الجيش الإسرائيلي على التركيز على الثمار المستمرة سهلة المنال لمنع التهريب، بحسب وصف الصحيفة.
من المستحيل تجنب هذه الهجمات
عندما عرض مسؤول في الجيش الإسرائيلي الموقف في إحاطة صحفية مغلقة، لم يستدع إلا 3 حوادث من مصر منذ عام 2011 (وأغفل لوقت قصير حادثاً آخر يعود إلى عام 2014)، وكان أحدث أبرز هذه الحوادث في 2016.
فمن شبه المستحيل إبقاء الجنود مدربين تماماً ومتأهبين للسيناريو البديل -وهو الهجوم- الذي يحدث مرة كل بضع سنوات أو مرة كل عدة سنوات، في حين أن السيناريو الأساسي – التهريب- قد يحدث يومياً أو بصورة أكثر تكراراً.
أضف إلى هذه الحقيقة أن كتيبة "نيتسانا" تحرس حدوداً بطول 59 كيلومتراً، وأن كتيبة "حارم" تحرس حدوداً بطول 75 كيلومتراً، وأن كتيبة "ماجن إيلات" تحرس حدوداً بطول 66 كيلومتراً، ومن ثم فإن التحدي المتمثل في الحفاظ على أمن القوات وامتلاك قوات كافية مُتجمعة معاً لتجنب هجوم مفاجئ نادر، يبدو من شبه المستحيل معالجته.
في هذا المناخ، وعند حدود "سلمية"، يُقال إنها الأقل تهديداً (بالإضافة إلى الحدود مع الأردن) على طول الحدود مع البلاد الأخرى، فليس من الصعب معرفة سبب تجاهل اللوائح المتعلقة باستخدام الهواتف الخلوية والحرص على ارتداء الخوذ في كل الأوقات.
ليست هناك إجابة واضحة حول التعامل مع مثل هذه النماذج التي ترتبط بشعورين قويين، وهما الملل وعدم الاكتراث. علاوة على الحقيقة التي تقول إن المهاجم القادم قد يستخدم خدعة مختلفة، وليس واضحاً على الإطلاق ما إذا كان الجيش الإسرائيلي سيكون أكثر استعداداً حينها أم لا.
وعلى أقصى تقدير، يمكن للجيش الإسرائيلي أن يتأكد من أن أي مهاجمين في المستقبل القريب يقلدون الطريقة التي نفذ بها الجندي المصري هجومه، لن ينجحوا في ذلك، كما تقول جروزاليم بوست.